أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيفا صندي - أزمة مصر الثورية بين الدولة الدينية والدولة المدنية















المزيد.....

أزمة مصر الثورية بين الدولة الدينية والدولة المدنية


فيفا صندي

الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"لا تخدعونا بهذا الزعم الكاذب بأنه لا إسلام بدون حكم إسلامي فهي كلمة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب والإسلام موجود بطول الدنيا وعرضها وهو موجود كأعمق ما يكون الإيمان بدون حاجة الى تلك الأطر الشكلية. أغلقوا هذا الباب الذى يدخل منه الانتهازيون والمتآمرون والماكرون والكذبة إنها كلمة جذابة كذابة يستعملها الكل كحصان طروادة ليدخل الى البيت الإسلامي من بابه لينسفه من داخله وهو يلبس عمامة الخلافة ويحوقل ويبسمل بتسابيح الأولياء. إنها الثياب التنكرية للأعداء الجدد"..!

بهذه الكلمات الموحية شديدة الدلالة افتتح بها مقالي هذا.. مقتبسة ضي المعرفة بهذا الرأي السديد لدكتور" مصطفى محمود" الذي أفنى عمره بين صنوف الكتب والعلم والمعرفة والأديان ليخرج لنا خلاصة هذا الرأي حول من ينتسبون إلى الإسلام بزى التقليدي لم ينص عليه القرآن ولا سنة تتبع بهذا اللباس المعين إلى يوم الدين، ويتشدقون ببعض العبارات ذات القدسية المسيطرة في نفوس من سامعيهم.. وسواء كانوا أعداء أو منقذين، فإن حلم الإسلاميين بالوصول إلى الحكم قد تحقق بعد ثورات الربيع العربي، وحديثي هنا عن مصر قلب الميزان في الشرق الأوسط فأن حدث به أي خلل مالت الكفة وسقط كل شيء.

وجاء المنقذ لمصر في زيه الإسلامي التقليدي من خلال فوزه في الانتخابات. ولأول مرة في تاريخ الجماعات الإسلامية المتناحرة في المنهج والأسلوب أن يتفقوا على كلمة واحدة "الإسلام هو الحل"، حملوها كـ شعار قوى وبراق جذب لهم العامة والبسطاء والأكثرية المتدينة بالفطرة أو بالعادة. أغلبهم رحب بهذا الشعار ورأوا فيه المنقذ من الفساد الأخلاقي والسياسي، لكن عن أي حل يتحدثون؟ ولا ندري ما هي مخططاتهم لـ بناء دولة مصر المستقبل؟ فبالتأكيد الدولة التي نَظّر لها سيد قطب وحسن البنا والمودودي ليست هي نفسها التي سينتجها الإسلاميون اليوم..

يظل التخوف الأكبر من بعض الجماعات السلفية الجهادية التي دخلت اليوم معترك السياسة دون ممارستها العمل السياسي الواقعي البراغماتي من قبل، وهم اليوم يشكلون احزابا سياسية ممثلة داخل المجلس، لكنهم لحداثة تجربتهم السياسية فأنهم مرشحون أكثر من غيرهم إلى السقوط وارتكاب تجاوزات غير محسوبة أو الاستدراج لخطابات وأعمال تضرب صورة الحركات الإسلامية جميعا، وقد كان أولها خرقهم للدستور في إضافة فقرات إلى نص اليمين القانوني في الجلسة الافتتاحية لبرلمان مصر بعد الثورة 2011م.

إن إضافة عبارة "بما لا يخالف شرع الله" من طرف بعض أعضاء المجلس لم تأتي اعتباطا، بل هي تحمل أكثر من دلالة ولعل أبرزها هو تأكيدهم على رغبتهم في الاحتكام إلى الدين والذي لن يتأتى إلا من خلال قيام الدولة الإسلامية؟ فهل هذا ما يطمح إليه الإخوة السلفيون؟ هل يريدون مصر دولة إسلامية؟ وعلى أي طراز الإيراني الأفغاني الباكستاني أم الوهابي السعودي أم التركي.؟! وهل هي إرادة الشعب التي سوف تحسم هذا الطراز فيما تمسك به السلفيون سابقا بالاستفتاء، أم فقط إرادة بعض ممثلي الشعب هي التي تحسم الأمر بلا استفتاء شعبي أو غيره، على مبدأ إن العامة الدهماء لا يدركون مصالحهم وهى من حق والي الأمر الذي يأمر فيطاع وعدم الخروج عليه؟!

يجب الإقرار أولا أن وصول الإسلاميين إلى سدنة الحكم غداة ثورة 25 يناير لم يكن انتصارا تاريخيا لهم بقدر ما كان تعبيرا عن رغبة الشعب في التغيير وفي تجربة وجوه جديدة وسياسات جديدة بفكر جديد. ربما يكون أخر نبراس أمل يربط الشعوب بالسياسة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقط نجح فعلا الاسلاميون في استغلال الظرفية وتعاطوا ببراعة مع الموروثات الفاسدة السياسية والاجتماعية والثقافية التي خلفتها أنظمة الاستبداد. لقد عزفوا للشعوب على الوتر الحساس، وعرفوا جيدا "من أين تأكل الكتف"، وبرعوا في اقناعهم أن وصول الإسلاميين إلى السلطة هو الحل لأن شرع الله هو منهاج الحياة( لتوضيح، الفطرة الإنسانية السليمة التي جلبها الله على فطرته السامحة تمشى من تلقاء نفسها على شرع الله) إذن هذه المقولة" شرع الله" فضفاضة فبأي تفسير وبأي فقه سوف يجعلون منهاج الحياة هذه يمشى على شرع الله؟!
ومن هنا فلم تكن "ايديولوجية الاسلام السياسي" هي السبب وراء صعودهم إلى السلطة، ولم تكن السبب الرئيسي في اختيار الشعب لهم والتصويت لهم في صناديق الاقتراع. فهل سينجحون بعد ذلك في تأسيس الدولة الاسلامية التي طالما حلموا بها، والتي كانت مسيطرة على مدار أكثر من 80 عاما على ايديولوجية الحركات الاسلامية من اشدها تطرفا الى اقصاها اعتدالا؟

مصر اليوم في خطر، والصراع شرس بين دعاة الدولة الاسلامية الذين يؤكدون على هوية مصر الاسلامية مع المطالبة بتنفيذ الشريعة الاسلامية، مستدلين في ذلك بالفصل الثاني من الدستور الذي ينص على ان على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. وعليه يعتبرون أن أي مخالفة لذلك تعتبر خروجا عن الشرع والدين.. وكأنهم يعيشون حالة حرب، أو أثبات ذات، فإما الفوز بإعلان دولة إسلامية أو الاستشهاد في سبيل ذلك.
وبين دعاة الدولة المدنية الذين من جهة لا يؤمنون أن هناك شيء اسمه دولة إسلامية، وأن هذا اختراع لنظام جديد غير موجود في العالم، مستشهدين على ذلك بفشل الدولة الدينية على مر كل العصور، أما نموذج الخلافة، فيقولون أنه طبعا لا يمكن تطبيقه الآن.

ومن جهة أخرى يعتبرون أن من الخطأ وصف مصر بأنها دولة دينية لمجرد وجود نص في الدستور ينص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، مؤكدين أن كل من ينكر على مصر مدنيتها لمجرد وجود هذا الفصل، فهو مصاب بقصور في الرؤية والفكر؛ فمصر كانت وسوف تبقى مدنية ذات مرجعية إسلامية، بغض النظر عمن يحكمها.

وبين هذا وذاك يظل الواقع وحده يفرض نفسه، وواقع الحال اليوم يقول إن هناك رغبة أكيدة لدى الحركات الإسلامية، التي تحكم مصر اليوم، في تأسيس مصر الإسلامية، مستغلين في ذلك سذاجة المواطن البسيط المنتمي للكتلة الصامتة العريضة داخل الأقاليم الصغيرة والقرى والنجوع النائية،حيث يثم شحنه بأفكار مغلوطة، وتطعيمه بمعلومات وكلام خاطئ عن الآخر باعتباره يخالف شرع الله، لدرجة اتهامه بالكفر.

الصراع اليوم على أشده والأزمة السياسية قائمة بالفعل، ولا أحد يستطيع التكهن بماذا سوف تنتهي، وعلى ماذا سوف تنتهي هذه الأزمة ومصير مصر؟ ولا أحد يستطيع أيضا إنكار أن ثمة صراع ثقافي وإعلامي قد بدأ يولد لتحديد شكل مجتمع مصري جديد وهوية مصر جديدة.!

إن ما تحتاجه مصر اليوم، هو ثورة عقل، وثورة فهم، وثورة عمل، وثورة من أجل مصلحة مصر أولا.. مع الإسراع في صياغة دستور جديد تتفق عليه كل مكونات الشعب المصري دون تمييز، يضمن الحقوق والحريات ويكرس مبدأ سيادة القانون والمؤسسات، دون الانحياز إلى أي فئة من فئات المجتمع ولا لجماعة ولا لحزب ولا لحركة ولا لملة ولا لدين.. ما تحتاجه مصر اليوم هو تفعيل مطالب ثورة 25 يناير التي قامت على مبادئ الديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة.. واعلاء قيم حقوق الإنسان والحريات بما يتوافق مع رؤية وثيقة الأزهر الشريف للدولة المدنية والتي لاقت قبولا من كافة التيارات الوطنية لما تضمنته من بنود لتعزيز الديمقراطية والتعددية وقبول الأخر. والتي جاء من ضمن بنودها دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، ويحدد إطار الحكم، ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، بحيث تكون سلطة التشريع فيها لنواب الشعب، بما يتوافق مع المفهوم الإسلامي الصحيح، حيث لم يعرف الإسلام لا في تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف في الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التي تسلطت على الناس، وعانت منها البشرية في بعض مراحل التاريخ، بل ترك للناس إدارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة لمصالحهم، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية.



#فيفا_صندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق الجاهلية الأولى بين الحكومة الإسلامية والبرجماتية فى ظل ...


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيفا صندي - أزمة مصر الثورية بين الدولة الدينية والدولة المدنية