أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف الصفدي - الموقف من روسيا.. ماذا بعد الإدانة؟؟















المزيد.....

الموقف من روسيا.. ماذا بعد الإدانة؟؟


يوسف الصفدي

الحوار المتمدن-العدد: 3633 - 2012 / 2 / 9 - 09:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما هو التوقيت الأسوأ للحديث عن روسيا.. وهي بالتأكيد مجازفة كبيرة إذا لم يكن الكلام حول إدانة الموقف الروسي، والفيتو الثاني لها ضد الثورة. هذا الفيتو الذي منح النظام فرصة أخرى لقتل المزيد من السوريين. رغم وعود لافروف بإنهاء العنف والتي لم يجد النظام أي حرج في تكذيبها في اليوم الأول من الزيارة.
ولكن.. ماذا بعد الإدانة؟ وهل تقدم هذه الإدانة الأخلاقية شيئاً للثورة؟
ما تقدمه، فيما عدا التعبير المشروع عن الغضب ، هو استنتاج مهم: هذا الطريق غير سالك.. فهل أخطأنا التقدير؟!
منذ البداية كنت من ضمن الكثيرين المؤمنين بأن فرص الثورة بالنصر يصنعها الثوار في الميدان.. وهذا سيبقى صحيحاً دائماً. الجهود الخارجية، مع أنها لا تحسم المعركة، لها أهميتها أيضاً. لكن الجهة الممثلة سياسياً للثورة، حتى هذه اللحظة، وهي المجلس الوطني، أولت هذا الجانب أكثر مما يستحق فيما أهملت جوانب أخرى أكثر أهمية.
ومع ذلك، هل كان أداء المجلس فيما يتعلق بالجانب الخارجي، الذي كرس له جل اهتمامه، مرضياً؟ وهل كانت خطواته مدروسة وتصب في مصلحة الثورة؟
منذ المراحل المبكرة للثورة تعالت الأصوات المنادية بالتدخل الخارجي. وفي مرحلة ما من الثورة أصبح رفض هذا التدخل مزاودة على حساب دماء السوريين.... وأصبح من الصعب الدفاع عن الموقف الرافض لهذا التدخل حتى وإن كانت ترجمته الفعلية تدخلاً غربياً أمريكياً أوروبياً. فروسيا ومنذ انهيار المنظومة الاشتراكية خارج لعبة التدخل المباشر إلا في حدود نفوذها الإقليمي في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.
هذا الخيار وإن بقي مرفوضاً لدى قطاع من المعارضة، فهو دون شك خيار قسري لدى غالبية من تبقوا منهم، دفعتهم إليه مواجهة ظالمة مع نظام قرر البقاء في الحكم حتى ولو كان الثمن دماء آلاف السوريين. وهو، كي لا نكون واهمين، خيار مرغوب لدى شريحة معينة أيضاً. إذاً فقد أخذ هذا الخيار شرعيته من منسوب الدم الذي استمر بالارتفاع مع كل يوم من أيام الثورة.
ومع ذلك فإن الضرورات التي أباحت هذا المطلب يجب ألا تعمينا عن الحقيقة الواضحة بأن للتدخل الخارجي ثمن..
لا أعتقد أن هناك من يصدق أن المسألة الأخلاقية هي ما تدفع أمريكا والغرب لأن يحارب نيابة عن الآخرين. ولا اعتقد أن الديمقراطية في سوريا والانتصار لحقوق الشعوب هي هاجس للغرب أو للشرق.. فلأمريكا والغرب تاريخ طويل في دعم أعتى الدكتاتوريات في العالم. أما الشرق فعليه هو نفسه أن يدفع عنه هذا الاتهام.
هي "الصدفة" إذاً، التي وضعت الغرب في خندق المدافع عن الثورة.. والصدفة ذاتها وضعت روسيا في مصاف أعداء الشعوب.. ووراء هذه الصدف مصالح كل منهما.
قد يكون محقاً من يقول أن هذا الكلام لا مكان له، وهو أيضاً من قبيل المزايدة، لأن السوريين أصبحوا عل استعداد للتحالف مع "الشيطان" (كما تردد هذا الشعار) في سبيل وقف هذا النزيف الذي لا يحتمل.
ولكن ماذا لو كان هناك احتمال أن مصير الثورة ووقف النزيف، يكمن بالذات في الموقف من هذه المسألة؟!
لا أحد يملك الحق في المزايدة على الشعب الثائر في داخل سوريا.
وما سأقوله هو محاولة لترتيب أفكاري ولفهم واستكشاف الإمكانات المتوفرة في هذه المرحلة.. أكثر مما هو رؤيا واضحة للواقع.
والسؤال الأهم: أي الطرق هو الأقصر والأسلم لانتصار الثورة؟ وبما أنه لا بد من ثمن، فأي الأثمان تستطيع سوريا دفعها في سبيل هذا النصر.
والحديث هنا عن الخارج..
شئنا أم أبينا، وبعد أحد عشر شهر من القمع والقتل، أصبحت سوريا ساحة للصراعات الإقليمية والعالمية. ولم يساهم الأداء السيئ للمعارضة في تفادي الوصول إلى هذا الوضع. ولمحاولة فهم بعض جوانب هذه الصراعات أطرح ثلاثة أسئلة.. والسؤال الاول:
ماذا يريد الغرب؟
كنا نقول في بداية الثورة أن الغرب يريد بقاء النظام؟ ومع تسارع الأحداث لا بد أن الغرب كان يعيد تقييم الحالة في كل يوم حسبما تمليه المتغيرات. ما هو مؤكد أن الغرب لم يكن طوال الأحد عشر شهر الماضية يستعجل حسم الصراع في سوريا لصالح أي جهة كانت. وباعتقادي أن الغرب لا يضيره أبدا الحفاظ على الوضع القائم حالياً في سوريا والاستمرار في الاقتتال الداخلي علّ ذلك يودي بسوريا في حرب أهلية لسنوات طويلة تخرج سوريا بعدها منهكة وخاسرة على جميع الأصعدة وتخرج إلى أجل بعيد من دائرة الدول المؤثرة في المنطقة.. وحدها حسابات المصالح، والمواجهة مع إيران، وحماية أمن إسرائيل، فد تغير من حساباتهم.
المصالح النفطية للغرب يضمنها وجودهم في الخليج. أما المصلحة التي لا تقل أهمية عن النفط فهي ضمان أمن إسرائيل. وهنا تلعب سوريا دوراً مركزياً. فنظرة الغرب إلى سوريا تمر أولاً عبر إسرائيل. ومنها إلى التحالف السوري الإيراني الذي يعمل الغرب جاهداً على فكه، ما يساهم في عزلة إيران وخسارتها لحليف يقف على حدود الدولة العبرية.

السؤال الثاني:
ماذا تريد روسيا؟؟
لست خبيراً استراتيجياً.. ولكن هذا ما يلخص الكثير من المقالات على الانترنت التي تتحدث عن مصالح روسيا في المنطقة، وسبب هذه الاستماتة في الدفاع عن نظام الأسد:
- المخاوف الاستراتيجية من امكانية خسارة آخر منفذ لها إلى البحر المتوسط. فسوريا هي موطئ القدم المتبقي لروسيا من حقبة الحرب الباردة للطموحات الإقليمية الروسية في الشرق الأوسط من جهة، وسلاحاً رئيسياً في مواجهة الهيمنة الأميركية من جهة أخرى.
- القاعدة البحرية الروسية في طرطوس
- الصادرات العسكرية الروسية لسوريا والتي تشكل ما بين 7 و10 في المئة من مجمل الصادرات العسكرية الروسية.
- احتمال خسارة موسكو لآخر حلفائها وإمكانية عزلها عن عالم عربي يعاد تشكيله، مما يفقد روسيا أي إمكانية محتملة لتعاون مستقبلي مع العالم العربي خصوصاً في مجال الطاقة والحفاظ على استقرار السوق النفطية وضمان حد أدني لأسعار النفط، وإمكانية استثمار روسيا في قطاع النفط العربي من خلال المشاركة في عمليات البحث والتنقيب وتطوير الإنتاج والصناعات البتروكيماوية.
- الحفاظ على هيبة روسيا، لا سيما بعدما شعروا بنوع من "الخديعة" إثر الموافقة على القرار 1973 للتدخل في ليبيا.
- مخاوف من انتقال عدوى الربيع العربي إلى حدودها الأقرب في آسيا الوسطى إن لم نقل إلى روسيا ذاتها. لا سيما أن شوارعها شهدت مؤخراً حراكاً مماثلاً، اتهمت موسكو الغرب باستغلاله.
إذاً المسألة بالنسبة لروسيا على درجة كبيرة من الأهمية، ولن تسلم كما بدا جلياً بالتنازل عن سوريا، وهي ترى حتى هذه اللحظة أن النظام السوري يضمن لها مصالحها.
والسؤال الثالث والأهم:
ماذا تريد سوريا؟
داخلياً: الشعب السوري يريد سوريا حرة مدنية ديمقراطية، ويريد التخلص من نظام القمع الجاثم على صدره لأكثر من أربعين عاماً.
خارجياً: السوريون يريدون دولة آمنة قوية قادرة على ضمان سيادتها وحدودها وحقوقها، مع استعادة ما اغتصب منها.ويريدون أيضاً التكامل مع هذا العالم اقتصادياً وثقافيا وإقامة علاقات سليمة متكافئة مع باقي دول العالم بشكل يضمن مصالحها ونمائها وتطورها.
لتحقيق ذلك ضمن موازين القوى السائدة، والواقع العالمي الذي لا زالت تحكمه الصراعات والمصالح، والواقع الخاص للشرق الأوسط، لا بد من تحالفات لكي تستطيع الحفاظ على كيانها وسيادتها وحقوقها وتكون قادرة على مواجهة أعدائها. فليست هناك دولة تستطيع العيش معزولة في هذا العالم.
أي التحالفات إذاً هي الأفضل لسوريا؟
مع التفهم للموقف الانفعالي والإدانة الأخلاقية، وإذا تجاوزنا الحاجز النفسي تجاه روسيا "المعادية للثورة" ونظرنا إليها على أنها دولة ذات مصالح؛ هل هناك إمكانية لسوريا المستقبل للتحالف مع روسيا؟ هل هذا لمصلحة سوريا؟ وهل هناك إمكانية لتبديل موقف روسيا إلى مؤيد للثورة؟ وأتساءل أيضاً هل هناك موانع مقنعة لعدم العمل بكل الطاقة الممكنة لتحقيق ذلك؟
قراءة موضوعية لهذا الرأي تتطلب الابتعاد عن الانفعال، وتقديم أهداف الثورة على أي شيء آخر لإحداث خرق ما في الاستعصاء الحاصل.
لقد بات واضحاً أن وقوف روسيا إلى جانب النظام هو العقبة الأكبر (خارجياً). وروسيا كما الغرب دولة ذات مصالح، وربما آن لنا أن نبني تحالفاتنا أيضاً وفقاً لمصلحة سوريا ، والتخلي عن أي معيار أخر.
منطقياً وتاريخياً مصالحنا تتقاطع في الكثير مع مصالح روسيا. وهي بالتأكيد تتعارض مع مصالح الغرب.
قد تكون روسيا ليست مضمونة أنها ستكون دائماً إلى جانبنا، لكن أمريكا والغرب مضمونة بالتأكيد أنها إلى جانب أعدائنا.
لندع هذا جانباً حالياً ونتكلم في الأني الملحّ. ففي ظل التوازنات العالمية القائمة، يبدو أن روسيا لن تتنازل عن مصالحها في المنطقة العربية وبوابتها الأخيرة إلى ذلك سوريا.. في حال أن تنازل أمريكا والغرب ممكناً، لأن مصالحها مضمونة أصلاً وقواعدها في المنطقة كثيرة أولها إسرائيل وليس أخرها الخليج بأكمله.
بالنسبة للغرب هي معركة أخرى قد تخسر وقد تربح.. بالنسبة لروسيا هي حرب على موطئ القدم الأخير.
إذاً روسيا كما هو واضح حتى الآن لن تتنازل عن سوريا.
لكن هذا لا يعني أنها لن تتنازل عن النظام. إذ لا يربطها بنظام الأسد أي رابط سوى مصالحها، وإيمانها بوفائه للتحالف القائم بينهما. وهذا ما يجعلها تستمر بالوقوف إلى جانبه. وهي من الممكن أن تتنازل عنه دون تردد إذا ضمنت أن سوريا ما بعد الأسد سوف تضمن لها مصالحها ووجودها في المنطقة.
إذا صح هذا الكلام يصبح من الواجب على المعارضة أن تتوجه بخطوة جدية تجاه روسيا، ليس من أجل محادثات لرفع العتب (أو كف البلا) وإنما لإعطاء ضمانات حقيقية لها. مع العلم بأن هذا يعني التخلي عن التوجه إلى جهات أخرى، والتوقف عن المناشدات والمفاوضات مع الغرب، الذي لو أراد لسوريا الخير لكان بإمكانه التدخل منذ شهور.
باعتقادي أن المجلس الوطني بتركيبته الحالية غير قادر على لعب هذا الدور لأنه لم يعد بإمكانه أن يكون مصدر ثقة لروسيا.
المطلوب إذاً إعادة تشكيل التمثيل السياسي للمعارضة بحيث يتناسب مع متطلبات المرحلة. والتوجه إلى روسيا بنوايا صادقة، والتأكيد على أن سوريا المستقبل ستكون صديقاً حقيقياً لروسيا.
عندها لن يبقى لروسيا أي سبب للتمسك بنظام الأسد.. والمعادلة الدولية ستنقلب كلياً لصالح الثورة، ولن نكون بحاجة إلى التحالف مع أعداء الخارج لكسب المعركة مع أعداء الداخل.
هذا الموقف يعني منعطفاً كبيراً في التوجهات السائدة، لكن فرصهُ، برأيي، لكسب المعركة الخارجية مع النظام تستحق المحاولة بالتأكيد. ما قد ينقذ سوريا من خيارات أخرى أصعب وأغلى ثمناً بما لا يقاس. علماً أن أي حل أخر يأتي من الخارج قد يتضمن تدخلاً عسكرياً.
هذا كله بالطبع لا يغير شيئاً من المعادلة الأصلية، وهي أن فرص الثورة بالنصر تبقى من صنع الثوار في الميدان.. على أمل أن لا يكون هذا النصر مرهوناً بهذا التحالف أو غيره.. لتبقى سوريا حرة من كل قيد.



#يوسف_الصفدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف الصفدي - الموقف من روسيا.. ماذا بعد الإدانة؟؟