|
دروس في الجغرافيا
عمر طارق القاضي
الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 11:40
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يُعد علم الجغرافيا من العلوم البيئية التي تهتم بدراسة الارض والظواهر الطبيعية والبشرية عليها ، وينقسم إلى ثلاثة فروع رئيسـية: الجغرافيا الطبيعية ، الجغرافيا البشرية وعلم الخرائط. تُدَرَس مادة الجغرافيا على مراحل دراسية متعددة ابتداءاً من مرحلة الابتدائية والتي يتعرف فيها الطالب على مبادىء الجغرافيا بأختصار منها تضاريس الارض ، اسماء البحار والمحيطات ، اسماء القارات ، مواقع الدول والاتجاهات الاربعة (الشرق ، الغرب، الشمال والجنوب). ومع تقدم المراحل الدراسية تتوسع دراسة مادة الجغرافيا للطلبة الراغبين في التخصص بهذا المجال العلمي صعوداً الى الدراسات العليا.
لهذه المقدمة البسيطة قصة مع من يجهل الجغرافيا وتحديداً من السياسيين في عالمنا العربي حيث ثبت وبالدليل ان معظم الساسة العرب وعلى مختلف درجاتهم الوظيفية يجهلون ابسط مبادىء الجغرافيا وهي الاتجاهات الاربعة ومواقع الدول وبعدها اوقربها عن دولهم.
منذ فترة ليست بالبعيدة صرح الناطق الاعلامي لوزارة الخارجية السورية السيد جهاد مقدسي من ان انسحاب الجيش السوري النظامي من المدن والقرى السورية لايخضع لجداول زمنية محددة ، وان معركة اسقاط الدولة قد انتهت وجاء الدور الان لتثبيت الامن الداخلي لتبدء فيما بعد عملية الاصلاح والبناء وحسب مامخطط له من قبل الرئيس بشار الاسد ، وأن موضوع عودة القطعات العسكرية الى ثكناتها مرتبط بالقضاء على العصابات الارهابية والمتمردين.
ان ماقصده السيد مقدسي من انتصار النظام السوري في معركة اسقاط النظام هو انتصار لنظام الممانعة والمقاومة الوحيد في منطقة الشرق الاوسط ضد اسرائيل العدو. وفي حال العكس كما نفهمه من كلام السيد مقدسي من ان سقوط نظام بشار الاسد وانتصار الارهابيين والمتمردين (من وجهة نظر النظام) وبسط سيطرتهم على كامل الاراضي السورية يعني ذلك سقوط نظام الممانعة والمقاومة الوحيد في منطقة الشرق الاوسط . ربما قصد السيد مقدسي بذلك خسارة الفلسطينيون فرصة تحرير الارض واستعادتها الى جانب تلاشى فرص استعادة الجولان والتي عمل النظام السوري طوال 45 عاماً على تحريرهما واستعادتهما من المحتل .
ان مايجهله السيد مقدسي من ان الانتصار المزعوم وان تحقق صورياً فأنه تحقق بعد ان تجاوز عدد القتلى من المدنيين الابرياء عشرات الآلاف وتهجير مايقارب خمسون الفاً توزعوا مابين تركيا ، الاردن ولبنان وتدمير مدن وقرى بأكملها كحمص ، حماة ، بابا عمرو وأدلب وغيرها وانتهاء الحياة بكافة جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهؤلاء وغيرهم من الابرياء . ان كل ماتحقق من قتل ودمار وتهجير للمواطنيين السوريين الابرياء قد تم على ايدي اجهزة النظام السوري بكافة صنوفها بأستخدام كافة انواع الاسلحة والتي كلفت الموازنة العامة السورية المليارات على طوال سنوات جاءت على حساب مشاريع البناء والتنمية ، وليس على ايدي المحتل عند تصدي الاخير لمحاولات الجيش النظامي السوري في تحرير واستعادة الاراضي المغتصبة بأعتباره نظام الممانعة والمقاوم الاخير في المنطقة كما يدعي . عليه لم تعد رواية النظام التي يروج فيها كونه نظام مقاوم وممانع للتطبيع مع اسرائيل اي مجال للتصديق بعد ان ثبت بالدليل جهله لمادة الجغرافيا وتحديداً موضوع الاتجاهات الاربعة ومواقع الدول المجاورة على الخريطة . فهل يعقل ان يفعل الجيش فعلته في تدمير المدن والقرى السورية ويستنزف قدراته العسكرية وهو في طريقه لتحريره الارض المغتصبة من ايادي العدو. وكم سيحتفظ الجيش السوري من قدرات عسكرية تمكنه من تحرير الارض بعد كل هذا الدمار للوطن والمواطن . ان الحقيقة من وراء ذلك تكمن في رغبة النظام الحالي في المزيد من الاستئثار بالسلطة واستمراره في عملية ممنهجة لسرقة ثروات الشعب.
لقد سبق النظام السوري الحالي في موضوع جهله بالاتجاهات الاربعة ومواقع الدول على الخريطة قائد الضرورة صدام حسين عندما اقدم في العام 1990 على احتلال الكويت وليعلن بتاريخ 12- آب- 1990 مبادرتة الشهيرة للانسحاب منها بشروط من ضمنها انسحاب القوات الاسرائيلية من كافة الاراضي المحتلة وكأنه يريد ان يفهم العالم بأجمعه من ان ماقام به من احتلال للكويت انما جاء بهدف تحرير واستعادة الاراضي المحتلة ، فالطريق الى فلسطين يمر عبر الكويت. فهل تتطلب عملية تحرير فلسطين كل تلك الخسائر المادية والبشرية التي تكبدها الجانبين العراقي والكويتي واستنزاف هائل للموارد بكافة انواعها واشكالها وان يخضع العراق فيما بعد لعقوبات وحصار اقتصادي وتدمير كامل للبنى التحتية للعراق لتنتهي مسرحية التحرير في احتلال العراق العام 2003 .
مما تقدم اقول ان كل ما أقدم عليه هؤلاء ومعهم القذافي في الاستخدام المفرط للقوة ضد شعوبهم او جيرانهم من العرب بحجة تحرير الارض المحتله لايعدوا اكثر من كونه محاولة للبقاء في السلطة واستمرار لعملية السرقة والنهب المنظم للثروات حتى وان تطلب الامر قتل الملايين من الابرياء وتدمير المحافظات والمدن بأكملها فوالله جميعكم راسبون في مادة الجغرافيا .
عمـر طارق الـقـاضي
#عمر_طارق_القاضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من منح رخصة قتل الشعب السوري ، الفيتو الروسي والصيني ام الول
...
المزيد.....
-
اجهزة السلطة تطلق النار وقنابل الصوت تجاه المتظاهرين دعما لل
...
-
من المصالحة إلى الوحدة الوطنية
-
مرحبًا بكم في مستشفى الألعاب في كاراكاس.. حيث العطاء يعيد ال
...
-
قانون الدعم المصري الجديد.. توسيع للضمان أم إجحاف بالفقراء؟
...
-
تجديد حبس رسام الكاريكاتير أشرف عمر 45 يومًا
-
في ندوة بحزب العيش والحرية: الحكومة تدعم أرخص سلّة غذائية مم
...
-
نستوضح مسارنا: نحو إجابات اشتراكية من السودان وإليه
-
بيان مشترك للأحزاب الشيوعية في البلدان العربية تضامناَ مع ال
...
-
في ذكرى رحيل الفقيد سعيد الشاوي: وقفة تأمل حول الحوار القطاع
...
-
بيان مشترك للأحزاب الشيوعية في البلدان العربية تضامناَ مع ال
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|