أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حبيب - تخاريف العقل المعتقل - مخيم المواركة ، لجابر خليفة جابر















المزيد.....

تخاريف العقل المعتقل - مخيم المواركة ، لجابر خليفة جابر


علي حبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


1- الحضور المشتبك
فاجأني الحضور الغريب الذي ملأ ساحة الجلسات في اتحاد ادباء البصرة صباح يوم السبت 9-3-2012 . فلم يتيسر لجلسة مهما بلغت من الفرادة والأهمية ، مثل هذا الحضور . فهل كان الحضور مصنوعاً ؟ وهل هذه الصناعة من بنات افكار المؤلف ام انتجها الذي برع بتجميع ال... وال... والطبالين ؟ من المؤكد أن استعراض العضلات هذا تمرين لجولة النزال في انتخابات الاتحاد القادمة ، الانتخابات التي يجري الآن تهيئة البعض من البعثيين الذين استرخصوا الكرامة للدخول في لجتها كتابعين بامتياز .
وستكون لمشهد يوم السبت اجابة وفقاً لصورة الحاضرين . فوتوغراف : يقول أن المجموعة هنا لا صلة لها بالأدب والادباء ، فهذا طبيب من الحزب يعتبر الشعر من لهو الحديث .. وهؤلاء جنده .. و .. الخ . - هذا ما تحدثت به الكاميرا -
ثم ، أسفاً على بعض التابعين الجدد ، اصدقائنا. اصدقاؤنا الذين رضوا أن يكونوا في وضع الاذلال ، وكانوا اصدقاءنا .. كيف تهافتوا وقد كانوا كرام النفوس كما كنت أشهد ؟ كانوا يستنكفون الاصطفاف إلاّ مع الحقيقة . وها هم الآن يصطفون مع آخرين ما ، تحت رحمة رئيس مليشيا ، لا يرضى بغير التنكيل واذلال الآخر وسحقه . وهم يرونه وفي يده عصى الطاعة .

2- العقل حينما يخاف
انا ادرك ما يمكن ان يدعو الدكتور فلان والدكتور فلان والسيد فلان والشاعر فلان ، لسفح المديح على مذبح الخوف ، لأن تاريخهم المصبوغ باضطهاد الاخرين يدعوهم لذلك ، والتلويح بالعصى لهذا الماضي من شخص قاد مليشيات من القتلة وكان أميناً عاماً لهذه المليشيا ، أمرٌ لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه بالنسبة لهؤلاء المرعوبين ، المطعونين الآن في سلامة نقدهم لرواية الأمين العام للمليشيا المعنونة (مخيم المواركة ) . خصوصاً وهو الحامي الجديد لهؤلاء وجامع شملهم في مؤسسته اللاإعلامية ، مؤسسة مليشياته ، التي ؛ من دخلها فهو آمن !. لقد أهرق هؤلاء ماء جباههم ، يوم 9-3 ، وربما كانوا يرتعدون من الداخل ، فكم هو حجم الخزي الذي يتلبس الطالب والمطلوب ؟
نعم ، يمكنني أن أدرك هذا الخوف ، لكنني لا أفهم كيف يتورط كاتب مهم ، نمحضه كل الاحترام ، وينساق هذا المساق ويشطُّ – للأسف – مادحاً هذه الرواية سيئة السمعة ، المليئة بالضغينة ، نابشة قبر الاحقاد المذهبية بجدارة ، قائلاً عنها ؛ إنها من روايات التغيير ؟ - مع ابتسامة احراج واضحة – لماذا يخاف هذا الرجل النبيل وهو لم يرتكب غير كتابة نص واحد يشبه الرواية لصالح السلطان ؟ ولم تُحسب عليه لمهارته في التورية .
إن كانت هناك دوافع أخرى غير الخوف ، فأن جدارة النص ليس منها . فالنص لا ينتمي إلى رواية التغيير بالمعايير التي اشار إليها الكاتب المهم بالذات ، خصوصاً ما حدده هذا الكاتب وصنّفه في (ما يدخل في بناء الفضاء السيموطيقي ) . ولكي نتأكد من ذلك تعالوا لنتصفح معاً ما في هذا النص ، وفقاً للتخييل التحريفي - بتعبير الكاتب المهم نفسه - حينما كان يسوق معاني المعيار التناصي في رواية التغيير في اثناء تقديمه الجميل حقاً لرواية التغيير . وفقاً لمنهجية القراءة الشاملة لنصوص متفرقة ونصوص متلازمة ،بعيداً عن ذهنية التحقيب .

3- تخريجات العقل
** استغلاقات :
قد يتساءل قارئ ما ؛ هل راى السادة النقاد ، والاكاديميون منهم استغلاقات النص ، التي تتداخل لانتاج مراجعة مذهبية تحت عنوان ( رواية ) ، وهم الباحثون في أدق تفاصيل النصوص لاعتبارات مدرسية ، ومقاييس تعليمية اكاديمية ؟
في الحقيقة ، لا يفوت القارئ البسيط أن يكتشف هذا الاستغلاق ، إلاّ إذا كان متماهياً مع مبحوثات النص في الاعتبار المذهبي المنغلق ، أو للاعتبارات المذهبية المصادرة للآخر واللاغية لوجوده الفيزيقي والفكري ، في المستوى النظري على الأقل .
إذن لماذا كل هذه الطنطنة ؟ تعالوا معي لقراءة الرواية . لنعرف كيف تورط النقاد في المديح الفصيح ، ولنكتشف الهنانة ؟ فهي سبب مرجعيات الرأي لدى الكاتبين جُلهم يوم الافصاح الصريح في سبت يو م 9-3 من عامنا القار هذا .
تكشف الرواية من صفحة النص الأولى ( اعتراف – ص7 ) بؤس المدخل التلفيقي . الذي يُعنى بمخالفة النظم السردية ، وهو يحاول استحداث بؤرة مغايَرة لايحتملها النص وتنبئ عن فقر ذهاني . منتحلاً بسذاجة ما لا يُنتحل .
في ص 10 يبدأ النص بالنكوص ، مفصحاً عن انغلاق افق الاختيار . فاحمد رودميرو – أو أمادو- الدكتور ! الشاعر وكاتب القصص وعازف الجيتار، المولع بالتجريب في الأدب ، والباحث الدائم عن الجديد والغريب في مؤلفاته ( كما تقول الرواية ) قاده الاهتمام بالموشحات – باعتبار الاهتمام بالموشحات غريب وجديد كما يبدو – إلى ( اقصى اعماق القلب كما يعبّر أحمد رودميرو نفسه، حيث كان الاسلام مختبأً وخائفاً من محاكم التفتيش، .. الخ). هل لفت نظر السادة النقاد أن رودميرو يعيش في عصرنا ، وانه يتماهى مع الراوي ، أو يتماهى الراوي معه ؟ لابد أن اختيار رودميرو الوحيد ، وهو يذهب لنبش ما لاحاجة لوعي جمعي معاصر به ، شكّل الاختيار الوحيد لبناء نص يستعصي على أفق التسامح . فهل لاحظ السادة النقاد استغلاق افق الاختيار هذا استغلاقاً ثأرياً ، واستنباتاً لضغينة لايتحملها وعي معاصر وكذلك وعي مغاير ؟ يقول عمار اشبيلو انه بمعية رودميرو ( رسمنا تلك الليلة – أول أيام 2009 – بعد أربعة قرون من قرار الابعاد الدامي ، رسمنا برنامج المخيّم ، وكان حافلاً وغريباً بمساراته .) حافلاً بماذا ؟ بعد أربعة قرون!!
هل ينبني هذا الظن على شيء ؟
احمد رودميرو ، المستنكر لقولة ( الشوفيني فرانكو) بخصوص الكثلكة ، يفصح في ص13 عن منهج التسامح بين الجميع ، لأن الجميع اسبان ، وكأنه لم يذهب إلى اعماق القلب قبل ثلاث صفحات مستنهضاً الكراهية . ( وأراد لتنقلاتنا أن تحاكي حالات الطرد المختلفة ) ص19 - مكررة في ص20 باضافة ( الوحشية ) للجملة . وفي الصفحة 19 ذاتها يستعير الكاتب من تخريجات اشكالية ممذهبة ، مشهداً للتماثل مع ضغائن الماضي (تشابيه ) حين يقول ( تم القاء أثنين منا في الماء وهم في دهشة وغضب ، لكن المخيم كله أدرك السر لهذا ، قدر الكثير من المواركة أن يلقوا في البحر..) وانقلب الفرح |إلى ترح . كذلك لم يلاحظ الاخوة النقاد هذا الاستغلاق . الذي انبنى على بعث الضغائن والاحقاد الدينية لتي تتمظهر الآن بوسائل شتى ستكون النصوص المجنّسة أحداها . لتضاف إلى سمعة المسلم الغريبة حول العالم باعتباره ارهابي ، أو اصولي كريه ، مضيفة إلى مظلمة المسلم باباً آخر .

** صور كراهية الآخر دينياً :
بعد أن اغلقوا حمامات المواركة وحمام قمرين بينها وختموها بالشمع الأحمر .
ص20 : ( القذارة على جسر قرطبة ، وحمامات الموريسك التسعمائة أُغلقت.. ثبتي شمعك الأحمر جيداً ياقشتالة .. نساؤك وحدهن لن يغير الاغلاق ، في اجسادهن حالاً .) هذا ما أرسله عمار اشبيلو الذي يتساءل عن كاتب هذا المقتطف إن كان هو أم احمد رودميرو ، أم الكاتب.
ص21 : ( على شمع الباب الخشبية كان الختم بهيئة المسيح المصلوب كانت الاقفال أكبر ) . وفي تأكيد صورة المسيح المصلوب على الختم يتأكد استغلاق ديني ينحو نحو التأكيد على أن اختيارات الآخر باطلة واختيارات كاتب النص هي الحق ، وهو من باب تخندق الكراهية المصادرة للآخر وتضخيمها - كذلك في - كانت الاقفال أكبر - المطابقة لـ ( كانت الاحقاد اكبر ).
ص23 : مارتينو وهو يتخفى كقشتالي ( مثل دور الحب مع شقراء يبدو أن دم الفايكنغ المجوس يلوح في قسماتها المتوحشة ) هنا وهو يصب جحيم كراهيته ، ارتبكت المعاني في ذهن الكاتب وتدافعت ، وانبرى الحقد وحده شتائماً . فهل الفايكنغ مجوس ؟ يعبدون النار ويقرأون الافيستا - او الابستاق - ويتعبدون باحكامها ؟ وهل دم المجوس يمكن أن يلوح على محيا فاتنة ؟ ما لون هذا الدم ؟ وهل الوحشية هي مايبدو على قسمات الفاتنة أم دم الفايكنغ ؟ وهل المجوس هنا بالمعنى الذي يلفقه روزخون على مسامع الجُهّال ، لأن المجوسي ليس كما كتب المؤلف ، بل هو موحّد من اتباع النبي زرادشت وكتابه الافستا او الابستاق أي كتاب الاساس الذي وجّه به الاله الحكيم نبيه زرادشت - كما يقول الابستاق - وسُميَ الافستا لأنه كُتب باللغة الأفستية ، والمجوسي بالترجمة العربية - مفسر الرؤى - ؟ كل هذا الاقصاء لم يره السادة النقاد .
ثم ( مثّل دور الحب ) الدفع بالكيد ، كما يقول أهل القانون ، الدفع بالكيد عن أن يتهم مارتينو المسلم بغرام مسيحية حتى لو ( فعلاً كانت جميلة بشقرتها ) ، وهي مع هذا ، تفوح منها رأئحة الآخر الكريهة ، لأنه في أول خلوة ( لم يستطع تحمل قربها ولا قبلاتها ... سليلة الفايكنغ تلك لايرى الماء جسدها ، لم يطق رائحتها ، ...) . ذهان دونية الآخر الذي توظفه العقلية الدينية المنغلقة هنا لا يحتاج إلى من يكشف عنه الغطاء ، ولكننا نتساءل هل أخفق السادة النقاد يوم 9 - 3 في رؤية الضغينة الدينية التي يبوَّب لها من خلال نص خطير ويمرر على اذهان الآخرين ؟ انا لا أعتقد ذلك مهما كان الناقد متماهياً مع موضوعة الكراهية التي يتورط فيها النص منذ صفحاته الأولى .

* أمثلة أخرى :
ص26 ( في أول عناق ملتهب صدمت رائحتها الزنخة مدمن الحمامات هذا فانكمش وافتضح امامها ...) – للقارئ أن يلاحظ البناء – ( عناق ملتهب ) و ( رائحتها الزنخة ) ، التي تعمل حفراً في ما يتجافى والقيم الجمالية .
ثم – نفس الصفحة - شتمته بالقشتالية! ( كافر .. ورفعت يدها بوجهه ، لكنه وهو الاندلسي صفعها مرارا...). لابد للقارئ أن يتلقى المعنيين ( القشتالية ) و ( وهو الاندلسي ) بشحنتيهما العنصرية والمذهبية . مع شوفينية الرجل ازاء المرأة .
ص27 في العناوين التالية : صياغة أولى ؛ ( القذارة على جسر قرطبة .. ونسوتك ، لم لا يغتسلن ؟) وفي صياغة ثانية ؛ ( وعوّدي فتياتك الاغتسال ) . الاغتسال ازاء النجاسة تلك المفردة الدينية هي من يلعب دور الحافز في ذهن منغلق ، وليس الاستحمام ، فقد سيطر مفهوم نجاسة الآخر المختلف دينياً على خلاصات ذهن الكاتب .
ص28 (كان الشماليون كلما تراكمت القذارة واضطروا للاستحمام فإن مياه البرك والجداول تكفي ، لم يعرفوا الصابون ولا المناشف المنسوجة من القطن ولا الدلاكات ، هذا فقط ، من شؤون المواركة .) المنطق هذا يفصح بشكل كافِ عمّا فيه .
عن الصابون : يُقال أن أقدم محاولة لصناعة الصابون في التاريخ قام بها سكان غرب أوروبا المعروفون باسم: السلاتيون وذلك في بداية العصر الحجري، فقاموا بتجهيز صابون بدائي من “شحم الخنازير” ورماد النبات المحتوي على صودا، أطلقوا عليه اسم: سابو، والذي اشتقت منه كلمة صابون ، ولقد وجد علماء الآثار في خرائب مدينة بومبي التي طمرها بركان فيزوف عام 79 ميلادي معملاً صغيراً للصابون. وبحلول القرن الثالث عشر، عندما انتقلت صناعة الصابون من إيطاليا إلى فرنسا، كان الصابون يصنع من شحوم الماعز بينما كان يتم الحصول على القلويات من شجر الزان. وبعد التجربة، توصل الفرنسيون إلى وسيلة لصناعة الصابون من زيت الزيتون بدلا من دهون الحيوانات . هل هذا يكفي عن تاريخ الصابون في أوربا لنعرف كيدية ما ذكره صاحب مخيم المواركة ، ولا نريد أن نطيل في صناعة المناشف ففيها فضيحة للكاتب أيضاً .
* وللتنوير فقط : عن نظافة الآخر ( المسيحية تحديداً ).
كتب القديس بولس أي في القرن الأول الميلادي – ( أيها الاحياء ، فلنطهّر ذواتنا من كل دنس الجدس والروح ، مكملين القداسة في خوف الله ) كورنثوس الثانية 7:1
وأكد الكتاب المقدس على النظافة والطهارة في كل اصحاحاته تقريباً ، ولمن يريد أن يتأكد ليأخذ امثلة من اشعياء 48: 17 ، وبطرص 1: 15 ، وروما 1: 20 ، كشف 18: 4 ، يعقوب 1: 27 ، و.. الخ . ويصف الراعي في نشيد الانشاد بالرائحة الذكية لثياب المرأة الشولمية ، نشيد الانشاد 4: 11 . لمن يريد المزيد يمكنه العروج على الانجيل او الكتاب المقدس باسفاره كلها . لذلك مدنهم نظيفة مثل مدننا . وعليه لا أدري من أين أتى بهذه العقيدة ، وفي يقيني إنها لا يمكن أن تأتي إلاّ من خزعبلات الروزخونية .


* مقتبسات :
ص50 : يصف بيتر الهولندي قمرين بلغة الكاتب المذهبية ( هي امرأة في الخمسين ، محتشمة الملابس ، لا يكاد يرى منها غير جانب وجهها ، ...) حيث تقتصر الحشمة على الملبس لأن المرأة عورة .
ص63 : يقول ابو محمد للهولندي بيتر ( .. ، كما أن وجهك مريح ، تشع منه الرحمة ، كأنك مسلم ، ...) لأن الكاتب يرى أن الرحمة مقصورة على المسلم . ولنا فقط أن نذكّر الكاتب برحمة الأخوة الانتحاريين مثلاً في اسواق الناس؟؟؟
ص73 : ( .. حتى أن القشتاليات كن يخوفن صغارهن بكاسياس – أي كريم ، او زكي – ذبّاح القشتاليين ..) ثم أن المصلين في الكنيسة يصلون لدفع بلاء كاسياس فـ ( يختتمون صلواتهم بالدعاء إلى القديس ياغو ذبّاح الاندلسيين ليخلصهم من كاسياس ، ..) ، ذباح مقابل ذباح ، فلتُسل السيوف إذاً . ألا يكشف هذا عن إذكاء نار الكراهيات والحقد ؟ خصوصاً في مشهد التشفي والسيف ينغرس في جسد الراهب تدريجياً في ص72 .
ص124 : بعد تصوير الكاتب لمشاهد التعذيب الوحشية التي يتعرض لها الموريسك حتى الاطفال منهم ، يقول ( ... ووشموا عليها – أي الجباه – علامة الصليب ، وكانت صيحات الاستحسان الهستيرية تدوي ،... ) يستدعي الكاتب ضغينته لينالها الجميع في صيحات الاستحسان الهستيرية، مؤكداً لنا الاجماع على ارتكاب الجريمة أو الاشتراك فيها . ناهيك عن الاغراق في التصوير السادي لمشاهد التعذيب التي يتعرض لها الموريسك وما يعنيه في هذا النص التحريضي .
ص 136 : من خطاب خافيز امام حكومته ( ..، كانت انفاس العذراء معنا فلم يعتدوا علينا ولم يتحرشوا بزوجتي كما يفعل جنودنا معهم .) تجد هنا تطهُّرية من جانب المسلم الحربي ، تقابلها دونية من جانب الكاثوليكي الحربي . ثم في الصفحة التالية يؤكد الكاتب مذهبياته بعد أن عفا بيدرو - بدر - عن الضابط الذي يقول : ( قال لنا لأجل هذا الرضيع لن نؤذيكم ، ...) . ففي نفس الصفحة فقرة 5 نجد بيدرو يروي لبيتر الهولندي المندهش من عفوه عن خافيز : ( اسمع أخي ، قبل ليلة كان علي الخير يحدثنا عن طفل الحسين الرضيع وكيف ذبحوه عطشان ، تذكرته عليه السلام ، وأنا أرى الرضيع بين يدي ساندرا ، فقلت لنفسي الغاضبة ، لا ، لن أفعل مثلهم ..) من هم هؤلاء الـ - مثلهم - ؟ إن استخدام التوريات ومزج الصور والمشاهد وتحميلها بشحنة متخمة بالعاطفة الدينية - المذهبية ، قصد بها الكاتب ايلاج ذهن المتلقي في ظلمة استنفار عواطف محرّفة يمكن أن تُطبّق على كل آخر دونما تمييز . بل مجرد ان يكون هذا الآخر هو المخالف المذهبي ، لملاءمة هذا التحفيز ومطابقته مرجعياته .
نعود :
ص50 ودونما سبب ، ومع كل تعاطف الهولندي مع المورسكيين ، ومجازفاته الخطيرة بحياته في سبيل انقاذ احدى شخصيات الرواية المهمة ، فأن الكاتب لايستثنيه من ضغينته باعتباره الآخر أيضا ً. فهو يجعله يكتب لحبيبته في هولندا رسالة من أجل اظهاره وهو يجلد ذاته وفقاً لمنهجية الكاتب في احتقار الآخر ؛ فهو يكتب في وصف البنات الموريسكيات الصغيرات ويتعجب من طهارتهن ( وكنت أعجب من مداومتهن على الاغتسال بين يوم وآخر مما لم أعهده في بلادنا الجميلة هولندا وفي كل أوربا ، ...)
ولو تتبعنا صفحات الكتاب فإننا لن نفارق هذا المرض المستعصي حيث ( سانتو يؤخذ للسخرة 6 سنوات لأنه تشاجر مع القس بالكلام ) ص34 . وحيث ( جوّع الجنود الحمارة مايوركا لأنها تعود لكاسياس أو كريم المسلم بعد أن أخذوها لأعمالهم فهزل جسمها) و حيث ( اعتذار خوان كارلوس للمارانوش – أي اليهود الخنازير – غير مقبول إن لم يتصل باعتذارإلى اللشمرشكش المغربي الحقير- حسب الرواية ) وحيث .. وحيث ... الخ . لكننا لا نود مواصلة هذا السفر عن دونية الوعي وعن امراض العقل المعتقل بالخرافاته المذهبية . كما إن الحديث سيطول مع كل صفحة عند النظر في هذه المعاني . فلنذهب لمعنى آخر .

4- صيغ السرد المفتعلة :
- رأى باولو ابن تيرالدا فتذكر ابراهيم ابن النبي .
- وهو لا يكره النصارى – لاحظ لفظ نصارى – لأن زوجة النبي ( ماريا ) نصرانية .
- المارانوشي – اليهودي نفسه الذي يشي بالاطفال ، يترجم ما كتب على اجساد قتلى القشتاليين ويدلهم على كريم .
- الموريسكي – ابو محمد – فقط استطاع أن يكتشف ويتعرف على الهولندي مع تنكره واجادته التنكر بادعاءه أنه ايطالي .
- المقدسة ايزابيلا التي اعادة غرناطة إلى احضان الكنيسة ، لم تغتسل – لاحظ تغتسل – في حياتها كلها إلاّ مرتين حينما وُلدت وحينما تزوجت .
- حينما قُتل كريم – كاسياس – دفنه رهطٌ من اخوته بعد تركه اعداءه وقد مزقته السيوف – كالحسين .
- ( اولئك الموريسك يحبون بساتينهم كما نحب الخمرة ) أين وجه المقابلة بين الحبيين ؟
- لم يشهر الكوندي دي ليريا سيفه أمام الموريسك لجبنه ، لكنه شهره بشجاعة على الاطفال والنساء والشيوخ الموريسك داخل الكنيسة وذبحهم .
هناك الكثير والكثير من مثل هذا ، لندعه الآن . لكنني مفاجأ للنقد الذي اهرق دم الحقيقة على مذبح الاباطيل!
كما أنه من اللازم التذكير ، قبل الانتهاء ، من أن الرواية سقطت في فخ الحكاية الذرائعية ، وهو أسوأ ما يمكن أن يصيب الرواية ويدفعها لكي يجري تصنيفها ضمن سلّة الروايات التقليدية او المغرقة بالتقليدية ، حتى لو لجأت إلى أشكال مبتكرة للقص . لكن السادة النقاد تجاوزوا عمّا يمكنهم قوله فيها وألجم اغلبهم الخوف .



#علي_حبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حبيب - تخاريف العقل المعتقل - مخيم المواركة ، لجابر خليفة جابر