الدين ليس ألعوبة

منذر فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 1079 - 2005 / 1 / 15 - 11:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

عندما يمرض أحدنا يذهب إلى الطبيب ويشتري الدواء الذي يصفه له، إنه لا يسأل نفسه لماذا يأخذ هذا الدواء دون غيره ولا يسأل نفسه لماذا يشرب ملعقتين ولا يشرب ثلاث ملاعق مثلاً، وغالباً لا يناقش الطبيب في الأمر، لماذا؟ لأنه على ثقة بهذا الطبيب ويعلم أنه لم يحصل على شهادة الدكتوراة هكذا بدون تعب ولا دراسة، مع أن الحق كل الحق معه في مناقشة الطبيب أو في الذهاب إلى طبيب آخر.

أما في أمور الدين فالأمر يختلف، الكل يفهم، الكل يفتي، ولا يهم إن كنت على دراية في الموضوع أم لا، ترى لماذا؟ أليس الأمر يحتاج إلى توضيح؟ هل الدين ألعوبة بيدي أو بيدك أو بيد فلان أو فلان، أم هو مجموعة منظمة من المبادئ والتعليمات لها أسس واضحة لكيفية التعامل معها.

إذا صرخ أحدهم مثلاً : هيا إلى الجهاد، هل تذهب إلى بيتك وتحضر سكيناً أو عصاً، وتصعد الشاحنة أنت وهو وتذهبا إلى الجبهة؟ أم الأمر يحتاج إلى العلماء وإلى ولاة الأمر؟

أنا لا أقول أن تضع رأيك جانباً وتسلم لرأي الغير دون تبصر أو وعي أو تفكير، ولكن ألم يقل رسول الله لا تجتمع أمتي على ضلالة، ألم يأمره الله سبحانه وتعالى أن يشاورهم في الأمر، إذن ما بالنا لا نتشاور في الأمر؟ ما بالنا لا نسمع آراء الآخرين؟ ما بالنا كل يغني على ليلاه وإذا لم يؤخذ برأيه تراه يهب ويثور ويقذف هذا وذاك.

تسمع أحدهم يقول : لماذا لا نضحي بدجاجة أليس ذلك أرخص على الحاج؟ يا أخي وهل الحج يفرض إلا مرة واحدة في العمر، وهل الحج يفرض إلا على الأغنياء؟
وتسمع أحدهم يقول : يجب أن لا نلغي الأضاحي هذا العام فقط وإنما يجب أن نلغي الحج أيضاً، يا أخي لا أقول إني أعلم بالدين أكثر منك ولا أدعي الفهم أكثر منك، ولكن ما رأيك أن نلغي اجتماع الجامعة العربية واجتماع الأمم المتحدة وكل المؤتمرات العلمية في العالم وكل الأنشطة الرياضية ونغلق كل محطات التلفاز بحجة أن زلزال تسونامي أكثر حاجة إلى المال؟ مارأيك أن نلغي الحج كلما حصل زلزال أو كارثة ونوزع المال على المحتاجين.
وتسمع أقوال وأقوال ، ألم أقل لكم إن الكلام في الدين أمر سهل.

إنها ليست دعوة لإغلاق باب الفتوى ولكنها دعوة لإعمال العقل وسماع آراء الآخرين، دعوة لسؤال العلماء، دعوة للقول إن الدين ليس ألعوبة والفتوى ليست بالأمر السهل.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات