أنفاس الديوان الثاني

أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3655 - 2012 / 3 / 2 - 11:55
المحور: الادب والفن
    

الأعمال الكاملة
الأعمال الشعرية (2)


د. أفنان القاسم


أنفاس


SOUFFLES



شاعر شيوعي قديم يشرب كأس بيرة في بار الفردوس


الديوان الثاني


قصائد أولى


شعر أخضر وأسود وأحمر



إلى مهند القاسم
طبيب الدماثة والأخلاق والانفتاح على العبادة



أجوبة

الهوى ما الهوى إن لم يكن هواك؟
النار ما النار إن لم تكن نارك؟
الكلم ما الكلم إن لم يكن كلمك؟

القلب ما القلب إن لك يكن قلبك؟
الروح ما الروح إن لم تكن روحك؟
الجسد ما الجسد إن لم يكن جسدك؟

الجموح ما الجموح إن لم يكن جموحك؟
القدرة ما القدرة إن لم تكن قدرتك؟
الصراخ ما الصراخ إن لم يكن صراخك؟

القيد ما القيد إن لم يكن قيدك؟
السوط ما السوط إن لم يكن سوطك؟
النِير ما النِير إن لم يكن نِيرك؟

الهذيان ما الهذيان إن لم يكن هذيانك؟
السعار ما السعار إن لم يكن سعارك؟
الفناء ما الفناء إن لم يكن فناءك؟

القِدح ما القِدح إن لم يكن قِدحك؟
الملاذ ما الملاذ إن لم يكن ملاذك؟
المطلق ما المطلق إن لم يكن مطلقك؟

هل أحب الغير وأنت الحب كله؟
هل أدحر الجند وأنت الدحر كله؟
هل أداوي القلب وأنت الداء كله؟

هل أرصّع القمر وأنت الماس كله؟
هل أضرم الشمس وأنت الضرام كله؟
هل أُعلي القمم وأنت العلى كله؟

هل أناغي الورد وأنت الحدائق كلها؟
هل أراسل البرق وأنت العناوين كلها؟
هل أسكن النار وأنت الحرائق كلها؟














لعنة المحبين

يا مليك القلب أحبك
اسأل الشرق يقل لك كم هو غرامي
واسأل الغرب يقل لك إن للقلوب ملوكًا مضت
وأنت تاج لا يبلى
وسيف في دمي لا يبالي

يا لهيب النفس أحبك
اسأل النار تقل لك كم هو ضرامي
واسأل الجنان تقل لك إن للنفوس هوى غير ما للعقل
من سويّ الرؤى
وجمر الجراح في رماد الليالي

يا أنين الجسد أحبك
اسأل الكون يقل لك كم هو عذابي
واسأل الله يقل لك إن للأجساد ظلالاً يمكن لمسها
ويمكن ضمها
عندما تعجز الأمواج عن بلوغ كل ما في البحر من أماني

وإذا ما أعطيت غيرك للندى
فلكي أبقى للعطر وفيا

وإذا ما حلقت على جناح المدى
فلكي أترك من بعدك للفضاء بقية

وإذا ما جنيت وردًا لك من حدائق الأسى
فلكي يكون دمعي ماء المزهرية

ولكنّ الهوى يبقى لعنةً للمحبين
عندما لا يبقى أحد من المجانين غيرهم

ولكنّ الجنون يبقى منةً للعاشقين
عندما لا يبقى أحد من المغامرين غيرهم

ولكنّ المغامرة تبقى الأخيرةَ قبل موتنا
عندما لا يبقى غير الموت بعد صراع القلوب

فإن يكون الموت فليكن
وإن يكون العدم فليكن
وإن تكون النهاية فلتكن
نهاية اللعنة بداية لغيرنا









الأيام

حبيبي...
كيف ضاعت أيامنا؟
ماذا أقول بعدما ضاعت أيامنا
يا حبيبي؟
هل تقول الأيام عنا
ما لم تقله
يا حبيبي؟
لن تقول الأيام عنا ما أقول
أحلامنا بالأمس حارت يوم قالت
لا أقول
وصبانا...
ذاك الصبا المجنون كيف استقى منا
وصالاً وخيالا؟
وكيف راحت شمعة فينا
تشكو الذبالا
يوم أطفأتنا الأيام لتلقي بنا في ليل الضياع
بقسوةٍ
لم تُخْفَ فيها ضروب الخداع؟
تَنَشَّقَتْ من فؤادينا أريج الروح
ثم تَرَكَتْنَا
إلى غير ما تشاء الأقدار
بعد أن هَجَرَتْنَا

* * *

ويترقرق الدمع
ويدق القلب دقات الأنين
وأتحرقُ شوقًا إليك
فيحلق بي طائر الحنين
وأصرخ لا
ليست هذه هي الحقيقة
ليس هذا جوهر السنين
وأنا لن أموت غريقة
في بحار اليأس
المستكين
لن يعود الأمس
والأمسُ كحطامِ الدنيا
يفنى ولا يبقى بعد حين
لكني غدًا
بل قبل أن يأتي غدي
سأنادي بصوتي الحزين
يا حبيبي
غداً سأمضي إلى حيث طيفك معًا والراحلين

* * *

وردُ الهوى كيف اقتطفناهُ
والهوى مُلْكُ الفؤادِ المعذّبِ؟
كنتَ لي بالأمسِ حُلمًا ضائعا
كيف كان الحِلمُ في الصدرِ المكذّبِ؟
لن تكون غير ما كنت لي
ابنَ هذا الدهرِ المتقلبِ

* * *

كيف كان الحِلم في صدرك يوم هبتك الأيام حُلمًا
تختفي فيه الصور؟
فأنت وقلب موجع لم تبرحا
مكانًا يموج وأمواج القدر

* * *

لم يراودني الشك إلا بعدما هجرتني
رباه... كيف هجرتني
أنت والأيامُ والدنيا معا؟!
ظننت أني أموتُ
ولكني لن أموتَ
سأبقى متوجعة
سأبقى أشدو شدوًا حزينًا متقطعا

* * *

يا حبيبي
أنت وحدك لي
أنت أيامي الماضية
أنت أمسي في غدي
أنت لياليّ الباغية
أنت السهاد وقمر الموت
وأنا العين العاصية

* * *

أصلي لعصياني
وأَبَقِي في صلاتي
وأنادي وأنادي
وصراخي يا حياتي
يعيد إلى ذكرايا
حكايتي... دنيايا
فأحيا وأموت وأحيا
أمنياتي وهوايا
أوهام حبي

* * *

ومددت يدي إلى القمر
ومن جديلته اقتطفت ذكرى
فرقصت في يدي أحلاها
على نغمة سكرى
سالت من حناياك إلى حنايا
في حنايايا
وملأت مآقي الحب عبرة

* * *

امتدت في عينيك بحارٌ مخرتها
وطفوت في عينيك كما يطفو الغريقُ المستسلمُ
وظننت أني أرى بين أعطاف الهوى
ما يراه الخِلُّ المتألمُ
لم تكن للظنونِ ظنونٌ تعميني بنارٍ نونها لاهبة
كانت للظنونِ أمواجٌ يدركها المركبُ المحطمُ
تارة تعلو به صاخبة
وتارة تهبط به اللُّجَّةَ كالقدرِ المدمرِ لاهية
أيها القلبُ المتيمُ
ما الظنون
والظنونُ فنونُ الموتِ
احتفالُ الموتِ
بجنازةِ الهوى وأقواسِ اللهيبِ؟
أيها القدرُ الأهوجُ
ما الظنون
والظنونُ فنونُ ما لا تشاء
ما لا تسمعه عند كل نداء
وأتقنُ الفنونِ
فنونُ حبيبي؟

* * *

وعدوت... وعدوت...
كنت أعدو صوبَهُ
صوب ظلالِهِ
مجنونةٌ تعدو صوبَهُ
صوب خيالِهِ
كيف لا أعدو إليهِ
وعنده...
ألقي عليهِ
حسراتي
لهفاتي
أطلق آهات عمري
أبذل بين يديهِ
رعشاتي
هِزاتي؟

* * *

وتباطأتُ... وتباطأتُ...
دق قلبي دقةً دقة
وأنا أخطو
خطوةً خطوة
ثم خضعت لجحيمي
جحيمي أنا فضائلٌ وخطايا
نارُ الغدرِ
عذابُ الهجرِ
بقايا الحبِ
حكايا
تُمزقُ قلبي
أين أنت... يا أنت أين؟
أجثو وأزحف في الضباب
أبحث عنك يا حبيبُ
بينما أنت السراب!

* * *

هل تناجت نفسانا في الزمن القريبْ؟
هل كان لي كباقي البناتِ الشهبِ
أسمرُ الوجهِ فاتنٌ
يدعوه قلبي بالحبيب؟
تساؤلاتٌ تدفقت
يا قلب ما هذا النحيب؟
عويلُ فصلٍ غامضٍ يعتو بأهداب الغريب
آهات شوقي
نيران شوقي
نشيج أغنيةٍ حزينةٍ أنطقت ثغر العندليب

* * *

أهذه هي شكواي مارقة في الليلِ
كالكوكب اليتيم؟
أهذه هي دفقة من مقلتيّ على مركب الليل تهيم؟

* * *

يا ليتنا ما كنا يومًا في وادي الليلِ
ذينك النجمين
أحقًا أنا وأنت والهفتي
كنا عاشقين؟

* * *

يا ليل الجوى ضاق الزمان
وماتت ابنة الألحان
على شفة الفرح
وتدفق سيلٌ في البهيم
واشتعلت تساؤلاتٌ في الحريق
حريق ما بين الضلوع
وما بين ماضي الورد السعيد وحاضر الورد السقيم
رباه... أهذه هي نهايات الشموع
بعد ليلة طويلة
ورياح لم تعد طليلة؟
أهذه هي صراعات الدروع
بعد ليلة ظليلة
وأقمار لم تعد جميلة؟

* * *

يا ظالمي كيف تنبو عناق الأمس والقبل
وحياة من أعمارنا ما كان يومًا مرمى لها
كاذب الأمل؟

* * *

ظلمك من ظلم الأيام
يا حبيبي
دمرنا ظلم الأيام
هجرك من هجر الأيام
يا حبيبي
فرقنا هجر الأيام
وهمك من وهم الأيام
يا حبيبي
خربنا وهم الأيام

* * *

سأجفف الدمع ولن أبكي
لعذاب الجرح حد أخير
سأدنس القلوبَ
كيلا تهوى القلوبُ كما تشاء لها الرياح
وكيلا تكونَ الرياحُ قدرًا يسير

* * *

أنا لن أناديك حبيبًا
يا حبيبي
أنا لن أعانقك حبيبًا
في خيالي
يا حبيبي
أنا لن أحلم بالقمر بيتًا
لنا
يا حبيبي

* * *

سأقطع الأمس من سرة الأيام
والغد من ساعد الرحيل
سأجعل مني الحاضر على الدوام
وأعبر طريقي الطويل
وإذا ما شدني إليك شوقٌ أو حنين
أنا لن أبتهل إليك
أنا لن ألين!

* كتبت هذه القصيدة في صيغتها الأولى لأم كلثوم، ونشرت مجلة المصور المصرية مقاطع منها في صيف 1966.








الخطيئة

أقاتل وحدي جند أوهامي
فما أبعد الحب عما في القلب من أحلامِ
فتك الحب بقلبي
وتركني عند حافة الكون أفنى في حضرة الغيابِ
لا أسرار في قلبي
القلب سر الأسرارِ
للقلب سلطة العاشقينَ في التعالي
وفي الانهيارِ
كانت لنا قوة الأقدار عند لهونا
وعند ذرف الدمع دون خلانِ
قلنا للخطيئة نحن الغفرانُ
وقلنا للغفرانِ نحن خطيئة الغزلانِ
شاءت لنا الأقمار ما لا تشاء لغيرنا
فتمادينا في الغَيِّ ومتعةِ الآثامِ
قلنا لغيرنا توبوا عن الحبِ
توبة الحب أحلى الخطيئة في الإسلامِ
سنغني في الليل أغنية البتول لقاضي الهوى
كي يحكم علينا بالجنون وبالمعاصي
أين أنتَ من الوهم يا وهم الردى
أحلى الردى لمن كان للردى صعب المراسِ
الحب ما أهلك سوى قلبٍ هو قلبي
وقلبي ليس قلبًا غير قلبٍ سادرٍ في السراء والضراءِ
أللشقاء تُرتكب المعاصي في بلاد الطيرِ
أم للشفاءِ
عِلَلٌ أداويها برجسٍ
فأي عِلَلٍ للسقام أداوي
منيت نفسي بالعذاب والعذاب نفسي
نفسُ غدرٍ لا يريبها الداءُ بَلِ الْمُداوي
يا ربة الشرك اشرأبي
فقلبي اليوم مكلومٌ يشرب المؤمنون أحمره من دناني
يا حبيبة الرب انزلي من سماء الكونِ
إلى أرض جناني
يا شوق الخطيئةِ غيبي في غياهب الليلِ
فالليل خير مخبأ لنهاري
يا جرم الحقيقةِ
الحب الحرام ترويه من دمعها المآقي
أدندن للحبيب من ألحان الليل أحلاها
وأصنع من حرير القمر وشاحًا لليالي
يا للسماء كم أشرقتْ في الأعالي شموسٌ
وشمسي ظَلَّ ظلامها لا يبالي
أخافَ العشقُ طفلَ قلبي فتغطى بالندى
وكان الندى لقلبي كالقيد ليدي
الحب كربٌ من آسه يحيا ابتسامي على ثغر الخطأ
والخطأ منه الخطيئة بيضاء في سواد الزمنِ
حبيبي أنا
أنت يا عمري
أنت الخطيئة والخطأ

عانقيني

عانقيني قبل أن يعانق الصيف قمح الحقول
وترتعش الشمس خَدَرًا ودمارا

عانقيني قبل أن يعانق النحل لَقاح الورود
ويتحول الشهد تجددًا واندثارا

عانقيني قبل أن يعانق القمر ليل الخلود
ويعوي الذئب عشقًا واندحارا

على فمي اعقدي شفتيكِ
وعلى صدري فكي جرحكِ
وعلى كياني افردي شبقكِ

بين ذراعينا الموت أحلى موت
هل يحلو الموت لولا فاكهة القبلات؟

بين قلبينا النبض أعلى نبض
هل يعلو النبض لولا نيران اللذات؟

بين جحيمينا اللعنة أسمى لعنة
هل تسمو اللعنة لولا حنان الربات؟

على فمي دَنْمِتي شفتيكِ
وعلى صدري فجري جرحكِ
وعلى كياني دمري شبقكِ

عانقيني بعد أن يعانق العشاق الشموس
ويبقى الليل لنا وحدنا

عانقيني بعد أن يعانق القتلى موسى الوجود
ويحيا البشر من عَبَقِ دمنا

عانقيني بعد أن يعانق النرجسيون أنفسهم في المرايا
ويتركونا خارجها بعيدًا عن سوانا















وداعًا

هذه الطريقُ... أتذكرين؟
وهبّت في عينيك عاصفةُ الحنين
وتلويتِ من الألم الدفين
وقلتِ لطائرٍ جاء ينشج ما بيننا
إني إذكاء السنين
وَجْدًا يذل العاشقين!
وجلستِ على حافة الرصيف
تهمهمين وتذرفين
أحر دموع التائبين
وشكوتِ عنادي واختيال القمر العنين
وقلتِ لأفعى جاءت تضحك ما بيننا
إني إجراء المعذبين
قلبًا من حجر وطين!
وسألتِني صَفْحًا بعدما
جار الزمان على المغرمين
هل كنا نصير إلى هذا الهوانِ
مع الخاضعين؟
وقلتِ لغزالٍ جاء يرقص ما بيننا
إني نبيٌّ الحاقدين
إلى أعتى القلوب من الصائدين!
وبكيتِ دون أن ألين
ودفنتِ رأسك بين ضلعين من أضلعي
وتركتِ نفسك في بحاري تغرقين
هذه الطريق بنيناها
من آهات كفي اليمين
ثم تأتين وتقولين
إني أحبكَ
وبعد حين
ترتدين درع المحاربين
هل تدركين؟
ضلعي مسكونٌ بالأنين
هل تفهمين؟
ثغري مرجومٌ بالحرف الحزين
هل تذكرين؟
يوم حفرتِ القبر تحت سلسلة القمر البنيّ

* * *

وتساقطت على الدنيا أقمار الهائمين
وتباعدت في الصدر فكرة الليل اللعين
وتواجدت في الوداع جراح التائهين
أنت التي لا تدركين
أنت التي لا تفهمين
أنت التي لا تذكرين
ومضينا كل في طريق
وعبرنا إلى حيث لا نريد
ودون أن تكونَ رغبتنا
كنا دليلَ الراحلين

بُرهة

على الطريقِ
خلونا إلى أنفسنا
بُرهةً
ثم عبرنا
والطريق تبكي علينا
بعد أن التقينا
بُرهةً
في الفضاء المفتوحِ
تحت سمائنا
بُرهةً
كانت أزماننا
أذهبت كل قوانا
ولم نعد نحن
بُرهةً
كان موتنا
فسقط نجم على الطريق
واستلقى النجم في تابوتنا
بُرهةً
ونحن لم نعد نحن
ونحن لم نعد غيرنا
كنا قد عبرنا
ومضينا...

على الرصيفِ
جلسنا نأخذ القهوة
بُرهةً
ثم رأينا
عصفورًا جاء يغني لنا
بعد أن ابتسمنا
بُرهةً
في الشعاع المذهب
بدموعنا
بُرهةً
فروت الدموع كل أيامنا
ولم نعد للبنفسجِ
نحلتي العشق
بُرهةً
كان قدرنا
فالتهب الماس الأسود
في موقدٍ للخزامى
بُرهةً
ونحن لم نكن نحن
ونحن لم نكن غيرنا
كنا قد اشتعلنا
واحترقنا

على الحريقِ
بنينا بيت الهوى
بُرهةً
ثم هدمنا
أعشاش العناق لغيرنا
بعد أن انتقمنا
بُرهةً
من كل خصومنا
في الحب
بُرهةً
دامت عهودًا من القبلات
والأحلام
أوجزت
بُرهةً
لنا
لم نشأ لها نهاية
كانت الزمان
وما لنا
في الزمان
واللوزُ وقد غدا
بُرهةً
والسكرُ والحنان
ونحن لم نعرف من نحن
ونحن لم نعرف من هم غيرنا
كنا قد أزهرنا
وكنا
زهورًا للنار





























شَق

ولكني أحبك...
نحن كنا رعشة الشفة على منقار
فرخي نُحامٍ عششا
وردتي جور
قطرتي عطور
باقتي أنجم وأقمار
على ساق داليتي شَقٌ
أسال
كافور دم
أطنان انتظار

ولكني أكرهك...
نحن كنا حقد الصنوبر على الثلج
مِخلبيْ عقربٍ برزا
تفاحتين سوداوين
سهمين هنديين
حِزاميْ رصاصٍ ومكمنين في برج
على ساق تمثالِي شَقٌ
لجّ
به الجوع إلى النحت
إلى الولوج

ولكني لا أحبك ولا أكرهك...
نحن كنا جزيرة للعيش معا
انتظار الآخرين
زوجيْ حمامٍ اجتمعا
شجرتيْ جوزِ هندٍ
خصريْ راقصتين من هاواي
استعارتين للطوباوي ماريفو
ولهذه الأنفاس
على خشبة المسرح شَقٌ
انشقت عنه الجزيرة
وعن الجزيرةِ
انشق الناس















احرقي

تحجر الليلكُ
قرب قمري
فاصعدي سلم النجمات
واغضبي
عسى غضبك الشديد أن يكون هناك
إزميلاً لأشعاري

دقت
ساعة انتحاري
فلتصرخي
ولتحفري الأفلاك
ولتتركي
أصابعك تمزقها الأشواك
عسى دم أصابعك أن يكون هناك
جمرًا لناري

احرقي قلب يافا
احترقي وقلبها
بالنار يرتوي البعاد
بالنار نطفئ الظمأ
ونعيد جَبْلَ الرماد
عسى رماد النار أن يكون هناك
جبلاً لأسراري

لا سر للنارِ
بعد أن ترقى الجبل
قدمُ الشوق
في حذاء الليل
عسى الليل الساجي أن يكون هناك
أشرعةً للإبحارِ














ترانيم

في
لهونا
برقٌ
فلّ
قلبي
كالحجر

ظَمَأُنَا
يا
قلبي
لن
يرويه
المطر

كَحِّلِي
عينيك
لا...
لا...
ارمشي
يشدو
القمر

في
شبقنا
شوقٌ
هزّ
نفسي
كالوتر

وَلَهُنَا
يا
نفسي
لن
تلهيه
الصور

طرّي
خديك
لا...
لا...
اسرحي
يدنو
السَّحر

في
لا
اكتراثنا
شجنٌ
سملَ
عَيْني
كالقدر

تَرَحُنا
يا
عَيْني
لا
تنفع
فيه
العبر

لوّني
شفتيك
لا...
لا...
قَبّلي
يحلو
السمر

























فيديريكو

قصائدي الأندلسية...
تنشدها على غيتار
فيديريكو غارثيا لوركا
وعلى شفة الحب تطبع قبلة
قبلة من نار
فيديريكو غارثيا لوركا
في عرسك الدمويّ
الجنونيّ
فيديريكو... يا صديقي
تقتلك الأشعار!

لنشعل الأحطاب
حمال الأحطاب الغجريّ
يُبكيه نشيدك الأسود
ومن دمعه يُسقى الغيتار!

أيها اللحن الذي فيه يُعَتِّقُ ليلي
نبيذ النهار
أيها اللحن الذي منه تكتسي غابتي
بأخضر الأندلس وأزرق البحار!

على الأعراف تلمع حروف الدم
من أجل قصيدة أخيرة
تنشدها فيديريكو
وعلى الوسائد تنسكب قوارير العطر
لأجل قبلة أخيرة
من حبيبتك الأخيرة
ترثوها فيديريكو
وعلى الأرصفة تسقط كل القامات التي تخونك
من أجل ألا يكون الغضب أخيرا
غضب غيتارك فيديريكو

















أنامل

ماذا جرى...
بعدما
مرت على عنقي بأناملها
للورى؟
جمدتِ الأطيارُ
والأشجارُ
والجباهُ غدت حيرى

ماذا جرى...
بعدما
مرت على صدري بأناملها
للذُّرى؟
انهارتِ الجبالُ
والجدرانُ
والظلالُ غدت جَوْرا

ماذا جرى...
بعدما
مرت على ظلي بأناملها
للكرى؟
ماجتِ البحارُ
والعشاقُ
والأقواسُ غدت سَمرا
* * *

انطفأت الأقواس بين أناملك قبل أن تقولي للهوى
لا شيء يبقى
وغدا للحياة طعم التوت المر
ولا شيء ((يحلى))
وجمدت الطيور تحت غرة الشمس
وهي في الأجواء أعلى

لن يكون الكون شيئًا آخر غير ما أرى
من معارك القلوب
ولن يكون في العقل أكثر من شعاعٍ للرؤى
بعد أن تنطفئ العيون
ستدفن الثغور قبلة القبلات عند بلوغ المنتهى
كل شيء بأمر أناملك يزول

* * *

أناملك الناعمة اليوم هي غير ما كانت عليه
وما كان بأمرها يصير

أناملك اليوم فعلٌ مضمرٌ يتحرك بين أفعالٍ أخرى
تصرخ وتدير
محرك السنين

أناملك اليوم تعبر الفضاء إلى القلوب
وتجمعها قرب شفة تصيح
وأخرى لا تعرف غير القبل
في قاربٍ على النيل

* * *

ماذا جرى...
بعدما
مرت على عنقي بأناملها
للهوى؟
أُولِعَتِ الأفكارُ
والنيرانُ
والنفوسُ غدت أثرى

ماذا جرى...
بعدما
مرت على صدري بأناملها
للدُّجى؟
أضاءت الأقمارُ
والأعمارُ
والحياةُ غدت أخرى

ماذا جرى...
بعدما
مرت على ظلي بأناملها
للدُّمى؟
كبر الأطفالُ
والآمالُ
والأصيافُ غدت تبرا

















عندما تحب باريس

1
قبلُ

الكلبةُ
تعوي
تعض كتفي!
لذة النابِ
تجتاحُ
كبدي!
على نافذة محرمة
برقوقة
تفتك بدمي!

2
بعدُ

أدري
مزقت باريس
كتفي
وتركت باريس
الأنفاليد
يبكي
موتنا الآتي
عند قدم إيفل
في البقعة الدكناء
ضل سعيي!

3
وبعدُ

وتهنا
على زندي قبرات أشعاري
حكايا باريس وقدم
ومَشلح
وحلمٌ لنابليونَ غجري















وحدي

كنت أظنُّ
أنني وحدي الحبيب
وأنني ما كنت يومًا
سوارًا حول رسغ الموت
شاحب الوجه
دامع العين
أثرى العشاق حزنًا ونحيب

كنت أظنُّ
أنني وحدي الغريب
وأنني للزنابق الأخ الأخير
وللأقمار الذئب الصغير
وللأطيار مخلبٌ من ذهب
ضاع على طريق اليمن السعيد

كنت أظنُّ
أنني وحدي القريب
وأنني نار النعيم
المستديم
وعندما تريدين مني أن أكون
ثلج الجحيم
وشمس منتصف الليل
السقيم
أكونُ
لئلا يكون غيري العليل

كنت أظنُ
أنني وحدي السليب
وأنني البحر عندما
لا تعوم الأجساد فيه
أو القمر عندما
لا تصعد الأقدام على السلالم إليه
أو البرتقال عندما
لا يبكي عليّ

كنت أظنُ
أنني وحدي الوحيد
وأنني في الليل نار الليل
لكل نجم ضائع في بحار السديم
وفي النهار ماس الشمس
لكل سنبلة من لبنان تبحث عن عشيق
يا نيران الليل تعالي ويا شموس
نحن الوجود
وأحلام السنونو
فما الطريدة إلا الطريد
وما الطريد إلا طريدة النفس والقدر الفريد



بين غدٍ والآن

الطائر يشدو
وأنا في الليل أعدو
إلى بيتٍ يقوم ما وراء الأماني
البديلة
كالمهرة أعدو
الحافر حذائي
وحذائي يعدو
والقدم في الحذاء انفصلت عني
في سباق لها مع الورود
القتيلة
ألف آهة
فجرت ألف قبلة
وأنا في الليل أعدو
بين غدٍ والآنَ أعدو
في الدم والورد
أعدو
في النار والبارود
أعدو
وجدائلي الذليلة
تجذبني
إلى نهار الرذيلة
كيلا أعدو

الذئب يعوي
وأنا في الليل أعوي
من مخاضٍ أوجاعه
شديدة
كالهالكة اللعينة أعوي
الفم مهبلي
ومهبلي يروي
والروي عن وليد مشوه
سيجيء في لحظة من لحظات الزمان
الأخيرة
ألف لحظة
فتحت للذئاب أبواب ألف مدينة
وأنا في الليل أعوي
بين غدٍ والآن أعوي
في المسخ والماس
أعوي
في التجولِ الذهنيِّ وعدمِ الاتساق
أعوي
ويد الوليد الصغيرة
تضغظ على فمي
بقوة شيطانية
كيلا أعوي




نار ودموع

صُبي النار كالماء
واطفئي حريق التوت
تمرد الحبُّ
فاشتعلت الحدائق
وقطف العشاق جُمان الدموع
من أجل أقراطٍ لكليوباترا
ترأف بالقلوب
وتحبو عليها

صُبي النار كالماء
واسقي تفاح الخدود
هرب الحبيب
فهامت الذئاب بالقمر
وألقت بنفسها في بحيرة
منعتها عنها الحدود
منذ زمنٍ بعيدٍ منعتها
وبِهِستيريّة
بكت البنات عليها

صبي النار كالماء
وذهّبي فساتين الضوء
جاء الليل بحبيبي
عاريا
فارتديتُ ثوب الجنون
من أجله
أنا المجنون
بعراء القمر
وأجساد النجوم
أنا الملعون من أجلها
بثديٍ أغطيهِ بلثمٍ يجعلُ الشفاهَ تحارُ في أمرها
وبتوتِ الحيرةِ أجرحُهَا

















دم وزيتون

الدم أخضر
والزيتون أحمر
والليل أزرق
في لوحةِ النارِ

رفاقي العاشقونَ
جنودُ الحبِ
عشقى الأرضِ والدارِ

رفعوا على أكفهم السماءَ
وأوقدوا غابة النجومِ
عند ضفافِ نهرٍ لا يسيرُ معَ التيارِ

جعلوا الماس أحمرَ
والأحمرَ أخضرَ وأسودَ
عندما يغدو السوادُ أبيضَ من نهدٍ أسكندنافي

قالوا للسقاة لن تسكبوا أحمر الكرمِ
وفي كؤوسكم يسري ذل الخمرِ
وعظمة العارِ

وللجنرالات قالوا
لن تحرقوا بخور النصر
ولن ترقصوا في الغاباتِ
رقص الغابِ
وأشعارنا اليوم خبزٌ وملحٌ ودمٌ
وزيتونُ جبلٍ
لم يكن سحرًا
وكان سحرُهُ علينا سحرَ الجَمَالِ
وقَبْسًا من نارِ



















منجل

(1)

حصدتُ الفجرَ
فتفجر
ذهبُ الشمسِ
أزرقَ أخضر
ودق على بابِ الشمسِ
ماردٌ
أبيضُ القلبِ
أسودُ العينِ
أسمر
مادت الأرضُ
وماج البحرُ
وتنادى الدرُّ
إلا ما ندر
للظلالِ
أجسادٌ تعانقت دونها
تحت ثوبِ الليلِ
وشال القمر
أيا قلبي تعالى الدقُّ
النارنج يشكو ظلم السكر
والبلوط ينوح على بيتٍ
خشبه أحمر
والغار يرمي إلى هزيمةٍ
للمنجلِ كانت
نباحَ القيدِ
وسِرَّهُ الأكبر
لن يبكي القمح على صدر الصيفِ
فلا دموع للذهب الأصفر
ولن يقول الزمانُ للمنجلِ على بابِ الخريفِ وداعًا
المنجلُ تاجٌ للزمانِ دونَهُ
لن تكون الدنيا مملكةً
ولا الشمسُ صعوداً وسحر

(2)

أيها الحلم الذي كان عظيما
كن حقولا
كن سنابل
ولا تكن للناس دينا

عاهَدَتْكَ البزات الملوثة
على أن تبقى لك وفية
فكن للعهد أمينا

حاذر القلم والفرجار
وكلَّ ظلامٍ ثريٍّ
وظلمًا يطيح بك على قدم المندلينا

الصحراء بيضاء لأن الرملَ ثلجٌ
يثور إذا ما ثرت
على عسف الزنابق في ممالك ليالينا

الذهب يبكي من حبه لك
والقبضاتُ الحديديةُ تفل الحديد حدبًا على الذهبِ
قبل أن يغدو عناقًا وحنينا


































قبلة

برقَ الحبُّ في ثغري
ودقت في النار القُبَل

اصطخب الموج في نهري
وغرقت مراكب الأمل

اليأسُ ربُّ العناقِ
عندما يتهاوى الجبل

والهلاكُ غايةُ الميلادِ
في الهلاكِ ينأى الخطل

لا تاريخ للقُبلة في التاريخِ
التاريخُ قُبلةُ القبل

كلُّ الجسدِ قِبلةُ القُبلِ
الصلاةُ من جهاتِهِ الأربعِ لا تَمَلّ

القبلةُ الكاذبةُ كلُّ القبلاتِ
والقبلةُ الصادقةُ أعتى العلل

القبلةُ من شفاه الورد نصفُ القبلةِ
والقبلةُ من شفاه الأفاعي كمالُ القبل

القبلةُ العذراءُ قبلةُ عدمِ المعرفةِ اللذيذةِ
ومن المرأةِ المجربةِ اختصارُ كلِّ المعارفِ المدمرةِ القادمةِ من أقاصي الهند إلى أقاصي اليمن

أيا قبلةَ الشقراءِ أنت غيرُكِ للسمراءِ
ولكنكِ للشعراء المتشردين المجانين منهم والصعاليك واحدةٌ عند حلول الأجل



















جورج برنارد شو

ارتديتُ ثوب الطائر
لأبني الأعشاش
وارتديتُ ثوب القمر
لأنام في أحضان المساء

ارتديتُ ثوب التفاح
لأفهم المرأة في دبلن
وارتديتُ ثوب القهوة
لأدرس الوقت في حفنة بن

ارتديتُ ثوب الدب
لأهاجم استغلال الثلج
وارتديتُ ثوب الأرنب
لأقضم الجزرة عاليًا من فوق سرج

ارتديتُ ثوب الحصان
لأعدو صوب بابل
وارتديتُ ثوب الغراب
لأرفض نقود نوبل

ارتديتُ ثوب الأنا
لأسخر من الذات
وارتديتُ ثوب الغير
لتعشقني البنات

ارتديتُ ثوب يافا
ليمزقني الرصاص
وارتديتُ ثوب نيويورك
لأسقط في العراق

ارتديتُ ثوب الحرية
لأشرب من ماء النيل
وارتديتُ ثوب الحمام
لأحقق المستحيل










أوراق

مزقنا النار في كانون
وفي كانون
كتبنا على النار قصائدنا
وعوينا
والسنون معنا
عواء الألفاظ والنفوس
وعلونا
على صفحات الوجود
شررا
واحترقنا
وعدونا
عدو النار في السطور
وامتددنا
آلاف الكيلومترات امتددنا
على ثديٍ من لهبٍ وصفهُ هوميروسُ في أوديساهُ بالخجول
ثديٌ تركَ أوديبَ يجري لاهثًا كالحافر
في مرآة رامبو
من ورائنا
حائرًا كالمبني للمجهول
وفي المرآة
أطلق فيرلين النار على القصائد
وعلينا
وعلى العيون
المحدقة في ينابيع الجمر الحارق
فقتل المتنبي وشكسبير وخليل حاوي ومالرو
وأبا حيان
وابن سينا
وطاغور
وجعل من أبراهام لنكولن الحجر الأساس لإرساء دعائم
حروف العلة وقوانين الألون في الحبشة
وفي أرتيريا
وفي مكسيكو
وفي بلاد لا اسم لها
سميناها ماس النار
وكتبنا اسمها بدمنا
على براكين الصمت في البيرو
وبالهاوِن
سحقنا
السكرَ بودرةً
والملحَ أنينا
للحلماتِ المجبولةِ بالنارِ والبرقِ القادم
...........
...........





موقد

نارٌ ورمادٌ
وأحطابٌ
قبل أن تغدو نارًا
ورمادًا
وقدرا

صمتٌ وضجيجٌ مصمٌّ
وخلجاتٌ
قبل أن تغدو شعرًا
وشعارًا
وبشرا

خيالٌ وخيّالٌ
وكتابٌ
قبل أن يغدو قمرًا
وليلاً دامسًا
وذكرى

زوجٌ وجمرٌ
وارتيابٌ
قبل أن يغدو مرضًا
وقلقًا
وحيرة

ثديٌ وبطنٌ
وغارٌ
قبل أن يغدو قدمًا
ومرمى
وكرة

سارتر وسيمون دو بوفوار
ولباسٌ للتنكر
قبل أن يغدو امرأةً
ومانيكان
وقلم حمرة














برتراند راسل

في لندن قالت بنات الليل
نحن الأزقة المعتمة
الضباب أبونا
وأمنا كل ما تخفيه الأزمنة

في لندن قالت أميرات بكنغهام
نحن الخواتم المرصعة
الماس حلماتنا
وسراتنا قصصٌ للأقلام المقنّعة

في لندن قالت حمامات الهايد بارك
نحن المنطق للعشب
النقد حلمنا
وجوهرنا واحدٌ في الكره وفي الحب

سألَتْ عنك الريح
ونحن على أبواب الحرب القادمة
وسألت عنك مفاعيل الموت
ونحن ننام في حضن الكارثة
وسألَتْ عنك الكتب
ونحن نكرس الأفكار الغامضة

سألَتْ عنك امرأة ضائعة في التاريخ
لم تكن دورا ولا باتريسيا
امرأة غامضة الملامح
غامضة الهوية
غامضة النسب
امرأة من عندنا
غامضة من قمة الرأس حتى أخمص القدم
غامضة في رأسها
غامضة في قلبها
غامضة في كونها
غامضة في كل شيء
وكل ما حولها غامض
ككيانٍ من الغجر

سألَتْ عنك المدن التي نَسَيْتَهَا
ولم تنسك أزقتها
الدم في أزقتها لم ينسك
القيء في أزقتها لم ينسك
الطمي في أزقتها لم ينسك
ولم ينسك عناق الموت فيها

في لندن قالت بنات الليل
نحن اللحظات الفائتة
برتراند راسل أبونا
وأمنا شهرزاد الغاضبة

في لندن قالت أميرات بكنغهام
نحن النظريات البائدة
التحليل الطبيعي أثداؤنا
وأفخاذنا دراسات الأديان السابقة واللاحقة

في لندن قالت حمامات الهايد بارك
نحن ساحرات القاهرة
الكتب الزرقاء عوالمنا
وزبائننا كل الأمم





























راحلة

إلى أين الرحيل
وقد جاءتك كل المدن؟

...................
...................

قالت الأقمار نحن المراكب
ولكن أين البِحار؟

قالت الشموس نحن الموانئ
ولكن أين الرِمال؟

قالت الأحجار نحن المنازل
ولكن أين الظِلال؟

* * *

إلى أين اللجوء
وقد أدخلتك كل البيوت؟

...................
...................

قالت الأشجار نحن الحدائق
ولكن أين الرُّمان؟

قالت النيران نحن الحرائق
ولكن أين العُشاق؟

قالت الخمور نحن المجالس
ولكن أين السُّمَّار؟

* * *

إلى أين التوجه
وقد غدت لك كل الجهات واحدة؟

....................
....................

قالت الجدران نحن الأماكن
ولكن أين الأزمان؟

قالت الأصفاد نحن المدائن
ولكن أين السجان؟

قالت الأوتار نحن الحقائق
ولكن أين الألحان؟

* * *

أيتها الراحلة في الأغاني
بساطة الكلمات ليست البساطة
ليست أطياف الراقصات في كباريهات المدينة
والإيقاع ليس متعة العيش على أكف الغيم
بين نجوم المندلينا
ليس الناي هو الحاجة إلى عدم الاكتراث
بعد سنواتي الحزينة
الذئاب ارتدت ثياب الحملان
كيلا تهربي منها
إلى اللامكان
والطيور أهدت أجنحتها للضوء
كيلا تحلقي على ظهورها
إلى اللازمان
عقلي لك طريق طويل إلى الشوق
وقلبي ساحة الإمكان
في دنيا الخيال
السرمديّ
فادخلي قلبي بعد أن تقطعي في عقلي رحلة الفكر الماديّ
وليد الذهاب
إلى المطلق
وعدم العودة



















ظمأى

متى يجف النبع في منقارِ طائرٍ عنيد
اجعلي من دمي نبعًا
تروين به ظمأك

متى يهرب البحر على ظهرِ مركبٍ زجاجيّ
اجعلي من موجي جيشًا
تهزمين به ظمأك

متى تسرق البنات منك مناديلك الملونة
اجعلي من قوس قزحي كفاً
تخنقين به ظمأك

يا ابنة الماءِ
الماء من شفتيك ماء الحياه
والملح على شفتيك كرز الموت

يا سمكة الجبالِ
الحجر بين ذراعيك بحر يافا
والرمل على جبينك شاطئ الجحيم

يا فكرة الأعداءِ
الصورة بين أصابعك لفخذ سليمان
والنصل في كفك لشفة ظامئة

كيف يكون لظمأك ظمأ العالِم
وأنت كل العلم؟

كيف يغدو ظمأك ظمأ العالَم
وأنت كل جراح بيت لحم؟

كيف يفنى الورد من الظمأ
وأنت ينابيع الورد؟

قناني النبيذ جفت في الأقبية
وجرار الزيت
وأنت لما تزالين ظمأى

قنوات الماء جفت في الحقول
وسواقي العطر
وأنت لما تزالين ظمأى

دموع القمر جفت في الجليل
وبقع الليل
وأنت لما تزالين ظمأى





مدينة النار

التوت في عيبال ليس الجمر
والصنوبر في جرزيم من حجر

الدروب في عيبال ليست دروب جهنم
والسلاسل في جرزيم من جليد

الحكايا في عيبال كلها عن حبك
البارد
والرقصات في جرزيم كلها لمأتمك
القادم

* * *

مدينة النار للنار أنت ذكرى النار المنطفئة
من حريقٍ في همالايا

مدينة النار للنار أنت رماد الجنة المطوقة
بوهم اللهب بردًا وسلاما

* * *

الأمل في عيبال ليس النار
والرجاء في جرزيم برتقالُهُ أسود

الحب في عيبال ليس الزواج
والعناق في جرزيم إجّاصُهُ مُزّ

الحقد في عيبال يطفئ ما في عيني الذئب
من لآلئ
والغضب في عيبال ملحُهُ يحترق
على شفاه الفواكه

* * *

مدينة النار للنار أنت قوة النار اليائسة
من أزقة الماضي

مدينة النار للنار أنت لون النار الحمراء في الساحات
الخضراء في البراري

* * *

الطموح في عيبال ليس السيارة
والانعتاق في جرزيم رِقُّ التينِ السامريّ

الصعود في عيبال ليس على ما في المحار من سلالم
والرقيّ في جرزيم الفستق الحلبيّ المقشر

العهر في عيبال نداء الساق السمراء
إلى البنادق
والطهر في جرزيم نرجسٌ أسود
في أفواه الحمائم

* * *

مدينة النار للنار أنت الفكرة الهائمة
بين النار والماء

مدينة النار للنار أنت الفكرة الواهمة
لأجل خداع الحواس









































احضنيها

سواء أكانت أمًا لك أم ابنةً للهوى
احضنيها

سواء أكانت أختًا لك أم لقيطةً للندى
احضنيها

سواء أكانت سوارًا لك أم عِقدًا للمدى
احضنيها

سواء أكانت ثوبًا لك أم حذاءً للشذى
احضنيها

سواء أكانت دنيا لك أم طبقةً من طبقاتِ السما
احضنيها

سواء أكانت بنكًا لك أم سُلّمًا لا يرتقى
احضنيها

سواء أكانت وهمًا لك أم حقيقةً من الحقائق الكبرى
احضنيها

سواء أكانت حلمًا لك أم كابوسًا لأمة
احضنيها

سواء أكانت جسدًا لك أم خيالاً لِمِلّة
احضنيها

سواء أكانت بيتًا لك أم طريقًا لا تنتهي في الدياسبورا
اطعنيها




















لن نبيع

لا... لن نبيع
لن نبيع... ولن نبيع
أحلامنا
لا ولا الكابوسَ المريع
من أجل نهدٍ باحثٍ
عن فمٍ رضيع

لا... لن نرتدي الثوب الوضيع
وبمخالبنا
لن نرسم في الوحل لوحة الكدر
الشنيع
بيكاسو حفر
تحفةً للقدر
الألوان فيها طعمها شنيع

لا تفزعي مما يقول الناس عني
صدري منيع
في مزاد الوطن
وعلى بطن سينا
يدنو الربيع

لا... لن نبيع
لن نبيع... ولن نبيع
ولدًا لنا
أو بنتًا تضيع
في عالم لا يسمع دق القلب العالي متعاليا
العُلى حصنٌ منيع

لا... لن نصفق للرمز الفظيع
وببصاقنا
لن نغطي قامات الضباع فقط
بل وقامات أعداء الضباع
من كلِّ عدّاءٍ سريع

لا تنامي قبل أن تفكري بي قليلاً
على ألا تذرفي دمعًا يريع
اتركي لي عد النجومِ في ليالي الصيفِ
فالشتاء لنا موعدٌ قريب











عزف حزين على ناي

هل يغني الحزن هواي
فيسعد قلبي؟
أم هل تعزف الأتراح بكاي
لحن موتي؟

الدمع قصة لا تنتهي
بالغناء
والشوق كذبة
أصدق ما فيها البكاء

لماذا لا أفكر فيك على أنغام الناي الحزينة
وأفكر في سواك؟
لماذا كل هذه الصلاة الغريبة
وأنا لا شيءَ آخرَ أريدُ غيرَ رضاك؟

غريب الناي من غربتنا
نشكو الناي
ولا نشكو الغربة

أهي غربة الناي
أم غرابة العشق؟

أهي غرابة الناي
أم غربة العاشق؟

حبي لك تعرف الناي كيف تقوله بلغة العيون
يا لسعادة الدموع!

لنذرف الدمع يا حبيبي
كي نملأ الدنيا سعادة!



















تَفَعُّل

من ضرورات الحب محظوراته
ومن محظورات الحب ضرورات الغرام
الهيام ضرورة
والتهيم محظورة
وكذلك التلوع على قدمي تمثال
يبيح الكلام
عن العناق
تراتيلُ دعاك
ضرورةُ الصورة
وإثمُ العراء
في حانات التذمر
أو قاعات العبادة
فالتعبد أنواع
كبيع الجسد عند أبواب المعابد
في روما القديمة
روما التهتك
والانحلال
أو في روما الحديثة
روما كلِّ عشٍ عال

من ضرورات الحرية محظوراتها
ومن محظورات الحرية ضرورات الظلام
الظلم ضرورة
والتظلم محظورة
وكذلك التكلم من منابر الهوان
يريح الأفاعي
من القعود والقيام
في حضن وردة
قُبَلُ الشوكِ ضرورة
لامتلاك الشعاع
ودفن الجسد في الشمس
لأجل التحول
والاندثار
أو لأجل التذمر
وانفجار الألوان

من ضرورات اللحن محظوراته
ومن محظورات اللحن ضرورات الأنغام
الموسيقى ضرورة
والتموسق محظورة
وكذلك التقيثر تحت أصابع الجان
يتيحُ الرقصُ
بين يديكِ
خلعَ الحجاب
كشفُ الصدر محظورة
لكنه ضرورة
في صحن العراء
الله يحبك
مغطاةً بالليل
أم بالنهار
فالله يحب كلَّ جميلٍ
الله يحب الجمال










































تَعَبُّد

هل الأسلاك ترغمني
على ألا أراك؟

هل الأقمار تتركني
وحيدًا على رباك؟

هل الأمواج تدفعني
بعيدًا عن لقياك؟

لن يعرفوا
أن العبادة مسرحٌ للظلال

لن يفهموا
أن الصلاة مرآةٌ للأيام

لن يدركوا
أن الجنون دينٌ للفلاسفة
يوم تتسلط الأديان

كيف الرحيل
إلى نهايات السأم؟

كيف العمل
لأجل قبلةٍ من شفاه العدم؟

كيف الغضب
قبل البكاء في أحضان ((جيشا)) الندم؟

لن يروا
في التنورة عدم الخضوع

لن يقاوموا
العنف كما تقاومه شفة تجوع

لن يقرأوا
ما كتب كانط عن العلاقة بين الأحلام وتجريد ما نكون وما تكون حياتنا بين القلوع

ماذا لو احتفلنا
بمجازر الروح؟

ماذا لو خضعنا
لأوهام التفاح؟

ماذا لو عارضنا
الأفكار بالصَّدف؟




مناجاة

منى العينين يا أحلى
يا أغلى
منى للعينين أفديه حياتي

هوى القلبين يا أمتع
يا أروع
هوى للقلبين أهديه كلماتي

مدى النفسين يا أكبر
يا أعظم
مدى للنفسين أختصره بصلاتي

ضاق المدى لما المدى غدا خطوة
من خطواتك

ذاب الهوى لما الهوى غدا قبلة
من قبلاتك

عانت الرؤى لما الرؤى غدت سرًا
من أسرارك

اليأس لم يعد يأسا

الهوى لم يعد هواء

المدى لم يعد بين حديقتك والقمر
بعيدا

يا ربة العشاق اجعليني
للعشق وحيدا

يا حورية البحار اجعليني
في الأزرق مريضا

يا سيدة الرياح اجعليني
للعواصف زمهريرا













أخيرًا

كل الطيور عرفت بحبي إلاك
ثم عرفت
أخيرًا

كل الزهور سمعت بنشيجي إلاك
ثم سمعت
أخيرًا

كل البحور حزنت لشكواي إلاك
ثم حزنت
أخيرًا

كل الطبول صمتت لبلواي إلاك
ثم صمت
أخيرًا

كل ذي قلبٍ غيورٍ راعه أن يراك سادرًا (سادرةً) في علياك
ثم شُغِلت بي
أخيرًا

كل ذي طبعٍ جسورٍ قرب قلبك كان مسعاه الهلاك
ثم جرؤت
أخيرًا
كل ذي حلمٍ جميلٍ باعه من أجل رضاك
ثم حلمت
أخيرًا

كل ذي قدرٍ مستبد اشتراه على مذبح خطاياك
ثم استبددت
أخيرًا

أخيرًا صار للعاشقين العشق عشقا
بكل ما في العشق من شوقٍ وشقاء
وتمنى الغير لنا أن نكون لغيرنا
شراعًا وبقاء














رثاء ريلكه

الحياة أغنية
بانتظار الغناء
تعالي أيتها الرغبة
قبل أن ينحتك رودان
إلى تعاريج النفس الهائمة
في دروب الذات

الآن وساعة موتنا
ضد البغي والظلم
نقدم القرابين لآلهة بيتنا
المتوجة بالحلم

مقدَّمات عيد الميلاد
من أجل الجليد الصباحيّ
على نحو يرضاه
دون حاضر الأبيض الأزليّ
على ممر الأيام
نذكر ماضي الأسود الليليّ

قصص الإله الطيب
قصصك
كتاب الصور
كتابك
كتاب البؤس والموت
عن رودان

أغنية الحب والموت
أغنيتك
الحياة الرهبانية
حياتك
رسائل إلى شاعرٍ
شاب

صلاة لراحة الموتى
قبل موتك
حياة ماري
قبل موتك
إشاعة الأعمار
بعد مولدك
ومولد الألحان

رثاءات دوينو
قبل رثائي لك
سونيتات أورفيوس
قبل سونيتاتي لك
بساتين الرغبة بين الفواكه
في أحضان المشمش تلقي برغبتك
تغني رباعيات الخيام
قبل الخيام

تنشد الأشعار الفرنسية شعرك على لسان رامبو
الذي لم يعرفك
ولسان مالرو
الذي لم يعرفك
وعرف الشرط الإنساني لأشعار رامبو
الذي لم يعرفك

رسالة إلى صديقة لك من البندقية تقول فيها إن رامبو لم يعرفك
رسائلك إلى ماجدة تقول فيها إن رامبو لم يعرفك
قصص لك من براغ تقول فيها إن رامبو لم يعرفك
كلمات أندريه جيد إلى حبيبته المجهولة يقول فيها إن رامبو لم يعرفك
لوحة للعبقري الصغير بالتوس يقول فيها إن رامبو لم يعرفك
جنازة عسكرية لشاعر يقول فيها إن رامبو لم يعرفك
قصيدة لك مني أقول فيها إن رامبو لم يعرفك

























عندما نحب كثيرًا

1
ومات!

هطل المطر على الروابي
والأوراق
شربت من شفاه عذابي
إكسير الحياة
انطفأت شموعي
وحط الظلام
قبل أن تنفخ الريح
وترقص من حول الجدث رقصة الضياع
فلفظ الليل الجريح
أنفاسه
ومات...

2
ضياع

الوشوشات
وأنا
والرسالة
مفاتيح الفاقد لكل شيء
والسأم كأسٌ
أشربها حتى الثمالة

3
ثورة

فلاح يكره العويل
وعلى حين غرة
تتفجر بين أصابع شمس الأصيل
ثورة
وعلى الدرب الطويل
فرسٌ حرة
وحافرٌ
وصهيل
وعينٌ لا تتوقف عن ذرف الجمان على قلم حُمرة

4
دون جدوى

في الصمت داعبتني
خصلة السمراء
دون جدوى
في الجلب أغضبتني
قبلة السمراء
دون جدوى
في العدم أوجدتني
ساق السمراء
دون جدوى

5
نحن

نحن صرنا ولم نكن
للغاضبين فكرة
نحن ذبنا ولم نكن
للعاشقين شمعة
نحن ضعنا ولم نكن
للراحلين قِبلة

6
في زنزانة

طلاسمٌ من البرد
ولثمُ الصقيع
شراشفٌ من الليل
وجزرُ الوريد
شرائعٌ لم يقل قاضي الزمان
ما فيها من ظلمٍ أكيد

7
انتظار

عطرُها شذى اليراع
شالُها غيمُ الأماني
ظلُّها مركبُ الوداع
فستانُها مشيئةُ التسونامي
صِبْغُها توتُ الإبداع
حذاؤها قُبَلُ الأغاني
ساقُها ركنُ الصراع
قدمُها تاجُ الزمانِ
خصرُها وادي الهلاك
بطنُها فاجعُ الرمالِ
ثديُها جحيمُ القبلات
ثغرُها نعيمُ الأفاعي


















الياسمين

لم أكن أعلم
أن الياسمين الأسود
أبيض من نهدك
في الربيع

لم أكن أعلم
أن العطر الأسود
أقوى من جيدك
في ضوء القمر البديع

لم أكن أعلم
أن الجرح الأسود
أعتى من بطنك
في الصراع المريع

كيف الغرام بالأبيض
والأبيضُ ليسَهُ لونَ الشوق؟

كيف الخصام مع الأبيض
والأبيضُ ليسَهُ لونَ الحرب؟

كيف الحوار مع الأبيض
والأبيضُ ليسَهُ لونَ التعدد في الرأي؟

سأزرع الحدائق بأبيضك الأحمر
وأعطي للياسمين لونه المستبد بالقلوب
آه! ما أجمل الياسمين الأحمر
في الشرق أم الغرب أم الجنوب
يوم تعض عليه اللآلئ بالنواجذ
وتشكل الشمس به خصرها عند الغروب














النيلوفر

أشرقت الشمس تحت الماء
عندما قلتِ لي أحبك
وعندما قلتِ لي أحبك
في الليل
وُلدتُ بأمرك
في الصباح
كبيرا
ابنًا للسديم
وُلدتُ
من بطن الماء الجامد
وبدأ الوقت معي
صغيرا
أضاءَ العالمَ اللونُ الزهريّ
كان لونك
قبل أن يكون لوني الأسود الحالك
لون الأمر والنهي
أمرك ونهيك
وعصا القُبَلِ
والظلام الدامس
وانغلاقك عليّ
كي أطلق أنفاسي الأخيرة
كل ليلة أموت فيها
ينقر شفتيك
الطائر التائه
بين موجتين من أمواج النيل
فمن الزبد لونك الأبيض
الناصع
ومن دم شفتيك
وأرقام الضحايا
عندما تصبحين للألف واحدة
وللألفين اثنتين
تريان في ما بعد الأيام
التاجَ أصفرَ
والثوبَ أخضرَ
والشمسَ سهامًا مِنَ الذهبِ الأحمر
رمز الحيرة
والحرية









رمال الدم

هل تعشق الرمال الدم
عشق الجنون
فتسأل عن مزيد من ذبح الصبار
على صدرك؟

هل تجوع البحار إلى الجثث
جوع الحيتان
فتُغرق في الأمواج الأسماك
التي تعوم على صدرك؟

هل تغوي السرابات الشفاه الظمأى
إغواء الأفاعي
فتسعى إلى ارتماء
العقارب على صدرك؟

قام صدرك يتحدى
فجنون الرمال دام أكثر من أربعين عاما
وجوع الحيتان تجاوز جوع كل المدن
إلى الحرية
وإغواء السرابات غدا حقيقةً للوهم
وطرابلس كل الحقيقة

هدئي جنون الرمال بجوع الحيتان
واجعلي الرمال للحيتان بيتا
البحار هي الرمال
والرمال هي البطون
وما بينهما قصتك الأخرى
إغواء السرابات قصتك
أقراط الرصاص هديتك
وفساتين الحبلى
ستموتين دفاعًا عن الظل
وعن المثل العليا













حبيبتي في صنعاء

حبيبتي في صنعاء ماتت
من عناء الحب
وعناد ملك سبأ

حبيبتي في صنعاء صاحت
وهي تفتح فمها
دون أن يسمعها أحد

حبيبتي في صنعاء قالت
بلساني ما لم تقله
بنات أب

حبيبتي في صنعاء عادت
على مراكبٍ من أكفٍ
مخرت عباب الزمن

حبيبتي في صنعاء راحت
مع الريح راحت
ومع الريح آبت كل يوم

حبيبتي في صنعاء مالت
بين ظلالي
ميلان زنابق العبث

حبيبتي في صنعاء أرادت
هدم الصروح لهدم الأقبية
بالعناكب والعفن

حبيبتي في صنعاء قامت
للاحتفاء بعيد الشهوة
شهوةٌ رَيُّها الأمل












حرير دمشق

يغضب الحرير من الجسد الرخص
دون القبلات
وينادي الشفاه
فتطبق الأفواه على الرغبات

يصرخ الحرير على الجسد الرخص
دون الآهات
ويجرح الزنابق
فيسيل الدم في الطرقات

يوبخ الحرير الجسد الرخص
دون العصيان
ويحرق القمر
فتنطفئ النجوم في الحارات

يثور الحرير ضد الجسد الرخص
دون الهذيان
ويطلق الذئاب
فتهرع الجوارح من الغابات

يحاول الحرير خنق الجسد الرخص
دون الكشف عن كونه من العوام أم من أصحاب المقام
ويضغط بكفيه على فمي القطن والكتان
فيقتل أخويه دون أن يشاء

يمزق الجسد الرخص الحرير
دون الاستسلام
ويلقي به في النار
فتضطرم النار

* * *

يغضب الحرير من الجسد الرخص
دون القبلات
وينادي الشفاه
فتهرع الأجساد إلى العناق

يصرخ الحرير على الجسد الرخص
دون الآهات
ويجرح الزنابق
فتنطلق الأقواس من الجراح

يوبخ الحرير الجسد الرخص
دون العصيان
ويحرق القمر
فتشتعل للحبيب قناديل العشاق

يثور الحرير ضد الجسد الرخص
دون الهذيان
ويطلق الذئاب
فتتحد الغزالات ضدها والغزلان

يحاول الحرير خنق الجسد الرخص
دون الكشف عن كونه من العوام أم من أصحاب المقام
ويضغط بكفيه على فمي القطن والكتان
فَتُدنيهِ الأيادي من أسنة الرماح

يمزق الجسد الرخص الحرير
دون الاستسلام
ويلقي به في النار
فيضرمُ بالنارِ لظى الهيجان


























إرادة الورد

إذا الورد يومًا أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القمر
ولا بد للشوق أن يرتوي
بالنارِ ماءً بعدما استعر
ومن لم يواجه ألوان الوجود
أضاع منه اللون واندحر
فويل لمن لا يفهم الكلمات
تحت كل المعاني والعبر
وويل لمن لا يحرر النفوس من الأوهام
وأولُ الأوهامِ ألا يتحررَ هُوَ
من مخالب الفكر والقبلات
في زوايا الحب ومرايا الصور
كذلك قال رأس المال
وكلُّ رأسٍ عاقلٍ إلا ما ندر
وإذا ما لم تَثُرِ الرياحُ تلوَ الرياح
في الصدر وفي العقل عند السحر
فسيبقى الليل دامسًا إلى ما بعد الصباح
وسيموت الورد في أحضان الشجر

ويمشي الزمان فتنمو ورود
وتذوي ورود وتحيا أخر
وتصبح ألوانها ألوان العيون
وألوان العلوم بشتى الدرر
تُسَائِلُ أين ابن سينا؟ وأين ابن خلدون؟
وأين سبينوزا؟ وأين أبو ذر؟
وأسرار كل المعارف لا السيوف؟
وجنات كل ما للإنسان على الأرضِ بعدَ عناءٍ ووصب؟
ظمئتُ إلى العَلْياءِ وأنا الغيور
من وردة نمت على ثغور الغضب
ظمئتُ إلى حرية النسور
الفضاءات لها وَلِيَ النضب
ظمئتُ إلى قوة النبض في نبع العصور
لأنهض مثل غيري من الأمم
ظمئتُ إلى صراع النار والنور
وعناق المخمل والذهب
ظمئتُ إلى قبلة من شفاه الزهور
وإلى ليلة من أحلى ليالي الزمن
هو العقل خلف إرادة الدهور
وحرية العقل حكمة الحكم

وَشَفَّ الوردُ عن جمالٍ عميق
يُسَائِلُ نفسي ما العمل؟
وأنا في فراشي طريح مريض
وعطر الورد موتي الذي انتشر
وأسقي الورد من دمعي ليفيض
على الدنيا سحرًا وسحر
لماذا الكون يسقط في ظلام مريع
والأرض تحت أقدامنا تهتزُّ وتهتز؟
قالت الورود ظلام العقل أقوى
فقلت تَبًا للعقول ألف تَبّ!
بعد موتي كل ما أريد
أن يحرق الأحياء ما كتبت!




































شاعر شيوعي قديم يشرب كأس بيرة في بار الفردوس

أمتع ما في الجنة
أن تشرب كأس البيرة التي حَرَمت نفسك منها
وأنت بين الأحياء
بدافع التقوى
فكل شيء في الجنة مباح
الثدي والسلوى
كل شيء في الجنة لا ينام حتى الصباح
نيويورك وباريس ولندن وشنغاي قل هي
والقاهرة
كل شيء فيها يفوق خيال الشعراء
بعد أن ينتهي الخيال
ولا تبقى سوى الشهوة

*

هناك لا نفكر في عذاب النار
ولا في كيف نسعى إلى العَلْياءِ على ظهر الكلمة
كل الوجود هناك اختزال
لأصعب معادلة
لا شيء يأتي من فراغ
ولملء الفراغ
كان الثَّمَل
ابنَ الشفة
فلا معنى للأمل
ولا معنى للمقاومة
ولا معنى لكل المعاني التي نحاول بيعها على عجل
في سوق الدلالة

*

كل الوقت للمتعة
أيها الغمد الأحمر الذي صنعني
لا وقت هناك أكثر روعة
من وقتٍ الأحمرُ فيه لا يرعبني
الزمان لا يمضي بسرعة
وهو أبدًا لا يمضي
بروست هناك لا يكتب عن وقتٍ أضاعه
بروست هناك يكتب عن وقتٍ وجده مثلي

*

كلما أفرغتُ كأسي صبت فيها الملائكة
من بيرتها البنية ما يثمل عشرة من جبابرة الكحوليين
وأنا لا أثمل
دأبي كان ألا أثمل من جمع الثروة
على أكتاف جوهرة في كنز اسمها فلسطين
وألا أبخل
كنت ندي الكف عندما تغدو الكلمات شيئًا آخر غير الياسمين
شيئًا آخر غير الهمس
غير الملل
غير قرنفلٍ أسود
أخنقه بالقبل

*

وعرفت أن الثَّمَلَ مِنَّةٌ لكلِّ غريب
فقلت إني الغريب في عالمٍ لا يعرف الغريب
إني الغريب عن أحمرٍ لما كنت شيوعيا
وإني الغريب عن أسودٍ لما كنت إسلاميا
وإني الغريب عن أبيضٍ لما كنت درزيا
وإني الغريب عن الغريب عندما يغيب الحبيب
وعندما يحضر الحبيب

*

قالت الملائكةُ الغرباءُ عن أنفسهم هُمُ الغرباءُ في الدنيا وفي الآخرة
والألوان حمراء أم بيضاء أم سوداء تبيخ
كيف أكون إذن غريبًا عن نفسي من أجل كأس بيرة
تُديخ
لي كياني؟
كيف أتسلق كتف كامو
وأصعد إلى مجد الغير على سلالم الريح؟
كيف امتشق العبث لدى بيكيت
وأغدو إرادتي الأخرى كما كان إرادته الأخرى صلاح الدين؟

*

ولكني هوميروس القادم من الصحراء
متنبي فلسطين
شاعر العرب الأكبر
الشاعر القديس
سيد الأبجدية
المارد السجين
البناء الأوركسترالي للقصيدة
النبي الفريد
الشاعر العملاق
الشاعر النبيه
ولكني من خارج التناسخ
الموجود الوحيد

*

يا لبؤس البنفسج في الجنة عندما تخلو الجنة من الثَّمَل
يا لعتمة الشمس على الدروب عندما تنحدر السلالم
يا لمرارة الأغاني في الأفواه عندما تلفظ البراكين الدخان
يا لطلاوة الجحيم عندما يحترق الليلك
يا لذل القامة على يدٍ لم تظل تقاوم عندما ينحسر الموج
يا لوضوح الرسائل إلى غزاة يتقنون فك الطلاسم عندما يصطاد السمك صائده
يا لسعادة الوطاويط تحت سماءٍ من ماسٍ أسودَ اسمها سربية الأسف عندما لا تفتُكُ أسهم النار بها
يا لتعاسة الرماد بعد أن كان وردة والدخان بعد أن كان أغنية والحطام بعد أن كان أجسادًا للقوارب عندما تبكي بائعات الهوى في شوارع الشتاء قبل منتصف الليل

*

أريد العودة إلى الجليل لأثمل ثمل قديس في الجحيم
لأقطف باقة من أقاح الرامة
لأقرض بيت شعر أخير
لأقترض من صنوي الذي خانني ومات قبلي قصيدته الأولى
لأقضي وقتًا مع العاقين من أجدادي الموحدين
لأقترف مع الضوء الحراما
لأقتلع من حقولِ الدمِ جذرَ زرادشتَ المكين
لأقترب من ظلالي الهاربة
لأقتني قرط بغيٍّ استشهدت في دير ياسين
لأقعي على ظهرٍ عارٍ دون بطن
لأقاوم حيفا بسلاحها الثخين
لأستسلم لساق حيفا الملوثة

*

بادروا
كل سماء فوقكم من ثوب مريم
وكل ماء تحتكم من بئر زمزم

*

يموت منا الطفل في لينينغراد
ولا يتألم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى من أجل أرض الميعاد
ولا تتعلم
أن زمن الأسرلة من زمن العربان
والله أعلم

*

احكموا
احكموا على النحل من جندكم
بالغرق في بحار العسل
وعلى الزنابق في حدائق حقدكم
بالموت من كثرة القبل
وهددوا
بحبس الندى في الجيوب
واهدموا
مرافئ الأمل
واصرخوا في وجه أصدقائي الطغاة
لن تكسروا كؤوسنا
لن تهرقوا نبيذنا
نحنُ القضاءُ المبرّمُ منذُ الأزل

*

طريقكم من ورائكم طويل
وغدكم من ورائكم بعيد
وبحركم من ورائكم عميق
وبركم من ورائكم أوسع من برٍ في حلقِ تنينٍ عنيد
ونحن لم يزل أمامنا
طريقنا القصير
وغدنا القريب
وبحرنا الفستقيّ
وبرنا الناريّ
وخيرنا خير اللوطيّ
وشرنا شر الثنائي الجنسيّ
فما الذي يدفعكم
من جسدٍ لظل
وكيف يستدرجكم
من مطرٍ لبرق
سِفْرُ الهوس الممل

*

تعالوا
......
وراء كل حجر
دولار أخضر
وخلف كل عشب
صرصار أشقر
وبعد كل جسد ينام في الريح
شراع كان أحمر
ولم يعد له أي لون آخر
غير لون العلم المرفوع على ساريةِ قصرٍ مبنيٍّ من الحجر المرمر
أقول فيه ما لم يقله أحد غيري
أحلى القصائدِ بلِ الأكبر
وإذا ما نجت بعض الأبيات من سلطة السيف عليها
فكيلا تكون السماء إلى الأبد غائمة
ولا الكون دامسا
والأبيض أسمر

*

بادروا
كل سماء فوقكم من ثوب مريم
وكل ماء تحتكم من بئر زمزم

*

حرامكم حلال في الكتاب
حلالكم حرام في الدانوب الأزرق
بادروا بشهوة القتل في العناق
وصوبوا بدقةِ حارسِ المرمى

*

لا ترحموا الرحم
وسددوا عجز البنوك
إنّ نطفةً خضراءَ خيرٌ من ألفِ درهمٍ دفينٍ في الرمل
وإنّ ساقًا تحترقُ شوقًا في مانهاتن خيرٌ من ساقٍ تنام باردةً في صندوقٍ فولاذيٍّ بين العقود

*

بادروا كيفما اشتهيتم
واقتلوا بالحب قاتلكم
قاتلكم متيم
قتيلكم متيم

*

لم يزل كوبيدون من أجلكم في الليل ساهرا
ولم يزل إله العفو عليكم عند المقدرةِ غاضبا
كيلا تفتحوا مدرسةً للعذارى
كيلا تغلقوا سجنًا على النفوس
المعذبة
كيلا تعتذروا للحيارى
كيلا تحذروا طريق الغواية
كيلا تبددوا ما ترك الرواقيون من بقايا

*

ابن النحل أولكم
والضائع في وادي النيل
والمسبّح في ذهب الليل
من أجل المغضوب عليه
لخطأٍ دفعَهُ إلى امتطاءِ فرسِ المستحيل

*

كلكم أبناء الكلام المؤقت
فاستبسلوا
ضد الذات
تحت مدلول اللدغ المحدد
وأقسى اللدغِ
لدغُ عقرب
الروحِ اللامرئيّ

*

اندفعوا واعلوا
حتى قمم الجبال
اعلوا
واتركوا للسقوطِ أجنحةَ النسور
مع أصرحة حلب
عانقوا النجوم
يغار في أحضان غيركم
ثديُ زينبَ
كما يغار الكرم من شفاه العنب

*

حتى آخر الشوق الذي ظل لكم ظلوا
وحتى آخر الحبل الذي ظل لكم لا تملوا
فكل محارة ولها نهاية يجهلها الجلاد
وكل خاصرة ولها بداية يجهلها ساحر الكلمات
وشبقكم بداية النهاية
في جحيمٍ تصنعُهُ الحروفُ العاصية
من نار الإبداع

*

كيف يكون الثمين
من الإبداع
عندما لا تسمعون
أشعاري الماضية؟
كيف يدوم الأنين
على أفواه الجراح
عندما لا تفهمون
أشعاري الشاجية؟
أشعارًا كان يسمعها سيلين
ويفهمها لينين
ويطرب لها المساكين
في غيتو القلوب الحانية
فتصعدُ على سطحِ بيتي أقمارُ رام الله
الداجية
وغيرُ الجميل
من الأحذية

*

بادروا
كل سماء فوقكم من ثوب مريم
وكل ماء تحتكم من بئر زمزم

*

خوذة الجنديِّ في كتابي كانت زهرة
وهراوة الشرطي تفاحة
أو كمثرى
والغاز المسيل لدموع نينا ريتشي
عطرًا لغزة
غزة التي لم تعد تبكينا
بكاء الطائر الأبلق
غزة التي من داخل الأسوار
ترضينا
بعقابٍ سماويٍّ أحمق

*

من الحنين الدامي إلى الخضوع
تقدموا
من شارعٍ لشارع
من منزلٍ لمنزل
ومن برقعٍ لبرقع
على بطنِ غِرٍّ خجول

*

يصيحُ كلُّ حجرٍ مغتصَبٍ بمغتصِبِيه
وأتركني أغتصب إلى الحجرِ نظرة
يصرخ كلُّ صحنٍ من غضبٍ ليس له شبيه
وأتركني أخنق في فمي من أجلِ الصحنِ صرخة

*

في قافلة الشموع
تقدموا
على طريقِ أيديولوجيا تُوَافِقُ بقافيتها
من أين آكل الكتفا
حلم أسود يغدو أزرق
تحلق فيه النهود

*

يخدشُ كلُّ طائرٍ الجذعَ الذي لا يحميه
وأتركني أنزع من جناحه أيد البقاء
ينادي كلُّ ذئبٍ الذئبَ في أخيه
وأتركني أغلق الأذن بكف الرواء

*

لا تترددوا
عن الخروج
بعد أن ترك العطر جبنه
من ورائكم
إلى جيدٍ يتحدى

*

يدعوني إلى حفلٍ في قرطاجَ الأخضرُ السفيه
وأتركني مِخْلَبًا للأخضر
يتوجني في المنامة هدهدٌ دمويّ
وأتركني مِحْوَرًا للأحمر

*

تَقَدَّمَ المخيمُ من بنادقِ دايتون
تَقَدُّمَ الذبيح
وحجارة المنازل
تقدمت
وتقدمت بذهبها السنابل
في الصباح الجريح
تَقَدَّمَ الرضيع
والكهل العاجز
والأفعى الوفيُّ يسبقه الفحيح
تقدمت الأرامل
والثواكل
بعد أن قتل الشاعر فيه
الشاعر
دون وقف التنفيذ
تقدمت أبواب نابلس وجنين والخليل
وقمر حيفا الكاذب
قمر حيفا الزنيم
جاءت نوافذ القدس
والشمس التي أطفأها الشاعر في فضاء المنجل والشاكوش
جاءت
من نوافذ القدس
المطلةِ على النزيف
تَرَكَتْ في البقعةِ الحمراءِ طراطيرَ البنيةِ الفوقيةِ الخرعين
طيور الشوكولاطة
المصلحجية دولة وهوية
لقالق المزابل
والسوار دو باريه
تقدم العصاة ومعهم تتقدم الشمس والقمر
الصادق
والنجم الأبيّ
تقدموا وقد نفعت فيهم كل العبر
أغنياء بكثيرٍ من العواطف
والحنانِ الأبويّ
أقوياء بقليلٍ من المبادئ
والإباءِ الأمويّ
الحريةُ بحرٌ لكلِّ مغامر
يحسنُ العومَ
ولا يثنيهِ جزرُ الموجِ فيه

*

كل ماء تحتهم من إرادة البشر
كل سماء فوقهم من ثوب الإرادة

*

ليس هناك أقوى من فكرة انتهت
بعد أن فجرت في الأرجاء أقواس قزح الحرية
وأنا فكرة في الكأس لم تنته
أشربها جرعةً جرعة
وأدخل في زمني
الذي لم يعد زمنا
زمن العبودية
أنا الملقى على طرف
العالم
بعد أن خسرت العمر مرتين
مرةً شعرا
ومرةً تبرا
وكانت الأخطاء فاكهتي المنقوعة في السكر
أخطاءُ أَنْكَرَها المكانُ عليّ
فجعلتُ من الأراجيحِ مكانا
ومن رقصة الباسادوبلي قدرا

*

صُبي يا ملائكة السائل البنيّ في كأسي
لقد بدأ الثمل يجتاح روحي
الضالة
في الجنة أيضًا هناك الضلال
الجميل
الضلال تقوى في الجنة

*

انقذيني يا ملائكة من ورطةِ ((لماذا كنت؟ ))
وأكثرَ من جحيمِ ((لماذا فعلت؟ ))
أنا لست حرًا في الجنة
فهل أكون حرًا في الجحيم؟

*

اجعليني يا ملائكة غيرَ ما أنا في عالمٍ رقميّ
ربما تمدني الذاكرة الميكرومية بالتمرد والعصيان
فيهجرني دون كيشوت الذي فيّ
على طريق استغلال الرمان للرمان
إلى بطلٍ في الفيسبوك
يقضم النار كالتفاح
قدماه على الأرض
ورأسُهُ الكونُ الافتراضيّ

*

روحي على وشك أن تقيء روحي
الأنا في السماء ليست الأنا
وفي السائل البنيّ
الأنا هي التخارج والهوى
هو التساؤل
الأبديّ
كنا العدم
وغدونا
شيئًا آخر غير العدم
شرخًا في المرآة غدونا
وغيرنا
شمسًا على أكف القمم



نابلس السبت 1966.06.25
باريس السبت 2011.03.12

العنوان السابق للديوان: الأيام




أعمال أفنان القاسم

المجموعات القصصية

1) الأعشاش المهدومة 1969
2) الذئاب والزيتون 1974
3) الاغتراب 1976
4) حلمحقيقي 1981
5) كتب وأسفار 1988
6) الخيول حزينة دومًا 1995

الأعمال الروائية

7) الكناري 1967
8) القمر الهاتك 1969
9) اسكندر الجفناوي 1970
10) العجوز 1971
11) النقيض 1972
12) الباشا 1973
13) الشوارع 1974
14) المسار 1975
15) العصافير لا تموت من الجليد 1978
16) مدام حرب 1979
17) تراجيديات 1987
18) موسى وجولييت 1990
19) أربعون يوما بانتظار الرئيس 1991
20) لؤلؤة الاسكندرية 1993
21) شارع الغاردنز 1994
22) باريس 1994
23) مدام ميرابيل 1995
24) الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون 1995
25) أبو بكر الآشي 1996
26) ماري تذهب إلى حي بيلفيل 1999
27) بيروت تل أبيب 2000
28) بستان الشلالات 2001
29) فندق شارون 2003
30) عساكر 2003
31) وصول غودو 2010
32) الشيخ والحاسوب 2011

الأعمال المسرحية النثرية

33) مأساة الثريا 1976
34) سقوط جوبتر 1977
35) ابنة روما 1978

الأعمال الشعرية

36) أنفاس (مجموعة قصائد أولى – ثلاثة أجزاء) 1966
37) العاصيات (مسرحية شعرية) 1967
38) المواطئ المحرمة (مسرحية شعرية) 1968
39) فلسطين الشر (مسرحية شعرية) 2001
40) الأخرق (مسرحية شعرية) 2002
41) غرافيتي (مجموعة قصائد فرنسية) 2009
42) غرب (ملحمة فرنسية) 2010
43) البرابرة (مجموعة قصائد أخيرة) 2008 – 2010

الدراسات

44) البنية الروائية لمصير الشعب الفلسطيني عند غسان كنفاني 1975
45) البطل السلبي في القصة العربية المعاصرة عبد الرحمن مجيد الربيعي
نموذجًا (جزءان) 1983
46) موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح 1984
47) البنية الشعرية والبنية الملحمية عند محمود درويش 1984
48) نصوص خاضعة للبنيوية 1985 – 1995
49) دفاعًا عن الشعب الفلسطيني 2004
50) خطتي للسلام 2004

[email protected]















فهرس

أجوبة
لعنة المحبين
الأيام
الخطيئة
عانقيني
وداعًا
بُرهة
شَق
احرقي
ترانيم
فيديريكو
أنامل
عندما تحب باريس
وحدي
بين غدٍ والآن
نار ودموع
دم وزيتون
منجل
قبلة
جورج برنارد شو
أوراق
موقد
برتراند راسل
راحلة
ظمأى
مدينة النار
احضنيها
لن نبيع
عزف حزين على ناي
تَفَعَّل
تّعّبُّد
مناجاة
أخيرًا
رثاء ريلكه
عندما نحب كثيرًا
الياسمين
النيلوفر
رمال الدم
حبيبتي في صنعاء
حرير دمشق
إرادة الورد
شاعر شيوعي قديم يشرب كأس بيرة في بار الفردوس
أعمال أفنان القاسم



شاعر شيوعي قديم يشرب كأس بيرة في بار الفردوس هو الديوان الثاني من قصائد أفنان القاسم الأولى ((أنفاس))، باقة من القصائد الغنائية والنثرية ذات الموسيقا الداخلية أو القافية القائمة على البنيات التشكلية الأقل فذلكة من أجل الاحتفاظ بسيميائية الحلم وكل ما يعني ذلك من رموز وعلامات. أضف إلى ذلك أن تعدد التيارات يرضي تعدد الأذواق، ومن التجربة ((التعددية)) للشاعر تأتي قوة الكلمات، فالكلمات أداة قوية من أدوات الخطاب.

القصيدة الرئيسية والأخيرة في الديوان هي في قسم منها إعادة صياغة لقصيدة سميح القاسم ((تقدموا)) عن ثورات العالم العربي الأخيرة، وإعادة تشكيل رمت إلى التقليل من وطأة الظرفية التي يتسم بها خطاب سميح القاسم وكل شعر المقاومة، وإلى إضفاء ما يوجب الشعر من شعرية تتوقف أساسًا على القيمة الإبداعية والقيمة الفكرية اللتين دونهما لن يقاوم سطوة الزمن عليه، ومن هذه الناحية فقط – حسب أفنان القاسم - يدعى الشعر بشعر المقاومة.



* أفنان القاسم من مواليد يافا 1944 عائلته من برقة قضاء نابلس له خمسون عملاً بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحية ومجموعة شعرية ودراسة أدبية أو سياسية تم نشر معظمها في عواصم العالم العربي وتُرجم منها اثنان وثلاثون كتابًا إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والروسية والعبرية، دكتور دولة ودكتور حلقة ثالثة من جامعة السوربون ودكتور فخري من جامعة برلين، أستاذ متقاعد عمل سابقًا في جامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية في باريس والمدرسة المركزية الفرنسية وجامعة مراكش وجامعة الزيتونة في عمان والجامعة الأردنية، تُدرّس بعض أعماله في إفريقيا السوداء وفي الكيبيك وفي إسبانيا وفي فرنسا...

#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات