أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رامز النابلسي - الاسلام السّياسي .. الثّورة المُضادّة في أبهى تَجَلِّياتِها















المزيد.....

الاسلام السّياسي .. الثّورة المُضادّة في أبهى تَجَلِّياتِها


رامز النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3684 - 2012 / 3 / 31 - 00:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع صعود التيّار الاسلاموي في كلّ من مصر وتونس، عقب الانتفاضات الشّعبية التي أطاحت بالأسر الفاسدة "بن علي ومبارك"، كثرت الأحاديث والنقاشات حول قُدرة هذا التيّار بشقّه الرئيسي (الاخواني) على مواجهة التحدّيات المستقبليّة وعن مدى فاعليّة برامجه على حل المشاكل الاجتماعيّة والاقتصادية..

الاسلاميّون ممثّلين بجناحهم الاخواني خاطبوا الجمهور العربي بتبجّح ينم عن نشوة الانتصار الكبير الذي أفرز لنا مجالس تشريعية تزهو بأصحاب اللّحى، مبرّرين انتصارهم الساحق هذا بالواقع الموضوعي الذي يعكس ما يزعموا أنّه "خصوصيّة الاسلام" وتمسّك الجمهور العربي بالهويّة الاسلامية التي تعبّر عن أصالة الحضارة الاسلاميّة التي سادت لقرون.

القراءة النّقدية للاسلام السّياسي تتمحور حول عدّة محاور، وهذا ما سأحاول سرده في مقالي المتواضع هذا..

الأسباب التاريخية:

نشأة الاسلام السّياسي ورأس حربته جماعة الاخوان المسلمين، بدأت كحركة دعويّة في مصر وتحديدا في الاسماعيليّة، المدينة المحاذية لقناة السّويس المستلبة لصالح الاستعمار البريطاني، بدأت كحركة دعويّة قادها الامام "حسن البنّا"، سرعان ما ساندت الجماعة الملك الفاروق ووالته ضد ثورة الضبّاط الأحرار التي قادها الزّعيم العربي "جمال عبد النّاصر" ، وارتمت في حضن الرّجعية النّفطية، وموّلت من قبل أل سعود في محاولة لقلب نظام الحكم الناصري.وقابلها النظام الناصري بحملة قمع وتنكيل بهم كان ضحيّتها أحد اكبر قياداتهم "سيّد قُطُب" الذي لا زال الاسلاميّون يصوّرونه بالبطل، في حين أنّه لم يكن أكثر من عواء تكفيري تقمّص عباءة المفكّر الاسلامي لعقود، وبقيت هذه الحلّة البهيّة ملازمة له بعد موته.ومع رحيل عبد النّاصر وتشييعه بالملايين في اكبر جنازة عرفها التاريخ العربي، تمكّن الجناح اليميني المستتر المتعاون مع الامريكان والممثّل في أنور السّادات (نائب عبد الناصر) في استلام الحكم، وقاد ثورة مضادّة ضد كل مكتسبات العهد الناصري، تزامن معها خروج التيّار الاسلامي من وكره، وضرب كل الأحزاب والحركات اليساريّة والقوميّة، تلا ذلك توقيع معاهدة السّلام "كامب ديفيد" مع الكيان الصهيوني بمباركة اخوانيّة، سرعان ما انتهت فصول مسرحيّتها الهزليّة باغتيال السّادات على يد أحد الخلايا الاخوانية في الجيش المصري، واعتلاء نائبه "محمّد حسني مبارك" لسدّة الحكم.

في الأردن، حُلَّت حكومة "سليمان النابلسي" اليسارية في الخمسينات المنتخبة شعبيّا وفقا لدستور 52، كخطوة اجبارية اقتضاها الانخراط في حلف أيزنهاور، الخطّة الأمريكيّة التي أعلنها الرئيس الأمريكي أنذاك أيزنهاور للحيلولة دون وصول المد الشيوعي القادم من الاتحاد السوفييتي للشرق الأوسط الخارج حديثا من وطاة الاستعمار البريطاني.نجم عن ذلك حملة اعتقال وتنكيل ممنهجة ضد الشيوعيين في الأردن واعلان الأحكام العرفية فيما سمّي بحملة "مناهضة الشيوعيّة في الأردن"، وراح ضحيّتها أيضا القوميين الناصريين والبعثيين، في المقابل تمتّع الاخوان المسلمين بفترة من الحكم الرّغيد نالوا فيها مناصب عليا في أجهزة الدّولة والتعليم استمرّ هذا الوضع لأربعة عقود الى ان تفجّرت انتفاضة نيسان في الجنوب ضد الحكومات الفاسدة المتعاقبة.

ومع تفجّر انتفاضة تونس ومصر، فيما سمّي بالرّبيع العربي، كانت امارة الغاز "قطر" تتصدّر حملة الترويج للاسلام السياسي، فانهالت أموال البترو-دولار على جماعات الاسلام السياسي، كبديل ملائم لأمريكا يضمن صيرورة سيطرتها على الموارد والمقدّرات العربيّة، والحفاظ على التبعيّة الاقتصاديّة وما تستوجبه من تبعيّة سياسية لقوى السّوق العالميّة، وأعني به الغرب الامبريالي ورأس حربته أمريكا.كُلّ ذلك جعل من وصول الاسلاميين للحكم حتميّة في الأقطار العربيّة التي أطيح فيها برأس النّظام لا بجسده ولا ببنيته، مِمّا يفرض على قوى اليسار أن تتعامل مع الحقبة الاسلامية القادمة بموضوعية، لا أن تجنح نحو الطوباويّة والمثاليّة معوّلة على فشل هذه الجماعات في ايجاد حل جذري للمشاكل الاقتصادية-الاجتماعية المتفاقم، وكيف لها ذلك ؟ وهي مطيّة الثّورة المضادة تاريخيا في خدمة الامبريالية الأمريكية.

الخطاب الأيدولوجي:

يتسلّح الاسلاميّون بأفيون فكري رخيص، ويعبّىء بواسطته شرائج اجتماعيّة واسعة عبر تصوير الصراع السياسي الدائر بين النّخب السياسيّة على أنّه صراع ديني (ثقافوي) في المقام الأوّل، بين دينيّين وعلمانيّين، خطاب رجعي بحت يستهلم أثر القرون الوسطى في استمالة الغرائز والعواطف الدينيّة ضد فلاسفة عصر التنوير في أوروبا الذين تصدّوا لهيمنة الكهنوت الديني (الكنيسة) ونمط الانتاج الاقطاعي الذي فرضته لقرون في أوروبا.تكريس سلوك القطيع وغرسه في الوعي الجمعي للجماهير، يعكس جوهر الخطاب الديني للاسلاميين المبني على "التكفير المبطَّن"، الذي من شأنه أن يخلق تربة خصبة لتزييف وعي الجماهير لا سيّما الغلابى والأميّين، على أن تُتوّج تلك المساعي الحثيثة بالتغطية على كل جوانب الصّراع الطبقي في المجتمع، وكل دعوى لضرب الفِئات الكومبرادوريّة المرتهنة بامرة الغرب.وفي ذات السّياق تظهر بوادر خطاب ديني يسعى لمأسسة الخطاب الطّائفي، عبر التحريض الدّعوي على الشّيعة "الرّوافض"، اللّعب على وتر ثقافة "الفرقة الوحيدة النّاجية من النّار"، وما تقتضيه من دعاوي (سلفيّة) بالذّات لهدم كنائس الأقباط في مصر، مِمّا يُنذِر باشعال احتراب طائفي في مصر سيدفع ثمنه الابرياء دونما شك!

البرنامج السّياسي-الاقتصادي:

يحث الاسلاميين على ضرورة اعادة الاعتبار للعمل الخيري وفرض الزّكاة لتوفير تمويل مجتمعي دائم ومستمر بحسب زعمهم، وفي هذا السّياق تبرز تساؤلات عِدّة فيما لو اعتبر ذلك حلّاً سِحريًّا لاقتصادات مشوّهة بُنيوِيًّا قائمة على خدمة السّوق العالميّة، تفتقد لأي قاعدة انتاجيّة سليمة، والقطاعات الانتاجيّة فيها -ان وُجِدت- مستلبة لصالح قُوى العرض والطّلب في الأسواق العالميّة!

والمتابع الحثيث لبرنامج حزب "الحريّة والعدالة" الجناح السّياسي لجماعة الاخوان المسلمين في مصر، يجدَهُ يدعم نهج الخصخصة ويحافظ على حق الملكيّة (المقدّس)، بما يُرضي شرع الله طبعا بحسب ادّعائهم، ويتجلّى ذلك في تصريح "حسن مالك" القيادي في جماعة الاخوان المسلمين والملياردير المصري الذي يُرحِّب بسياسات وزير التجارة والصناعة السابق في عهد مبارك، ويدعوها بِــ "السياسات الصائبة التي جذبت الاستثمارات الأجنبيّة" !!

لا يتطرّق الاسلاميين أبدا لذكر سياسات فعّالة تدرس بشكل جدّي أليّة للنهوض بالصناعات الصّغرى والحرفيّة، وجدير بالذِّكر أن صناعات كهذه ساهمت في صعود اقتصادات عملاقة مثل الصّين عقب ثورة ماو تسي تونغ الشّيوعيّة.على غرار كل ذلك يتعهّد الاخوان في برنامجهم السّياسي على دعم لا متناهي للاشتثمارات الأجنبيّة والخليجية، علاوة على اعفائِها من الضّريبة بدلا من قوننة "الضريبة التّصاعديّة" على المستثمرين !

لا يُمكِن -بادىء ذي بِدء- الحديث عن أي حل جوهري لاقتصاد مُنهار كنتيجة لسياسات النيوليبرالية والخصخة دون التطرّق لعلائق الملكيّة وفك التّبعيّة عن مؤسسات النّهب الامبريالية (صندوق النّقد الدّولي والبنك الدّولي)، والتي أفقرت قطاعات شعبيّة واسعة، بلغت أخر أرقامها، احصائيّة تتحدّث عن 40% من الشّعب المصري تحت خط الفقر (يعيش على 1 دولار يوميّا) والواقع أن قُوى الاسلام السّياسي المتصاعدة تُجذّر من التبعيّة الاقتصاديّة للغرب وأمريكا، وتستوجب بالضرورة التّبعيّة السياسية لها، وتقتضي بالتّالي التصريح العلني من الاسلاميين في مصر بالحفاظ على معاهدة السّلام مع الكيان الصهيوني (كامب ديفيد) ، وأخر حلقات هذا المسرحيّة الهزليّة تطبيع علني للغنّوشي زعيم النّهضة (اخوان في تونس) مع الصهاينة في مؤتمر دافوس قبل أشهر معدودة !

التحليل الطّبقي للشرائح التي يستقطبها الاخوان:

الاخوان المسلمين يُعبِؤون شرائح اجتماعيّة واسعة في الدّول المطبّعة مع الكيان الصهيوني، تزامنا مع تفكّك المعسكر الاشتراكي السّابق (الاتحاد السوفييتي)، والانخراط في العولمة الاقتصاديّة والسوق الرأسماي المفتوح، رُمّانة تلك الشّرائح الاجتماعية، طبقة الموظّفين التي شهدت تضخّما كبيرا وتُعاني من بطالة مقنّعة لا سِيّما في مؤسّسات القطاع العام (المفّتّت)، فتلك الطّبقة سحقها الاستهلاك تماما وغلب عليها الطابع اللانتاجي بعدما كانت تحمل تطلّعات تقدّمية (ناصرية) في عهد عبد النّاصر، كنتيجة لسياسات عهد السّادات-مبارك الكارثي وتصاعد الاسلام السّياسي من جحوره، مستقطبا تلك الطبّقات الوسطى ومستغِلّا ضعف انتاجيّتها، فانجرّت نحو فقه الحيض والنِّفاس ومشايخ النّفط.

كما أنَّ الأموال النِّفطية القادمة من الخليج واستثماراتها الواسعة ساهمت بشكل رئيسي في خلق فوضى الانتاج (فوضى العرض والطّلب)، وما نجم عنها من تخزين للسلعة بغرض المضاربة عليها وعلى سعرِها، والضحيّة هو الفلّاح المصري الذي غرق في وحل البؤس، وهجر الرّيف نحو المدن بحثا عن عمل أكثر جدوى، مِمّا هيَّأ لمولد طبقة من البورجوازيّة الريفيّة المتمدِّنة حديثا، وشريحة اجتماعية جديدة في متناول الاسلام السّياسي.

أمّا العامل البروليتاري الكادح في القطاعات الانتاجية المحدودة جِدّا والموظّفة لصالح قوى السّوق العالميّة المهيمنة، وأعني هُنا قطاعات الاسمنت وصناعة السَّماد على وجه الخصوص، فهو لا يَثِق بأي حزب سياسي على الاطلاق، ما لم يُفسِدُه المال السياسي (الاخواني) الممّول قطريا وسعوديا !

الاسلام السّياسي والمرأة:

تُشكِّل قضيّة المرأة هاجسا لدى قوى الاسلام السياسي في المواجهات الاعلامية ضد العلمانيّين، يردّوا عليها بدعاوي زائفة أن المرأة مكرّمة في الاسلام، وكأنّهم يمثّلوا الدّين الاسلامي ووكلاءه الحصريّين!

في حين أن المؤشّرات لا تصُبَ لصالحهم بتاتا، بل انّ قضيّة المرأة يستغِلّها الاسلاميين لاختزال مشاكل المجتمع في قضيّة لباسِها، وجدليّة "النقاب والمايوه"، وغيرها من الجدالات السفسطائية التي يُروّجوا لها اعلاميا عن منع الاختلاط، وفرض الحجاب، بلغت أوجهها في تصريح للكتلة السلفيّة في البرلمان المصري اختزلت حل مُشكِلة البطالة المتفاقِمة في مصر باعادة النّساء العاملات في القطاع العام والخاص لمنازِلِهِنَّ كي يقوموا بدورِهِنَّ التّاريخي في الانجاب والرِّضاعة والتّربية !!!!!

المراة "العبدة" هي المراة التي يروِج لها الاسلاميين فعليا، مقابل المرأة (السّلعة) المروّج لها غربيّا، وبين هذه وتلك تُصبِح المرأة وقضيّتها العادلة ورقة بأيدي الاسلاميين والعِلمانيين (الليبراليين السطحيين) كي يُتاجِر كل منهما بها في ساحات الرأي العام، عساه بذلك ينال مزيدا من المتكسبات السّياسية !



#رامز_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاصلاح الى أين .. ؟!
- مأزق النكوص الفكري في العالم العربي
- ماذا يدعى ان تتقنع بالدين وجوه التجار الأمويين ؟!


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رامز النابلسي - الاسلام السّياسي .. الثّورة المُضادّة في أبهى تَجَلِّياتِها