|
تونس : جفاء حكومي أمام تضخم اقتصادي يقسم ظهر العمال
ياسين بن شيخة
الحوار المتمدن-العدد: 3661 - 2012 / 3 / 8 - 14:21
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تشهد أوضاع المواطن و العامل التونسي تدهورا مستمرا لا سيما بعد انتفاضة 14 يناير. وضعية كانت و لا تزال هشة بسبب السياسات التنموية السابقة الفاسدة و وعود الحكومة الحالية التي لم ينبلج لها أفق إلى اليوم. وضعية في تقهقر مستمر منذ انتهجت الحكومة الحالية سياسة التسويف مبقية على الوضع كما هو و تاركة لبقايا المنظومة السابقة التي تتحكم في الاقتصاد التونسي الأبواب مفتوحة كليا للتحكم بالإنتاجية و بمسالك توزيع الإنتاج بكل ما يحمله ذلك من استغلال مفرط للعامل التونسي و استنزاف لجيبه.
و هاهي بضعة أشهر منذ تولي الحكومة زمام الأمور في الدولة لكن دون نتائج تذكر و دون أن يلوح في الأفق أي مؤشر لتحسن الوضعية المادية و الاجتماعية للمواطنين، بل كان الانعكاس السلبي سيد الموقف ترجم في الأرقام الرسمية للمعهد الوطني للإحصاء فناهزت نسبة التضخم 6 بالمائة خلال شهري يناير و فبراير 2012 مقارنة بالسنة الماضية و ارتفعت أسعار جل المواد الأساسية و خاصة أسعار المواد الغذائية بأكثر من 8 بالمائة و المطاعم و النزل بنسبة 7 بالمائة و السكن و الطاقة المنزلية بنسبة 4 بالمائة.
أما اجتماعيا، فلم يتم تحقيق شيء يذكر من شأنه التقليل من مخاوف المواطنين فيما يخص حياتهم اليومية و لقمة عيشهم. و بإيجاز فان العمال و المواطنين يواصلون تحمل النتائج المزرية لسياسة لاجتماعية و لاعمالية قائمة على مبدأ اللامسؤولية و اللاوعي.
الجميع على علم بموقف الحكومة بخصوص المعاشات. فالسياسة المتبعة إلى حد الآن بهذا الخصوص عمقت الهوة أكثر فأكثر بين الغني و الفقير، بين العامل و بين المعطل. ارتفاع في أسعار المواد الأساسية يقابله انخفاض أو إبقاء على مستوى المعاشات مما خفض من القدرة الشرائية للعمال و ساهم الى حد كبير في تعميق مديونيتهم و خصاصتهم. و أمام هذا الوضع لم تتخذ الحكومة أية إصلاحات تذكر رغم جهود المنظمات العمالية للنهوض بوضعية المواطنين.
لكن في المقابل ماذا تفعل الحكومة لتخلق المعادلة بين الأسعار و المعاشات. إنها لا تحرك ساكنا و لا تأبه البتة بتحركات الشارع و مطالب المواطنين و العمال. مباردتها بتحديد الأسعار لبعض المواد الاستهلاكية كانت مجرد ذر للرماد على العيون إذ لم يردع هذا الإجراء التجار و المضاربين من عدم احترامها نظرا لغياب مراقبة صارمة و خلق المعادلة بين العرض و الطلب في إطار سياسة السوق المفتوح.
لقد تناست الحكومة لعب دور الحكم و الدفاع عن القدرة الشرائية للموظفين و العمال ضد وحشية المضاربين و كبار الرأسماليين. فإذا لم تحرك الحكومة ساكنا و إذا فشلت في ردئ هذا الصدع فهل تعتقد أن يحل السلم الاجتماعي في بلد انطلقت منه شرارة الربيع العربي؟
إن تدهور القدرة الشرائية للمواطن التونسي في تزايد و الإضرابات و الاحتجاجات الأخيرة في غالبية القطاعات المهنية إنما هي مثال حي على ذلك و تنبيه إلى النظام الجديد بضرورة الإصلاح العاجل و المستعجل.
الوقت لا يرحم و صبر المواطن ينفذ و هذا الاستياء سيترجم عاجلا أم آجلا، إذا لم يتم التدخل العاجل، بتحركات لا يمكن التكهن بعمقها أو بنتائجها و جهود الحكومة لجلب المستثمرين و إعادة بريق السياحة ستفشل إذا فشلت في طمأنة الشعب الثائر و الذي لن يثنيه شيء من مواصلة نضاله لتحقيق ثورته الفعلية. ولتتعض الحكومة الحالية بسابقاتها، و إن كانت انتخبت شعبيا و ديمقراطيا فان هذا لا يعني عدم المطالبة بإسقاطها إذا سلكت نهج تهميش شعبها و سعت لتثبيت مواقعها في مفاصل الدولة و تجميل صورتها خارجيا.
#ياسين_بن_شيخة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عام على الثورة التونسية : شباب عاطل متجهم و حكومة تظل طريقها
-
متى يشمل الربيع العربي الانتماء الدولي للاتحاد العام التونسي
...
المزيد.....
-
“أخيرًا خبر هيفرح ناس كتير” .. زيادة رواتب المتقاعدين بالجزا
...
-
الآن تعرف على رابط التقديم على منحة البطالة في الجزائر 2024
...
-
“الآن سجل واحصل عليها” .. التسجيل في منحة البطالة الجزائر 20
...
-
وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس بسبب سياس
...
-
وزارة المالية… تعلن عن موعد صرف رواتب شهر مايو لعام وما هي ح
...
-
يحيا التاسع من أيار! عاش انتصار الشعوب على الفاشية!
-
دارالاتحاد والشغالين والوطنيين تخرج بعد 120 سنة في حلة جديدة
...
-
تدهور المناخ الاجتماعي في الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة
-
طلاب جامعة كامبردج البريطانية يواصلون اعتصامهم الداعم لفلسطي
...
-
زيادة 1000 دينار على الراتب.. جدول زيادة رواتب المتقاعدين في
...
المزيد.....
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
-
نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين
/ عذري مازغ
المزيد.....
|