أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي عباس خفيف - الحزب الشيوعي العراقي -التشويه المحبط في: وثيقة مشروع البرنامج السياسي!!















المزيد.....

الحزب الشيوعي العراقي -التشويه المحبط في: وثيقة مشروع البرنامج السياسي!!


علي عباس خفيف

الحوار المتمدن-العدد: 3660 - 2012 / 3 / 7 - 19:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لنبدأ من النافع . ولنترك النشوة التي تمنح خدراً غير مطلوب في حياتنا السياسية ، لأننا ندرك أن الذبيحة القادمة في برنامج القوى المتسلطة ، وبعد أن تنهي صراعاتها ، سيكون الشيوعيون وحدهم . لأن الفتاوى جاهزة لمصادرة الانسان المتطلع والتقدمي . ولننا نبدأ من النافع أيضاً ، فنحن لن نناقش الشكل الذي طُرحت به الوثيقة ، لأن النقاط الـ 217 التي قُدِّمت بها هي عبارة عن مقتبسات تداولتها الصحافة العراقية لحد الملل من دون أن تثمر شيئاً. فضلاً عن التكرار والتناقض في ثناياها .
حاولت الوثيقة أن تبدأ دونما حماس خشية المساس بصاحبة الجلالة ( العملية السياسية ) ، فهي بدءً تعتقد أن جوهر الحل لايمكن أن يكون بيد الجماهير وإنما بيد الكتل والاحزاب والقوى السياسية ، المشاركة وغير المشاركة في هذه العملية السياسية ، مع أنها مدعومة من دول الجوار ومن أمريكا وحلفائها ، وكاتب (أو كتّابها ) الوثيقة يدرك ذلك . امّا الجماهير فما عليها سوى مواصلة الضغط من أجل اصلاح حال صاحبة الجلالة ( العملية السياسية) التي رسم خارطتها بريمر وترك الناس يأكل أحدهم الآخر دونما حياء في لُجّة الفوضى حتى هذه الساعة.
تقول الوثيقة : (إن الاوضاع الحالية تبقى مرهونة ، ومرتبطة بالكتل والاحزاب والقوى السياسية ، وقدرتها على تجاوز أنانياتها ومصالحها الضيقة ، وامكانية توصلها إلى برنامج واقعي وملموس ، لإخراج البلاد من أزمتها ).
اهملت الوثيقة بهذا التعبير طبيعة هذه القوى ، وتركيبتها الطبقية ، ومنظوماتها الايديولوجيا ، وارتباطاتها على مستوى الحضور في ملعب الاقتصاد الوطني وتخريبه ، باعتبارها وكيل للرأسمال الوحشي المعولم ، وعلى مستوى ارتباطاتها المخابراتية وولاءاتها المعروفة من جانب آخر. وكأن الأمر مجرد انانيات ودوافع سيكلوجية . كذلك تعتقد الوثيقة أن هذه القوى ليست مسؤولة عن الأزمة ، أو هي لا تقصد صنع الأزمة لأنها تفترض أن الحل مرهون بمواقف هذه القوى والاحزاب والكتل على مستوى الأنانيات .
وفي الحقيقة أن التشخيص الصحيح لطبيعة القوى السياسية الحاكمة اجتماعياً واقتصادياً ، وفضح ايديولوجيتها الطبقية ، والكشف عن ولاءاتها اللاوطنية ، سيضع بايدي الجماهير ، خصوصاً الكادحين وفقراء الشعب الحل الذي ينير لهم دروب التغيير . الحل الذي كان من المفروض أن يكون جوهرخطة الحزب الشيوعي ومحور برنامجه ، وليس الدعوة لاصلاح عملية سياسية شوهاء ، يعرف الحزب الشيوعي قبل غيره أنها لن تثمر نجاحاً ، ولا يمكن اصلاحها .
كما أن الوثيقة تؤمن أن هذه القوى قادرة على فتح فضاءات التطور ( الديمقراطي الحقيقي!!) للبلد – أرجو ملاحظة الديمقراطي الحقيقي فيما سيأتي لاحقاً – تقول الوثيقة أن التطور الديمقراطي هذا سيسير بالبلد :( نحو طريق الاعمار والبناء وإقامة دولة القانون!! والمؤسسات والعدالة الاجتماعية ، الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية ، كاملة السيادة). كيف؟ لنبدأ من جديد مع الوثيقة .
تؤمن الوثيقة أن ( العملية السياسية ) منذ تدشينها في عام 2003 وهي تهدف ( إلى الانتقال بالعراق.. إلى نظام دستوري يضمن الحريات والحقوق لجميع ابناء الشعب ، ويستعيد السيادة لعراق ديمقراطي اتحادي موحد مستقل .) فالعملية السياسية بناء على نص الوثيقة أيضاً اعتمدت (الأساليب السلمية ومبدأ التفاهم والتوافق السياسي في حل المعضلات ) هل هي كذلك حقاً ؟ وتقول الوثيقة أيضاً ( وشقت العملية السياسية طريقها.. في خضم صراعات حادة بين القوى المشاركة، ودموية في مواجهة القوى المناهضة لها ) ، ثم ( إن الصراعات تبيّن أن محورها الاساس كان .. التنافس على السلطة والثروة والقرار ، وعلى تحديد شكل الدولة الجديدة .)
والاسئلة :
1- هل انتقلت العملية السياسية بالعراق إلى نظام دستوري يضمن الحريات ؟
إذن من السؤول عن الفوضى العارمة في الحياة السياسية وتحكُّم المليشيات والمنظمات العسكرية السرية والتكفيرية بحياة الناس ومصادرة حرياتهم ؟
2- وهل اعتمدت هذه العملية الأساليب السلمية ومبدأ التفاهم في حل الخلافات ؟
من يشيع إذن سياسة كاتم الصوت والتصفيات السياسية والجسدية والاخلاقية ، وتصفيات ساحة التحرير ، والتهديد بغلق مقر الحزب ، مع ذرائعه القانونية ؟
3-هل نجحت العملية السياسية في شق طرقها وسط الصراعات ؟
إذن كيف تحكم الاستعصاء على العملية السياسية!! لحد التهديد بتقسيم العراق ، وتحوُّل الوزارات إلى ملكيات طائفية وقومية حتى هذه الساعة ؟
ومن نافلة القول ؛ أن العملية السياسية ليست فكرة مجردة وإنما هي مجموع القوى والنخب الفاعلة في مفرداتها العملية ، والوثيقة تؤكد أن اطراف العملية السياسية في صراع دموي دائم وهي على خلفية رؤيتها للصراعات تذكر مسؤولية القوى الضالعة في العملية السياسية في ( استشراء الفساد، وتعقيدات الوضع الأمني – ومداخلات التصفيات بين الاطراف السياسية ) والتدهور ( المريع للخدمات العامة وارتفاع الاسعار، وتصاعد نسب الفقر، وتفشي البطالة ، واتساع التدخلات الخارجية).
ومن ذلك ؛ فأنه بات واضحا أن صاحبة الجلالة ( العملية السياسية!!) – حسب الوثيقة – لا تواجه صعوبات وإنما ( بدأت تخرج عن مسارها السليم ، فبرزت ضرورة !! اجراء مراجعة نقدية لمسيرتها وحصيلتها ) وأيّة حصيلة؟؟ ولكن من سيقوم بهذه المراجعة؟ ثم تستمر الوثيقة ( بغية اصلاحها وتصويب مسارها ، ووضعها على السكة الصحيحة )– أي الصراط الذي رسم حدوده بريمر- وصولاً بها إلى غاياتها المرجوّة - كل جملة مما سبق تدعو للتساؤل ، وهذه حيرة كبيرة حقاً في وثيقة حزب يقول عن نفسه أنه حزب شيوعي.
وتذهب الوثيقة ، في نثر مجامل ! قائلة أن هذه الصراعات - التي هي دموية - وكذلك الأزمات قد تركت (تأثيرات سلبية )!! على الملايين المحرومة ، وغذت مشاعر الاحباط والقلق والسخط!! ثم حللت الوثيقة وضع الجماهير هذه ، متجنبة ازعاج اطراف العملية السياسية ، ومزيفة حقيقة مطالب الجماهير باسقاط الحكومة وتغييرها ، فقالت ؛ أخذ ادراك الناس يتسع ( أن تحقيق مطالبهم مرهون باصلاح النظام ، وإعادة الزخم الضروري للعملية السياسية ) . إن الافتراض الزائف هذا يتجنب بطريقة بهلوانية الحقائق التي سطرتها الجماهير العراقية في ساحات التحرير ، وعمدتها بدماء ابنائها . ويبدو أيضاً ان زخم العملية السياسية لاتراه إلا هذه الوثيقة ، فيما ينكر الضالعين فيها جميعهم وعلى شاشات الفضائيات المتكاثرة ، أن تكون فعاليات الساسة العراقيين وعمليتهم الدموية وفوضاها ذات زخم أو أثر اجتماعي وسياسي ايجابي في الحياة العراقية . والجميع يقول أن السياسة العراقية تُرسم خارج الحدود وتُصدّر إلى الداخل .
وفي فهم الوثيقة لنظام المحاصصة الطائفية – الاثنية ، التي هي تحصيل حاصل العملية السياسية ، تخلص إلى وصف ما يحدث في المؤسسات الحكومية من تصفيات جسدية وادارية واخلاقية بأنها ( غياب إرادة العمل المشترك ، وتقلّص فضاءات التعاون والعمل الجماعي ). فهل كل هذه الدماء نتيجة لهذين السببين اليسيرين اللذين يمكن التوصل إلى حلهما في جلسة واحدة في مضيف أحد شيوخ العشائر ؟ في الحقيقة ، إن الوثيقة ترى العراق وكأنه في نزهة ، كما يبدو ، فهي لا تشير إلى الوقائع ، ولا إلى الأسباب الحقيقية التي تكشف عن تشابكات قوى الصراع الدولية والاقليمية والمحلية ، ومحركات الصراع بين الطبقات ، وتتجنبها ، بل تتجنب الأخير حتى النهاية كي لا تُتّهم باليسارية أو الجمود العقائدي أو بالرجعية – أي الاصولية الماركسية – حسبما ترى في نكرانها الخيار الاشتراكي ، بينما هي وثيقة حزب شيوعي!! .
ثم تتحدث الوثيقة عن التعنت في الرأي – وتتجنب مفردة الاستبداد – وعن عدم الاستماع إلى الاصوات الخيِّرة الداعية للتقارب!! وايجاد سبل التفاهم والانفراج السياسي ، والمصالحة وتجاوز السلبيات!! في العملية السياسية!! – لابد أن الوثيقة تشير للمذكرة التي قدمها الحزب الشيوعي العراقي للرئاسات الثلاث – اواخر عام 2011 . ولقد قيل ؛ ( أن الطريق إلى جهنم مليء بالنوايا الطيبة ) .
ومع أنها تحدد الفاسدين في مؤسسات الدولة وتؤشر المحاصصة سبباّ في الفساد ، غير انها تدعو الفاسدين للقضاء على الفساد . فإن سوء الادارة ،واستخدام المال العام ( لبناء تشكيلات ) ما - متجنبة مفردة مليشيات – ( وتخريب مؤسسات الدولة بما فيها القوات المسلحة ) – من دون أن تذكر كيف جرى ذلك أو تذكر الأثر السيء والخطير لعملية دمج المليشيات بالمؤسسة العسكرية– والتعامل بفوقية مع ابناء الشعب من قبل الفاسدين وغيرهم ، كل تلك هي أمور يمكن القضاء عليها باعتماد المعايير العلمية للادارة الرشيدة ، والشروع فوراً بتعزيز الكفاءة والنزاهة . وإعادة هيكلة الوزارات على أسس علمية وبالافادة من التجربة العالمية ، ( بعيداً عن الاهواء والمزاجية الشخصية ) ، وان يجري ذلك بالتشاور بين ذوي الاختصاص والخبرة من دون التفريط بالطاقات. نحن نقول ؛ إنه يمكن ان يكون الكثير من هذه الافتراضات صحيحة لو أن الجماهير وليس الفاسدين واطراف العملية السياسية القائمة ، هم من يقوم بذلك ، الجماهير صاحبة المصلحة بالتغيير تحديداً. الجماهير التي تعاني يومياً وتتساءل .
ولا ندري كيف يمكن لهذه الوثيقة الوثوق بمشروعها القائم على دعم العملية السياسية القائمة ، بينما هي تؤكد أن ( معايير الحكومة تُزيد من المفسدين والمرتشين ، وتحول المال العام إلى أيدي الطبالين والمريدين ) وتتحدث أيضاً عن فضائح الانتخابات المريعة ، التي كان التزوير وتغيير النتائج هي اللاعب الأول في هذا التشويه الذي اطلقوا عليه عنوان ( ديمقراطية ). وترى أنها تجري على أساس تقسيم العراق . ومع ذلك تدعوها سلبيات ونواقص . فهل ذلك لمجرد أن تقنعنا بقبول خيارها الذيلي المشوّه ، وأن تكون أيضاً قد نجحت في مجاملة الكواسر في السلطة مع مليشياتهم، وتكسب رضاهم ؟
وتقترح الوثيقة على القوى التي افسدت كل شيء ، وفككت القوات المسلحة ، أن تشخِّص (النواقص والثغرات في أداء القوات المسلحة !!) ، ثم تدعو إلى تنشيط أجهزة القمع ( تنشيط المنظومة الأمنية والاستخباراتية ، وتكريس جهدها لصيانة العملية السياسية!! وتطورها اللاحق نحو بناء .. دولة المؤسسات والقانون ..) ، بينما هي تقول ( أنه من المعيب للدولة والحكومة أن يكون بين صفوفها من يشترك في اراقة دماء العراقيين ) !! يا للعجب كل هذا ولدى الوثيقة مراهنة على العملية السياسية . أيصح هذا في وثيقة حزب شيوعي يرى كل يوم القمع ويشهد على التزوير ، ويتعرض للاضطهاد ، وتداهم الاجهزة القمعية ذاتها مقراته الحزبية ، وتهدده الحكومة بغلق مكاتبه ؟ فلا يتعجبن أحد حينما يتجنب برنامجه الحديث عن الصراع بين الطبقات ويتنكر للخيار الاشتراكي ، وحين يذكر الاشتراكية فإنه يذكرها بخجل ، وخوف الشبهة .
في حديث الوثيقة عن الملف الأمني ، رغوة انشائية تصلح لطلاب المتوسطة ، وخطرة أيضاً في بعض تخريجاتها . فهي من الفقرة رقم 30 وصاعداً تبدأ بالتناقض مع ما أسسته في ما سبق من فقرات ، حين تقول إن الارهاب قصد افشال ( العملية السياسية ) ، كما لو أن الوثيقة في هذه الجملة تبحث ، في واحدة من التخريجات ، عن مسوّغ للحكومة في قمع المتظاهرين في ساحات التحرير، حينما طالب المتظاهرون باسقاط العملية السياسية برمتها ، وكانت الحكومة قد صرّحت حينها أن المتظاهرين مجرد بعثيين وارهابيين لافشال العملية السياسية.
في مكان آخر من الوثيقة ينكشف مستوى جديد من التناقض ؛ فالوثيقة تذكر أن البلاد شهدت (مظاهر سعي إلى تقزيم الديمقراطية ، واعطائها مفهوماً على مقاسات السلطات المتنفذة ) ثم تقول في الفقرة 45 ( أن كثيراً من مواد الدستور حمّالة أوجه، فقد مارست الاطراف الحاكمة انتقائية غريبة في التعامل معها ، وتفسيرها بصور تضمن مصالحها وسيطرتها ، ولا تبدو هذه القوى مبالية وهي تناقض نفسها ) ، ثم تتحدث عن تكميم الافواه والسعي لفرض الرأي الواحد وتنميط المجتمع.. الخ. بعد هذا وبلهجة معاتبة تقول عن الكتل المتصارعة على السلطة أنها (لاتمتلك ، حتى الآن ، الارادة الكافية للاقدام على تنازلات جدية متبادلة ) ، فالوثيقة ترى أن مجرد حدوث مثل هذه التنازلات سيخرج البلاد من أزمتها . لذا اقترحت مشروعها الغريب بعد تلك الصورة المرعبة عن سلوك السلطة الاستبدادي ، والقوى الحاكمة وارتباطاتها وخطرها على العراق . فالوثيقة تقول ( لذلك فلا مخرج حقيقياً منها – الأزمة – إلاّ بالتوجه الجاد والمسؤول، من قبل سائر القوى المشاركة بالعملية السياسية ، ضمن السلطة وخارجها ، نحو مراجعة هذه العملية وأسس المحاصصة الطائفية والإثنية ، التي قامت عليها ، واصلاحها وتقويمها ووضعها على السكة الصحيحة ..) ثم تندفع الوثيقة متماهية مع الأوضاع المريضة السائدة ،إلى الاعلان عن حل لأزمة "حكومة الشراكة " فتقول : (لأجل بحث جميع القضايا التي باتت تشكل نقاط!! اختناق!!! للعملية السياسية ....طرح حزبنا فكرة اطلاق حوار وطني شامل ، تشارك فيه القوى المؤسِّسة والمشاركة في العملية السياسية ،.. يمهد لعقد مؤتمر وطني . .. وصولاً إلى توافقات وميثاق عمل مشترك، يعزز الوحدة الوطنية .. الخ.)
تتغافل الوثيقة عن الوقائع المرعبة التي تؤيد هي بالذات وجودها . وتناور من دون أن تجد مخرجاً للاحراج الذي وجد الحزب الشيوعي العراقي نفسه فيه . فهل العملية السياسية تعاني من نقاط اختناق ؟ هل الأمر بحدود هذا الوصف حقاً بينما الوثيقة زاخرة بالاشارة إلى حجم المفاسد الخيانات التي لايمكن التعبير عنها إلاّ بالتغيير الشامل؟ ليجد لي من يدافع عن هذه الوثيقة بصيص ضوء ، في فقرات الوثيقة ذاتها ، يمكن أن يبعث على الأمل في ما تسميه الوثيقة العملية السياسية.
ثم نسأل ؛ متى قال الفاسد انه فاسد ، أواللص انه هو الذي يسرقنا ؟ خصوصاً والوثيقة تقدم وصفاً للضالعين بالعملية السياسية حين تدعوهم إلى عدم الاستمرار باعتبار البلد غنيمة . وهو أمر له دلالته الكبيرة والمرعبة ، التي تعني فيما تعنيه أن العراق قد تعرض إلى عملية سطو مسلّح وما يزال يتعرض . وهو وصف مرعب حقاً ، فكيف تتجاهل الوثيقة والحزب الذي طرحها ، هذه الحقيقة ، وتطرح مشروعها بدعوة اطراف السلطة والحكومة ، أي تدعو كل هؤلاء المفسدين والفاسدين والخطرين والمافيات واعضاء عصابات السطو إلى حوار شامل؟ فهل سيتمخض الحوار عن ، أو سيفرّخ ، غير اسلوب أوطريقة جديدة لتقاسم الغنيمة كما سمتها الوثيقة؟
تنطوي الوثيقة على تفصيلات كثيرة ومحيرة ، زاخرة بالتناقضات ، ولكن يمكننا أن نجزم أن الوثيقة تعبّر عن تخبط القيادة في الحزب الشيوعي العراقي ، التي أدمنت المواقف الذيلية والهشّة، منذ فجر الجمهوريات العراقية حتى الساعة . وبسبب انفضاح تهافتها لم تجد غير أن تقدم للناس طبخة لا يمكن هضمها ، أي كل ما سبق أن نشرته واذاعته الصحافة ووسائل الاعلام جميعها ، ولم يعد خافياً على ابسط الناس ، لتخرج لنا بما سمّته وثيقة سياسية لتخدع بها من يقبل أن يكون مخدوعاً .
والحقيقة المرة هي أن الحزب الشيوعي لم يعد يرى في الجماهير قوة التغيير الاساسية ، ولم يعد يؤمن بجذرية التغيير ، وهو حتماً يعتبر كل ذلك تطرفاً يليق بما كان يسمى ( الثورة ) في ادبيات القرن العشرين السياسية ، التي صار يعتبرها مفاهيم بالية ،عفى عليها الزمن ، كما يصنفها الرأسمال المعولم الوحشي في خانة الارهاب . ولم تعد تليق بالتعددية والتداول السلمي للسلطة ، وفصل السلطات الثلاث واستقلاليتها ، إلى آخر مفردات الهذر والاسهال السياسي الذي ينظمه مفكرو النهب العالمي مثل فوكوياما ، ويبشرون بديمقراطية شوهاء وفقاً لحاجات العولمة الرأسمالية ، تحت هيمنة فكرة عصابية سببها القمع القديم ، اطلقوا عليها العولمة الثقافية لجمال هذا المعنى فقط ، أوتحوُّل العالم إلى قرية. لقد عملت الوثيقة على تسويغ العملية السياسية واتهمتها ، ثم عادت وبرأتها بطريقة كروباتيكية ، حينما وضعت الحلول الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بيد العملية السياسية وحدها ، ثم بعد ذلك دعتنا إلى الوقوف خلفها ودعمها من خلال التصالح عبر مؤتمر وطني . متناسية طبيعتها الطبقية وايديولوجيتها وولاءاتها وارتباطاتها العالمية والاقليمية ، وقدرتها على هدر دماء الناس ومصادرة الحريات على حد تشخيص الوثيقة للاوضاع السائدة .
نحن ندعو الشيوعيين إلى الاستنكار . ندعوهم إلى رفض من ينطق باسمهم وهو يجد الذرائع لشذاذ العملية السياسية . ندعوهم لكي يرفعوا اصواتهم ضد هذا التزوير ، لأن وقت الحقيقة قد آن من أجل نهوض الشيوعية ، والعمل على تحقيق مشروع كارل ماركس في بناء مجتمع العدالة والمساواة وفق ديمقراطية حقيقية قائمة على مبدأ التعدد والاستقلالية لأحزاب التغيير والثورة الاشتراكية واستقلال وتعدد النقابات العمالية ، لتأسيس رقابة الجماهير على اداء السلطات حتى إلغائها النهائي .



#علي_عباس_خفيف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشب استوائي يزهر بين الرماد - روح هيروشيما
- الإنتهازية اليساروية والمزايدات على مصالح الطبقة العاملة الع ...
- دان براون - ماقبل شفرة دافنشي- رواية ملائكة وشياطين
- هتروتوبيا - أماكن معادية
- الحرب غير المقدسة ضد النقابات العمالية, تشنها حكومة المنطقة ...
- كلمة علي عباس خفيف رئيس إتحاد المجالس والنقابات العمالية- فر ...
- الآلهة التي لا ترضى أن تمس أرجلها الأرض
- ليتهم تركوا رأسي
- مخاطر الخصخصة - خصخصة قطاع النفط العراقي


المزيد.....




- طبيب أمريكي كان في غزة 6 مرات يوجه رسالة مؤثرة عند سؤاله عما ...
- -تصعيد خطير ضد مؤسسات الدولة-.. الرئاسة السورية تدين الهجوم ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: سوريا بين الساحل العلوي والهجمات ضد ال ...
- بوتين يؤكد عدم حاجته إلى منبه للاستيقاظ في الصباح
- القوات الروسية تدمر 10 زوارق مسيرة أوكرانية في مياه البحر ال ...
- علماء روس يرصدون تفكك المذنب -إيستر-
- خبير لا يستبعد مشاركة عسكريين من كوريا الشمالية في معارك دون ...
- تايلاند تطلب دعم روسيا للحصول على العضوية الكاملة في مجموعة ...
- الحوثيون: العملية العسكرية في حيفا نفذت بصاروخ باليستي فرط ص ...
- زعيم فيتنام ينطلق في زيارة لروسيا وبيلاروس وكازاخستان وأذربي ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي عباس خفيف - الحزب الشيوعي العراقي -التشويه المحبط في: وثيقة مشروع البرنامج السياسي!!