أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خضر حسين - وداعاً نقُد …… شدوا الضراااع …!















المزيد.....

وداعاً نقُد …… شدوا الضراااع …!


خضر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3677 - 2012 / 3 / 24 - 23:58
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



وليكن لا بد لي

أن أرفض الموت

وأن أحرق

دمع الأغنيات

الراعفة

(درويش)

قدرنا كشيوعيين وديمقراطيين سودانيين أن نمشي علي الجمر قابضين عليه دوماً ، هو في الحقيقة قدر الأحرار والثوار كلهم في هذه البقعة التي كتب الله لنا العيش فيها .

قبل أن يستفيق الناس من هول رحيل أحد مؤسسي الحزب الشيوعي السوداني الأستاذ التجاني الطيب بابكر والناس مشغولين في الإعداد لتأبينه تأبينا يليق به وعطاياه وأياديه وديونه المستحقة علي أبناء وبنات هذا البلد الطيب ، يرحل وردي قيثارة الأرض ومغني أحلام الناس ، والناس في حزن وردي يفاجئهم قدر حميد ، شاعر المسحوقين ونيلهم الذي ما نضب عن العطاء يوماً فإختلط حابل الأحزان بنابل الجراحات والكل فاغر فاهه من هول المصائب .

تقالد الناس يومها وافترشوا دموعهم علي أرصفة الطرقات كان يوماً عصيباً من أيام السودانيين تحملوا قساوة الأقدار مفترشين السواعد آملين في سودان جميل وإن غاب صانعوه .


قلت لصديقي الدكتور حسن الجزولي وأنا أربت علي كتفه في مقابر (البنداري) أثناء تشييع (حميد) (معقولة يا أبوعلي يعني إنتو لي هسي شغالين في تأبيين أستاذ التجاني ، جاكم وردي ، قبال تمشوا يقالدكم حميد معقولة بس ؟ ) أحسست ساعتها إننا لم نعد في سباق مع الوطن وقضاياه بقدرما نحن في حقيقة الأمر في سباق مع الموت يسبقنا دوماً هذا الموت يسبقنا .

والمساء يلملم بعضه نعي الناعي إنتقال رفيقنا وحبيبنا الأستاذ المفكر محمد إبراهيم نقد بالعاصمة البريطانية لندن بعد صراع مع المرض ليضيف برحيله حزناً آخر لا في قلوب الشيوعيين والديمقراطيين السودانيين وحسب بل في قلب كل من عرف مآثر الرجل .

نقد : إسم سيقف التاريخ أمامه طويلاً متأملاً تجارب هذا الرجل الفكرة رجل زهد الدنيا و الحياة بكل مغرياتها ، ركل الحياة لقناعته الصادقة أن الحياة ما هي الا وسيلة لخدمة الناس وقضاياهم هكذا كان نقد طوال عمره نافذ البصر والبصيرة قوياً عند الأ زمات ساخراً من كل ما من شأنه أن يكون معطلاً لقضايا شعبه .

وإن كان للأساطير مكان في قرننا هذا فمحمد إبراهيم نقد وبما قدمه لشعبه وأمته وبصبره ومجالدته وببصيرته ورؤاه المنفتحة وبحزمه وبعزمه وبصموده وشجاعته وبكبريائه وعلوه بكل تأكيد يستحق أن يكون نموذجاً لأساطير زمانه .

لست هنا بكل تأكيد لأقول للناس من هو نقد ؟ فسيرته المبذولة في أذهان شعبنا أنصع وأجمل وأبقي من أي مداد يحاول الكتابة في هذا الحقل ، غير أنه لمن المخجل حقاً أن لا نتناول هنا علي الأقل دروب الجمر التي مشي عليها الرجل إلتزاماً وطواعية إيماناً بعدالة قضيته وقضايا أمته وانتصارا لحكايةٍ دامية اسمها الحزب الشيوعي السوداني .

ونشرات الأخبار ترصد الجوائز وصحف البلاد تنشر ما تنشر من صور المطلوبين والهاربين في وطن شُل نصفه وبقي نصفه الآخر يسبح في حمامات الدم إختفي نقد ولكأنه (فص ملح وذاب) ، كان ذلك بعد ثلاث ليالي بتمام الكمال من الثورة التصحيحية التي قام بها هاشم العطا ورفاقه الغر الميامين ثورةٌ كلفت الشيوعيين السودانيين وأرهقتهم أيما إرهاق كلفتهم في خواتيم أمرها تقديم قيادتهم السياسية والعسكرية وورود فكرتهم الأولي كقرابين فداء قدموا فيها نوارت البلد رجل إثر رجل رفيق يتبع رفيق وزميل يمسك في كتف زميله في إنتظار البارود ولعالع الرصاص والمقاصل رجال لم يترددوا لحظةً في تقديم أنفسهم فداءاً لوطن إسمه السودان .

تحول الوطن أيامها (لدروة) يستقبل الرصاص فيه الشرفاء من أبناء الوطن ، لم يكن المجال مجال حقوق إنسان بل كانت فسحة لاضطهاد الإنسان وإذلاله وما إستجاب الشيوعيين السودانيين لنداء الحياة المرهون بخيانة الموقف كله بل تقدموا بشجاعة نادرة لمحكام التفتيش واثقين في قرارة أنفسهم (أن الأرض للكادحين ومفتاح الحياة العمال) . موقنين في ذات اللحظة أن البذرة التي بذروها في باطن الأرض ستنبت لا محال وإن طال الزمن ألف فكرة .

رصاص وأشلاء ، سهر ودموع ، دماء مهدرة موزعة بين قبائل الفاشيست ، بين الوطن ونقيضه بين الحلم والكابوس بين العدالة والظلم . إستباح فيها جنود مايو منازل الشرفاء بحثاً عن (نقد) وبقية المطلوبين هلع ما بعده هلع أصاب (النميري) وأجهزة أمنه تري أين ذهب البقية ؟ ففائض الرصاص يكفي لمسح هؤلاء الأوغاد من وجه البسيطة ، (الدروة) ملت الإنتظار الجنود من خلف البنادق كذلك ، قلق سيطر علي المكان كله ، حتي إنه من فرط السأم أطل (النميري) من خلف أجهزة الإعلام ليعلن لجماهير الشعب السوداني القضاء من الحزب الشيوعي السودان فماذا كان في الضفة الأخري ؟

( لما فارسك فينا هب

عب حجرك بالمحبة

وبالأماني

صحي نار الثورة

تاني

جانا داخل

وجانا داخل

زي شعاع الشمس

من كل المداخل

جانا

داخل)

لم يكن الأمر بالنسبة للشيوعيين السودانيين سوي دين مستحق يدفعوه حتي لو كان سكرتيرهم السياسي (عبد الخالق محجوب) ثمن دينهم ذاك ، لم يكن الأمر عندهم أكثر من إلتزام تجاه قناعاتهم بمستقبل أخضر يمشون نحو دربه بعتادٍ قيمته الدم والجرح والدموع ، كبرياء ما بعده آخر ما كان يتملكهم وإلتزام ما بعده ثانٍ .

في ذات الأثناء ووسط هذا النزيف كله خرج الحزب الشيوعي ليعلن للناس انتخابهم للأستاذ محمد إبراهيم نقد سكرتيراً عاماً ليحل مكان رفيقهم الذي شيعوه بالأمس بالدموع . شهيدهم الذي مضي (مجرتقاً بالرصاص ومحمماً بالدماء) ضاربين بذلك أجمل أمثال الثبات والانتماء الصادق لقضايا الجماهير .

نقد : رجل يصعب وصفه ، يغلب عليه الطابع السوداني (ود بلد ، عشا البايتات ، الأستاذ ،الأصيل ، ود مليم ، حكيم السياسة السودانية ، فارس الحوبة ) وما بين الأقواس كلها ألقاب ظل الناس يطلقونها علي الأستاذ محمد إبراهيم نقد كرجل استطاع الناس أن يجدوه في كل تلك الألقاب .

قدم حياته بل نذرها لأجل شعبه ورفاهيته وتقدمه كان مثالاً للإنضباط جاداً في عمله الحزبي متماهياً مع صدقه لدرجةٍ يصعب معك التفكير أمام أي رجل أنت ؟

حتي إنني لا أجد لنفسي مرقداً كلما راجعت ما كتبت ، إكتشفت إنني ببساطة حولت (عم تجاني / وردي/ حُميد/ نقد) لأفعال ماضٍ رغم إنهم ظلوا وعلي الدوام أفعلاً لمستقبلٍ سيأتي .

(ودمليم) كان ملئ السمع والبصر كان بيننا قبيل أيام الآن يعود يلفه علمُ السودان لتتوزع سيرته بين القري والحلال والبوادي يعود (فارس الحوبة) لندفنه بذات الأيادي الراعشات التي أهالت التراب علي عم تجاني ووردي وحميد لتعود ذات الأيادي لتغتسل من نهر الصبر الطويل في إنتظار فرح قادم .

(نقد) حالة لا يستقيم معها الدخول في براثن الإحباط واليأس ولو كنا (داخليها) لدخلها الشيوعيين السودانيين أيام عبد الخالق المحجوب وجوزيف والشفيع وبابكر النور ورفاقهم الغر الميامين ، نقد حالة أشبه بذر الإحباط من العيون ، نقد يمثل عندي العمل الدؤوب والصراع الطويل وعدم الركون لليأس وكل ما من شأنه أن يكون معيقاً لتقدم القوي الثورية ، نقد أمامي الآن يستنهض فيكم ما حلم به من فجر أيها الشيوعيين ويا أيها الديمقراطيين وأيها الأحرار والثوار من أبناء وبنات هذا الشعب يقيني أنكم في حال لا يسُر الصديق غير أنني واثق من قدراتكم نحو المضي إلي الأمام قدماً .

هذا نقد أمامكم جماهير شعبنا مسجي يلفه غطاء أبيض كفكرته كوطنه الذي لطالما حلم به فلنبادله النقاء والثبات ولنشيعه كأجمل ما يكون الوداع كونه وعلي الدوام ظل منكم وبكم وإليكم ناشداً سعادتكم لن نهزم الموت صُحابي لكن لننتصر للحياة مرةً .

صادق العزاء للشعب السوداني وللشيوعيين السودانيين ولليساريين وللحالمين بوطن تسوده قيم الخير والعدل والسلم ها (نقد) قد أسدل جفونه بعد سفرٍ طويل فأوفوه وعد سودان حلم به يا أيها الناس ولتظل راياتكم دوماً للأمام خبزاً … عدلاًً … وطن انتصار … ولتبقوا لأنكم الأحق بالبقاء ولسه قدامكم معارك في الخالدين نقد .

من مات شهيداً

لايذكر همساً

لايندب حظاً

يقرأ ترتيلاً

قرآناً إنجيلاً

يوقد قنديلاً



#خضر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خضر حسين - وداعاً نقُد …… شدوا الضراااع …!