يحيا الرئيس .. قصة قصيرة

وداد ال ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 3664 - 2012 / 3 / 11 - 08:56
المحور: الادب والفن
    

لاشيء يوقف دبيب هذه الدودة الزمنية الناخرة في ذاكرتي ليل نهار , وايقاع تلك المشاهد البانورامية الاحتفالية المحزنة , أوصال جنود , خيول جريحة ما تزال تنزف تنظرُ بعيون حزينة شبه جامدة , وأخرى نافقة لاتعبأ , بقايا دروع , انصاف سيوف , رماح متكسرة محطمة تشعر بالخزي , خِرَقٌ تيبسَ بها الدم , عمائم إنفرطت وقمصان تشبه قميص عثمان هي للآن مثارٌ للندم مرة , ومرة للبهتان , وفي كل مرة هذه البانوراما من جديد , من بدر وأُحُد وحنين وتبوك والقادسية لصفين والنهروان والجمل وغزوة الامس في الخميس ,عندما فقدنا الرئيس , يالعارنا نقتتل على القديد ونقلد العبيد , كنا يافعين .. تحت اصرار الرئيس حين تناثرنا في الصحراء من جديد , فقط لنصدق رؤيا الرئيس ...حين قال لايخدعنكم قول قوم اخرين ولاتصدقون ... ولكننا عُـدْنا لنحقق من جديد حلمَ الرئيس , حفرنا لابناء جلدتنا خنادق ودّية لموت جماعي , أردنا ان يحتفلوا بموتهم , فالرئيس يحبُّ الوحدة الوطنية ...هكذا اوصانا , المقابر جماعية أكثر ألفة وأكثر حنين , وأعدنا تسوية الارض وحملنا المعاول لنزرع من جديد , وذهب العديد منا للمصانع كانت بقايا مصانع, ولكن كانت تجللها صور الرئيس , حتى مرّت عشرات السنين لم نرى الرئيس , تذاع خطب المهيب بجلال مع صورته ببدلته البهية المطرزة بالنياشين الذهبية , وعائلة الرئيس , واحفاد الرئيس يتبادلون بعفة تلك الابتسامات الانيقة , عندما يطلون علينا من الشاشات بالغة الدقة في كل مكان , لم يتسنى لنا ان ندقق ملامحهم فالارصفة الكهربائية التي اخترعها الرئيس تضاعفت سرعتها بمرور السنين , كانوا يطمئنوننا في كل مرة على صحة الرئيس , ولكن بعد خمسين عاما أصر شعبنا ان يرى الرئيس بدأت هسهسة الشعب , الشعب يريد ان يرى الرئيس , وتسورت الشوارع والساحات بجيوش وحرس الرئيس , وعلا الصوتُ , نريد رؤية الرئيس لسنا خونة او جواسيس , فقط نريد رؤية الرئيس , وزحف الشعب بهدير واحد نريد رؤية الرئيس , وعندما بلغ الشعب قصر الرئيس , ضربت انفه جيفة الرئيس , فصاح الشعب بايقاع مدوي مخيف.. يحيا الرئيس .. يحيا الرئيس .معلنا سقوط جمهورية الرئيس .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل