أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المختار بن جديان - تونس / بين ماض صعب وحاضر أصعب // الحكومة كُن ... المرزوقي فيكون















المزيد.....

تونس / بين ماض صعب وحاضر أصعب // الحكومة كُن ... المرزوقي فيكون


المختار بن جديان

الحوار المتمدن-العدد: 3656 - 2012 / 3 / 3 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تونس - المختار بن جديان
انتهى زمن " بن علي "، وابتعد ذلك المشهد السياسي القاتم الذي استفحل بعقول كل التونسيين، حتى الأصم والأبكم منهم الذين كانا يعيشان تفاصيل الديكتاتورية في صمت ألبسته إياهم الأقدار.
وانتقل الشعب في لحظة ما ورائية إلى حياة جديدة أُصِيغت ملامحها بإرادة لم تشأ الاستفاقة إلا يوما من أيام جانفي/ يناير 2011، كانت شعبية بأتم معنى الكلام، هاهي اليوم بخطى ثابتة تُصّدر تردداتها قبالة الساحة العربية المُهترئة.
بعد الثورة التي شهدتها تونس والتي خولت لتغيير حقيقي انتظرته البلاد سنينا طوال، ألفينا تمددا و توسعا للكثير من الأفكار السياسية التي اختلفت ألوانها واتجاهاتها، والتي ابتعدت اليوم بعد أن كانت مُرابطة في خندق واحد لا تفقه سوى لغة النضال الحقيقي ضد الطغيان والتعسف. وارتسمت بذلك الصور البراقماتية على أبواب كل المكاتب السياسية لكل الأحزاب، وشهدنا صراعا شرسا من اجل السلطة الجديدة.
قد تكون أسباب هذا الصراع السياسي مرتبطة باقتناعات راسخة في نفوس السياسيين أنهم الأجدر بمسك زمام أمور البلاد، تمشيا بمقولة -أنا أكثر منك عُمرا في السجن النوفمبري-، أو قد يجتاز الأمر كل هذا ويكون في إطار السعي إلى نيل فرصة ذهبية قد لا تتكرر يوما ما، بعد أن اُستبدلت ثقافة " الثورة " بثقافة " الإعتصامات".
انتهت حرب الأعصاب والهيمنة لتفرز نتائجا لا نشُك في مدى نزاهة ممارستها بقدر علمنا حول -ميكانيكياتها السياسية-، وتمثلت السلطة التونسية الجديدة في شكل -مجلس تأسيسي- يحترم آراء عدّة ولا يُنفذ سوى واحد، وكان الشكل السياسي الأبرز الذي فاز بالسلطة في تونس تلك الحمامة التي لبست نظارات تقيها هبوب الرياح الشمالية وتُنقي لها الجو للطيران كما تشاء - مذكرة إياها في نفس الوقت بالقانون الجديد الذي تتلاءم فيه مع السمكة من حيث محيط الاستقرار.
نعم فازت النهضة وألبست المؤتمر -بُرنس الحكم- بأيادٍ بريئة في زمن اللابراءة، بعد أن ضمنت سرمدية مطلقة لتلك القرارات التي تنبعث من رئاسة المجلس التأسيسي، وتكّون بذلك المشهد السياسي في تونس بشكل جديد من حيث المعايير والمطارحات السياسية.
وبقدر وضوح هذا الشكل تتوضًّح الأجندة المُستخدمة له، أجندة قد نسميها -افعل ما تُؤمر ‼- لصالح الشعب الذي عبًّر عن رضائه التام بهذه النتيجة غاضين الطرف بالطبع عن تلك الكُتلة المنزوية على مؤلفات ماركس ولينين وستالين تستلهم منها من جديد روح الممارسة السياسية النضالية، لأنها لم تكن لترضى بهذه التركيبة اللامنطقية من حيث البعد الإيديولوجي، مبررة موقفها بأنها لا تأخذ السياسة على محمل الهواية بل على محمل الممارسة الفعلية.
ومن هنا قد نعود قليلا إلى الوراء لرصد هذه الحركات التي تختلف من حيث العقيدة السياسية فمنها من يرى أنه من الأنسب الانطلاق من العقيدة إلى السياسة، والأخرى ترى بأن الممارسة هي التي من شأنها أن تخلُق بعدا عقائديا سياسيا ملموسا يتجاوز المألوف ويُؤسس لبعد شامل وناجح.
ولا يهمنا الآن ماذا ترى كل حركة بقدر اهتمامنا بتلك الحقائق التي تحولت اليوم إلى قضية انفصال، بعد أن كانت قضية مُشتركة; فمنذ حوالي أقل من سنة وخلال حقبة المخلوع ، جمعت حيوط وزارة الداخلية خطوطا شتى، مثّلت الملاذ الوحيد لتوحد توجهات المجموعة السياسية المُتباينة من حيث الأفكار والمتفقة من حيث ضرورة النضال للإطاحة بفرعون البلاد، فقد كتب اليميني شعارات نادت بالصبر وقال -وإن ينصركم الله فلا غالب لكم- وكتب الشيوعي كلمات ماركسية قائلا -الإنسان أثمن رأسمال في الوجود- وأطلق الاشتراكي البعثي عنان سيفه بلا خوف ولا وجل ... التحام كان مشروعا في زمن اللامشروعية، هاهو اليوم يتبّدد ويجعل من ذلك الحائط كتلة حجارة مُتشققة لا تنفع ولا تضر، كنا نحسبها صالحة للبناء إلا أننا اكتشفنا أنها مجرد أوهام في لحظة تعذيب.
اليوم وبعد تآكل كل المبادئ ولمصلحة تونس وكل التونسيين، فإن الواجب الديمقراطي يُحتّم الاقتناع بذلك التوجه الذي أفرزه الشعب دون إلغاء التوجهات الأخرى التي تسعى إلى قلب الصورة في إطار –الديمقراطية- التي وهبها الشارع لمالكيه في لحظة خاطفة وسابقة أسالت دما كثيرا.
ويبقى التحفظ الوحيد حول هذا التمشّي الذي لا يخلو من الأخطاء، في أن صلاحيات -القائم بأعمال الدولة- تبدو صورية نوعا ما بالنظر إلى مكانته المطلوبة اليوم كأحد أهم الركائز الأساسية لبناء -تونس جديدة- و –عقلية- سياسية ديمقراطية جديدة.
ولا نقول هذا الكلام عبطا، بل تُجسده الأحداث التي جرت والتي لا زالت في طور التحديث المُفتعل لغايات في أنفس مالكي الحكم، فالحركة الحاكمة اليوم تريد بسلطتها تسيير الوضع بما يتماشى مع مصالحها السياسية الخارجية الحديثة نوعا ما، فعلاقتها بقطر تأتي في إطار خطة إقناع الشارع التونسي اقتصاديا، حيث ترسم خارطة طريق لطالب الشغل في الجنة الخليجية، وتريد تسويغ فكرة –القضاء على البطالة- بدعوى ثراء القُطر –القطري- نفطيا، وفي نفس الوقت ليُغظ الطرف عن تولي الصهر المقرب من شيخ الحركة، منصبا حساسا في الدولة.
فمن وجهة رأي نخبوية راقية، هناك عودة مُلحة لمشروع القرابة في الحكم، ومشروع التحكم برؤية حزبية ضيقة على حساب آراء الآخرين من الأحزاب، ولعله من الحسنات الثورية التي وُهبت للشعب التونسي اليوم ما تُجسده الأقلام من مواقف في جو من الديمقراطية والحرية التي كانت ضيقة جدا في عهد المخلوع.
يقول روميل – القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم -، من هذا المنطلق نظر علماء السياسة لما يسمى بتفاعل النظام مع المعارضة، ومع الجمهور المحلي والخارجي في إطار ممارسة السلطة، تعيش السلطة التونسية الحاكمة اليوم متاهة كبيرة في أطار هذا التعامل الواسع مع كل هذه الأطراف، فعلى مستوى التعامل مع المعارضة يتقيد النظام منهج – العناد- أو يمكن أن نسميه أيضا – تصفع ... أصفع – والحال أن الصفع من شيم المعارضة إذا ما وجدت اعوجاجا في التسيير، وهنا لا بد على الحكومة أن تُصلح هذا الخلل دون تعميقه.
أما في إطار التعامل مع الجمهور الداخلي للدولة فهي تُواري عنهم خُبث المشاورات داخل المكتب الحكومي الضيق وتخرج عليهم بأسنان ناصعة وبابتسامة عريضة، لتُقنعهم بأنها لا تمتلك تلك العصا السحرية لتُصلح كل شيء، والحال أن المشكلة لا تكمُن في العصا بقدر أنها تكمن في مدى كاريزمية من يستطيع أن يُفعّل البرامج التنموية والنهضوية في شكل سحري وسريع، فإذا ما حاولنا الاستشهاد بالتجارب الثورية السابقة والتي شهدتها المنطقة العربية، فإن -جمال عبد الناصر- مثلا لم تكن لديه عصا سحرية حين أنعش الاقتصاد المصري عقب وأثناء مسكه للحكم في مصر، ولا نبتعد كثيرا بين هذه الأيام فها هي ليبيا الحديثة ثوريا والقريبة جغرافيا تُنعش شعبها بالمُكافـئات احتفاء بالذكرى الأولى لثورتهم، في حين يتقوقع الشعب التونسي -قائد الربيع الثوري العربي- أمام زوايا المجلس التأسيس ينصُب خياما – اعتصامية – بين أشجار الحدائق يقضي فيها الليل البارد ويقتات فيها وجبة –لبالابي- من عند عمي الباجي.
وقد يستوقفني الكثير هنا ليحاولوا إقناعي بان تونس بلد فقير أمام البلدان النفطية الأخرى، إلا أن المشكلة لا تكمن في الفقر، وتونس ليست فقيرة إلى ذلك الحد لكي تعجز عن تنظيم –المقاعد الوظيفية المتداخلة- وعن إحداث نقاط شغل جديدة تستوعب آلام الشباب من العاطلين عن العمل، فالكثير من القطاعات تحتوي ثغرات من شأنها أن تُؤخذ بعين الاعتبار في مسألة التشغيل، ويجب أن لا تنسى الحكومة هنا أن الثورة في تونس قامت بعد أن فاض كأس المواطن المعيشي وبعد أن عجز -النظام السابق- في تلبية حاجياته المُلحة.
من جهة أخرى تبدو مهمة أكثر وترتبط بممارسة الحكومة لصلاحيات حكمها السياسية، فإن البحث عن كيفية إصلاح هذه الأخطاء ليس هو الحل بقدر العمل على احترام آراء الأقلية ممن لم يحالفهم الحظ في مقعد أمامي لتلك الأمسية السياسية المعقولة رغم الشوائب التسييرية التي تحيط بها.
فلم نرى وبكل صراحة ذلك المشهد المتماسك لرجالاتنا السياسية في تونس، الذين كانوا فيما مضى يبيتون جياعا لأكثر من شهر من أجل يوم يبات فيه الشعب شبعانا بالديمقراطية، بل أضحينا نرى بطونا تتصارع حول " أُكلة سياسية دسمة طبقها الأساسي السلطة، الشعب فيها مجرد "نادل" ينتظر " البقشيش ".



#المختار_بن_جديان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام في ليبيا / من عهد -الرجل المريض- إلى عهد -الرجل المي ...
- الولايات المتحدة الشيعية في طريقها إلى خسارة ابرز الولايات
- تونس - من صراعات الاستقلال إلى صراعات الثورة


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المختار بن جديان - تونس / بين ماض صعب وحاضر أصعب // الحكومة كُن ... المرزوقي فيكون