أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خسرو ساية - عام على موجة الاحتجاجات الجماهيرية في كوردستان















المزيد.....


عام على موجة الاحتجاجات الجماهيرية في كوردستان


خسرو ساية

الحوار المتمدن-العدد: 3673 - 2012 / 3 / 20 - 12:16
المحور: مقابلات و حوارات
    


(حوار "الشيوعية العمالية" مع خسرو سايه، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي في كوردستان)

الشيوعية العمالية: قبل اكثر من عام، وتحديدا يوم 17 من شهر الشباط 2011 ، انطلقت في مدينة السليمانية شرارة احتجاجات جماهيرية بوجه السلطات الحاكمة في كردستان، انتشرت الى العديد من المدن الاخرى وخاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني (الحزب الذي يقوده جلال الطالباني). كما هو معلوم استمرت تلك الاحتجاجات اكثر من 60 يوما ومن ثم فقدت القدرة على الاستمرار. كيف بدات الاحتجاجات ؟ ما هي اسباب ودوافع تلك الموجة من الاحتجاجات؟

خسرو ساية: بدءاً، يعود انطلاق تظاهرات 17 شباط في العام المنصرم الى الاجواء السياسية، اجواء عدت مجتمع كردستان عموماً وهيئته ضد سلطة الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود البرزاني). ففي اواخر الشهر الاول من عام 2011، شهدنا موجة احتجاجية جماهيرية عارمة ضد انعدام الخدمات، بالاخص الكهرباء، وكان من المقرر ان تقام تظاهرة جماهيرية من قبل جماعة "صرخة الجماهير". وفي تلك الفترة، دعت حركة التغيير، في بيان لها، الى حل الحكومة والبرلمان، وبرزت جراء ذلك ازمة بين هذه الحركة والسلطة، وحتى مساء 16 شباط، اجتمع مئات الاشخاص بصورة عفوية امام "بردركي سرا" وانطلقوا في هتافات مناهضة للسلطة. في اليوم اللاحق، اي صباح 17 شباط، وبناءاً على نداء "شبكة الدفاع عن الحقوق المدنية للجماهير"، وجه النداء لاجتماع جماهيري بهدف الدفاع عن ثورات تونس ومصر. ولكن حين نظم هذا الاجتماع، جر وبسرعة قل نظيرها ذلك الاحتجاج العام وتلك الاجواء المناهضة للسلطة . وحضر عشرات الالاف اجتماعاً جماهيريا عاماً في "بردركي سرا". ولكن عندما اعلن منظموا شبكة الدفاع عن الحقوق المدنية انتهاء التجمع، لم تكف الجماهير ولم تنهي تظاهرتها، وانطلقت في تظاهرة كبيرة في الشوارع الرئيسية للمدينة، وبعدها هاجمت مقر الحزب الديمقراطي.
في اليوم التالي، نظمت تظاهرة بالشكل ذاته امام مركز مدينة السليمانية ، وفي اليوم ذاته، اطلق على مكان التجمع اسم "ميدان التحرير". بموازاة تظاهرة مدينة السليمانية، عمت، على غرار ذلك، تظاهرات وتجمعات جماهيرية في مراكز مدن اخرى تقع تحت سلطة الاتحاد الوطني، منها رانية، قلعة دزة، منطقة كرميان، حلبجة وسيد صادق، كوية وجمجمال والعديد من المناطق الاخرى. في كل تلك الاماكن، تشكل مجلس لقيادة تظاهرات من الشباب وممثلي الاحزاب والناشطين المدنيين والنساء والصحفيين والشخصيات. من الواضح انه بذلت جهود لتنظيم تظاهرات في المناطق التي هي تحت سلطة الحزب الديمقراطي وانضمام جماهير مدن دهوك واربيل وزاخو، ولكن لم يحالفها النجاح....
فيما يخص الارضية والاسباب الدافعة لبروز هذا التحرك، يمكن الاشارة الى عدة جوانب. ولكني اذكر هنا بعض النقاط الاساسية:
اولاً، ثروة السلطة والهوة والفصل الطبقي. ان السلطة التي تشكلت بصيغة وهيئة الديمقراطية والبرلمان وحكومة الحزبين البرجوازيين القوميين، وبدعم ومساندة امريكا والدول الغربية، كانت احد نتائج الحرب على البعث وقد بلغت هذا الوضع عبر عملية امتدت لعشرين عاما. وعلى امتداد تلك المدة، لم تستطيع السلطة ان ترد على مطاليب واماني جماهير كردستان والحد الادنى للاجور والحرية والخدمات ونظام ادارة يليق بالمواطنين، ليس هذا وحسب، بل بوصفها سلطة وحكومة الطبقة البرجوازية الكردية والاثرياء والتجار واصحاب الرساميل، خلقت هوة وفصل طبقي كبير بينها وبين جماهير العمال والكادحين وقليلي الدخل. بحد ان كلا الحزبان الحاكمان (الاتحاد والديمقراطي الكردستاني) لعبوا دورهم كشركات اقتصادية وسياسية عملاقة وهيمنوا على مجمل مصادر العائدات والسوق، فيما يغط المواطنون في البطالة والفقر والحرمان وقمع الحريات وانعدام الحقوق، بحد ان حياة فرعونية لهذه الطبقة السائدة ، تحت السرقة، الفساد والنهب، تشعر به الجماهير يوميا وتعبر عنه بلغة بسيطة. ان قتل عشرات الالاف من النساء وحرق عشرات الالاف غيرهن لانفسهن جراء قضايا جرائم الشرف وغياب الحريات، واجبار مئات الالاف على ترك كردستان للخارج، جلب يد الرجعية الاسلامية ومدها في القوانين ودعم تياراتها، القمع السياسي للاحزاب المعارضة والحرب الداخلية، الهجمة على الصحفيين واعتقالهم وتعذيبهم، وصولاً لاحالة الخدمات مثل التربية والتعليم، الصحة واعادة التاهيل والاعمار والكهرباء لحلقة السوق والتهرب عن تامينها... كلها وقائع وحقائق بارزة على الفصل الطبقي وغياب العدالة الاجتماعية التي هي اساس انطلاق الاحتجاج العام وغضب وسخط الجماهير التي تبحث عن فرصة لمجابهة السلطة. لقد تشكلت حركة 17 شباط استناداً الى هذه الارضية وامتداداً لسخط السنوات المنصرمة.
ثانياً، السايكلوجيا العامة للجماهير، وان يكن المزاج الاحتجاجي العام للجماهير تجاه السلطة قد عبر عن نفسه باشكال مختلفة من بداية تاسيس "الحكومة المحلية" للاحزاب القومية الكردستانية. ولكن طرأ، بعد سقوط النظام البعثي عام 2003، تغيير جذري على هذا المزاج. كانت جماهير كردستان، ولمدة نصف قرن من الظلم القومي وجرائه، تواجه الجرائم البشعة للنظام البعثي. ولهذا، لم تتمكن من ان ترى بوضوح الاختلافات الطبقية داخل المجتمع نفسه المؤلف من الطبقة البرجوازية وسلطتها من جهة، والعمال والكادحين من جهة اخرى. بل وجراء هلعهم من النظام البعثي وعودته الى كردستان، رضخوا لسلطة الحزبين المليشياتيين. ومع الاطاحة بصدام ، لم يبق غطاءاً امام التمايزات الطبقية من جهة ، وتنامى وشاع المزاج العام للجماهير وروحية الاحتجاج الجماهيري والوقوف بوجه كل تلك الجرائم والفساد واللامساواة التي يغط بها المجتمع بحيث وجد مطلب الاطاحة بهذه السلطة والبحث عن فرصة للانتقام من الحزبين الحاكمين حيزاً واسعاً في ذهنية الجماهير المحتجة، لدرجة ان يثوروا من اجل اجراء تغيير جذري في الاوضاع الراهنة.
ثالثاً: لم تنقل ثورات العالم العربي جواً ثورياً لكردستان فحسب، بل كانت نقطة ربطت كل تلك النقاط اعلاه واضفت توجه ثوري على الاحتجاجات وتحولت الى مبعث الهام للتصدي وروحية مجابهة السلطة. بعبارة اخرى، تعلمت الجماهير المحتجة في كردستان من ثورات مصر وتونس وتقاليدهم وجعلوها حجة وفرصة مجابهة جماهيرية واسعة.


الشيوعية العمالية: لماذا لم تتوسع الاحتجاجات الى مناطق الواقعة تحت سيطرة البارتي؟

خسروساية: ان اسباب بقاء تظاهرات 17 شباط في نطاق حدود مناطق السليمانية وعدم التمكن من ان تشمل مناطق اربيل وبادينان هي كثيرة. ولكني ساذكر هنا اكثر هذه الاسباب اساسية:
اولاً: انه لامر جلي ان السلطة والحكومة في كردستان ليستا موحدة ومركزية، واتخذت طبيعة حكومة حزبية ومناطقية لحزبين اساسيين. لقد كانت هذه احد نتائج الحرب الداخلية، اي تقسيم كردستان لمناطق سلطة ونفوذ حزبي الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني. في مناطق اربيل وبادينان اللتين هما تحت سلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فان امكانية القمع والتحكم بالجماهير وعدم فسح المجال للنشاط السياسي للاطراف الاخرى هي اكبر مقارنة بالاتحاد الوطني، ولهذا لم يترك مجال لدخول الجماهير الحر للميدان من اجل ابسط مطاليبهم الحقة. في الجهة المقابلة، في مناطق السليمانية، وبسبب من الازمة الداخلية للاتحاد الوطني وانشقاقه وانقسامه، فان امكانيته على القمع والتحكم بجماهير المنطقة اقل مقارنة بالحزب الديمقراطي.
ثانياً: فرضت عشرات المنظمات والجماعات السياسية والمدنية والاحزاب السياسية وجودها، وفي الوقت ذاته، تجذر العديد من القنوات الاعلامية في مناطق السليمانية، لها قدرة على تحريك الجماهير، مما كانت اسباب لانطلاق التظاهرات في هذه المنطقة. ولكن، وبسبب من استبداد الحزب الديمقراطي وطبيعته القمعية التي لاتفسح مجال لاي طرف اخر غير الحزب الديمقراطي نفسه من النشاط السياسي الحر في المناطق التي تحت سلطته، مما كان عاملاً جعل الجماهير المحتجة والحركات الجماهيرية لاتتمتع بامكانية دخولهم الميدان.
ثالثاً: قانون التظاهر نفسه هو سبب اخر لتحوله عموماً الى عائق وحجة بيد السلطة في كلا المنطقتين للتضييق على التظاهر ووضع الحدود امامه.
رابعاً: ينبغي ان لايغيب عن بالنا ان الافق السياسي والنضالي السائد على طبيعة قادة التظاهرات والجماعات المناضلة، هو افق وتعامل مؤطر بحدود من حيث تعبئة وحشد الجماهير ولم يتخذ السبل والتكتيكات اللازمة لتوسيع حدود التظاهرات. وعليه، لم تجري التظاهرات في مناطق تحت سلطة الحزب الديمقراطي، ليس هذا وحسب، بل على صعيد المناطق الاخرى التي هي تحت سلطة الاتحاد الوطني، لم تنضم اليها كل الجماهير... ان مجمل هذه الاسباب سوية مبعث بقاء تظاهرات 17 شباط.....


الشيوعية العمالية: كانت الحركات الاحتجاجية رد فعل ثوري جماهيري ضد الحكم البرجوازي الاستبدادي للقوميين الاكراد ، حكم الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، وضد الفقر والبطالة وتفاقم الظلم الاقتصادي والاجتماعي للراسمالية في كردستان التي تحميها هذه السلطات. لماذا لم تستطع الطبقة العاملة ان تقود بشكل فعلي هذه الاحتجاجات وتتحول الى قوة سياسية قائدة لها، في الوقت الذي شكلت هذه الطبقة والكادحين والعاطلين عن العمل والشباب والشابات من الفئات الاجتماعية المضطهدة، عمودها الفقري وقوتها الاساسية ؟

خسرو ساية: في البداية اود ان اقول لقد شارك العمال، سواء بشكل فردي وبشكل جماعي، في التظاهرات الجماهيرية، وكذلك لانهم هم انفسهم كانوا ذا احتجاج خاص بهم، فعلى سبيل المثال، في مرحلة تظاهرات 17 شباط، كان عمال استخراج نفط قرداغ يشنون اضراب من اجل الخدمات وزيادة الاجور، وفي رانية انذر عمال البلدية السلطة اذا لم ترد على مطاليبهم، وفي السليمانية، انضم عمال البناء، بتظاهرة واسعة، الى تظاهرات ميدان التحرير، ويومياً كان هناك لهم متحدث وخطيب، بيانات خاصة بهم تؤكد على مطاليب عمال كردستان. بيد ان هذه المساعي وهذه التحركات لم تطرح لمستوى قيادة التحرك الجماهيري، ولهذا لم يلعب العمال دورهم القيادي بوصفهم طبقة ثورية. هناك عدة اسباب لذلك، منها:
اولاً: ان مجتمع كردستان هو مجتمع غير صناعي، وذا طبقة عمالية شابة وحركة جديدة. اي ان هذه الطبقة سواء من حيث تركيبتها الطبقية ونمط القيادة العمالية والوعي الطبقي ومسالة التنظيم العمالي وضعف الميل الشيوعي وتحزب هذه الطبقة وقلة التجربة والمعرفة بتقاليد النضال واللجوء للثورة... جعلت من مستوى احتجاج عمال كردستان يتخذ شكلاً اولياً، ودفعت وهي على هذا الحال الى التظاهرات الجماهيرية لـ17 شباط ولم توفر لها الفرصة للظهور كقوة وصف متمايز.
ثانياً: بيد ان كسب الدور القيادي للطبقة العاملة في اي حركة جماهيرية، يتطلب، اول مايتطلب، وجود حزب سياسي شيوعي يكون مكانا رحباً للتحزب الشيوعي للعمال وتوحيد صفوف هذه الطبقة في اشكال من المنظمات الجماهيرية، حول بديل وراية سياسية شيوعية، ومن هناك، حشد وتعبئة احتجاج الاقسام المختلفة للمجتمع. للاسف، رغم مساعي الشيوعيين واليسار لدفع الطبقة العاملة في كردستان الى مكانة قيادة هذا التحرك، لم نبلغ تكوين حزب مثل هذا.

الشيوعية العمالية: كيف تقيم الدور الفعلي وكذلك مدى سيطرة الافق السياسي للمعارضة القومية والاسلامية في كوردستان على تلك الحركات الاحتجاجية؟. هل هناك ربط بين دور وتاثير المعارضة على الاحتجاجات وبين عدم تبلور الدور القيادي للطبقة العاملة وكذلك الحزب الشيوعي العمالي في كوردستان واليسار عموما فيها؟

خسرو ساية: وان كان للمعارضة دوراً فعلاً في التظاهرات، لكن الافق الذي تسير عليه كان مصدر وسبب رئيسي لوضع نطاق محدود للتظاهرات وحائل دون راديكاليتها، بشكل يوفر فرصة لدخول الطبقة العاملة للعب دورها القيادي. وبالاخص ان السمة الشعبوية لحركة التغيير وعدم اعتقاد الاسلاميين بالطبقة العاملة وافقها الثوري وهيمنتها على القادة الفعليين للتحرك، مثلت فعلياً عائقاً كبيرا امام دفع الاحتجاج والتظاهرات نحو الثورة. بعبارة اخرى، لم تكن الثورة وافق الثورة جزء من برنامج المعارضة، بل بسبب تاكيدها على سياسة اصلاحية واصلاح النظام الراهن، خضعت لبقاء التظاهرات في قالبها القائم. هذا في الوقت الذي كان يتشكل حس جماهير كردستان بالثورة، كان يحتاج الى افق وقيادة ثورية وسياسة اخرى. اتخذت المعارضة نفس اطار السلطة، اي البرلمان والقانون ذاتهما وقبلت بالمؤسسات البوليسية والقوى المسلحة، حملت نفسها لمرحلة اخرى من الانتخابات، ولم ترغب ان تكون هذه المؤسسات عرضة لخطر الانهيار ونضال الجماهير.

الشيوعية العمالية : كيف ترى دور الحزب الشيوعي العمالي في كوردستان وسياساته وخططه التكتيكية تجاه موجة الاحتجاجات؟ ما مدى الحضور السياسي للحزب وتاثيره الفعلي على مسار الاحتجاجات؟

خسرو ساية: ان الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني، وقبل انطلاق التظاهرات، واستنادا الى بروز مد ثوري في المنطقة وازمة السلطة، بلغ تصور الا وهو ان مجتمع كردستان يمضي نحو مرحلة ثورية ودخول الجماهير الميدان. وعليه، صادق على خطة عمل (بلاتفورم) الخطوط العامة لسياسات الحزب في التعامل مع الاوضاع القادمة، وقام بنشرها وتعميمها. تمثلت الخطوط العامة لهذا البلاتفورم باعداد وتعبئة الجماهير وجلبها للميدان حول عدة مطاليب وفصل احتجاجهم عن افق وسياسات المعارضة البرجوازية. من الواضح ان جوهر البلاتفورم قد استند الى جلب العمال وتنظيمهم بوصفهم حركة رئيسية لتكون محور واساس الاحتجاجات الجماهيرية العامة. بعد انطلاق التظاهرات، شارك الحزب بصورة واسعة على جميع اصعدتها سواء داخل التظاهرات او وجود ممثليه في اجتماعات مجلس الحرية، بالاضافة الى راية وشعارات ومطاليب الحزب، بياناته، وخطبائه ومتحدثي الحزب، اضفت كل هذه وجه سياسي راديكالي وطبقي متمايز على التظاهرات وعبرت عن حضور حزبي واضحً. من الواضح ان هدفنا من المشاركة، والاستراتيجية التي وضعناها نصب اعيننا كانت تتمثل بتوسيع الاحتجاجات وتنظيمها وتعميق راديكاليتها وقيادتها لمستوى الثورة وخلق توازن قوى جديد لانهاء عمر السلطة. وهذه في اوضاع يستطيع فيها العمال والشيوعية، وعبر صراع طبقي، كسب استعداد انتزاع السلطة ويوجه عبر سبيل ثوري مجمل الازمة والاوضاع. وبهذا السياق، تمثلت استراتيجية الحزب بتعميم التظاهرات ونقلها الى المناطق التي هي تحت سلطة الحزب الديمقراطي وداخل المعامل والاحياء والجامعات والمؤسسات، كي نخطو في هذه الاماكن صوب تاسيس المجالس ولجان التحكم والسيطرة العمالية في المعامل والمحلات والمراكز وتحويلها الى نواة الحكم الاولي للجماهير من القاعدة. ان هذه عموماً هي التوجهات السياسية ومستوى اعمال الحزب في هذه الحركة.


كيف ترى اسباب عدم استمرار الاحتجاجات وعدم انتصارها ؟ وماهو‌ تقييمکم لهذه‌ الحرکة‌؟

خسروساية: بدءاً، ان تقييمي لهذه الحركة يبدء من النقطة التالية: ان ثمة انفصال اجتماعي عن الحركة القومية الكردية ودفع هذا المجتمع صوب وضع ثوري، ومن المؤكد ان تاثيرات هذه الحركة ستبقى لسنوات طويلة. اي بعبارة اخرى، ان البرجوازية الكردية وحركة الكردايتي التي قولبت عقلية مجتمع كردستان لنصف قرن، ولهذا، دفع النضال الطبقي عملياً العمال والكادحين والحركات الشبابية والنسوية والتحررية الى مجابهة الطبقة البرجوازية الكردية وسلطتها. عمقت هذه من ازمة السلطة. اصبح العمال والكادحين ومطاليبهم التي كانت الاساس والقوة الطبقية والرئيسية للتظاهرات، اكثر وعياً وتقاليداً واكتسبوا روحية ثورية، بمعنى انخفض توهمهم بالسلطة والحكومة والبرلمان والدين الرسمي والايديولوجيا القومية، وتصاعد نضالهم المشترك وروحيتهم، ومن الواضح خلقت هذه اجواء مناسبة لتدخل الطبقة العاملة والشيوعية الميدان، لطرح عملياً رسالتهم التاريخية وسحب المجتمع من تحت ايادي وهيمنة البرجوازية الكردية. بكلمة، ان تظاهرات واحتجاجات هذه المرحلة هي تمرين للتربية والارتقاء بمستوى استعدادات الحزب والطبقة العاملة صوب الثورة المقبلة.
بيد ان تلك الاسباب التي ادت الى قمع هذه الحركة الجماهيرية وعدم تحقيق اهدافها، تعود بدءا لسيادة الافق السياسي والممارساتي للحركة القومية والاسلامية عليها، والتي مثلها معارضيهم. اذ شاركت هذه الحركة المذكورة بافق اصلاحي وبرلماني في التظاهرات، وبحكم الالية التي تسير وفقها، فان سياساتها واساليبها قد سادت على القسم الاكبر من قادة وناشطي التظاهرات. وان هذا لايتطابق مع سمة مطاليب واهداف الحركة الجماهيرية الثورية. بقى افق مثل هذا في نفس اطار الاحزاب الحاكمة القومية والبرلمانية، جلب قادة لايستطيعون ولايريدون استلهام القوى من الثورة والنضال الثوري للجماهير، ولهذا تاطر قدرة ونطاق التحركات. ان سبب اخر يعود الى ان اثار ثورات تونس ومصر لم تتمثل بنقل المد الثوري فقط، بل ان التقاليد والتكتيكات المطروحة امام جماهير كردستان ليست رد خاص سياسي واجتماعي لكردستان. على سبيل المثال، استطاع الاضراب العام والتجمع في الميدان الرئيسي للمدن الاطاحة بانظمة مصر وتونس، ولكن في كردستان التي فيها مناطق نفوذ وسلطة احزاب مسلحة، فان شعار "السلام والاصلاح" لايمكن ان يحقق مبتغاه. او كيف بوسع السيطرة على ميادين التحرير ومجالس المدن فقط بوصفها قلعة لتغيير السلطة واهمال المعامل والمحلات والمراكز ان تلجم قمع سلطة لديها 200 الف مسلح. من بين هذه التقاليد، اللجوء لصلاة الجمعة بوصفه تجمع جماهيري وتحويل المساجد الى مركز انطلاق التظاهرات، ان هذا بحد ذاته دفع القوى الاجتماعية العلمانية والمدنية للخلف، وهم لايريدون الخضوع للاسلام. هذا في وقت كانت فيه الحرية احد مطاليب الحركة. وان مثل هكذا تقليد كان حائلا دون انخراط قسم كبير من النساء والجماهير المتمدنة للتظاهرات. وكنقطة اخيرة، لايمكن اغماض العين عن الدور المحدود للشيوعيين واليسار، بوصفه سببا لقمع وعدم تحقيق هذا التحرك لاهدافه. للاسف ان هذه القوة رغم كونها طرف فعال ومشارك في التظاهرات، ولكن بوصفه قسم تحرري ومفعم بالعزم وثوري داخل هذه الحركة لم يتمكن ان يمسك بتلك الالية التي بوسعها تسيير افقه وسياساته لحد قيادة الحركة، وان لايسمح للتظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية ان تمضي صوب طريق مسدود وان تتمكن السلطة من قمعها عمليا.



#خسرو_ساية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق و-الإنتخابات الديمقراطية- أو تسويف لإمبراطورية الحرب
- من -أنصار العمل القانوني- الى -المقاومين- تاكتيكين وجناحين أ ...
- الاحتلال - ـ - المقاومة - قطبين لنفس المعسكر الرجعي
- أسطورة -الإسلام الأول- مكانة المرأة في النصوص القرآنية ل- ...


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خسرو ساية - عام على موجة الاحتجاجات الجماهيرية في كوردستان