أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الاول ج- المجتمع الدولتي وتكون المجتمع العبودي















المزيد.....



الدفاع عن شعب الفصل الاول ج- المجتمع الدولتي وتكون المجتمع العبودي


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1076 - 2005 / 1 / 12 - 09:40
المحور: القضية الكردية
    


ج – المجتمع الدولتي وتكوُّن المجتمع العبودي

يشكل المجتمع الهرمي الحلقة الوسطى بين المجتمع الطبيعي والمجتمع الدولتي المرتكز إلى الطبقات. وتُعتَبَر الماهية الشخصية للسلطة، وانحصار الحاشية العسكرية بالأشخاص، السمة المثلى لهذه المرحلة. في حين يعبِّر تمأسس السلطة عن التحول النوعي. فالدولة في أساسها هي السلطة المتميزة بالسيرورة عبر تمأسسها. وبينما تُعتبر مؤسسة الدولة الأداة الأخطر – ربما – في التاريخ، فهي لا تزال تصون خاصيتها كظاهرة لم تُستَوعَب إلا قليلاً. وتلعب الثقافة التي تتضمنها، وتنوع المنافع التي تفيها الدور الرئيسي في ذلك. فكل شيء مكتوب أو مُقال عنها، إنما يزيد من لغزها غموضاً، ويساهم في استعصاء فهمها أكثر. وبقدر ما تُعتَبر رؤية الدولة بأنها مجرد أداة عنف رؤية خاطئة، وتتضمن المغالطة، فإن النظر إليها كسلطة مقدسة، واصطلاحها على هذا النحو، يفيد بنفس القدر في مواراة ما يجري حقاً فيها. تشكل التحليلات المرتبطة بالدولة الموضوع الأولي الذي لم يفلح علم الاجتماع في النو عن عبئها حتى اللحظة. ولكن، لا يمكن القيام بأي تحليل لأي ظاهرة أو معضلة اجتماعية، ما لم نبلغ التحليل الشمولي للدولة. وفي هذا التحليل الذي سأعرضه، سأبيِّن فيه قناعتي المتمثلة في أنه، حتى ثوري بارز مثل لينين، يكمن خطأه الأولي في كيفية تحليله الدولة.
إن ما سأطرحه هنا محدود جداً للقيام بتعريف كافٍ ووافٍ لظاهرة الدولة. يجب إغناؤه أكثر. نحن مضطرون لأخذ المثال السومري نصب العين دائماً، باعتباره المثال الأصل الذي وصلت وثائقه المدوَّنة إلينا. ولدى تعريفنا لمؤسسة الدولة وفكرها، علينا تجنب المفاهيم التي تشير إلى تأسيس دولة ما وانهيار أخرى، وحلول دولة محل أخرى. بالإضافة إلى أن الحديث عن الأشكال المختلفة للغاية منها، أو عن العديد العديد من الدول بالنظر إلى المسافات الكائنة بين الجماعات التي ظهرت فيها، إنما يحمل مهالك خطيرة بين طياته. بالمقابل، قد يكون من الأنجع اصطلاح الدولة على أنها مجتمع ضمن مجتمع، أو المجتمع الثاني داخل المجتمع الأول. وبتعبير آخر، المجتمع الفوقي للمجتمع السفلي. وقد يكون السلوك الناجع الثاني متجسداً في تداول الدولة – اصطلاحاً ومؤسسة – كظاهرة متميزة بالسيرورة، ومعانية للتشتت والتفكك بينما هي على رأس المجتمع السفلي. السلوك المتمم الآخر، والأكثر واقعية، هو اعتبار الدولة أساساً سلطة عسكرية وسياسية بالذات، وليست أية سلطة أخرى.
إن تعاريف رجال الدين والفلاسفة والعلماء – على اختلافهم – للدولة، بعيدة كل البعد عن الموضوعية، لارتباطها بطراز منافعهم ووجهات نظرهم المصلحية. علاوة على أنهم ينشغلون دائماً بجانب منها دون الآخر. ولدى تضررهم منها، يقعون في ذاتية ثقيلة – كإغداق الشتائم واللعنات عليها – تاركين الواقعية الظاهراتية جانباً. أما سلوك الثوريين، فمنفتح حتى الأخير أمام مفهوم منفعي – أخلاقياً – كإظهارها بأسوأ الأشكال لدى هدمها، وبأمثل الأشكال وأفضلها لدى تأسيسهم إياها. إن ظاهرة الدولة أداة اجتماعية لا مؤسِّس مسؤول عنها بالتحديد، ولا فيلسوف لها. هذا من جهة، ومن الجهة الثانية فهي تُبدي خصائصها الأولية في كونها تصيب كل من يحاول امتلاكها وينجرّ وراء جاذبية سلطتها التي لا تقاوَم، بالدوار والثمالة، لتحمله بعدها، إما إلى مرتبة الألوهية، أو إلى الإبادة والزوال.
إن التسميات المطلقة على الدولة بشكل شائع لدى تعريفها، من قبيل الدولة المَلَكية، الجمهورية، الديمقراطية، المونارشية، الأوليغارشية، الديكتاتورية، الاستبدادية، العبودية، الإقطاعية، الرأسمالية، القومية، المركزية الأحادية، الفيدرالية وغيرها؛ إنما تعقد المسألة أكثر، وتصعِّب مهمة فهم مضمونها.
إن ما قام به الرهبان السومريون لدى توجههم نحو بناء تمأسس أشبه بالدولة، يزوِّدنا بمعلومات، ربما تكون الأكثر واقعية من أج فهم الدولة. حيث قاموا أولاً بتشييد معابدهم المسماة بالزقورات، وسموا بشأنها إلى السماء، وقاموا بإعداد العبيد في الطبقة السفلى لتسخيرهم في خدمة الإله في الطبقة العليا. وتركوا المساحات الوسطى مفتوحة أمام ممثلي الطبقة الوسطى. والبيوت والأراضي المحيطة بالمعبد، لم تكن سوى ملحقاً به. كانوا يُودِعون تكنولوجيا الإنتاج في قسم من المعبد، ويقومون بحسابات الإنتاج المثمر بكل دقة وعناية. جلي أن هذا التكوين هو مجتمع جديد. بل وحتى إنه كاختصار لعناصر المجتمعين الهرمي والطبيعي السابقَين له. حيث يأخذون من هذين المجتمعين ومن المجتمع الجديد ما يمكن أن يفيدهم في تأسيسه، ويهمِّشون ما هو ضار أو معيق لهم من الأجزاء. إنهم ناشطون وكأنهم يبنون مجتمعاً مقدساً. وبعد تكوين الوسيلة والأداة، يكون الجميع سعداء وممنونين في البداية، وكأنهم في عيد. لقد صُنِعَت عجلة ضخمة، وكأنهم بتدويرها في مياه دجلة والفرات يخلقون أوفر النتاجات والمحاصيل في التاريخ، لأول مرة. وهل ثمة عيد أفخم من هذا لأجل الإنسانية؟ وإذا لم يكن هذا الإجراء هو القدسية العظمة، فما هو إذن؟
ما من شك في أن هذا الكيان يقتات أساساً على المجتمع الطبيعي النيوليتي، الكيان الرائع على حواف سلسلة جبال طوروس وزاغروس. فأدوات الإنتاج، الأعشاب، النباتات، وأنواع الحيوانات المختلفة، قد تحولت إلى ثقافة بحد ذاتها امتدت آلافاً من السنين على يد مجتمع المرأة الأم. وتكمن مهارة الراهب في إعادة ترتيبه لتلك العناصر على نحو يخوِّله فيه لبناء مجتمع علوي، وذلك بنجاحه في إيجاد نمط إنتاجي جديد في الحوض السفلي لما بين نهري دجلة والفرات، عبر تقنيات الري. هكذا هو مضمون الاكتشاف المذهل في التاريخ. أما المراحل اللاحقة، فلم تقم سوى بإضافة طوابق جديدة إلى البناء الموجود، أو تكرار هذا البناء، ولكن بأسس جديدة.
مكان هذا المجتمع العلوي هو المدينة. ومثلما هي الحال بالنسبة للعقلية الإنسانية، فقد أحدث هذا المكان – المسمى أيضاً بالمجتمع المديني أو المدني أو الحضاري – تغييرات ثورية عظمى في البنية المادية للإنتاج أيضاً، وبنفس القدر. أو بالأحرى أنه شكل ركيزة ثورة مضادة كبرى تجاه المجتمع الطبيعي. ما برحَت عقلية المدينة والدولة بعيدة عن التحليل. لقد طوَّرت نظام العقل، الكتابة، والعديد من الحِرَف والصناعات، ولكن بأي ثمن؟ لا تزال ضرورة التفكير الشموي الجاد على الحُكم: "هل هي ثورة المدينة أم ثورة مضادة؟" تحافظ على أهميتها. ويجب ألا نتناسى أن العديد من الانطلاقات البارزة في التاريخ، وفي مقدمتها الأديان التوحيدية الكبرى، صُعِّدت لمناهضة هذه التكوينة. إن المِكبَس الذي أَقحَمَت فيه الإنسان أشبه بجهنم، لا الجنة. بل والأصح هو أنها جلبت له حياة تندر فيها الجنة، وتكسحها جهنم. والأمثلة المستمرة حتى راهننا ذات ماهية إيضاحية كافية في ذلك. يتكون مجتمع المدينة الدولة بمضمون يدعو إلى الحاكمية والمُلكية والقمع، من جميع النواحي. لذا، لم يكن سهلاً تعويد إنسان المجتمع الطبيعي على هذا النظام وأقلمته به. ويتمثل الشرطان الأوليان اللذان لا غنى لهذا النظام عنهما في: التحكم بعقلية أناس المدينة برمتهم بوساطة الآلهة المرعبة من جانب، وعرض المرأة كأداة مثيرة ومغرية (أو فحوش) من جانب آخر. فالإقناع بالعبودية وهضمها غير ممكن سوى بهاتين المؤسستين الجذريتين، إلى جانب المراقبة اليومية بالطبع. وكلا المؤسستين تتسمان بالمزايا المخدِّرة كلياً، كالأفيون.
وتم تجذير البنية العقية والبنية الإنتاجية، المتكونتين في أطراف هذا النموذج الأصلي لمجتمع المدينة الدولة، وتوطيدهما لاحقاً في كافة المناطق، وباستمرار. أي أنهما لم تتولّدا وتزولا في سومر. إنهما البنية والعقلية البالغتان راهننا على شكل حلقات متسلسلة. فالأمثلة المشهودة في المدن المصرية والحثية واليونانية ليست سوى نُسَخاً معدَّلة قليلاً عن الأصل. وتبرهن الوثائق التاريخية مع الأيام أن هذه البنى الثلاثية اتخذت من الأصل السومري أساساً لها، كحلقة أولى. أما الحلقات المضافة إليها، ألا وهي الصين والهند وروما، فبلغت بها إلى المرتبة العالمية. وكون أن غرضنا هنا ليس تدوين التاريخ، فلن ندخل في تفاصيل هذه المراحل. ولكن ما أردنا برهنته هو وحدوية الدولة وسيرورتها. فالوحدوية، بمعنى الوجود، والسيرورة من الناحية الزمنية، بارزتان جداً في الدولة. أما القول بأن النماذج المتكررة والمستَنسَخة هي دول مختلفة عن بعضها، فلن يفيد في التحليل والحل كثيراً. فتحليل ذات المضمون مراراً وتكراراً لا يطوِّر في المعنى شيئاً، بل يكرره فقط.
إذا ما أمعنا النظر في المثال السومري عن كثب، فسنرى وجود آليتَين متداخلتين في مجتمع الدولة، منذ بداياته. الأولى هي الدولة كأداة قمع وسلطة، والثانية هي الدولة كنظام إنتاج عام (عمومي) يغذي كل المدينة. وستَشْغِل هذه الماهية الثنائية الناسَ دائماً كتناقض أساسي للدولة. لا بدونها يكون الوجود ممكناً، ولا معها. فهي المؤسسة التي يستعصي تحملها كأداة قمع وتسلط، ولكنها أداة لا غنى عنها كأداة إنتاج وأمن عام. وهنا تكمن المشكلة الأولية منذ البدايات: هل يتطلب الإنتاجُ والأمن العام (من أجل مصلحة المجتمع المشتركة) وجودَ القمع والسلطة، أم لا؟ ألا يمكن تأمين الإنتاج والأمن المشترك للمجتمع بدون الدولة؟ وإذا كان ذلك ممكناً، فلا داعي إذن للدولة كجهاز عنف. وهنا يكمن مربض الفرس. لقد جُعِلت الدولة كمؤسسة تحولت إلى وسيلة المنفعة الكبرى بِذَرِّها مقداراً من المنوِّمات داخل الطعام الشهي. والراهب يسعى لتمهيد السبيل لبروز شريحة استعمارية طفيلية، بمواراته تفاصيل نظام الدولة تلك. حتى رجل مثل "باكونين"، المنظِّر الفوضوي الذي يرى في الدولة "السوء" المطلق؛ قال: "إنه سوء ضروري واضطراري". وقيَّمتها الماركسية أيضاً بأنها مرحلة ضرورية. بيد أنني سأبدي في التحليل التالي أن الدولة ليست بأداة تقدم اضطرارية (لا بد منها) ولا سوء اضطراري. بل هي منذ بداياتها أداة بلاء، لا ضرورة لها، وليست اضطرارية إطلاقاً. ولكنها تحولت مع الزمن إلى عصابة من قطاع الطرق النهابين، بكل معنى الكلمة. سيكون التعريف الأصح للدولة بجانبها هذا، بأنها ورم اجتماعي خبيث يجب استئصاله منذ اليوم الأول لظهوره، وعزله وفضحه. أما بجانبها الآخر كأداة إنتاج وأمن مشترك لأج المجتمع، فسيكون من الأنسب والأكثر واقعية تسمية هذا النمط من الكيان الاجتماعي بـ"الديمقراطية".
من الممكن النظر إلى الهرمية المفيدة في المجتمع الطبيعي كنموذج مصغَّر عن الديمقراطية. فسواء كانت المرأة الأم، أو كان الرجل المسن الخبير، إنهما يُعتَبران العناصر الرئيسية الضرورية لأبعد الحدود والنافعة جداً في تأمين الأمن العام للجماعة وإدارة شؤونها، دون الارتكاز إلى الادخار والمُلكية. وتقدير الجماعة لتلك العناصر طوعي ومرتفع النسبة. ولكن لدى استثمار هذا الوضع، وتحول الالتزام الطوعي إلى سلطة، والنفع إلى منفعة؛ فحينها يظهر جهاز عنف لا ضرورة له، مسلَّط دائماً على رأس المجتمع. ومواراة جهاز العنف ذاك نفسه تحت غطاء الأمن المشترك وأدوات الإنتاج المشتركة، إنما تشكل مضمون كافة النظم الاستعمارية والقمعية. هذا هو الكيان المشؤوم على الإطلاق من بين الابتكارات الحاصلة. إنه ابتكار سيجلب معه فيما بعد كل أشكال العبودية، الصياغات الميثولوجية والدينية المخيفة، الإبادات المنظمة، النهب والسلب المنظم، وعمليات الدمار والهدم.
لدى قيام الماركسية بتحليل وإيضاح ولادة هذه المرحلة، فإنها تُنيط "العنف" بدور الحاملة لولادة المجتمع المتقدم من رحم المجتمع القديم المتخلف. ولكن هذا السلول الذي نتشاطره جميعاً، إنما يُفسِد كافة مفاهيمنا بشأن الدولة والثورة والديمقراطية، وكافة ممارساتنا التنظيمية والعملياتية، ويُعطبها من جذورها. وأعتقد أن تجاوز هذا السلوك كجملة انتقادية للذات، لم يصبح بهذه الشمولية من نصيب أي تيار ينادي بالحرية والمساواة حتى الآن. فكل التيارات والطرائق المصوَّرة والمصوغة باسم الشعوب والمسحوقين، وكل الدول والحركات السياسية المؤسسة؛ لم تنجُ من تمهيد السبيل لظهور نتائج مناقضة كلياً لطموحاتها ومآربها، بسبب هذا المفهوم الفاسد والمعطوب.
إن تقاليد الدولة كأداة تسلط، ومثلما يُفهَم من تشبيهها بحيوان اللوياثان، هي – حقيقةً – وحش لا يشبع من الدماء والاستعمار والنهب. إنها كيان تتغذى كل خلية فيه على الدم. ومثلما سنرى في العديد من الأمثلة، فحتى الأشخاص المتظاهرون بتبنّيهم إياها، لن يتوانوا أو يتورعوا أبداً عن إبادة أعز من لديهم والتضحية به، وسحق كافة تقاليد المجتمع الأخلاقية وكسحها، دون أن يرف لهم جفن. فأحد السلاطين العثمانيين عندما خنق سبعة عشر أخ له في ليلة واحدة باسم "سلامة الدولة"، كان يعي يقيناً أن ما فعله من هو من دواعي قاعدة الالتزام بالأداة التي يمتلكها. فكل التواريخ الرومانية والإيرانية، وتواريخ الدول كأداة عنف مزاجي، كانوا سيُبدون وحشية لا عد لها ولا حصر، بفضل أيديولوجيات التمويه، كوظيفة وواجب عليهم.
يحظى البحث والتدقيق في أغوار العقلية والتمأسسات الاجتماعية التي شكلتها ظاهرة الدولة، بأهمية قصوى. فاغتراب العقلية عن الطبيعة، التمايزات الطبقية التي لا يحتملها العقل، العديد من التنظيمات الخاصة، والتمأسسات العسكرية؛ ما هي سوى بُدَع ابتكرها جهاز العنف ذاك على الدوام. وبدءاً من الثقافة التي تزدري العمل وتحتقره كلياً، وتُعلي من قدْر الغنيمة والنهب والسلب، وحتى عالم الطفيليين المبتدئ بمفهوم الآله الآمر بالقيام بما تشاء نفوسهم وتهوى، والممتد حتى يوتوبياتهم الزائفة بشأن الجنة والنار؛ كل ذلك تم الإعلاء من شأنه إلى مرتبة الإله الأعلى، ممثَّلاً في صورة السلطان، القيصر، الشاه، الرَّجا (الأمير الهندي)، والإمبراطور. وسيول الدماء المسفوكة على مر آلاف السنين، كانت تُراق دائماً باسم هذه المقدسات الجوفاء.
لا فرق إطلاقاً بين تضمين الجهاز التسلطي بمضمون ثوري، وبين إناطة الأسد بدور ثوري. وبينما نطور تعريف الدولة بجانبها هذا، فإنكار تأثيراتها على التشكيلات الاجتماعية يفضي بنا إلى الفوضوية. فالدولة ظاهرة بكلا هذين الوجهين، وكانت الكلمة الحسم دائماً هي المحدِّدة لديها. فإذا لم نسرد جوانبها هذه أمام العيان، سنفتح المجال لتعريف بالغ النقصان. فما علينا القيام به هو الفصل بين جوانبها اللازمة والأخرى غير اللازمة. إذ لا يمكننا تداول هذه الظاهرة كسوء اضطراري و ضروري لا مفر منه، ولا ككيان مقدس. ويرتبط اقتراف الأخطاء الفادحة في لحظات الإنسان بهذه السلوكيات الأحادية الجانب، بروابط كثيبة.
ساطع سطوع النهار أننا بقولنا ببقاء الخاصية الأولية للدولة على حالها، لا نقصد عدم إطراء التغييرات الشكلية عليها. بل على النقيض، فبقاء المضمون عينه يستدعي بالضرورة تغييرات الشكل. وهذا المبدأ الجدلي صحيح بالنسبة لكل ظاهرة على السواء. ومراقبة الدولة في المجتمع العبودي الأطول مدة، والذي تجذرت فيه، سيُغْني معلوماتنا أكثر.
إننا نلاحظ أكثر حالات الدول العبودية شفافية في المجتمعين الأوليين السومري والمصري. فصياغة الدولة العبودية السومرية والمصرية قد وطدت تغييرات جذرية على التطور الاجتماعي بنماذج تمأسساته العقلية والاجتماعية والاقتصادية.
عالم العقل للمجتمع الطبيعي كان يعتمد على مفهوم الطبيعة الحيوية، حيث لكل ظاهرة في الطبيعة روحها. ويُعتَقد بأن هذه الأرواح هي الخاصية التي تؤمِّن الحيوية. ولم يكن قد تطور في مفاهيم ديانتهم الطوطمية حينذاك، مفهوم الإله الخارجي المختلف عنهم، والحاكم عليهم. بالإضافة إلى توخي الدقة والحساسية في التفاهم مع أرواح الطبيعة، أي قواها. وأي تضاد معها يعني الموت بعينه. ولما كانت هذه هي وجهة النظر الرئيسية إلى الطبيعة، يبرز بالتالي ضرورة التلاؤم والتأقلم الخارق معها. إننا هنا وجهاً لوجه أمام حياة تسير بموجب المبدأ الأيكولوجي الأولي. فمناقضة الحياة الاجتماعية لقوى الطبيعة هي أُولى المواضيع المحذَّر والمحتَرَس منها. ولدى تطوير دينهم وأخلاقهم، يكون المبدأ الأكثر امتثالاً له والتزاماً به، هو مبدأ التواؤم والانسجام مع البيئة وقوى الطبيعة. وقد نُقش هذا المبدأ في العقول لدرجة احتل فيها الزاوية الركن كتقليد ديني وأخلاقي أولي. إنه في الحقيقة ترسيخ لمبدأ التدفق العام للحياة العامة في المجتمع الإنساني. ما من كيان لا يتخذ البيئة المحيطة به أساساً. والانحرافات القصيرة المدى البارزة، تلتحم مع المرحلة المتدفقة في ظل الشروط الداخلية والخارجية الجديدة. وفي حال العكس، تبقى خارج دائرة النظام تماماً، لتفقد وجودها إلى الأبد. وتنبع أهمية المبدأ الأيكولوجي في المجتمع الإنساني من هذا المضمون (الفاعلية) الأساسي للطبيعة.
يفسح تكوُّن المجتمع العبودي الدولتي المجال لظهور انحراف حقيقي عن هذا المبدأ المصيري. إذ ثمة أواصر وطيدة بين تكون المشكلة البيئية والأيكولوجية، وبين بدايات الحضارة والمجتمع المتكون في هذا الاتجاه. فحضارة المجتمع الطبقي هي مجتمع مناقض للطبيعة. والسبب الرئيسي وراء هذه المشكلة الظاهراتية متعلق بعالم وبراديغما العقلية العبودية لهذا المجتمع الجديد، والمتكونة بالثورة المضادة الجذرية. في حين أن كافة أعضاء الجماعات في المجتمع الطبيعي يحتلون أماكنهم المنظمة والمنسقة ضمن تكامل مع الحياة. فكل فرد منهم جزء صادق ومخلص للمجتمع، وهو منه. معتقداتهم وانطباعاتهم الذهنية مشتركة. ولم تتطور قط مصطلحات الكذب والمخادعة فيما بينهم. وكأنهم ينطقون بنفس اللغة الطفولية (بمعنى البريئة – المترجم) مع الطبيعة. أما التحكم بالطبيعة أو استثمارها بشكل سيء، فهو أفظع خطيئة (محرَّمة، طابو) وسيئة تُقتَرَف إزاء أخلاقهم ودياناتهم التي تُعتَبر قوانين المجتمع المطوِّرين إياه حديثاً. أما في مجتمع الدولة العبودية الجديد، فما تم قلبه رأساً على عقب فيه، هو هذا المفهوم الديني والأخلاقي الأساسي. ولإضفاء المشروعية الاجتماعية على ذلك، تتبدى الحاجة إلى الكذب والرياء، بقدر ما تتطلب ممارسة العنف أيضاً. إذ من المستحيل إدارة شؤون النظام العبودي بالعنف المحض. ولا يمكن تأمين سيرورة النظام دون ربط المجتمع بمقدرات جذرية وطيدة.
إنها محصلة طموحات الذهنية وبحوثاتها. إنها مرحلة جذرية من الذكاء التحليلي. والموضوع الذي عُني به هذا النموذج من الذكاء بالأغلب هو، إيجاد القواعد المساعدة على إدارة العبيد، وإبرازها لهم كتعايم الإله الخالد. وتتأتى عظمة الرهبان السومريين والمصريين من الأهمية القصوى التي يتسم بها هذا الموضوع في تاريخ البشرية. فذكاءاتهم المنقطعة عن المجتمع الطبيعي وحياته، ابتدعت نظاماً تصورياً ميثولوجياً مدهشاً وكاملاً. ولكي يُقنِعوا العبيد بكل ذلك أسسوا الأنظمة المدرسية (الأكاديميات) والمعابد والهياكل على نحو أكثر إثارة للدهشة وأكثر سلباً للعقول. وبإحلالهم الديانات التي يغلب عليها الإله الحاكم المقتدر، محل الديانات الروحانية غير الخطيرة، التي كانت سائدة في المجتمع الطبيعي، طوروا الخنوع والإذعان على الدوام. وأَفهَموا العبيد بدقة لا متناهية دوافع ضرورة خوفهم من الآلهة الجديدة – بتحريفهم لماهية مشاعر الخوف – وماذا ستكون مكافآتهم في حال امتثلوا لأوامر تلك الآلهة حرفياً. لقد أوجدوا اليوتوبيات المتضمنة مصطلَحَي الجنة والنار، لأو مرة في التاريخ. إنهم بذلك يطورون أصلاً النظام الأيديولوجي اللازم للامتثا التام لطبقة الأسياد الجدد، وإطاعتها. أما كون طراز تفكيرهم ميثولوجياً، فهو يتناسب وروح عصرهم. في الحقيقة، إن الديانة الأرواحية (الأنيميا: Aminism: تعني الأرواحية، وهي مذهب حيوية المادة. أي الاعتقاد بأن لكل ما في الكون، بل وحتى للكون ذاته، روحاً أو نفْساً. والاعتقاد بأن تلك الروح أو النفْس هي المبدأ الحيوي المنظِّم للكون – المترجم) تنادي بالحرية والمساواة. في حين أن الدين الجديد ذا الميثولوجيا الغالبة، فهو دين الطبقة، دين العبودية واللامساواة. ويأمر بالاعتماد أساساً على الإذعان المطلق للآلهة (الأسياد).
هذه الثورة الذهنية المضادة المتحققة في تاريخ البشرية، إنما هي بحق إحدى أعظم انطلاقات الذكاء التحليلي. إنها تَطوُّر العقل الطبقي. وغدا واجباً إعادة إنتاج التاريخ والآداب والفن والقانون والسياسة، وفقاً لهذه الذهنية الطبقية. ونرى أكثر حالات هذه المرحلة أصالة وقوة، في الميثولوجيا السومرية والمصرية. لقد شرعت الأيديولوجية الطبقية المهيمنة الاستعمارية فيها بولوج الدرب اللازمة لتغدو مجتمعاً فوقياً، مجتمعاً دولتياً. وكل خطوة ستُخطى على هذه الدرب، ستكون باسم المجتمع برمته، وستكون مُلكاً له. أما أيديولوجية المرأة الإلهة، المتبقية من المجتمع الطبيعي، فستُستعمَر وتُستغَل تدريجياً، وستُفرَغ من محتواها وتذاب، لتُحفَّز بالتالي على خدمة نظام الرجل الإله. تماماً مثلما تحفَّز المرأة على خدمة الرجل (أي على الفحوش والدعارة العامة والخاصة). وسيتحول كافة أعضاء المجتمع الطبيعي، الأحرار والمتساوون، إلى طبقة عبيد جديدة. ثمة ملحمة سومرية تذكر أن الناس خُلقوا من "بُراز" الآلهة وقاذوراتهم. ومسألة خلق المرأة من ضلع الرجل، يمر ذكرها – أول مرة – في ملحمة سومرية. حقاً، لقد أنجزت الميثولوجيا السومرية نجاحاً باهراً وخارقاً، بحيث أثرت على كل الميثولوجيات اللاحقة لها، وشكلت عيناً أصيلة للأديان التوحيدية والأدبيات والقانون. وقد انعكست خاصية كلكامش المذكورة في الملحمة، بتأثيرات مشابهة، على كافة الملاحم الأخرى في العالم.
باعتبار أن صياغة الحل الشمولي للبنية الذهنية السومرية ليست موضوع عرضنا هنا، لذا، وباختصار نقول أنه ما من جدل في أنها تشكل المنبع الرئيس للبدء بالتاريخ، وبالتالي الحضارة، ليس بقمعه فحسب، بل وبذكائه التحليلي أيضاً. وعلينا البحث عن جذور الفكر الميتافيزيقي الظاهر لاحقاً، في هذا الذكاء بالذات. فما يجري في الأعلى ليس مجرد عيش حفنة من الأسياد أيامهم العابرة فحسب في حياة القصور الأشبه بجنات النعيم. بل إنهم يضعون فيها اللبنات الأولية لعالَم الملاحم واليوتوبيات التي ستُلهي البشرية بها. أي أن ما يجري هو تجذر "كذبة المجتمع العظيم" في ذهنية البشرية جمعاء، والوصول بها إلى مستوى المؤسسات، عبر كافة أنواع الميثولوجيا والملاحم والمعابد والمدارس.
إن الثورة المضادة المتحققة في المجتمع السومري على شكل تحول ذهني، هو الأوطد والأكثر جذرية في التاريخ، إنما غيَّرَت براديغما الإنسانية – وجهة نظرها الأولية تجاه الطبيعة والكون – من جذورها، وفي مقدمتها المجتمع الشرق أوسطي. فمفهوم "الطبيعة والبيئة" الحيوي في المجتمع الطبيعي، إنما هو ملون (أي متنوع – المترجم) ومثمر معطاء. لا يرى الطبيعة كظالم أو غول شبح، بل يراها كالأم. فلفظ "أماركي Amargi" الذي يرمز إلى الحرية في اللغة السومرية، إنما يعني في الوقت نفسه العودة إلى الأم. وحتى هذا اللفظ لوحده يسلط الضوء بكل جلاء على الذهنية الثورية المضادة المتحققة. في حين أن وجهة النظر الميثولوجية الجديدة مليئة بالآلهة الذكور المتحكمين في الطبيعة والبيئة، والمعاقِبين إياهما. وكأن الآلهة – الذين هم في الحقيقة الاستبداديون القمعيون والاستعماريون – المرفوعين إلى ما فوق وخارج المجتمع، مع مواراة أنفسهم تدريجياً؛ قد جففوا الطبيعة وأصابوها بالقحط. ثمة تصعيد لمفهوم الطبيعة الميتة، الطبيعة المادة. ومثلما هي حال العبيد المخلوقين من بُراز وقاذورات الآلهة، فسيُحَط من شأن كافة الكائنات الحية مع مرور الزمن.
يجب النظر إلى هذه البراديغما المتجذرة تصاعدياً، على أنها المسبب الرئيسي في حالة الإغماءة التي يعاني منها مجتمع الشرق الأوسط اليوم، وعجزه عن الصحو، بعد أن شلت ذهنيته بالكاد. في حين أن المجتمع الأوروبي لم يتمكن من دك دعائم هذه البراديغما وتحطيمها إلا بقيامه بثورتها الكوبرنيكية (Kopernik)، بعد إطرائه الإصلاحات على ديانته المسيحية. وداهية تنويرية مثل جيوردانو برونو، أُحرِق حياً، بسبب دفاعه الصارم عن مفهوم الطبيعة الحية (جيوردانو برونو: فيلسوف وعالم فلك إيطالي، أُعدم إحراقاً بالنار. عاش بين 1548 و1600 – المترجم). ولأن هذه البراديغما لم تجد انعكاساتها في مجتمعات بعض الدول، مثل الصين واليابان، فقد تميزت تلك المجتمعات بتأقلمها الأسرع مع المستجدات الإيجابية. ولمفاهيم البيئة الحية النصيب الأوفر في حدوث ذلك. ويلعب تخطي الميثولوجيات ذات الأصول السومرية والمصرية في طراز التفكير الفلسفي، وكذلك الاعتماد أساساً على التطورات الميتافيزيقية والجدلية الدياليكتيكية بدلاً منها، دوراً مشابهاً في تطور الحضارتين الإغريقية والرومانية.
بينما تشكلت الدولة، مصطلحاً وإطاراً، في أحشاء رحم معابد الرهبان، كان البالغ بها إلى مستوى المؤسسة والقوة السلطوية بالأصل، هو مجلس الشيوخ وحاشية الرئيس العسكري في المجتمع الهرمي. وتحدَّد سلطة الدولة بين زوايا هذا المثلث ضمن علاقات وتناقضات كثيفة وطويلة المدى. فبينما كان الراهب المَلك هو المهيمن في البداية، أخلى مكانه بالتدريج لمجلس الشيوخ )المسنين) – الديمقراطية البدائية – أولاً، لتتطور فيما بعد حاكمية الرئيس العسكري وهيمنته كقوة حسم نهائية. وتنعكس هذه المرحلة على ملحمة كلكامش بلغة شعرية ميثولوجية. فكلكامش بذاته يمثل الرئيس، البطل العسكري. بينما الرهبان والراهبات الأقوياء القدامى، فلا أثر لهم. وينتصب أنكيدو أمامنا كأول مثال عن الجنود الانكشاريين – المعروفين- المجموعين من القبائل البربرية، خارج نطاق الإثنيات. أي أن تنظيماً خارج نطاق القرابة يتطور هنا.
ويؤدي التأثير السحري للقوة، ولأول مرة، إلى فرض الخنوع والإذعان من جهة، وإلى إبراز الذات في صورة المَلك الإله، صاحب الإنتاج الفائض من جهة ثانية. ويبدأ عصر، تُعلِن فيه "أنا" الإنسان بأنها الأعظم والأقدر. وينعكس المجتمع والطبيعة بعد ذلك كأثر من آثار المَلك الإله. وتُولي كل الميثولوجيات الأولوية الأولى لهذا السرد. يعود مفهوم "الإله، صاحب كل شيء" في أصوله إلى الميثولوجيات السومرية والمصرية. ومن هذا المنبع سينعكس ذاك المفهوم على الكتب المقدسة. وهكذا ستغدو سلطة الدولة خالدة أبدية. ومن هنا يتأتى المفهوم القائل "الدولة الأبدية"، الذي لا يزال يُهتَف به. فلو أن الدولة لم تتطور، وبالأخص لو أنها لم تُزيَّن أو تجهَّز بالميثولوجيا، لما تعدت إطار كونها مؤسسة بسيطة أو تنظيم هزيل لقطاع الطرق الأشقياء. ولكنّ كون سلطة الدولة شديدة النفع والنجوع في تلك الحقبة، أدى إلى تصويرها كمؤسسة مقدسة خارقة، وإلى ترسيخها بهذا الشكل في كافة الأذهان. إذن، ومن هنا يمكننا إدراك أنها تنظيم النهب والسلب الأكثر دقة ومكراً. وفي هذه النقطة بالذات، تبرز أمامنا قوة الأيديولوجيا. إنها تؤمِّن تعريف تنظيم النهب والسلب الأكبر، بأنه مؤسسة مقدسة بأمر إلهي.
علينا أن نفهم جيداً أنه بمقدار ما يُعلى من شأن سلطة الدولة، وتُزركَش وتُلَف بالزخارف في مكان ما، فهذا معناه أن السلب الأكبر والمصالح الكبرى موجودان في ذاك المكان. وعندما يعكس الملوك الآلهة ذواتهم على هذه الشاكلة، يتمأسسون بوعي تام منهم لهذه الحقيقة. والقصور الفخمة، الحاشيات العسكرية المؤلفة من أشجع الجنود وأقواهم، الاستخبارات الجيدة، قصر الحريم المؤثر والمثير، السلالة الذائعة الصيت والشهرة، الأشجار المتأتية من أصول إلهية، أصول النَّسَب وسجلاتها، الوزراء المتملقون والعبيد العابدون؛ كل أولئك هم أعضاء لا غنى عنهم في هذا التمأسس. أما قبور الأهرامات، فهي في الحقيقة قصرٌ في عالَم أكثر ديمومة. فالثياب، الصَّولجان، والمُهر؛ هي إكسسوارات لا تنقص الموتى المدثورين فيها. وما يتبقى أمام كافة أعضاء المجتمع وعبيده، ليس سوى التعبد الدائم والشكران المتواصل لهذا الكيان المقدس. وما المصطلحات الكثيرة الكثيرة بشأن صفات الإله في الكتب المقدسة، سوى صُوَر مكرَّرة نسبياً، ومعدَّلة بنسبة أخرى، لصفان الآلهة الملوك الأوائل في سومر ومصر.
فإذا ما مات أولئك الآلهة الملوك – أو بالأحرى رحلوا إلى العالم الآخر – تُدفَن وإياهم حاشياتهم برمتها، وهي حية ترزق. ذلك أنه لا يمكن التفكير في حاشية منفصلة عن جسد المَلك. والغرض الأساسي من دفنهم مع الجثة، هو قيامهم على خدمة ملوكهم في العالم الآخر. أما ذُرِّيَّتهم الباقية على قيد الحياة في الدنيا، فهي مكلفة بمواصلة سيرورة وجودهم. وبهذه الشاكلة – نوعاً ما – نشأ مصطلح "الخلود". إننا نرى في هذا المثال، وبما يثير الأنظار، كيف قام الذكاء التحليلي بتحويل المجتمع، بعد انقطاعه عن الحقائق الواقعية. فبناء هرم واحد من تلك الأهرامات يتطلب من مئات الآلاف من العبيد العملَ المميت. إن سلطة الدولة المؤسسة، إنما هي زلزا دائمي مدمِّر، يتفجر على رأس الجنس البشري. وتبدأ اصطلاحات الظلم، المحشر، المنقذ بالتكون في لغة البشرية. وفي ظل هذه الظروف تتشكل الشخصية النبوية، كمقاتلة في سبيل الحرية. ويبرز الأنبياء كمنقذين من هذه الكوارث الكبرى. المنبع مرة أخرى، هو المجتمع السومري.
والمرأة هي الشريحة المتضررة كثيراً جراء ذلك، إلى جانب المجتمع الطبيعي. والميثولوجيات السومرية أشبه بالأناشيد الشجينة الباكية على المرأة المهزومة. فقوة إينانا تتضمن الآثار المتأتية من المجتمع المتمحور حول المرأة، والكامن في العهود الغابرة من ناحية، وتعكس صراعاتها الضروس تجاه المجتمع الرجولي المهيمن من ناحية ثانية. وبينما كان أرباب أول مدينة إلهات إناث بنسبة بارزة، راحت بعد ذلك تُخْلي مكانها كلياً للأرباب ذوي الهوية الذكورية بالتدريج. ومرة أخرى تبرز المعابد في صدارة المؤسسات المسَرِّعة من سقوط المرأة. ففي البداية يتم الاستيلاء خطوة خطوة على المعابد المنتشرة في كافة الأرجاء، والمُدارة من قِبَل الراهبات باسم الإلهة الأم إينانا، لتُحوَّل بعد ذلك إلى بيوت للدعارة.
إن النظام الأهلي الملتف حول المرأة الأم في المجتمع الطبيعي، هو مؤسسة مختلفة عن ذلك. فمثلما لا يوجد وصي على المرأة، فالمرأة بذاتها هي مديرة شؤون أطفالها والرجل الذي تشاء. لم تكن مؤسسة الزواج بمعناها الكلاسيكي، تطورت بعد. لكن، ومع تشك المجتمع الذكوري المهيمن، في ظل مؤسسة الدولة، تتفشى العائلة الأبوية (البطرياركية) تحت إدارة وإشراف الرجل. وتتغير ماهية مؤسسة العائلة، لتكتسب تكوينتها الأولى التي ستدوم حتى راهننا. ومثلما غدا الرجل وصياً عليها، فالأطفال أيضاً مُلكه هو. وبالتدريج، تُجرَّد المرأة من قوتها لتصبح مُلكاً. إن العائلة المتكونة هي في حقيقة الأمر "قفص".
لقد أجمع علماء النفس البارزون على أنه ما من نوع من أنواع العبودية تجذر واكتسب صفة الديمومة، مثلما هي الحال في العائلة التي يديرها الرجل. لا يمكن تحليلي مستوى العبودية في المجتمع، إلا بتحليل مستوى عبودية المرأة – بالتأكيد – بجوانبها المتعددة. فما هو متحقق في المرأة، ليس مجرد تبعية ذهنية وفعلية فحسب، بل إن كل عواطفها ومشاعرها، حركاتها الجسدية، نبرة صوتها، وثيابها مرتبطة عن كثب بنمط العبودية. ووُضِعَت الحلقات المدورة في أنفها، في أذنيها، في معصم يدها ورِسْغ قدمها، كرموز تشير إلى نير العبودية. ويترسخ مفهوم شرف وأخلاق أحادي الجانب. وتُهمَّش المرأة أيديولوجياً. وتُسلَب منها كل قيمها، لتغدو هي بذاتها مُلكاً. ويُقدَّر "ثمنها" بمقدار مهرها.
إن عبودية المرأة النابعة أصلاً من المجتمع السومري، موضوع لم تمسه الأيادي بعد. فالتبعية المبتدئة في المجتمع الهرمي، تُمرَّر من معبد الراهب، ثم تُحبَس في كوخ الرجل، وتُقحَم في أشد أنواع الحالات وأكثرها وطأة، لتكتمل بذلك وتنتهي. ومن حينها تطورت هذه الحالة الثابتة إلى يومنا. وغدا الموضوع الأساسي، والشغل الشاغل للأدبيات ومدارس التعليم والأخلاق، منصباً في توجيه المرأة وتحديد كيفية خدمتها لرَجُلها بكل عواطفها وأحاسيسها وتصرفاتها، مع إسقاط قوتها الفكرية إلى الحد الأصغري بالطبع. ومن جانب آخر، اكتسب الرجل العبد مكانة معينة بتأمينه الإنتاج الفائض، واستخدامه قوته العضلية. أي أن عبودية ذات مضمون اقتصادي هي الراجحة هنا. أما المرأة، فتُستعبَد كلياً، ببدنها وروحها وفكرها. إذا ما أطلقتم سراح العبد الرجل، فقد يصبح إنساناً حراً. أما إذا أطلقتم سراح امرأة، فهي تصبح موضوع عبودية أشد سوءاً. حتى هذه الحقيقة تعكس مدى عُمق العبودية المطبقة. وإذا ما نظر مراقب حَذِق إلى المرأة، فلن يرى صعوبة في التنبه إلى أنه تم تكوينها، بكل ما فيها، حسب مشيئة الرجل، وبشكل عديم الرحمة، بدءاً من نبرات صوتها وحتى مشيتها، من نظرتها وحتى جلوسها. وكأن كل شيء فيها يقول "لقد قُضي علي". يكمن الدافع الأهم في عدم تطوير التحليلات المعنية بعبودية المرأة، في شهوات الرجل الشبقية، وروحه الديكتاتورية في نزواتها. فالنموذج المصغر للمَلك الإله في المجتمع، هو الرجل، سيد المرأة في البيت. إنه ليس زوجاً وحسب، بل هو "الزوج الإله". تواصل هذه الحقيقة تأثيرها حتى راهننا، دون أن تفقد من مضمونها شيئاً.
يتبدى مجتمع الدولة العبودية ظاهرياً كمعمل ضخم، من الناحية الاقتصادية. ولكنه مختلف عن المعامل الحديثة بتقنياته وكيفية تبنيه. فالعبيد يُدفعون فيه إلى العمل كسرب القطيع. ويمكن استيعاب مدى استثمار كدح العبيد المروِّع والفظيع في الأرض ومناجم الفحم الحجري والعَمار، من خلال الآثار التي لا تزال باقية من هذه الحقبة الأثرية. فإدارة العبيد أعتى حتى من إدارة الحيوان. وما العبد سوى حيوان عامل. إنه مُلك، ومجرد أداة إنتاج. والعبيد هم خارج دائرة القانون. وكأنهم "أشياء" لا عواطف لها. إن الشكل الذي بلغه الذكاء التحليلي في الرجل ضارب للنظر ومثير أكثر في حقيقة العبيد.
تحقق مؤسسة المُلكية أيضاً بداية سليمة في مجتمع الدولة العبودية. إذ يعتمد جوهر النظام إلى امتلاك المجتمع الفوقي للمجتمع التحتي، بكل ما فيه. فالملوك الآلهة ومساعدوهم هم أصحاب كل شيء. وتبني الأشياء هو الثمرة الطبيعية للحاكمية والهيمنة. و"أنا" الإنسان إذا ما وجدت الفرصة لبروزها، فهي تتسم بخصائص لا تعرف الحدود. وانعدام المؤثرات المحدِّدة والتحديدية في عهد تأسيس النظام، أسفر عن بروز القوة المَلكية الإلهية. ويتسلل نظام المُلكية، التي لم يشهدها المجتمع الطبيعي، إلى كل مؤسسة، بدءاً من مُلكية الدولة وحتى العائلة. وتُخلَق لدى الجميع عاطفة التملك. وتُعد المُلكية دعامة الدولة، وتقدَّس وتبجَّل. ولم يبقَ سوى استملاك كل العالم بعد ذلك. وتُنقَش حدود المُلكية في جينات البشرية بأشكال وأغطية متنوعة، من قبيل: حدود الدولة، أراضي السلالة، تخوم الوطن؛ لتمتد إلى يومنا الراهن وكأنها ضريبة إلهية. في الحقيقة، إن المُلكية تعني السلب الحقيقي، باعتبارها مصدر السمسرة. فهي المؤسسة الأكثر إفساداً وتعطيباً لتعاضد المجتمع الجماعي. ولكنها من جانب آخر المؤسسة الأهم على الإطلاق، ولا غنى عنها لتغذية المجتمع الفوقي.
لقد سعينا لتعريف المجتمع الطبيعي بأنه الحالة التلقائية للمجتمع الأيكولوجي. كما أن تقهقر المجتمع الأيكولوجي خطوة خطوة، وعمقاً واتساعاً مع تطور مجتمع الدولة، يُعد أحد التناقضات الاجتماعية الأولية المستمرة حتى يومنا الراهن. وبقدر ما تصاعدت التناقضات الداخلية للمجتمع، تزايدت بنفس القدر تناقضاته مع المحيط الخارجي. والتحكم بالإنسان يفضي إلى التحكم بالطبيعة. إذ جلي تماماً أن النظام الذي لا يرأف بالإنسان، لن يتورع عن ارتكاب أسوأ السيئات إزاء الطبيعة. وبالأصل، تحتل "الحاكمية" و"الفتح" مكانة مرموقة كظواهر مثلى في أخلاق الطبقة الحاكمة. إذ يُنظَر إلى التحكم بالطبيعة على أنه أخلاق نبيلة وسلوك راقٍ، بقدر التحكم بالإنسان. وتُدحَض حيوية وقدسية الطبيعة، التي تعود للمجتمع الطبيعي، وتُنفى. بل و"تُفتَح" الطبيعة وتُغزى، وكأنها العدو اللدود. ولدى هيمنة هذه المصطلحات على ذهنية وسلوكيات المجتمع الدولتي، فهذا ما معناه فتح الأبواب على مصاريعها أمام الكوارث البيئية، التي وصلت أبعاداً ضخمة في أيامنا هذه.
تعتبر هذه التقييمات كافية بصدد تعريف المجتمع الدولتي في مرحلة نشوئه. قد يكون الموضوع الملفت للنظر هو التساؤل الذي قد يُطرح: لماذا استعملنا مصطلح "مجتمع الدولة العبودية" وليس المجتمع العبودي؟ إنني على قناعة بأنه إذا ما تداونا الدولة كمجتمع فوقي، فإن هذا الاصطلاح سيكون أكثر تشخيصاً، وسيخدم أغراضنا على نحو أفضل. إذ لا يمكن التفكير في العبودية دون وجود الدولة. أي أن الشرط الأولي هو وظيفة الدولة. فالدولة ليست مؤسسة مجرَّدة، بل هي التنظيم المشترك للمستولين على أدوات الهيمنة من قمع واستعمار. ويجب النظر إلى الخدمات العامة، من قبيل الأمن العام اللازم للجميع، وغيرها على أنها الخدمات المساعدة على مواراة ماهية التنظيم الحقيقي، لإفساح المجال لإضفاء المشروعية عليه أمام أنظار المجتمع. الباعث الثاني الهام لقولنا بالمجتمع الدولتي، هو اكتساب صياغات المجتمعين الإقطاعي والرأسمالي أيضاً وجودها بالاعتماد على الدولة، لتأمين سيرورتهما. وما المؤسسات المشتركة التي لا غنى عنها بالنسبة لمجموعات القمع والاستعمار، سوى تنظيمات على شكل دولة. إذ ما من مؤسسة تميزت بتأثيرها وإثمارها في القمع والاستعمار، مثلما هي الدولة.
وبينما يُعد المثالان السومري والمصري هما الصياغة الأصل لمجتمع الدولة العبودية، فإن الأمثلة الحثية والصينية والهندية، المتكررة كحلقة ثانية من السلسلة، إنما تتميز بماهيتها التكرارية. فالمؤسسات ذاتها مضموناً قد كونت نفسها مجدداً مع إطراء التغييرات على شكلها. أما المثالان الإغريقي الروماني والإيراني، الأكثر خاصية، فقد حققا تحولاً ملحوظاً في الساحة الذهنية، بإحرازهما تطورات بارزة على درب أخلاق الحرية، ضمن إطار الفكر الفلسفي. هذا وشوهدت مرونات محددة في مؤسساتهما العبودية. اتخذ النظام أشكاله الكلاسيكية في الفترة المتراوحة بني 1000ق.م و300ق.م. في حين شهد عهد نضوجه في الفترة ما بين 2000ق.م و1000ق.م. أما الفترة من 3000 ق.م إلى 2000ق.م فكانت مرحلة التأسيس البدائي له.
لا جدال في أن البشرية استمرت في تطورها في العهد العبودي، النظام الأساسي لمجتمع الحضارة الطبقية. فمحدِّد الأمور كلها ليس النظام العبودي، إذ لا يمكننا رؤية ثورة المدينة كأثر من آثار العبودية. فقد تتطور المدينة، حتى بدون وجود العبودية والدولة. ولطالما نصادف وجود مدن لم تتدول. إن اعتبار ظواهر الكتابة، الرياضيات، العلوم الأخرى، مختلف الحِرَف، العَمار، والفن بكافة فروعه، والتي تطورت بالترافق مع التمدن؛ بإنها ضرورة من ضرورات النظام العبودي، إنما هو خطأ فادح. ويكمن الخطأ الحقيقي المتجذر في آراء وأفكار العديد من التيارات، بما فيها الماركسية أيضاً، في اعتبارها تلك الظواهر كرافعات على طريق تقدم العبودية؛ بل إنها – أي تلك التيارات – تبرهن ذلك على أن العلم والفن لا ينفصلان عن السلطة. ذلك أن أولى اقيم التي تتحكم بها سلطة الدولة وتمسك بزمامها في يدها، هي العلم والفن. فهي بحاجة ماسة وملحّة لذلك لغرضين: إعاقة تقدمهما الحر أولاً، وتسخيرهما في ضوء مصالحها ثانياً. إذن، دعك من أن يكون تطور العلم والفن من ثمار النظام العبودي، بل إنه يشير إلى كونه يشكل عائقاً حقيقياً على دربه. فالاكتشافات والاختراعات الحاصلة في الأعوام التي لم تنشأ فيها الدولة العبودية، أي ما بين 6000ق.م – 4000ق.م، لا يمكن مقايستها إلا بتلك الحاصلة فيما بين أ‘وام 1600م و1900م. أي أن الاختراعات كانت محدودة للغاية في الفترة الوسطى ما بينهما، طيلة 5000 عاماً. ومثلما هو معلوم، فالعلوم البارزة فيما بين القرنين السابع عشر والعشرين (1600م – 1900م)، إنما هي بالأرجح أثر الأفراد. أما ما قامت به الدولة، فكان، ومثلما يحصل في كل مرة، أن أدرجَتها في دائرة احتكارها.
وإذا كان التفكير التحليلي أيضاً مرتبط بقوة بتكون المدينة، فإن الذي حرَّفه في ضوء مصالحه ومنافعه هو مجتمع الدولة العبودية، مرة أخرى. وإلا فالعبودية ليست هي التي طوَّرت الفكر التحليلي. إن ما قام به النظام العبودي هو، خلق عالم عملاق من الكذب والرياء عبر هذا النمط من التفكير، وتسليطه على ذهن الإنسان كالكابوس المرعب. وإذا ما أردنا ربط تطور العلوم والفنون، الثقافة المشتركة للبشرية جمعاء، بالعبودية وبأشكال المجتمع الطبقي الأخرى، فلا يمكننا حينئذ سوى ربطها بظاهرة "السلطة والتعلم"، أو تعليلها بهيمنة الدولة على العلم والفن. وإذا كان القيام بمثل هذه التقييمات والدراسات باسم أيديولوجية الحرية والمساواة وحركاتها، يتحقق عن غير وعي وإدراك، فإن هذا حصيلة الارتباط بحلف السلطة، ولو دون أن يتم الانتباه لذلك. ووقتئذ، لن يتغير هذا الحكم، حتى بظهور النظرية الماركسية اللينينية. وسأعمل على الإسهاب بشمولية في الأقسام الآتية بشأن كون الماركسية اللينينية لم تتمكن من إنقاذ نفسها كلياً من حلف "السلطة – التعلم"، مما كان ذلك باعثاً أولياً لانهيار الاشتراكية المشيدة.
نرى بشكل عام أن شكل المجتمع العبودي للدولة دخل مرحلة الأزمة في الأعوام ما بين 250م - 500م، لتنتهي تلك الأزمة بهيمنة المجتمع الإقطاعي كشكل أرقى. وقد لعبت الهجمات الخارجية لـ"البرابرة" المتسمين بمزايا المجتمع الطبيعي من جانب، والتردي والانحطاط الداخلي، وتأثير النضال الذي ابتدأته الديانة المسيحية من جانب آخر، الدور المصيري في ذلك. ولكن ما انهار هنا ليس الدولة، بل شكلها العبودي. أما الدولة، فستعزز نفسها أكثر لتبلغ شكل الدولة الإقطاعية.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن شعب-الفصل الاول ب – المجتمع الهرمي الدولتي – ولادة ...
- الدفاع عن شعب -الفصل الاول آ – المجتمع الطبقي
- الدفاع عن شعب -الفصل الاول
- الدفاع عن شعب


المزيد.....




- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الاول ج- المجتمع الدولتي وتكون المجتمع العبودي