|
القضية الفلسطينية : ارموها في الزبالة !!!
نزهة المكي
الحوار المتمدن-العدد: 3665 - 2012 / 3 / 12 - 18:56
المحور:
القضية الفلسطينية
القضية الفلسطينية : ارموها في الزبالة !!! قد يكون العنوان صادما لبعض الاوفياء فتفور دماءهم غيرة على القضية و مصير الشعب الفلسطيني ، و يتوهمها بعض المدعين الذين ذأبوا على الاسترزاق بالقضية و الدم الفلسطيني و المساومة عليها من اجل مصالحهم الشخصية او الفئوية ، فيتأهبوا للمنافسة ببرصة قلة القيم !! فليطمئن كلا الفريقين فرمي القضية الفلسطينية في الزبالة هي الاستراتيجية و السياسة البديلة التي تنقذ القضية و الشعب الفلسطيني ، هي الاستراتيجية البديلة على غرار الطب البديل و الاقتصاد البديل الذي نستنجد به عندما تفلس نظرياتنا الاقتصادية و العلمية و نصل لمرحلة الضياع . الطب البديل هو باختصار الطب الشعبي ، و الاقتصاد البديل هو الاقتصاد الشعبي الذي يتمثل في الحرف و الصناعات التقليدية الذي نلجأ اليه عندما يخذلنا التطور العلمي في بعض الاحيان فتطلبه الضرورة كما ايقاذ شمعة عندما تنقطع الكهرباء فجأة في الليالي الظلماء . و مع ذلك قد يرى البعض انني بالغت في العبارة التي عنونت بها مقالتي ، اذ لا يصل الامر بالقاء القضية الشريفة في الزبالة ، سافسر الامر ، كانت اول مرة اسمع بها العبارة من المهندس و النائب المصري المناضل الكبير ابو العز الحريري ، في حوار له مع الاعلامية المتألقة هالة سرحان في برنامج ناس بوك ، حين كان يحكي لها عن موقف له خلال تجمع بجماهير حي فقير بالاسكندرية لمناقشة موضوع يتعلق بالنظافة و الزبالة التي تسببت لهم في الكثير من المشاكل ، و كان ذلك في عهد الحكومة و النظام المخلوع ، وقف المناضل الكبير خطيبا في الجمهور الذي كان يترقب حلولا لمشكلته مع الزبالة ، فلم يكن ابو العز الحريري يضيع فرصة و لا تجمعا كعادته الا و تطرق للقضية الفلسطينية ، و عندما اخذ يتحدث عن القضية بدأ الجمع يتفرق و هم الكثيرين بالانصراف عنه ، انزعج المناضل الكبير و التفت الى رفيقه متسائلا عن السبب وهو يدرك جيدا اهتمام الشعب المصري خاصة تلك الفئات الفقيرة و المطحونة بقضية الشعب الفلسطيني الشقيق ، فاختصر له رفيقه الحل في جملة واحدة : ارمها في الزبالة !! فهم المناضل ابو العز بحسه السياسي العميق معناها و ابعادها ، و كان ملخص الفكرة او العبارة ان يسربها في حديثه الرئيسي عن مشكلة الزبالة بدون ان يشعر الجمهور بانه انتقل لموضوع اخر بعيد عن الموضوع الرئيسي الذي تهيئوا له نفسيا ، فالقضية هي في الاصل بالوجدان المصري كما العربي و الاسلامي خاصة عند هذه الطبقات الشعبية ، في وجدان معاناتهم و صراعهم مع الحياة و لقمة عيشهم اليومية ، في وجدان الظلم و القهر الذي يعيشون فيه كل دقيقة من حياتهم ، في وجدان تطلعاتهم للغد الافضل وحلمهم باسترجاع كرامتهم و انسانيتهم ، في وجدان الهواء الملوث الذي يستنشقونه ، في وجدان قوت يومهم المعفر بالذل و الهوان ، في وجدان احلامهم المذبوحة ، في وجدان الماء الملوث الذي يترجرعونه كل يوم ، و في وجدان مشكلة الزبالة التي تجمعوا من اجل معالجتها اليوم ، اذن فالقاء القضية في الزبالة هو ايجاد السبيل الامثل لمعالجتها مع هذا المشكل المطروح بالطريقة التي لا تشعر الحاضرين انهم ابتعدوا عن مشكلتهم الحقيقة و بالطريقة التي لا تخرج القضية عن عمقها في وجدان الشعب ، هي ايضا فن الربط بين القضايا المختلفة و التي تتجمع في الآخر لتشكل قضية الشعب الأولى ، و التي لا تقبل التجزيئ ، فكل قضية تصب في اخرى فالقضية الفلسطينية هي قضية الزبالة في احياءنا و لا داعي لاستنكار المقارنة او الدمج او الربط الصريح ، فعندما تتراكم اكوام الزبالة في الشوارع و الاحياء فمعنى ان هناك فساد في النظام و سوء معاملة للشعب و الاستهتار بصحته و كرامته و انسانيته ، و النظام الذي يسمح بهذه المظاهر هو نظام استبدادي قهري لا انساني ، لا يهتم الا برفاهية فئات معينة و يتعامل مع بقية الشعب مثل العبيد ، نظام كهذا لايمكن ان ناتمنه على قضاينا المصيرية خاصة قضية الشعب الفلسطيني ، التي تراجعت و ازدادت ترديا عندما سمحنا له بالمتاجرة بها في الصالونات السياسية المكيفة الهواء و تنافس تجار دم الشعب و تراب الارض على المساومة عليها و تجند خلفهم جيش عرمرم من مرتزقة الفضائيات من مثقفين و محللين سياسيين و عسكريين الى ان اضحت القضية مجرد مسلسل درامي غير محدود الحلقات مشوق تارة و مقزز اخرى و ممل احيانا و مرعب اخرى ، ورغم انه صار مختل الصياغة و رديئ الحبكة الا اننا نتعلق بمشاهدته كل ليلة و كل منا ينام وهو ينسج في خياله حلا يتمناه في خاطره حسب وقع الاحداث من نفسه و مشاعره رغم انه يعرف ان حله و حلمه لن يتحقق ، و مع ذلك فهو يخفف عن نفسه بالاحلام و الامال ، فما اضيق العيش لولا فسحة الامل ! من اليوم الذي اختطفت فيه القضية لتلك الصالونات المكيفة و وضعها يزداد ترديا و مشكلتها تزداد تعقيدا ، فلا لوم علينا ان هتفنا اليوم بصريح العبارة و بدون تلوين في الكلام او نفاق في الحديث ، ارموها في الزبالة ، لتعود لطفلها الذي دافع عليها بحجارة التقطها من الزبالة ، لتعود لرجالها الذين ضحوا بدمائهم و ارواجهم وقد خرجوا من اكوام الزبالة ، لتعود لمن ضحوا في سبيلها بحريتهم وهم الان وراء القضبان وقد تركوا اطفالهم و فلذات اكبادهم تقتات من فتات الزبالة ، اننا الان نستعطفكم و نرجوكم ان تلقوا لنا بقضيتنا الفلسطينية و كل قضايانا المصيرية الى الزبالة ، حيث يعيش السواد الاعظم من شعوبنا ، تلك الزبالة التي تنتهي اليها كل قضايانا المهملة ، الزبالة التي تختصر ماساتنا و هواننا على اولي الامر منا ، الزبالة التي تنتشر في الازقة الضيقة و الشوارع الجانبية و الاحياء الشعبية ، الزبالة التي انتجت هذا الطوفان الهادر من الثوار الذي يرسم معالم غدنا المشرق . هل تعرفوا يا اخوة القهر و المعاناة و حياة الزبالة ان البترول و الوقود و اغلى السوائل كانت في الاصل زبالة ، انها في الاصل من بقايا مواد عضوية تقذف في الزبالة رائحتها تزكم الانفاس ، كما تلك الزبالة التي يلعب اطفالنا على اكوامها و نشق طريقنا نحو اعمالنا و اشغالنا من خلالاها ، و تختصر ظلم و قهر و الحيف الذي تمارسه علينا انظمتنا الاستبدادية ، الزبالة التي يعيش فيها و منها و عليها السواد الاعظم من شعوبنا ، الزبالة التي تراكمت منذ عشرات السنين في احياءنا كما نفوسنا و نفذت لكل مفردات حياتنا حتى أخلاقنا و مفردات حديثنا ، فلم نعد نستحي من الكلام العفن ونستسيغ الافكار الملوثة ، بلغنا الذروة و قمة التحلل لكن في الاخير تفجرت فينا ثورات هادرة قد تكون الان ذات رائحة تكتم الانفاس و لهيبها يكوي الاوصال ، لكنها حتما مرحلة الى زوال و سوف نقطف من وراءها كل خير . كل الثراء في النفوس و في الجيوب ايضا . بقلم : نزهة المكي
#نزهة_المكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة : التجميل و عولمة الجمال
-
و تغسل لي البنطلوووون !!!
المزيد.....
-
مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال
...
-
هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي
...
-
رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي
...
-
رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
-
الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز
...
-
الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا
...
-
البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف
...
-
السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل
...
-
هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
-
أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|