أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد صالح - قراءة في النظام الداخلي لمجلس النواب (الجزء الثالث)















المزيد.....

قراءة في النظام الداخلي لمجلس النواب (الجزء الثالث)


محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 02:20
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


بعد صدور النظام الداخلي لمجلس النواب، بهدف تنظيم عملها هذا المجلس بناءا على المقتضيات الجديدة التي جاء بها دستور 2011، برز على الساحة السياسية نقاشات حادة حول مدى مطابقة مقتضياته للدستور، إلا أن صدر قرار المجلس الدستور رقم 829/12 الذي حسم في الأمر، حيث قضى بأن 20 مادة من مواد النظام الداخلي للمجلس النواب هي غير مطابقة للدستور، إضافة إلى أن 25 مادة أخرى تتطلب مراعاة ملاحظات المجلس الدستوري بشأنها، هذا القرار أكد مرة أخرى ما سبق أن تطرقنا إليه خلا الجزء الأول والثاني من مقالنا (قراءة في النظام الداخلي لمجلس النواب) من مدى إلحاح السادة النواب على إيجاد صيغ للتحرر من القيود التي فرضها عليهم الدستور الجديد أثناء مزاولتهم لمهامه.
وإذا إستندنا سابقا إلى مسألة الترحال السياسي للإبراز ذلك الإحاح، سنحاول من خلال هذا الجزء التطرق إلى الحصانة البرلمانية الموضوعية كما أكدها الفصل 64 من الدستور، والتي عوضة الحصانة الإجرائية التي إعتاد عليها بعض عشاق المناورة والتلاعب على القانون من النواب بغية خدمة مصالحهم الخاصة والإفلات من العقاب، وقد إتضح ذلك جليا من خلال المقتضيات التي جاءت بها المادة 98 من النظام الداخلي حيث حاولة الإلتفاف على مقتضيات الفصل 64 من أجل تمكين البرلمانيين من الإستفادة من الحصانة بنفس الشاكلة القديمة ضمن المادة 39 من دستور 96 ولو في صيغة بسيطة حيث حاولت المادة 98 من النظام الداخلي فرض إجراءات شكلية لرفع الحصانة، ضاربة عرض الحائط جوهر الحصانة الموضوعية التي لا تحتاج لإجراءات لرفعها، حيث أن مجالها محدد بدقة، وكل عمل او قول لا يندرج ضمنه يعرض العضو البرلمانية مباشرة وبدون أي إجراء سابق للمسائلة.
وللمزيد من تسليط الضوء على هذا الموضوع، سنحاول التفصيل في مفهوم الحصانة الموضوعية والحدودة المفروضة عليها.
فمن أجل توفير الشروط المناسبة لممثلي الأمة لأداء مهامهم التي انتخبوا من أجلها والمتمثلة في التعبير عن رأييهم بحرية ومراقبة أعمال الحكومة وحماية الصالح العام، وجب بالضرورة توفير حماية خاصة لهم ضد أي تهديد أو إرهاب أو إنتقام، سواءا أكان صادرا عن الحكومة أو من طرف أغلبيتها أو من طرف فرد أو جماعة، لدوافع ذاتية أو سياسية، من شأنها التأتير على مهامهم أو ان تحول دون ادائها على أحسن وجه.
وبهدف ضمان حرية أعضاء البرلمان في المناقشة والتصويت وإبداء الرأي الصريح أثناء أدائهم لوظفتهم البرلمانية، نص الدستور الأخير في فصله 64 على عدم مؤاخدة العضو البرلماني عما يبديه من رأي أو قول في إطار ضوابط محددة تستهدف تحقيق الصالح العام والتصدي للفساد والاستبداد، وهو ما سمي بعدم المؤولية البرلمانية أو الحصانة الموضوعية أو الحصانة ضد المسؤولية الجنائية.
من المعروف أن الحصانة البرلمانية ظهرت لأول مرة في انجلترا من خلال وثيقة قانون الحقوق لسنة 1688 وبعد مضي حوالي قرن من الزمن أقرها دستور الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1787 ثم فرنسا عقب صدور قرار الجمهية الوطنية لسنة 1789 لتليها العديد من الدساتير التي أكدت عليها في مختلف البلدان (دستور مصر 1971، موريتانيا 1991، الجزائر 1996، إيطاليا 1947، ألمانيا 1949،...)
وفي هذا الصدد يندرج الفصل 64 من الدستور الجديد الذي عوض في هذه المسألة الفصل 39 من دستور 1996 جاعلا من الحصانة البرلمانية تقتصر على الحصانة الموضوعية عوض الحصانة الإجرائية، ويستنبط من هذا الفصل مجموعة من الأفكار، التي يستفاد منها تمتع أعضاء المجلسين بمجموعة من الإمتيازات دون سائر الأشخاص، سواء كانت لهم وظائف سامية في الدولة أم لا، حيث أنها تشمل الأقوال والأراء المعبر عنها أثناء مزاولة العضو البرلماني لمهمته، سواءا كان ذلك داخل المجلس الذي ينتمي إليه أو في إحدى اللجن التابعة له، أو حتى خارج المجلس بمناسبة قيامه بعمله، مثلا إذا كان ضمن لجنة مكلفة في إدارة أو مؤسسة أو في أي مكان داخل التراب الوطني، إذ لا يمكن مضاقته بسبب أقواله أو أرائه التي أبداها رغبة في تحقيق الصالح العام أو أداء ممثل الأمة لمهامه دون الخوف من الوقوع تحت طائلة المسؤولية الجنائية أو المدنية.
وتعتبر هذه الحصانة مطلقة من حيث الزمن حيث لا تحمي العضو البرلماني خلال مدة نيابته وفقط وإنما تحميه من الملاحقة حتى بعد انتهاء وإنقضاء عضويته، وذلك لكل ما أبداه العضو خلال عمله البرلماني، وعدم مراعاتها من قبل المحكمة يؤدي إلى بطلان جميع الإجراءات المتخدة في حق العضو البرلماني، بل حتى وإن فقد العضو عضويته لسبب من الأسباب، فمن حقه التمسك بالحصانة التي كان يتمتع بها.
إلا أنه رغم المكانة الهامة التي تحتلها، تبقى الخصانة الموضوعية غير مطلقة، إذ لا يمكن أن تشمل العضو البرلماني خارج فترات تأديته لعمله، مما يجعله خاضع لكافة القواعد القانونية التي تسري على جميع أفراد المجتمع، كما أن الدستور في فصله 64 كان صريحا حينما إستثنى الأراء والأقوال التي تجادل في الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو تتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك، حيث لا يجوز للعضو البرلماني التنكر للدين الإسلامي كديانة سماوية أو معارضة أحكامها القطعية، لكن من حقه النقاش في الأمورالإجتهادية كإبداء وجهة نظر مخالفة لما هو متعارف عليه في المذهب المالكي، أما فيما يخص النظام الملكي فهو لا يمكن أن يكون محل اعتراض أو مجدلة لأن وضعه في إطار المقتضيات الدستورية مماثل للدين الإسلامي إذ اعتبرهما الفصل 175 من الدستور غير قابلين للمراجعة، أما فيما يخص وجوب خلو الرأي المعبر عنه من كل ما من شأنه أن يخل بالاحترام الواجب للملك، فهو يتطابق مع مقتضيات الفصل 41 باعتبار الملك أميرا للمؤمنين وكذا الفصل 46 الذي اعتبر أن الملك لا تنتهك حرمته وله واجب الاحترام والتقدير، إضافة إلى أنه مطابق لما جرت عليه العادات المغربية من تقديم فروض الطاعة والولاء لمتولى سدة الإمام العظمى، إلا أن هذا لا منع من الكشف عن عيوب القوانين الصادر عن المجلس الوزاري بحجة رئاسته من طرف الملك، أو إبداء المعارضة عن تفعيل مقتضيات الفصل 74 و95 أو اتخاد مبادرة لمراجعة الدستور، غير أنه لا يجوز نقد التعينات المولوية لكبار الموظفين وكذا التي تتم في إطار المؤسسة الحكومية بواسطة ظهائر، حيث لا يحق للعضو البرلماني التعبير عن رفضه للتشكيل الحكومية إلا بالإمتناع عن التصويت لصالح برنامجها الحكومي، حسب ما نص عليه الفصل 88 من الدستور المتعلق بتنصيب الحكومة.
وتأسيسا على ما سبق، إذا وقع العضو البرلماني في إحدى الحالات الاستثنائية السابق ذكرها على سبيل الحصر يحرم من الاستفادة من الحصانة الموضوعية وتفتح ضده متابعة جنائية.
رغم ذلك لا يمكن إعتبار الحصانة البرلمانية الموضوعية مطلقة في مجالات تطبيقها، حيث لا يحق للعضو البرلماني وبدون وجه حق أن ينهال بالسب والقذف والإنتقاد اللاذع بغية تصفية الحسابات مع الذين يكن لهم العداء، وينتقد الحكومة والمؤسسات الإدارية من جراء عدم تلبيت مطالبه الخاصة، أو محاولة لاستمالة الرأي العام لكراهية الحكومة بهدف الظهور بمظهر المدافع عن المصلحة العامة. ومن أجل الحوول دون شطط البرلماني في استعمال الحصانة وجب على النظامان الداخليان للمجلس التدقيق في كيفية ممارسة العضو البرلماني لمهامه وكيفية تمتعه بالحصانة الموضوعية حسب ما ورد ضمن الفصل 64 من الدستور، لا الإجتهاد من أجل تمتيع العضو البرلماني بما لم يضمنه له الدستور لإتاحة الإمكانية من الجديد للتلاعب بهدف تجاوز القانون وتحقيق أغراض شخصية بطرق غير مشروعة.



#محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في النظام الداخلي لمجلس النواب (الجزء الثاني)
- قراءة في النظام الداخلي لمجلس النواب بالمغرب
- الإطار القانوني للعلاقات المغربية الأوروبية
- مثالب وعيوب الدستور المغربي الجديد
- مضمون الوضع المتقدم للمغرب في الإتحاد الأوروبي
- نداء ((حق العودة)) في مرحلة أولى خمسون ألف لاجئ فلسطيني يو ...


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد صالح - قراءة في النظام الداخلي لمجلس النواب (الجزء الثالث)