أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زياد حميدان - سيميولوجيا ساحات الثورة ميدان التحرير فضاءً لثورة 25 يناير أنموذجا















المزيد.....



سيميولوجيا ساحات الثورة ميدان التحرير فضاءً لثورة 25 يناير أنموذجا


زياد حميدان

الحوار المتمدن-العدد: 3618 - 2012 / 1 / 25 - 17:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقدمة
فضاءً لكثير من الثورات في التاريخ كانت الساحات والميادين والشوارع، وقد كانت كذلك للثورات العربية العارمة كما جرى في تونس ومصر واليمن والبحرين في العام 2011، فكان ميدان التحرير وساحة القصبة وساحة التغيير في صنعاء وميدان اللؤلؤة فضاءً ومسرحاً سريالياً يحتشد فيه الواقع والفانتازيا بكثافة، كما وتتوالد فيه العلامات والرموز والدلالات والمعاني، بكلمات أخرى كانت الميادين نصاً وخطاباً بمكن قراءته وتحليله.
ستعمل هذه المحاولة على دراسة وتحليل سيميولوجيا* ميدان التحرير من حيث هو فضاء لنسق علامات ورموز لها دلالات ومعاني، أيّ تحديد نسق سيميولوجيا ميدان التحرير، عبر رصد وتحديد وتحليل العلامات والرموز ومعانيها ودلالاتها، سواء كانت تتجلى عبر التعبيرات اللسانية (اللغوية) أو غير اللسانية في الميدان، وصولاً لفهم وتفسير ظاهرة ميدان التحرير من حيث كونه فضاءً ثورياً ببعده الرمزي ومعانيه الكامنة.
هذا وستعتمد الورقة في تمشيها المنهجي على سيميولوجيا الدلالة* والتي تعنى بالبعد الرمزي للظواهر الاجتماعية، فمن خلال الرموز تكتشف الدلالة وصولاً إلى المعنى من حيث كونه المادة التي تشتق منها الدلالات، المعنى باعتباره مادة تكون الدلالة شكلا لها ومشتقة منها، بمعنى آخر إن الدلالة " صيرورة لإنتاج المعنى"(بنكراد،2010).
كذلك ستعتمد الورقة على سيميولوجيا التواصل* والتي تدرس وسائل التأثير والتواصل مع الغير، والتي تكون معترفا بها من قبل المستقبل، كما ويكون قصد التواصل من قبل المتكلم أو المرسل معترفاً به من طرف المستقبل أو متلقي الرسالة، كما وتنظر سيميولوجيا التواصل للغة على أنها نظام تواصل، يتضمن قدراً كبيراً من الانسجام، والاهم هو في انها ترى أن وسائل التواصل ببعدها الإخباري تبلغ معلومة وتخفي أخرى.
ولأن السيميولوجيا تفترض إقامة علاقات وروابط بين علامات مختلفة قد لا يستطيع الإمساك بها إلا من كان بن التجربة التي ساهمت في صياغتها( بوعزيزي، 2010: 14)، فان الورقة حاولت جاهدة التغلب على عقبة عدم انخراطها في فضاء ميدان التحرير مادياً، من خلال متابعة وتسجيل ما قدمته الفضائيات والانترنت والصحافة بشكل متواصل ويومي منذ 25 يناير 2011 وحتى انتصار الثورة في ميدان التحرير.
التمشي النظري والمنهجي
بقدر ما ستستند هذه المحاولة إلى السيميولوجيا كأداة منهجية في تعاطيها مع فضاء ميدان التحرير، إلا إنها ستتعامل مع ميدان التحرير أيضاً من حيث كونه فضاءً سوسيولوجياً بامتياز، حيث لا يمكن فصل سيميولوجيا ميدان التحرير عن البنية السوسيولوجية الأكبر، يقول كاستورياديس: "إن ما يبقي المجتمع متماسكا هو تماسك عالم دلالاته"(كاستورياديس،2003: 504)، فبرغم تشظي الواقع المصري ما قبل الثورة، إلا أنه أظهر تماسكا مهولاً مع أول لحظة للثورة، وهو ما يطرح تساؤلا حول كيفية حدوث ذلك بهذه السرعة.
وإذا كانت السيميولوجيا منهجا ودرسا في تحليل النصوص، فان هذه المحاولة ستذهب مفترضة أن فضاء ميدان التحرير شكل نصاً وخطاباً قابلاً للقراءة والتحليل تفكيكاً وتركيباً، وهو ما يجعل إمكانية الاعتماد على منهجية التحليل السيميولوجي أمرا مقبولا.
حيث سيرتكز التحليل السيميولوجي باعتبار الميدان نصاً وخطاباً على ثلاثة أسس هي:
التحليل المحايث: ويقصد به البحث عن الشروط الداخلية المتحكمة في تكوين الدلالة وإقصاء كل ما هو خارجي كظروف النص والمؤلف وإفرازات الواقع الجدلية، وعليه فالمعنى يجب أن ينظر إليه على أنه أثر ناتج عن شبكة من العلاقات الرابطة بين العناصر(بنكراد،2011) وهنا نرى بأن عملية الفصل هذه ستكون في المرحلة الأولى في تحليل جسد النص، يليها ربط هذا النص بسياقه السوسيولوجي والتاريخي.
التحليل البنيوي: إن إدراك معنى الأقوال والنصوص يفترض وجود نظام مبني على مجموعة من العلاقات، وهذا بدوره يؤدي بنا إلى التسليم بأن عناصر النص لا دلالة لها إلا عبر شبكة من العلاقات القائمة بينها، (بنكراد،2011)، ان معرفة العلاقات القائمة ما بين علامات ودلالات ومعاني فضاء الميدان هو المرحلة الثانية في تحليل هذه المحاولة.
تحليل الخطاب: حيث تتجاوز السيميويولوجيا اللسانيات البنيوية التي تهتم بدراسة الجملة انطلاقا من مجموعة من المستويات المنهجية حيث تبدأ بأصغر وحدة وهي الصوت لتنتقل إلى أكبر وحدة لغوية وهي الجملة، منطلقة إلى تحليل الخطاب .
نحن هنا أمام مقاربة منهجية تستند في تمشيها المنهجي لسيميولوجيا التواصل والدلالة، وهي ترجع إلى التحليل البنيوي في تعاطيها مع ميدان التحرير كنص وخطاب سيميوسوسيولجي يمكن تحليله استناداً لأدوات سيميولوجية ولسانية.

ميدان التحرير..فضاء مديني.. نص وخطاب
ميدان التحرير أو ميدان الاسماعيلية أو ميدان السادات أو أيضاً ميدان الشهداء، كلها أسماء أطلقت على ميدان التحرير على مر العصور منذ إنشائه منذحوالى قرن ونصف القرن، حيث يعد أحد أكبر ميادين العاصمة المصرية شهرةً وأيضاً من أهمها من حيث الحركة والموقع، ولكن الأهم من كل هذا هي رمزية هذا الميدان عبر تاريخه منذ إنشائه وحتى يومنا هذا.
لقد كان اعجاب الخديوي اسماعيل بالحضارة الاوربية خاصة الفرنسيه سببا في كونه عمل منذ توليه الحكم في تخطيط وبناء القاهره الجديده وفق الطراز السائد فى باريس، ولهذا كلف المعمارى الفرنسى(باريل دى شامب ) الذى قام بدوره بإنشاء المبانى والميادين الجديد على الطراز الفرنسى، وكان من بينها ميدان التحرير الذى انشىء عام 1865(على نمط ميدان شارل ديجول فى فرنسا) تحت اسم (ميدان الاسماعيليه ) نسبه إلى الخديوى اسماعيل.
ومنذ انشاء الميدان وهو يشهد العديد من الأحداث الهامه فى تاريخ مصر، ففي العام 1881 خرج الزعيم الراحل احمد عاربى من الميدان بقياده وحده عسكريه متجهاً إلى قصر عابدين حين قال جملته الشهيره "لقد ولدتنا أمهاتنا أحرار" .
وحضر الميدان مرة اخرى اثناء ثوره 1919 حيث تجمع الآلاف من المصرين أمام ثكنات الجيش الانجليزى التى كانت معسكره فى الميدان وأجبرته على الموافقه على عودة الزعيم سعد زغــلول
هذا وبقي أسم الميدان "ميدان الاسماعيليه" حتى قيام ثوره 1952 التى غيرت اسم الميدان إلى ميدان التحرير تيمناً بتحرير مصر من حكم أسره محمد على والأحتلال الانجليزى .
لتظهر أهميه الميدان من جديد فى العهد الحديث اثناء العدوان الثلاثى على مصر، حيث تجمع آلاف المصريين فى الميدان للتطوع ضد الاحتلال فى بورسعيد، وكذلك وفى 9 يونيو 1967 عندما قرر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر التنحى عن منصبه كرئيس للجمهوريه بعد الهرزيمة، لتنطلقحشود هائله من الشعب المصري إلى الميدان مطالبة عبد الناصر بالبقاء والتراجع عن قراره، وبعد سنة تقريباً وفى سبتمبر 1968 شهد الميدان مظاهرات جديده من الشباب والطلاب تطالب بمزيد من الحريه والديمقراطيه.
وفى يناير 1972 شهد الميدان واحدةً من أكبر المظاهرات الطلابيه ضد أنور السادات ليعبروا عن غضبهم واستيائهم بسبب تأخر الرئيس انور السادات فى الرد على الهزيمة وأعلان الموعد النهائى للحرب، وفى أكتوبر 1973 احتشدت الجماهير فى الميدان لتحيه السادات عندما كان قادماً لالقاء خطاب النصر فى مجلس الشعب، ثم ليتجمع الناس فى عام1977 (عام الانفتاح الاقتصادى) فى الميدان ليعبروا عن غضبهم بسبب رفع العديد من السلع الاساسيه(عالم الابداع، 2010) .
وعندما أندلعت الحرب ضد العراق وتم غزو بغداد في ابريل 2003 أشتعلت المظاهرات وكان ميدان التحرير هو أكبر تجمع لأكبر مظاهرة فى مصر، إلى أن جاءت ثورة 25 يناير 2011 حين أحتشد ملايين المصريين في ميدان التحرير مطالبين برحيل الرئيس محمد حسني مبارك من رئاسة الجمهورية واصبح الميدان فضاءً للثورة المستمرة رغم تخلي مبارك عن سلطاته، فكان زال فضاء الاحتفال بالنصر وما زال فضاءً لحماية الثورة وصويب مسارها وحمايتها من حكم العسكر.
يقول بارت "المدينة خطاب.. تتحدث المدينة إلى سكانها ونحن نتحدث إلى مدينتنا"(بوعزيزي،2010: 194) فكيف إذن بميدان التحرير في القاهرة وخاصة خلال الثورة، حيث شخص فضاءً ولغةً ونصاً وخطاباً، نسق وبنية لها رمزية ودلالات ومعاني تبوح بما تختزنه قاهرة مصر وشعبها.
والمدينة أيضا ليست لا مكان مشترك ولا مكان نهائيّ، بل هي تتوسّط تجارب الفاعلين، أي ممارستهم اليومية لفضائهم والصورة الشخصية للمدينة، بعبارة كابال والصورة المتحفيّة بتعبير بيار جودي، وتحتمل هذه الصورة الرمزية للفضاء المديني باعتبار اقترانها بالممارسة الفضائية للفاعلين عناصر فعليّة متأتية من العلاقة المباشرة واليومية بالفضاء وعناصر خياليّة تتّصل في الغالب بالمعلومة حول المدينة لا بالاستعمال، وهو ما يؤكّد الطبيعة المعقّدة لجدلية الصلة بين الذات الاجتماعية وفضائها الخاص مثلما العام (اليحياوي،2010).
لذلك فإن ميدان التحرير ليس مجرد ميدان مديني فسيح له هندسته المعمارية بكل ما فيه من مباني وتقاطع مع ميادين وشوارع يحوي حشداً من الناس فحسب، يقول مشاري النعيم: "ومن يعتقد أن الفضاءات العامة هي مجرد "أمكنة" وفراغات عمرانية مجردة، فهو واهم ولا يعي القيمة الكبيرة التي تعبر عنها الفضاءات الحضرية"(النعيم، جريدة الرياض، 2011)، وعليه مثل ميدان التحرير خطابا يحتل مكانة كبرى في الوعي الجمعي المصري، لما حمله في الماضي من ورمزية كبيرة، ليحمل بعد 25 يناير دلالة ورمزية أكبر ومختلفة عكسها نسق العلامات في فضاء ميدان التحرير خلال الثورة.
ولهذا كان الميدان موضوعاً لصراع محتدم ما بين الثوار والسلطة، ليس لمجرد كونه فضاءً مدينياً واسعاً في قلب القاهرة، بل لكونه شكل نسق علامات لمجال الفعل السياسي، ففي الاصل تدلل هندسة الساحات الفسيحة على اتساع المجال السياسي بين الشعب والدولة أو السلطة، لكن تلك الساحات في ظل الأنظمة التسلطية التي تبقي مواطنيها على هامش الفعل السياسي، تبقى حكراً على السلطة، ولهذا كان من أهداف الثورة استرداد ميدان التحرير الذي أصبح مجالاً للشعب الذي يناضل من أجل كنس النظام المتغول منه، كدلالالة على نزع الشرعية عن النظام، ولهذا انطلقت "غزوة ذات الجمال" كما أسماها المصريون في محاولة يائسة من قبل النظام وأنصاره لاسترداد ميدان التحرير كمجال سياسي يملكه النظام الذي اختزل الشعب والدولة في ذات الرئيس وبطانته المستفيدة من الوجود في سدة السلطة.
قبل 25 يناير شكل ميدان التحرير كمكان مركز وقلب مدينة القاهرة، ليصبح خلال الثورة دلتا ومصباً لشوارع القاهرة بما فيها من جماهير، وأضحى الزمكان الذي يتم فيه الكشف عن المكبوت، واستحضار الغائب وتغييب الحاضر.
كما وأضحى الزمان المسترجع بما يختزنه من رمزية عالية تعكس هابيتوس الشعب المصري وخاصة شبابه الذي مُنعته السلطة لعقود من تجسيد وعيه مادياً وعلانيةً، فذهب إلى العوالم الافتراضية في رحاب الانترنت والفيس بوك، ليتحول إلى شبح بعيد عن الأيقونة، فإذا به يعلن عن نفسه في رحاب الميدان علانيةً ومادياً ويشكل أيقونة حية طوال أيام الثورة في الميدان، بحيث أعيدت موضعة الميدان ليحتضن أجساد الملايين التي تقوم بالغناء، الرقص، إلقاء الشعر، تقديم أعمال مسرحية، تردد الشعارات والهتافات، ترفع اللافتات، تلقي بالنكات وتستلذ سخرية بالرئيس ونظامه، تقوم بالمواجهة والاشتباك، تتخذ الميدان ارض صلاة مقدسة، ساحة عزاء بالشهداء، تجعله فضاءً لاحتفالية بالغد المنتزع بالثورة، وساحة ربما لأكبر حفل زواج في التاريخ المعاصر يحضره ما يناهز مليونيّ مدعو ليباركوا عقد قران زوجين شابين، محط الأنظار والفضائيات، منبر المواقف، ومرجل صهر وفرز للسياسي والطبقي.
جاء في البلاغة للزمخشري أن اصل "ميدان" هو من " و د ن" ودنه بالعصا أيّ ضربه، ومنه: الميدان لأن الخيل تودن فيه، أيّ تضرب فيه، فهل من قبيل الصدفة أن تضرب الخيول والجمال أرض ميدان التحرير، لتقدم هذه"الغزوة" مشهداً سريالياً قد يعبر في أحد تأويلاته عن لاوعي نخبة السلطة الرجعي في قلب المدينة.
يفترض الجابري في بنية العقل العربي فيما يخض العقل المُكَون والعقل المُكّوِن، ان العقل العربي المُكَون قد تشكل في الصحراء فضاء العرب الاول، ومع الانتباه الى أن حواضر مصر ونيلها تتوسط قلب صحراء كبرى، يمكن الافتراض أن رمزية تصدي شباب مصر الثائر أو كما يصفهم البعض "بشباب الفيسبوك" مع التحفظ الشديد على هذه التسمية هم الذين حسموا المواجهة بصورة دراماتيكية مع وعي السلطة القادم من الصحراء، وبمغامرة تأويلية نذهب الى ان هذا المشهد بكل علاماته ورموزه قد يشكل دلاله على قطع مع جزء مهم من لا وعي جمعي حافظت عليه الانظمة التسلطية طوال عقود ما يسمى بالنهضة العربية.
الميدان فضاء الرمزي والمتخيل
على الرغم من الرمزية المغيبة تحت وطأة السلطة القمعية لميدان التحرير قبل الثورة، إلا أن الميدان مع ثورة 25 يناير استعاد مكانته كفضاء رمزي استحضر فيه المخيال المصري حتى حدوده القصوى، لا لشيء إلا لإعادة إنتاج الواقع عبر المتخيل من خلال إعادة إنتاج الواقع الرمزي الثوري بديلا عن الواقع الرمزي الذي بثته السلطة، ولعل فضاء ميدان التحرير خالف بذلك ما ذهب له بورديار حول الشبح الذي يحتل مكان الأيقونة والواقع، يقول هاشم صالح:" المخيال يتشكل تاريخياً في الذاكرة الجماعية أو في الذهن، ويمكن استغلاله سياسياً وإيديولوجياً في اللحظات التاريخية العصيبة فهو يضرب بجذوره في أعماق اللاوعي عبر تشكله خلال مختلف المراحل التاريخية، فالمخيال هنا هو ” عبارة عن شبكة من الصور التي تستثار في أية لحظة بشكل لاواعي وكنوع من رد الفعل(صالح، أركون،1993: 12).
أما التخيل هو الابتكار وذلك بالانفصال عن الواقعي سواء بالزعم والكذب أو بالقص والحكي الروائي عنه والعلاقة بين المتخيل والرمزي هي علاقة غامضة وملتبسة وتتراوح بين السيطرة والتقاطع ،إذ "ينبغي للمتخيل أن يستخدم الرمزي من أجل التعبير عن وجوده، كما أن الرمزية تفترض القدرة التخييلية. غير أن الجديد عند كاستورياديس هو "التحدث عن متخيل نهائي أو راديكالي بوصفه جذرا مشتركا للمتخيل الفعلي وللرمزي" (الخويلدي،2010)

ميدان التحرير مكانا وزمانا
ينقسم المكان إلى مكان خاص وهو الحيز الذي يشغله الجسم؛ والمكان المشترك وهو الحيز الذي تشغله جملة أجسام، حيث يتصف المكان بأنه متجانس ومتصل وغير محدود، كما يتصف بأنة ذو ثلاثة إبعاد، كما يميز ايمانويل كانت أهم صفات المكان بأنه: " تصور ضروري قبلي يشكل أساساً لجميع الحدوس الخارجية ولا يمكن ألبته إن نتصور إن ليس هناك مكان رغم انه يمكننا أن نفكر إن ليس ثمة من موضوع في المكان، ولا يمكن أيضا أن نتصور سوى مكان واحد "(زيد، الحوار المتمدن،2007)، أي أن المكان هو مقولة عقلية قائمة في تأمل العلاقات بين الأشياء الخارجية، وهو قد جاء أيضا بفعل تأمل عقلي ابستمولوجي، لكن هناك مكان أخر هو أبداع عقلي ذو طابع عاطفي انه المكان المتخيل، أي المكان المرتبط بالخيال وقدرته الإبداعية على خلق عوالم بديله يحاول من خلالها التعبير عن وجدانه وعواطفه ورغباته (المصدر السابق،2007)، إن وجود ميدان التحرير فضاءً ماديا بموازاة كونه بالنسبة للثوار الماضي والمستقبل المتخيل أنتجا استمرارية فعل الثورة بهذه الصلابة.
يقول ميرسيا إلياد حول زمن الأسطورة:" إن زمن الأسطورة هو "الزمن القوي"، "الزمن المقدس" ، الزمن العجائبي الذي يخلق منه الشيء جديداً قوياً، وبكل امتلائه إن نعيش ذلك الزمان ثانية، إن نستعيده في أكثر ما يمكن من الأحيان"( إلياد، 1990: 13)، قد نسحب هذا على زمن الثورة كذلك حيث كان الثوار في الميدان يعيدون الزمن الجميل بالغناء والشعر والموسيقى والنشيد الوطني..ألخ، إن الثورة ما هي إلا أسطورة يعيد الشعب بها بناء ذاته وعلاقته بهذا العالم. انه زمن متخيل يصنع في فضاء الميدان.
رغم أن ميدان التحرير أكبر ميادين القاهرة، إلا أن أن هناك ميادين قد تنافسه من حيث اهميتها مثل ميدان رمسيس لوجود محطة قطارات مصر فيه، وكذلك لوجود الموقف الأكثر اتساعا في العاصمة ولتفرع وسائل المواصلات منه، كذلك قد يأتي ميدان العتبة في الأهمية قبل ميدان التحرير وذلك لان ميدان العتبة المركز التجاري الأول في القاهرة، وسواء صح هذا الافتراض أم لا فإن ميدان التحرير يكتسب اليوم دلالة لن ينازعه فيها أي ميدان أو شارع مصري بعد اليوم.
فبالقرب من الميدان يقبع المتحف المصري وتاريخ السبعة آلاف سنة، مجمع المصالح الحكومية المعروف اختصاراً بمجمع التحرير رمز بيروقراطية الدولة المصرية العريقة، مقر جامعة الدول العربية، القصر القديم لوزارة الخارجية المصرية، كذلك فندق النيل هيلتون، مسجد عمر مكرم، تمثال عمر مكرم، أكبر محطات مترو القاهرة الكبرى وهي محطة السادات والتي تضم الخط الأول والثاني معا، الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
كما ويتفرع عن ميدان التحرير أهم شوارع القاهرة ومنها: شارع البستان وفيه وكالة الشرق الأوسط، شارع محمد محمود البسيوني، شارع طلعت حرب، شارع التحرير، شارع الفلكي، شارع شامبليون، شارع قصر النيل، شارع القصر العيني والذي يضم مقر لتسع وزارات مصريه ويضم أيضا مجلسي الشعب والشورى، ميدان طلعت حرب، ميدان الشهيد عبد المنعم رياض، ميدان محمد فريد. وهو على اتصال بجسر 6 أكتوبر.
إن التسمية لها رمزية من حيث كون ميدان التحرير يعبر عن القومية العربية التي نهضت بها ثورة 52، على الرغم من أن فرعونية مصر تشكل ركيزة مهمة في الوعي المصري، ومع هذا لم يكن ميدان رمسيس هو الفضاء بل كان ميدان التحرير، لان الثورة لا تطالب إلا بالتحرير، ولهذا فان ميدان التحرير كان المكان الأنسب ليكون علامة ورموز وساحة سوق لغوية ورمزية تعبر عنها الجماهير من اجل الحرية والتحرر من استبداد "الفرعون".
لنرجع قليلا لتونس مع مشاري النعيم الذي يقول:" المظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة وسط تونس أمام مقر وزارة الداخلية، فهذا الشارع ظل المكان الرمز في تونس، فهو مكون حضري نشأ مع الاستعمار الفرنسي وتحول مع الأيام إلى المجال الحضري/السياسي الرمزي الذي يربط المدينة القديمة (التاريخ) بمكونات تونس المعاصرة، من هذا المكان حدثت كل التحولات المعاصرة في المجتمع التونسي ليؤكد مرة أخرى أن المكان له رمزيته السياسية العميقة التي تجعلنا نقرأ المدينة وعمرانها قراءة أخرى"( النعيم، 2011).
استحضر الميدان خطابات الزمن الجميل من عالم الغيب أو التغييب ، فقد بناه الخديوي إسماعيل واسماه ميدان الإسماعيلية كرمز حداثي لمصر، بعد أن أعجب بميدان قوس نصر(شارل ديغول)، ثم أصبح اسمه ميدان التحرير بعد ثورة 1952.

الشعارات وهتافات الثورة
يقول لوسركل: هناك نوعان من الثوريين، الآدمي(نسبة لأدم) والبروميثي(نسبة لبروميثيوس)، فالثوري الأول يريد الحقوق القديمة التي حرم منها المواطنون الذين ولدوا أحرار، وميدان معركته القضاء أو القانون، أما الثوري الآخر فيتطلع إلى قلب نظام المجتمع رأسا على عقب، و ميدان معركة هؤلاء السياسة بدلا من المحاكم، فهم لا يستوحون الحقوق القديمة بل يتطلعون إلى حقوق جديدة، أما موقفهم من اللغة فهو معتمد على الاستعارة: يخترعون شعارات ويطلقون أسماء ذات طابع جدلي، وهم يتطلعون إلى لغة متمردة مستقبلية(لوسركل، 2005: 354).
منصة الخطابات وإطلاق الهتافات الميدان سوق لغوية
أصبح فضاء ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير فضاءً لسوق لغوية يثمن فيها كل شيئ، فما كان يقال في ميدان التحرير حمل دلالات أكبر في حال قيل من نفس ملقي الخطاب في مكان آخر، يقول بورديو أن السوق اللغوية تقام حين يوجه شخص ما خطابا لمتلقين لهم القدرة على تقييمه وإعطاؤه سعراً ما( بورديو،1982: 30) ولهذا طرد كثيرون عن المنصة في ميدان التحرير حين أدلوا بتصريحات تعارض مطالب المعتصمين الثائرين.
يقول بورديو أن الخطاب يستمد سلطته من مؤسسات خارجه أو من السوق اللغوية التي تعطيه صفة الإقناع أو القبول من قبل المتلقين، لقد كان المصريون يستمعون لكل خطاب يلقيه "الرئيس المخلوع" حسني مبارك وهم معتصمون في الميدان، وكان الهدوء يخيم على الميدان خلال إلقائه للخطاب وبمجرد أن ينهي الخطاب كان الحشود الغاضبة التي لم ترى تعطي خطابه قيمه لكونه لا يلبي مطالبها تهتف ضده، حيث ترافق الخطاب الأخير بقذف الشاشات التي بث عليها الخطاب بالأحذية أو رفعها من قبل الحشود لدرجة ان الخطاب الاخير وصف من قبل الحشود بخطاب" الجزمة" في تورية ماكره يلتبس فيها المقصد أهو الخطاب من يوصف بالجزمة لان الشعب رفع له الجزمة بكل دلالاتها، أم أن الرئيس نفسه هو الجزمة بدلالاتها؟
هنا يجب التوقف عن حشد من خطابات وشعارات ميدان التحرير مثل:
الشعب يريد إسقاط النظام، ارحل،حسني مبارك.. باطل، عمر سليمان.. باطل، جمال مبارك..باطل، الحزب الوطني..باطل، الجيش والشعب إيد واحدة، Game over، go out، يسقط مبارك، يا سوزان قولي للبيه... ربع قرن كفاية عليه، يا سوزان قولي للبيه... كيلو العدس بعشرة جنيه، ويا جمال قل لبوك ... شعب مصر بيكرهوك، وحسني بيه يا حسني بيه قولي محاصر غزه ليه، غلو السكر غلو الزيت... بكرة نبيع عفش البيت، آه يا حكومة هشك بشك ... بكرة الشعب المصري يكشك، وباعوا الدولة وباعوا الغاز ...دول عاوزين الولعة بجاز، وهما بياكلوا حمام وبط ... وكل الشعب جاله الضغط، امن الدولة..كلاب الدولة، يا ضباط عيشوا بشرف جالكوا القرف، يا مبارك يا طيار..من فين جبت سبعين مليار.
لقد كتبت الشعارات باللغة العربية والانجليزية والفرنسية، حملها الرجال النساء والأطفال، وكانت تكتب على الورق، الأكياس البلاستيكية، الجدران، الجسد، ارض الميدان، دبابات الجيش، كما تميزت ببساطتها واختصارها وعفويتها وكانت غير مكلفة لكنها تهدف للإطاحة بالنظام الذي يملك مكنة أمنية وإعلامية عملاقة مقارنة بالميدان.
تتصف الشعارات بكونها قصيرة، بسيطة ومباشرة، واهم صفاتها أنها متمردة، تربطها علاقة رفض الواقع القائم والتصميم القاطع على الإطاحة به، وهو ما يشير إلى شعبية تلك الشعارات التي أنتجتها الجماهير الشعبية بعفوية محضة لكنها تحمل رؤى سياسية غاية في الوضوح.
كما وتميزت الهتافات بالجرأة والحط من قدر النظام، كما وتتقاطع مع النكتة والصورة في الطرافة والسخرية والاستهزاء بالنظام.

النكتة
شكل فضاء ميدان التحرير احتفالية عارمة للنكات سواء النصية أو الكاريكاتورية أو المونولوج، التي استهدفت النظام المصري، فكانت مباشرة صريحة وحادة، في حين غابت النكتة السياسية المعهودة المبنية على التورية، يعرف أستاذ علم الاجتماع في جامعة فلادلفيا سالم ساري النكتة بأنها:" نتاج اجتماعي ثقافي، شأنها شأن الإنتاجات الثقافية الأخرى"، ويؤكد ساري أن النكات: " تنتشر تبعًا لموجات صعود وهبوط ذات صلة بمواسم مرتبطة بالليبرالية والحرية والانفتاح السياسي من جهة، وبالكبت والتضييق من جهة أخرى"، ورغم التناقض والاختلاف بين الحرية والقمع، إلا أن كلا الحالتين تفرز موجات لا تنتهي من النكات".
هذا ويري فرويد أن النكتة ما هي إلا تعبير عن دوافع جنسية أو عدوانية مكبوتة، أما لوسركل فيرى أن المتلاعب بالكلمات أو راوي النكات يمارس العنف ضد اللغة(لوسركل،2005: 127)، بدوره المفكر المصري "حسن حنفي" يشير إلى النكتة السياسية؛ باعتبارها دليلا على حيوية الشعب واهتمامه، ورغبته في تجاوز الأمر الواقع، وعدم الاستسلام له، لهذا يمكن القول أن العنف المكبوت قد تفجر علناً نحو النظام محملاً في اللغة خلال الثورة في ميدان التحرير.
كما وأن النكتة تلعب دور وظيفة اجتماعية من حيث كونها ألية للتواصل والتفاعل بين الأفراد والجماعات، فهي أداة لتوجيه والتحكم في سلوك الآخرين بالسخرية أو إزالة الخوف، وكذلك لمهاجمة السلطة السياسية أو الدينية والاجتماعية، كما وتلعب دوراً مهما في نقل المعلومات لسهولة تناقلها سواء كان الآمر متعلقا بالتحذير أو تعزيز التماسك الاجتماعي، حيث يعمل النقد والسخرية على تعديل السلوك وتحديد المقبول وغير القبول والكشف عن العيوب الاجتماعية.
وإذا كانت النكتة بما هي مراوغة لسلطة مستبدة، فقد تم تجاوزها في ميدان التحرير بصراحة وجرأة من فيه، لتعبر الشعارات والهتافات الساخرة والنكتة هنا عن حالة التمرد وعدم الخوف، إنها عملية وضع لقواعد اللعبة السياسية القادمة على حكام مصر الجدد القبول بها.
نورد هنا مجموعة من النكات التي تداولها الشباب المصري في ميدان التحرير وعبر الفيس بوك و عبر رسائل الجوال :


1. لو نجحت مظاهرات مصر، هتقابل مظاهرات تونس في النهائي
2. الشرطة في خدمة الشعب، سخنت الماية قبل ما ترشها على المتظاهرين
3. مجموعة دكاترة جراحين راحو لمصر ليعملوا عملية فصل تؤم غريب من نوعه حسني مبارك والكرسي
4. قائد الجيش راح لحسني مبارك، وقال له: خلاص يا ريّس.. انتهى كل شيء.. لازم تكتب خطاب الوداع.. هنا أجابه حسني مبارك: ألله.. هو الشعب رايح فين. 5
. حسني مبارك اتصل على زين العابدين بن عليّ في جدة.. وقال له: لو حتنام بدري أبقى والنبي سيبلي المفتاح تحت الباب .
6. ردا على يوم جمعة الغضب ويوم أحد الشهداء وأسبوع الصمود أعلن الرئيس حسني مبارك انه قرر التنحي يوم القيامة.
7. مبارك مات والتقى عقب موته بالرئيسين الراحلين أنور السادات وجمال عبد الناصر فسألاه: سم أو اغتيال على المنصة، فأجاب: لأ.. فيسبوك.(القدس العربي 8-2-2011)
8. طالب بيدرس تاريخ بيقلهم إخواني الأعزاء المعتصمين في ميدان التحرير إحنا اللي بنحفظ التاريخ الرجاء الانجاز في الثورة علشان مانحفظش كل ده.
9. مبارك: إخبرني بصراحة يا نظيف ولا داعي للمجاملة أو النفاق، نظيف: أمرك يا ريس. الريس: أنا الأفضل ولا عبد الناصر؟ نظيف: أنت طبعا يا ريس .. جمال مين دا اللي كان بيخاف من الروس، الريس: طيب أنا الأفضل ولا السادات؟ نظيف: سادات مين دا يا ريس اللي كان بيخاف من الأمريكان. الريس: طيب أنا الأفضل ولا عمر بن الخطاب؟ نظيف: أنت طبعا يا ريس.. عمر بن الخطاب دا كان بيخاف من ربنا.. إنما إنت لأ.
10. ونكتة أخرى حول الاحتفالات التي عمت عواصم عربية وعالمية بتنحي مبارك: التلفزيون الرسمي المصري: كل الناس السعيدة بتنحي الرئيس مبارك في العالم مدفوعة من جهات أجنبية، وبينهم عناصر مندسة من حماس والقاعدة وحزب الله وإسرائيل وأمريكا، ولديهم أجندات، وبالطبع هناك وجبات كنتاكي توزع على المحتفلين بتنحي الرئيس مبارك في هذه الدول.
كانت النكتة تعبير عن حيوية الشعب المصري الذي أخذ زمام المبادرة، فيما لم تأتي النكتة كتعبير سياسي يتحايل على تغول السلطة الاستبدادية، بل جاءت صريحة مباشرة قاسية لتسخر ممن سخر من الشعب طوال عقود وتذيقه من نفس الكأس.
تشي تلك النكات بعلاقة التأثر والتأثير ما بين الثورة التونسية والمصرية، كما تشير للروح المصرية الطريفة، وأيضا المعتدة بذاتها والتي ترى أن مصر وشعبها يجب أن يكون لهم السبق على بقية الشعوب العربية في كل شيء حتى الثورة، ولهذا حاولت تجاوز ثورة تونس التي أعطت النموذج لمصر.
أما فيما يخص خطاب اللافتات المكتوبة فيمكن التوقف عند بعض منها:
كلموه بالعبري يمكن يفهم/ ارحل ماتورطش الجيش/ ارحل عاوز اتجوز/ ارحل بقى يدي وجعتني/ ارحل عاوز استحمى، ارحل يعني امشي يا اللي ما بتفهمش/ ارجع يا ريس احنا كنا بنهزر معاك..الكاميرا الخفية/ معلش يا بلدي اتاخرت عليكي، آخر طلعة جوية هتكون للسعودية/ محاكمة مبارك مطلب قومي/ ارحل اشتقت لمراتي/ لو كان عفريت كان انصرف/ كيس من البلاستيك كتب عليه: ارحل .. أرحل .. الورق خلص رجل الذي يحمل زيرا بين ذراعيه، قال إن مبارك يستحق أن نكسر خلفه زيرا وليس قلة/ يا مبارك يا طيار من فين لك سبعين مليار"عفوا مبارك.. لقد نفذ رصيدكم.. تيت.. تيت / "طير انت"، وهو عنوان أحد الأفلام السينمائية المصرية الحديثة.
"مش هنرحل من الميدان.. حتى لو طلقت سوزان"، بينما كتب آخر "عيد الحب قرب يا حسني.. سوزان مستنياك"، في إشارة إلى أن زوجة الرئيس تنتظره في بريطانيا للحاق بها قبل حلول عيد الحب الذي يوافق 14 من الشهر ، وكتب أحد الشباب لافتة قسمها قسمين، يخرج في أحدهما أحمد عز لسانه إلى الشعب ويتحدث بثقة متناهية قائلا: "الفلوس معايا.. والحديد كمان معايا"، ويرد الشعب: "الفلوس هترجع.. والحديد في ايديك"، في إشارة إلى التحفظ على أمواله من ناحية، واقتراب الحكم عليه بالسجن ووضعه خلف القضبان ووضع الحديد في يده، "لو كان مبارك أبويا.. إذن فأنا ابن حرام.
توجيه الإهانة والاستهزاء بالنظام على مستواه الرسمي أو الشخصي، روح النكتة تبرز من هذه الشعارات المكتوبة، والتي تثبت أن الشعب لم يعد يشعر بالخوف.
لافتات تقوم بالإعلان عن مكنون الصدور بما فيها من كبت، حالة من جلب المغيب قهرا ليحضر صاعقا بكل ما فيه من تشفي ساخر، تقدم النكات عمليه جرد حساب لحكم رئيس دام أكثر من ثلاثين عاما، يتم خلالها مساءلة النظام ورئيسه عن الحال الذي وصل إليه الشعب المصري ومصر.
الصورة
يقول بارت:" إن الصورة ليست فنتازيا فردية أو حتى جماعية فقط، بل هي عن رمزية جماعية طبقية وغيرها وتعبر عن مزاج جماعي كذلك"( محسن،2010: 106)، وقد شكلت الصور التي تداعت في ميدان التحرير وعياً ومزاجاً جماعياً بحق.
كما شكلت الحشود بفعلها صوراً حية ودائمة الحركة، حالة من خلق أيقونة ملهمة للذات والاخرين، وهو ما جعل كم الصور المتداعية عبر وسائل الاعلام هائلا وخلاقا، بحيث تعيد خلق وتكوين واعادة انتاج دائم للدلالات والمعاني في فضاء الميدان.
وكمثال على صور ميدان التحرير وأيقوناته، نشرت صور من الميدان لرجل يضع وعاء للطبخ " طنجرة أو حلة" على رأسه ليحمي نفسه من حجارة البلطجية، وكتب عليها يسقط مبارك، ورغم أن الصورة تعكس مشهدا طريفا لكنها ترمز للطبخ والطعام، بشكل مباشر تشير إلى الطعام واكل العيش وعميقا إلى السياسة، فيما كانت صور عبدالناصر الزعيم الراحل واعلام فلسطين وتونس أيقونات تعبر عن وعي قومي جماعي.
الجسد
قامت الحشود باستخدام الجسد حتى الحدود القصوى، بدءً بالتجمهر والهتاف والضحط والبكاء والغناء والرقص، وصولاً إلى المواجهة عاريا وأعزلا امام الرصاص والغاز وآليات الشرطة، وكذلك النوم تحت الدبابات.
فيما كان الجسد أداة للتعبير والدعاية والتحريض من خلال إبراز الإصابات والجروح، الصلاة بالملايين، الكتابة على الجسد.
يمكن القول ان الجسد بعلاماته ودلالالاته ومعانية قدم نسقا متحدياً بجرأته الذات قبل السلطة، ولهذا تميز بالانتقامية من خلال سلمية مادية لكنها غاية في العنف من خلال سخريتها الحادة وتشفيها بالنظام الذي هاجمته بكل ما تستطيع.
الجسد يستحضر بعد أن كان مادة تهيمن عليها أدوات السلطة القمعية مشارطها، ها هو الجسد يعيد موضعة ذاته في الرد على كل القمع، انه يعلن عن نفسه بقوة ليسطر على آلات القمع. كما ويشكل أيقونة ليحتذى بها.




نسق العلامات
يقول اليحياوي:" إنّ الفضاء يكتب بتشفير رمزيّ يقتضي أن نتعامل معه خارج ماديته، فأن تفهم الفضاء معناه أن تقرأ دلالاته الرمزيّة التي تحيلنا إلى ثقافة الجماعة التي تتمظهر في هذا الفضاء المعاش يوميّا من قبل شاغليه"( اليحياوي،2010) وهنا تتموضع الذوات في هذا الفضاء لتعطيه رمزية فردية وجماعية، وليصبح الحيز الخاص عاما والعام خاصا.
"اذكر في نقاش حصل امامي بين طالبة مصرية واستاذ علم اجتماع عربي حول مصر..حيث قالت الطالبة أن مصر أم الدنيا فرد الاستاذ لقد كانت في الماضي اما الان فهي ليست كذلك ولا حتى خالتها او عمتها"..
لقد جاء نسق الميدان ليستحضر الغائب ويغيب الحاضر، جاء ليعيد مصر وهوية الشعب المصري التي غيبت وشوهت، ويكنس الحاضر المرفوض، فكان التشديد على الثورة والجراة ومكارم الأخلاق الرفيعة لتكون دليلا على ان مصر أم الدنيا..
من العلامات التي تم رصدها خلال الثورة في ميدان التحرير:

العلامة - الدلالة- المعنى
أجساد ملايين المصريين في الميدان - ثورة الشعب ووحدته - شرعية مقابل اللاشرعية
العلم والنشيد الوطني أغاني الثورة والشعر - وطنية الشعب المصري - عظمة مصر وشعبها، حنين للزمن الجميل الماضي والآتي
الصلاة في الميدان - إيمان الحشود - المقاومة بالصلاة
النكات - استهزاء بالنظام - عودة المبادرة للشعب
التمترس في مسجد وحول تمثال عمر مكرم- استحضار التاريخ المصري- قوة الشعب
الاشتباك مع البلطجية - مواجهة مفتوحة مع حقيقة النظام- سقوط الخوف من النظام المستبد
القوات المسلحة في الميدان تحمي من فيه وهم يهتفون له- الجيش لجانب الشعب- وطنية الجيش المصري
التحلق حول الدبابات والجنود- حب المصريين للجيش- شركاء في إسقاط النظام
الخيام(مستشفى، أمانات، منامات) - ثورة منظمة- أخلاقيات الشعب الحقيقة
الباعة المتجولين - الحياة طبيعية - الثورة حياة
الهتافات، الشعارات - مطالب - سقوط الخوف والتمرد
مجلة التحرير - لتعبير عن الرأي للجميع - الثورة للجميع
الجسد(مواجهة فيه، رسم عليه) - الكل فاعل في الثورة - تحرر الجسد
أسماء أيام الجمعة(غضب..رحيل) - صميم وإرادة الشعب- زوال النظام لا بديل عنه
حماية المتحف - الحرص على تاريخ الأمة وثرواتها - الحرص على عظمة مصر
حضور الرجال والنساء والأطفال - سلمية الثورة- لقد شاركنا في الثورة

شروط إنتاج الدلالة:
عفوية الاندماج في فضاء الميدان، وتبني موقف ضد النظام، لصالح الوطن، يشكلان أهم ما يمكن أن ينتج دلالات فضاء الميدان بعلاماته، يمكن الادعاء أن ميدان التحرير كمكان للتجمهر والتعبير عن الرأي، لم يكن يقدر له أن يحوز على هذه الأهمية التي يكون يتمتع بها الآن لو كان مكانا وزمانا وفضاء رمزيا في ظل نظام ديمقراطي، حيث بالإمكان التعبير عن الرأي في أي طرف من أطراف المدينة، أما وكونه موجود في ظل نظام سلطوي إن جاز التعبير فهو قبلة التجمهر ليس للتعبير عن الرأي بل طلبا للتغيير والإطاحة بنظام غير ديمقراطي.
إن رمزية الفضاء تشير إلى انتماء الفرد للجماعة، من خلال ما يمثله من رموز في هذا الفضاء.
خلاصة:
نسق علامات ورموز ميدان التحرير هو نسق من العنف الرمزي وان قدمت الثورة نفسها سلمية، مقابل عنف السلطة يستحضر الماضي البعيد نسبيا ليكنس الماضي القريب فالحاضر زمن الثورة، كما ويتصف نسق علامات ميدان التحرير بكونه نسق علامات مبني على الطرافة، السخرية، الاعتزاز والجرأة، الوطنية، حيث لا مجال امام الشعب الاعزل أدوات عنف اخرى.
لقد عبر الوعي الجمعي المصري عن ذاته عبر تلك العلامات والرموز والايقونات، ليقدم نفسه متماسكاً فتياً عبر دلالات ومعاني اختزنها الوعي طويلا ليعبر عنها في اللحظة المناسبة رمزاً ولغة، ولهذا عكس ميدان التحرير السيميولوجي فضاءً دلالياً مختلفاً، بفضل عالم الدلالات في وعي المجتمع المصري، وهو ما عبر عنه كاستورياديس بقوله: "هذا العالم من الدلالات هو الذي يسمح بتصور المجتمع في هويته الذاتية" (كاستورياديس، 2003: 503-504)، بمعنى إن استبطان الوعي الجمعي لتلك الدلالات والمعاني عن ذاته هو ما يعمل على تماسك المجتمع، بحيث إذا اتيح لهذا الوعي التعبير عن ذاته عبر اللغة والرموز تبين مقدار تماسكه نظرا لتماسك عالم دلالاته عن ذاته.
ولهذا قدم فضاء الميدان عالما من الدلالات والمعاني المتماسكة امام تشظي الواقع المصري، وكانت هذه أحد أهم السمات التي تميز بها نسق فضاء الميدان.
ومن أهم ما ميز هذا النسق أمتداده الكبير ليتخطي حدود الشعب المصري إلى ربوع الامة العربية، ولهذا كانت صور عبد الناصر أيقونات حاضرة ولهذا كانت فلسطين تقف في خلفية مشهد الميدان كما كان الحال في تونس آبان ثورتها، فلسطين وبالمقابل إسرائيل ك"عدو للمصريين"
وبرغم البساطة البادية على فضاء العلامات والرموز إلا انه تميز بكونه مركبا كرنفالياً من خلال استخدام الكل الممكن بل والذهاب إلى ما بعده، فمثلا إن مشهد الصلاة في الميدان( مسيحين ومسلمين بمئات الالوف في الميدان) هو مشهد رمزي هائل، يشير إلى المقاومة والصمود بقوة ورهبة الصلاة، ذلك أن التوظيف لهذا المشهد يذهب إلى ما بعده من خلال استحضار المعاني المرتبطة بالصلاة وخاصة تلك المتعلقة بأوقات النضال والجهاد والسلام، حيث كان المسلمون في معاركهم الكبرى يقيمون الصلاة كأحد أدوات الانتصار لرص الصفوف وتقوية العزائم واستنهاض الهمم، وكذلك لبث الرعب في نفوس العدو، ولهذا فإن استحضار الصلاة في الميدان يأتي لتقوية العزائم وارعاب الخصم، ولهذا يمكن القول ان النسق لم يكن مجرد عناصر مجتمعة فقط بل كان الاهم هو الوظيفة التي لعبتها رموزه والعلاقات التي بنتها مع منتجها( الشعب) وبينها كرموز، دون ان نغفل اعتماد النسق على التأويل من حيث كونه أداة تتمتع بهامش واسع لارسال الرسائل وتكيفها بطلاقة لتقع حسنا لدى متلقيها ولدى خصمها.
هذا ويلحظ ان نسق الميدان كان مرتبطا بالمكان بمعنى كونه ظاهرة مكانية، فهو المكان الذى تحول إلى رمز وهو الامر غير الجديد فهناك على سبيل المثال لا الحصر ميدان "تيان أن مين" فى بكين والذى يرمز للمطالبة بالحرية والقمع البوليسى فى آن واحد، سور برلين فى ألمانيا الذى أصبح سقوطه يرمز لسقوط الشيوعية ونهاية عصر وبداية عصر جديد، وهناك أماكن مماثلة من ساحات وميادين فى برشلونة ومدريد واثينا وباريس وميلانو وروما، واخيرا فإن حركة احتلوا وول ستريت انطلق من ساحة زوكوتي في نييورك، والملفت للنظر أن أوغندا نفسها قد شهدت مؤخرا مسيرات لقوى المعارضة التى أطلقت عليها "مظاهرات على الطريقة المصرية"(الغمري،2011)، ولهذا نتساءل هل كان نسق العلامات والرموز سيكون نفسه لو كان فضاؤها ميدانا آخر في مصر؟


المراجع:
1. يورديو، بيير،1982. الرمز والسلطة، ترجمة: عبد السلام بنعبد العالي، الدار البيضاء، دار توبقال .
2. بو عزيزي، محسن،2010. السيميولوجيا الاجتماعية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
3. كاستورياديس، كورنيليوس،2003. تأسيس المجتمع تخيليا، دار المدى للثقافة والنشر، دمشق.
4. أركون، محمد،1993. أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟ ، دار الساقي، الطبعة الأولى، بيروت.
5. إلياد، ميرسيا، 1990. مظاهر الأسطورة، ترجمة نهاد خياطة، دار كنعان، دمشق 1990.
الانترنت
1. بن عبد الله النعيم، مشاري،2011. المكان والرمز والمعنى السياسي، جريدة الرياض، http://www.alriyadh.com ، استرجعت في 5 فبراير 2011 .
2. اليحياوي، شهاب، 2010. الدلالات الرمزية والاندماجية للذوات الاجتماعية في الفضاء المديني قراءة سوسيو-مورفولوجية للتغير الاجتماعي، http://www.swmsa.com ، استرجعت في 5 فبراير2011 .
3. زيد، عامر،2007. المتخيل السياسي في العراق القديم، الحوار المتمدن، عدد1879،www.ahewar.org، استرجع في 3-6-2010.
4. الخويلدي، زهير،2010. دلالات المتخيل الاجتماعي عند كاستورياديس، عدد 183. استرجعت في
7-6-2010. http://www.mutawassetonline.com
5. حميداوي،جميل،2007. سيميولوجيا التواصل وسيميولوجيا الدلالة، ديوان العرب، فبراير .
6. بنكراد، سعيد،2010. معجم السيميائيات، مجلة علامات، http://www.saidbengrad.com
7. الموجي، احمد،2011. أفكار تحولت إلى رموز: من ساعة بج بن إلى ميدان التحرير، http://www.ibda3world.com ، عالم الابداع (استرجعت 20 ديسمبر 2011).
8. الغمري، شريف،2011. ميدان التحرير.. الرمز والإلهام، موقع بوابة25 يناير، 7/12/2011.

الهوامش

________________________________________
* يُعرف فرديناند دو سوسير F.De.Saussure السيميولوجيا بأنها:" العلم الذي يدرس حياة العلامات في صلب الحياة الاجتماعية"، حيث ترى السيميولوجيا ان العلامة تتميز بكونها ثنائية العناصر، أيّ تتكون من من دليل و مدلول أو دلالة، بحيث تكون اتفاق قصدي ذو خصوصية اجتماعية نفعية خاصة وهي "تشكُلٌ لا يستمد قيمته ولا دلالته من ذاته، وإنما يستمدها من طبيعة العلاقات القائمة بينه وبين سائر العلامات الأخرى.
* ترى سيميولوجيا الدلالة الظواهر الدلالية؛ باعتبارها نسقاً مكوناً من علامات أو رموز، على اعتبار أن اللغة هي الشرط الضروري لنقل المعرفة، ويرى رولان بارت ان عناصر سيمياء الدلالة هي: اللغة والكلام، والدال والمدلول، والمركب والنسق، والتقرير والإيحاء (الدلالة الذاتية والدلالة الإيحائية)، وبحسب سيميولوجيا الدلالة فإن كل إشارة ترتبط بدلالة معينة، وكل رمز بمرجعية، وكل إيقون بمماثلة صارخة، وكل علامة بسمة بعيدة أو قريبة.

* يرى عدد كبير من منظري سيميولوجيا التواصل مثل برييطو Prieto وجورج مونان Mounin وبويسنس Buyssens ومارتينيهبرون Martinet أن العلامة تتشكل من وحدة ثلاثية وهي: الدال والمدلول والقصد، مركزين في أعمالهم على الوظيفة التواصلية والقصدية، والتي تختص بالرسالة اللسانية والأخرى الموجودة في الأنظمة غير لسانية كالإعلانات والشعارات والخرائط واللافتات والمجلات والنصوص المكتوبة وكل البيانات التي أنتجت لهدف التواصل، حيث تهدف سميولوجيا التواصل عبر علاماتها وأماراتها وإشاراتها إلى الإبلاغ والتأثير على الغير عن وعي أو غير وعي، بدوره يقول إرفنج جوفمان ErvingGoffman (1922-1982) أن التفاعل هو سلسةٌ متبادلةٌ ومستمرةٌ من الاتصالات بين فرد وفرد، أو فرد مع جماعة، أو جماعةٍ مع جماعة، معرفا الرموز بأنها مجموعةٌ من الإشارات المصطَنعة، يستخدمها الناسُ فيما بينهم لتسهيل عمليةِ التواصل.





#زياد_حميدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص مطول من الهذيان
- نظم المراقبة والعقاب الاحتلال الإسرائيلي أنموذجا
- هي الشآم .. من قبل..ومن بعد
- المصالحة والعدالة الانتقالية في الأرض الفلسطينية
- ما بين الثورات العربية والثورات المضادة إسلام سياسي “علماني”


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زياد حميدان - سيميولوجيا ساحات الثورة ميدان التحرير فضاءً لثورة 25 يناير أنموذجا