مكانة قضية المرأة في ثورات المنطقة-الربيع العربي-

سمير نوري
كاتب
(Samir Noory)

الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 22:59
المحور: ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي
    

هل سيكون للمرأة في الدول العربية نصيب من التغيرات المحدودة التي طرأت حتى الآن على مجتمعات هذه الدول كأحد نتائج الربيع العربي؟
سمير نوري: اولا اهنىء جميع الناشطين و الناشطات من اجل المساواة الكاملة بين المرأة و الرجل بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ، وشكرا على دعوتنا للمشاركة في هذا الحوار المهم و المحوري في ثورات المنطقة و في هذه المناسبة النضالية العالمية للمرأة. وبرأيي ان قضية المرأة تشكل احد اهم محاور الثورات الحالية.
اولا ان الذي حدث ليس "تغيرات محدودة" من وجهة نظري، ان الذي حدث هي ثورات جماهيرية عارمة تطورت في بقعة من العالم الذي كان الأسلام السياسي و الرجعة السياسية في اوج قوتها و سيطرتها على المجتمع عامتا و المراة خاصتا. الذي حدث كان هائلا و لا يزال مستمر ويتطور ويشكل نقطة انعطاف تاريخية ليس في المناطق الناطقة باللغة العربية و فقط ضد الرجعية الاسلامية و الحركة القومية و انما ضد كل التصورات و افكار البرجوازية العالمية التي كانت تنادي بانتهاء التاريخ و بموت الشيوعية و الآمال التحررية للأنسان و دفن الثوروية و الثورة ونسخها في اذهان البشرية و اعتبارهم الثورة عنف.
قبل عقدين من الزمن وبعد سقوط الكتلة السوفيتية و سقوط جدار برلين قاموا باكثر الحروب همجية و دفعوا البشرية الى الوراء و هاجموا على كل مكتسبات الثورة الفرنسية الكبرى و الثورة الأشتراكية العظيمة و هاجموا على مكتسبات الجماهير الغربية وخاصة ضد الطبقة العاملة و المرأة قبل كل شيء. و صرحوا بان مكان المرأة هي البيت و تربية الأطفال و هذا الكلام مكتوب في تصريحات ماركريت تاتشر و كورباتشوف وغيرهم من قادة البرجوازية العالمية، انه كان زمن عصيب لكل المجتمع، زمن صعود الأسلام السياسي و زمن زعامة امريكا و نظامه العالمي الدموي الجديد. انهم هاجموا المرأة في كل بقعة من العالم فرضوا الحجاب الاجباري في اكثرية البلدان الذي يحكمها الأسلام السياسي و رجموا مئات النساء و قتلوا الآلآف باسم الشرف، وبرر الغرب هذه الجرائم تحت اسماء التعدد الثقافي و النسبية الثقافية.
عقدين من سفك الدماء من الغطرسة و الجرائم و تحويل العالم الى مراكز للحروب القومية و الدينية و الاثنية و العشائرية و الطائفية و سلب الهوية الأنسانية و داسوا على الكرامة الأنسانية و تحت اسماء الديموقراطية و التحرير و النظام العالمي الجديد.
اننا اليوم نعيش عالم جديد عالم الشباب الذين يسيطرون على مراكز المدن و يسمونها ساحات التحرير نكاية بساحة التحرير في القاهرة. عندما تفتح اية اذاعة اوفضائية تسمع صياح الشباب و الشابات و خطاباتهم الحماسية و تسمع المطاليب الجماهيرية تسمع "ثورة ثورة حتى النصر" و نرى بأعيننا شعارات "الشعب يريد اسقاط النظام" ، ويطالبون بالخبز و الحرية و الكرامة الأنسانية المسلوبة. اننا نعيش زمن جديد زمن الثورات زمن وقوف الثورات ضد الحكومات المستبدة و البوليسية و المتحالفة مع الغرب لاكثر من 30 او 40 سنة.
ان هذه الثورات بدأت خارج دائرة قدرات القوى القومية_ الأسلامية و الحركة المعادية للامبريالية و في الحقيقة نمت ونضجت مخالفا لها و لهذا نحن لا نعيش مرحلة صعود الأسلام السياسي و الرجعية السياسية كما يريد الغرب و الأعلام المأجور البرجوازي الذي يصور العالم و الثورات الحالية بانها افرزت الأسلام السياسي، بالعكس وقع الأسلام السياسي و قوى الرجعية تحت ضربات الثورات و التطورات الثورية. اننا نعيش في المراحل الاولى للثورة و لا تزال هذه الثورات في اوائلها وانا لدي قناعة كاملة بأن المرأة لها سهم جدي في هذه الثورات. و لكن انا انسان ماركسي وعندي قناعة كاملة بالمادية البراتيكية(العملية)، ان التاريخ هو من صنع الأنسان اذا لم تناضل و اذا لم تنزل الى الشارع و تأخذ المبادرة و تقود القضية بالتأكيد سوف يستعملون نضالك ضدك و يستعملون الأعمال الثورية التي قامت بها الثورات ضد الجماهير الثورية كما شاهدنا في الثورة الأيرانية في سنة 1979.


2- هل ستحصل تغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية والعقلية التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحصل تغيرات جوهرية في ضوء الحراك الشعبي الواسع والخلاص من رأس النظام وبعض أعوانه في أكثر من دولة عربية؟
سمير نوري: اولا النضال لم يقتصر على رأس النظام و بعض اعوانه ان الشعار الرئيسي للثورة المصرية كان "الشعب يريد اسقاط النظام" و ليس حسني مبارك او عمر سليمان فقط و انما كانوا يقصدون به النظام السياسي و الأجتماعي و الشعار الثاني كان "خبز حرية كرامة انسانية" اذا انت تربط الشعارين مع بعض تفهم بان الثورة اوسع واعمق من التغيرات الطفيفة التي يتحدث عنها الغرب و ابواق اعلامها الضخمة حول الديموقراطية و موالات ا لديموقراطية.
"السلطة الذكورية العقلية التسلطية" يشكلان الجزء الأساسي من النظام الفكري و السلطوي للبرجوازية و الجماهير تريد ازاحة السلطة الفوقية و المفروضة على الجماهير و هذا يعني ان السلطة السياسية و ازاحة السلطة الأستبدادية و الديموقراطية المسلطة على الجماهير تشكل هدف الثورات و ان ازاحة هذه السلطة تشكل الحلقة الأساسية في تطور هذه الثورات في الوقت الراهن. ازاحة هذه الأنظمة و استبدالها بتدخل الجماهير في مصيرها السياسي.
بدون بناء نظام مبنى على سلطة الجماهيروقوى ال 99% من الجماهير فأن التغيرات الأجتماعية و الثقافية تبقى شكلية و لا تمس اسس السطة الذكورية و العقلية التسلطية ، و التغيرات الشكلية من قبل الثورة المضادة من قبل البرجوازية العالمية و المحلية بفرض الأسلام السياسي او العسكر او فرض عبد ربة في اليمن او غيرها من التغيرات السطحية لا تستطيع ان تغير اي اشيء من النظام السابق و لا تستطيع ان تقنع الجماهير بترك الشوارع و ساحات التحرير و النضال الثوري.

3- ما هو الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم؟
سمير نوري: ان قضية المرأة و مساواتها في الماضي او في الوقت الحاضر ايضا هي قضية الأشتراكية و النضال الطبقي واضح و شفاف انت لا تاريخيا و لا اقتصاديا و لا سياسيا تستطيع ان تتحدث عن تحرير المرأة و خلاصها بدون ان تتحدث عن المجتمع و تحرير المجتمع و العكس ايضا صحيح" ان مقياس حرية اي مجتمع تقاس بتحرير المرأة فيها"، لذلك انا ارى ان الأسلوب الأمثل هي تقوية النضال الأشتراكي و تقوية الحركة الشيوعية و تقوية النضال الطبقي و ربط هذا النضال بشكل مباشر مع النضال من اجل تحرير المرأة.
ان ارجاع انسانية المرأة اليها فقط عن طريق الأشتراكية قابلة للتحقيق و لهذا قبل كل شيء ادعو الحركة النسوية الأشتراكية الي تقوية نفسها وتقوية نضالها الأشتراكي. يجب على الحركة المساواتية في العالم العربي و الربيع العربي ان ترفع قامتها و تنزل وسط الشوارع و مراكز المدينة و ساحات التحرير كما شاهدنا في ساحة التحرير في القاهرة و تربط نضالها مع الطبقة العاملة و الأشتراكيين و تسعى بكل قوتها الى تنظيم المرأة للنضال المباشر والنزول الى الشارع و الخروج من دائرة النضالات المحدودة التي ترسم لها البرجوازية.
ان نضال المرأة ضد الأسلام و الأسلام السياسي تشكل مسألة محورية في البلدان "العربية" و"الأسلامية" ان النضال من اجل حق الطلاق و حرية الرأي و الغاء القوانين التي تفرض دونية المرأة في المجتمع كلها تمر عبر النضال من اجل فصل الدين عن الدولة و التربية و التعليم و القضاء وبناء دولة علمانية. انت لا تستطيع ان تفتح فمك ويقولون لك ان هذا الذي تطلبونه معارض للأسلام و الشريعة الأسلامية حتى اذا قلت بأن المرأة انسانة متساوية مع الرجل يقولون لك انها "ناقصة العقل"، لهذا هناك تصور بان تحدث ثورة نسوية في المنطقة شيء قابل للوقوع و لا تستبعدها.


4- تدعي الأحزاب الإسلامية السياسية بأنها تطرح إسلاماً ليبرالياً جديداً وحديثاً يتناسب مع فكرة الدولة المدنية. هل ترى-ين أي احتمال للتفاؤل بإمكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي الإصلاحي الاحتمالي لقوى الإسلام السياسي, وهي التي تحمل شعار "الإسلام هو الحل"؟
سمير نوري: لو كان هذا صحيحا ان هناك احتمال لبناء دولة اسلامية ليبرالية يتناسب مع الدولة المدنية لكان ذالك حدث في ايران، انا ارى ذالك ضرب من خيال المثقفين البعيدين عن المجتمع و المتوهمين بالاسلام. ان الدين في حد ذاته مخالفة للتمدن حتى المسيحية لولا الثورة الفرنسية الكبرى و تدمير الكنائس و فصل الدين عن الدولة و مصادرة املاك الكنيسة لم يكن من الممكن ان يحدث ما نراه اليوم في الغرب من عزلة الكنيسة في حياة الناس هل نسينا محارق الكنيسة؟. ان الذين لديهم هذه الأفكار لا يفكرون بالمسيحة قبل الثورة الفرنسية انما يفكرون بالمسيحية بعد مائتي سنة من الضربات المتكررية من الثورات الأجتماعية في اوروبا و في روسيا. انهم لا يفهمون بان الأسلام لم يفسح اي مجال لحق المواطنة و لا يقبل بفصل الدين عن الدولة ولا يقبل بحرية التعبير و لا يعتبر المرأة انسانا و لا يعترف بأفكار اخرى غيرها و لا يرون ان حاملي هذه الأفكار يذبحون و يجاهدون و يهاجمون على ابسط حقوق الأنسان بالسيف و المتفجرات.
"الأسلام هو الحل" لأي شيء؟، الفقر, البطالة و الحرمان و سلب الحريات و التعصب الديني الأعمى والحقوق البسيطة و الأساسية للناس و الكرامة المحطمة للانسان ودونية المرأة و فرض الهويات الدينية!! لاي شيء هو الحل؟ برأي ان الأسلام ليس فقط لا يشكل حل لأي من المعضلات التي اشرت اليها , بل بالعكس ان الأسلام جزء اساسي من البلاء و الماساة و الجريمة. اية اسلام هو حل؟ الأسلام السعودي الوهابي ام الأسلام السياسي الشيعي، الأسلام الأخواني ام الأسلام السلفي. ان الأسلام اليوم يعني الذبح و القتل و الرجم و سلب الحقوق و تحطيم المرأة و كيانها ونفي وجودها كانسان.
ان الأخوان و العسكر و السلفيين و مفتي الأزهر وامريكا و الغرب يقفون في صف واحد ضد الطبقة العاملة المصرية و ضد الثورة المصرية ويأيدون سحل المرأة في شوارع القاهرة وتحطيمها،انهم يشكلون القوى المعادية للمرأة و العامل و حلهم جميعا هو انهاء الثورة و ارجاع الجماهير الي بيوتهم و بأيادي خالية من اي مكسب و بدون حل لاي معضلة من المعضلات التي اشرت ايها و همهم هو اخلاء الشوارع و بغير هذا الحل ليس لهم اي حل اخر.

5- هل تتحمل المرأة في الدول العربية مسؤولية استمرار تبعيتها وضعفها أيضاً؟ أين تكمن هذه المسؤولية وكيف يمكن تغيير هذه الحالة؟
سمير نوري: الضحية ليست مسؤولة عن اي جريمة ترتكب بحقها، المرأة في الدول العربية ضحية القوى الأسلامية و القومية و الغرب انها ليس مسؤولة عن اي سلب لحقوقها انها تناضل و تضحي و تقوم بالمظاهرات و تشكل المنظمات و تطالب بمطاليبها و تعتقل وتقمع و تعدم و هي واقفة ضد كل الجرائم التي تطبق بحقها , اننا نستطيع ان نشير الى علياء المهدي المصرية و كولشفته الأيرانية الذين اعلنوا اعتراضهم الصارخ ضد الأسلام السياسي و مئات امثالهن و عشرات القادة امثال مريم نمازي و مينا احدي و ينار و سركول احمد و مريم جميل و خيال و بيان و ريكا وهوزان واية و نوال السعداوي و تسليمة نسرين ..............الخ و مئات امثالهن اللواتي يناضلن ليلا و نهار من اجل حقوق المرأة و مساواتها. انا انتقد الحكومات الأستبدادية و الأسلامية و القومية الذين يحطمون اي سعي و نضال لتغيير حياة المرأة و تغيير حياتها و مكانتها في المجتمع.
برأي ان اسقاط الحكومات الدكتاتورية و ألأستبدادية البوليسية و الأسلامية هي خطوة اولى للحصول على الحرية السياسية و حرية التعبير و حرية التنظيم و انهاء تبعيتها لغيرها و مواجهة السلطة الذكورية و المنطق الذكوري المسلط على المجتمع.
انا ارى ان مسؤولية القادة هي تنظيم النساء في المشاركة بشكل واسع و شامل في الثورات و النضال في الشوارع لابراز الهوية الأنسانية للمرأة و الدفاع عن حقوقها جنبا مع جنب مع باقي اقسام المجتمع للتغيير الجذري من اجل الحرية و المساواة و الرفاه و الكرامة الأنسانية.

6. ما هو الدور الذي يمكن أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على المرأة ومصادرة حقوقها وحريتها؟
سمير نوري: ان المجتمع هو مجتمع رأسمالي و محور دونية المرأة في المجتمع في يومنا الحاضر هو النظام الرأسمالي و سلطته الأستبدادية و الديموقراطية و ان المجتمع الذكوري و عقلية التسلط هي جزء لا يتجزأ من هذا النظام. اذا نريد ان ننهي المجتمع الذكوري يجب ان ننهي سلطة البرجوازية و الأقلية المسلطة على الجماهير و العقيلة المسلطة هي عقلية البرجوازية و مصالحها.
اننا اليوم نواجه السلطة الفوقية للبرجوازية بكل اشكالها و كما اشرت من قبل ان المهمة المحورية للثورات هي انهاء هذه السلطة اذا كان ديموقراطيا كما في العراق ولبنان او استبدادية بوليسية مثل مصر او اسلامية كأيران و السعودية يجب اسقاط هذه الأنظمة و بناء سلطة الجماهير سلطة اكثرية المجتمع ال 99% ضد 1% الأقلية و بناء سلطة الجماهير و تدخل الجماهير بشكل مباشر في مصيرها السياسي.
و انا ارى ان بناء السلطة المجالسية او الكومونية هي اساس هكذا نظام والذي يفسح المجال لمشاركة الجماهير في مصيرها السياسي و الأقتصادي و انهاء سيطرة عقلية الأقلية على الأكثرية و العقلية الذكورية ضد الانثى و انهاء المجتمع الذكوري وبناء مجتمع اشتراكي وانساني.

#سمير_نوري (هاشتاغ)       Samir_Noory#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات