أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر الراجي - الطنطان..مدينة الثورة والوجع القديم














المزيد.....

الطنطان..مدينة الثورة والوجع القديم


عمر الراجي

الحوار المتمدن-العدد: 3626 - 2012 / 2 / 2 - 08:37
المحور: الادب والفن
    



عام يمر وآخر يجيء, فمتى تصحوا من سباتها أعين هذا الزمن الرديء؟ ومتى تصحوا على خجل أعينٌ أسهبت في مغيبها؟ أسئلة ستظل مراوِحَةً مكانها في مدينة أتعبتها السنينُ و أتعبت فيها الحياةُ ساكنيها, مدينةُ الطنطان بكل تجلياتها و في كل حللها, بجمالها رائعة, و باهتةً, بصحوها و في سباتها, ستبقى رغم كل هذا مدينةً ضاربةً في العراقة, مدينةً تأبى الرضوخ و لو على مضض لدواليب النسيان و عادياتِ الزمن.
سيأخذ السردُ كلَّ هذا المجالِ, لتغرقَ حتى الثمالة مِن غيهّا صحفٌ حملت على كفها جرحَ الطنطان وساكنيه, سننصتُ طويلا لصوت الجدران القديمةِ, وهي تهمس بذكريات لا حصر لها. وقد تسرقنا اللحظات, حتى نوغل في السفر إلى ما لسنا نعرفه, و إلى أشياء غادرتنا منذ زمن طويل, ولم نشعر بها, هكذا.. في غفلة من الزمان.
ستمضي و لو مرة أيها العائد لتوّك من غيابٍ طويل, ستمضي إليها إلى حزنها, و تلمسُ في رحلتك شيئا من هذا الجرح المشبع نزفا, وتعرفُ سر ذلك الطالع الحزينِ على وجهها, فكلما تنقلتَ بين أزقة لا تشبه المدن َ, أحسستَ بأنكَ أقربُ من زمن ولى في اندثار, فلم يبقَ من تلك السنين الهاربةِ إلا آثارها علينا.
إيهِ يا الطنطان, أرى الزمن ظالما حين ظلمك, أم تراهُ القدرُ جاءَ على كل ما تركَ فيكِ الأمسُ مِن ألقٍ ومن صفحات جرح يأبى أن يندملَ. فهو ينزفُ حتى تُسحقَ الأرْيَاقُ, و تموتَ النصالُ مِنْ وجعِ لا يطيبْ, إيهِ يا الطنطان, يا فسحة للشوق لم تزل وارفة الظلال, من جنوبها و حتى شمالها وارفةَ الظلال, ومن هضبات الحميدية و هي تحمل في صبرها صبر مدينة هادئة, إلى مهابة ( الجْمَيْلاتْ) حيثُ الجَمالُ مغْدِقٌ و حيث التاريخ يحكي أروع الكلمات, و من كلّ اتجاه سوف تهطلُ النسمات, لترحلَ مِنْ كمدٍ أعينُ الزائر, فينزوي لحظةً للبكاءْ.
وقتٌ لنفقد فيهِ شيئا من صلابتنا, أو هو وقت لنبدأ ما انتهى عنده هذا الشعور الضالع في اليأس, وقت لنترك للحنين فرصتهُ ونجهش مرة أخرى بالبكاء, فلا سببٌ يمنعنا عنهُ... ولا وطن لنا إلا الطنطانْ.
قديما قال الشاعر الحساني: _الطّنطانْ الاّ للبيظانْ _, شطرٌ لن يجد صداهُ اليومَ للأسف, و واقعٌ معاش يزيدُ حرقة نفس تعشق في كينونتها الطنطان. ستلهمنا السطور ما نقوله, و سنغرق في الحنين, إنها الطنطان تسبق صورتها في الحنين, و تسبق الذكريات, وتسبق كل شيء فلا ندرك أننا في حضرتها, ولا نشعر أننا من ساكنيها, مدينة أعجزت فينا يقيننا, و قتلت سهامُ حبها قلوباً بادلتها الحزن و الأسى.
لقد سافر العزفُ في خواطرنا, سنشعل الشموع سبحا طويلا, سنتغنى بثورتها حين يشهرُ الصيف أعلامهُ في النُّذُر, سنرفع الرايات بيضا من جدائلها, و نحملُ عنها عباءتها, فيكونُ المساءُ طوعَ اشتهائها, ويبدأ موسمُ الثورة.
الطنطانُ.. ثورةُ الرعاة و الأباة, لن تسرق السنين عبق الدماء فيها, ولن يخذلَ الطّوبُ هيبتها, إنّ هيبتها في انكسارها, و ذلك التوهج من نسيم الوادي يقطعها نصفينِ في اتّزان, نصف يعانقُ الجنوبَ, ثم يحذو حذوهُ فلا يغادرُ المكانَ و الزمان, ونصف أتعبه الإنتظار, فهو خائرٌ على الرمال يكتوي جمودها. شوارع من الكلام تنجلي ويختفي حداءَها وطنٌ أنجبتهُ الأحلام يوما, فكان الدمار أسرع من أي حلم.
الطنطان كل يوم تندب حظّ أبنائها الراحلين, الهاربين من جحيمها ومن لهيب حبها, الطنطان, كلَّ لحظة تموتُ في صمتٍ ملامحُها. بدويّة ً كانت ملامحُها, صحراويةً كانت و مفعمة النشاط في الظهيرة كأي مرأة في الصحراء.
كانَ الناسُ زينتها فأينُ الناس؟ كانَ الأمسُ مأرِزَها فأين الأمسُ؟, لقد غادر كل شيء. وهاهي الطنطان مدينة أخرى تسامرُ الدهورَ في انكسار. و من غرامنا نظل نحمل في دواخلانا, إسمها الجميل..مدينة الثورة و الوجع القديم.

01/02/2012
الطنطان



#عمر_الراجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيلم -أوسكار: عودة الماموث-.. قفزة نوعية بالسينما المصرية أم ...
- أنغام في حضن الأهرامات والعرض الأول لفيلم -الست- يحظى بأصداء ...
- لعبة التماثيل
- لماذا يا سيدي تجعل النور ظلاماً؟
- نشطاء يريدون حماية -خشب البرازيل-.. لماذا يشعر الموسيقيون با ...
- -ماء ونار-.. ذاكرة الحرب اللبنانية في مواجهة اللغة وأدوات ال ...
- أردوغان يستقبل المخرج الفلسطيني باسل عدرا الفائز بأوسكار
- توقيع اتفاق للتعاون السينمائي بين إيران وتركيا
- تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية ...
- إطلالة على ثقافة الصحة النفسية في مجتمعنا


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر الراجي - الطنطان..مدينة الثورة والوجع القديم