أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم الخفاجي - جمهورية المجر (هنغاريا) بين إعلان الأنهيار الأقتصادي والمالي أوالأصلاح السياسي والأقتصادي















المزيد.....


جمهورية المجر (هنغاريا) بين إعلان الأنهيار الأقتصادي والمالي أوالأصلاح السياسي والأقتصادي


كريم الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 00:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جمهورية المجر (هنغاريا) بين إعلان الأنهيار الأقتصادي
والمالي أوالأصلاح السياسي والأقتصادي
طفحَ في الأعلام الأوربي والعالمي أخيراً من أحتمال أن تلحق هنغاريا بركب الدول التي قد تتعرض الى الأنهيار الأقتصادي والمالي وما يعكسه ذلك من نتائج على مجمل الأوضاع في أوربا، كما هو الحال في اليونان وأيطاليا والبرتغال وايرلندا، ليس فقط بسبب حجم الديون الكبيره بالقياس الى حجم الناتج المحلي الأجمالي (ج د ب) أو العجز في الميزانيه، وأنما بسبب النمو السلبي ،وأزدياد العاطلين عن العمل ، و انخفاض حاد في الصناعات الثقيله وعلى وجه الخصوص صناعة المكائن والسيارات وفي قطاع البناء وغير ذلك من الصناعات التي تشكل عصب الأقتصاد الوطني. فما هي حقيقة الوضع الأقتصادي والمالي والسياسي في هنغاريا وكيف وصلت البلاد الى هذه الحاله وماهي الخطط والبرامج السياسيه والأقتصاديه الموضوعه للأصلاح بشقيه الأقتصادي والسياسي؟ ولكي نلم بهذه الجوانب وبصورة واضحه لابد من الرجوع الى الماضي قليلاً ، حيث فاز يمين الوسط في الأنتخابات التشريعيه في ربيع عام 2010 وبأغلبيه المقاعد البرلمانيه وبشكل لم يسبق له مثيل على الساحه الأوربيه حيث حقق ما يزيد على 67% من الأصوات أي مايزيد على الثلثين، بينما مني الحزب الأشتراكي المجري بخساره قاسيه وهو الذي حكم هنغاريا في الفتره الممتده مابين 2002 و2010، نتيجة عوامل بنيويه داخليه تخص الحزب نفسه تميزت بنمو وطغيان الفساد المالي والأداري واستغلال المال العام، المتأتي من دافعي الضرائب، والذي تسبب في فضائح كبيره في مجالات متعدده ، مما حدى بالناخبين الى التصويت المطلق لصالح حزب يمين الوسط (فيدَسْ) المتحالف مع المسيحيين الديمقراطيين ، علماً بأن نسبة المشاركه في الأنتخابات لم تتجاوز 53%، بالأضافة الى تأثيرات الأزمه الماليه العالميه التي بدأت واضحة المعالم والتأثير في خريف 2008 وما عكستها من ظلال حاده على الوضع الأقتصادي الهنغاري وخاصة فيما يتعلف بالتمويل ، حيث أستطاعت حكومة الأشتراكيين وبالتحالف مع الليبراليين أن تحصل على قرض من صندوق النقد الدولي في بداية الأزمه في أكتوبر من عام 2008 وتجنبت بذلك عملية أنهيار أقتصادي محتمل وما قد ينعكس على مجمل الأتحاد الأوربي في ذلك الوقت ، وبسبب ذلك تحرك رئيس وزراء بريطانيا (جورج براون) بأتجاه التنسيق مع بقية الدول الأعضاء بالأتحاد لدعم المجر والحيلوله دون أنهيارها، وذلك بالموافقه على دعمها بقرض من صندوق النقد الدولي قيمته 20 مليارد يورو . وفي الفتره الممتده من عام 2006 وحتى عام 2010 أتّسعت حركة الأضرابات والتظاهرات المطالبه بأسقاط الحكومه وأجراء أنتخابات مبكره وخاصة بعد تسرّب حديث لرئيس الوزراء في تلك الفتره(جورتشان جوزيف) وما عرف بفضيحة (أُسُدي) حيث أشار الى أن الحزب الأشتراكي يكذب ليلاً ونهاراً ولم يعمل شيء، مما أدى الى أتساع الضغط الجماهيري وفي النهايه الى أستقالة رئيس الوزراء من رئاسة الحكومه والحزب الأشتراكي والأتيان بحكومة تكنوقراط للفتره مابين 2009 و 2010 والتي أتخذت حزمه من الأجراءات الأقتصاديه الصارمه لمعالجة العجز الحاصل في الميزانيه والتضخم والبطاله وأنهيار المؤسسات العامله ، حيث بلغ العجز 82% من أجمالي الناتج المحلي ، بالأضافة الى معالجة ظواهر الفساد المالي والأداري وتقليص الأنفاق العام ـ مما أدى الى الغاء الراتب 13 للمتقاعدين وغيرهم، و محاولة أصلاح بنية مؤسسات الدوله الأقتصاديه المتدهوره، وبشكل خاص النقل العام والطيران المدني (ماليف)، والتعليم ،ونظام المساعدات الأجتماعيه للبلديات وغير ذلك. وللأنصاف لا بد من الأشاره الى أن الفتره ما بين 2009 وحتى 2010 قد أتسمت بسياسه أقتصاديه واقعيه هدفها أستقرار العمله ومعالجة التضخم والبطاله وتقليص الأنفاق العام للدوله والسعي الى تعزيز الصادرات وجلب الأستثمار الأجنبي وأتباع سياسه ضريبيه واقعيه وعلى وجه الخصوص لذوي الدخول العاليه ( نظام الضريبه المتعدده تبعاً لمستويات الدخول)، وكذلك الأجراءات الضريبيه التي تساعد على النشاط المؤسساتي لرجال الأعمال . أن الأهم من هذا كلّه هو محاولة كسب الثقه للمؤسسات الماليه العالميه وكسب ثقة المستثمرين وخلق أرضيه مناسبه لهم في التعامل مع هنغاريا ، فحققوا بذلك نتائج جيده في هذا المجال بتوقيع مجموعه من الأتفاقيات مع شركات أنتاج السيارت العملاقه مثل مرسيدس وب.م.دبليو وغيرها بأتجاه أستقرار الوضع الأقتصادي والمالي.
وبعد الأنتخابات البرلمانيه في 2010 وأنتخابات المجالس المحليه في خريف العام نفسه والتي فاز بها يمين الوسط أيضاً ، طُرح شعارثورة النتائج الأنتخابيه والذي أحدث قلقاً على الصعيد العالمي، وبدلاً من أن تعزز النتائج الأنتخابيه والقاعده الجماهيريه الواسعه للأتلاف الحاكم الجديد التوجه السليم لمعالجة الأزمه الأقتصاديه، فقد أتبعت سياسه أقتصاديه وأجتماعيه عزلت الحكومه عن محيطها الداخلي والأقليمي، بدءاً بتشريع قوانين تنسجم مع توجهاتها الوطنيه والقوميه المتشدده وذات البعد المركزي الشديد من قبل رئيس الوزراء أوربان فيكتورفي كل مفاصل الدوله ، حيث بدأ بتشريع قوانين وتعديل قوانين أخرى وألغاء مؤسسات والأتيان بمؤسسات جديده في محاولة لتثبيت السلطة الجديده وترسيخ عناصرها وأفرادها في جميع مفاصل الدوله ، ومنها على سبيل المثال (1) تشريع قوانين الأعلام التي أعترض عليها الأوربيون والأمريكان على حد السواء ووقفوا ضد هذه السياسه. بالأضافة الى المخاوف التي أبداها الأمريكيون وعلى وجه الخصوص ما تظمنته رسالة وزيرة الخارجيه الأمريكيه الى رئيس الوزراء في 13/12/2011 والتي عبرت فيها عن قلق الأداره الأمريكيه حيال الأجراءات المتخذه من قبل الحكومه وبشكل خاص تلك المتعلقه بقوانين الصحافة والأعلام ، (2) قانون الأديان والذي لايتسجم مع المعايير الأوربيه والأمريكيه، (3) أستقلال القضاء وعدم التأثير عليه من قبل السلطه التنفيذيه، (4) البنك المركزي والتأكيد على أهمية أستقلاليته. هذه القضايا من وجهة نظر الأوربيين والأمريكان قضايا أساسيه لايمكن المساس بها وبالتالي التأكيد على أهمية دولة القانون والمؤسسات ، فقد جرى التأكيد في تلك المخاوف على أن الديمقراطيه هي ليست فقط نتائج الأنتخابات وما ينتج عنها من نِسَبْ، بل هي قوانين وأنظمه ومؤسسات ديمقراطيه فاعله ومؤثره ومستقله وبشكل يحظى بأهتمام وأحترام الرأي العام المحلي وكذلك المجتمع الدولي.
لجأ اليمين الحاكم الى أتباع سياسه تتمثل بالتركيز على أستقلالية القرار الوطني (الهنغاري) والسياده في التعامل مع مؤسسات الأتحاد الأوربي والمؤسسات الماليه الدوليه وبشكل خاص مع صندوق النقد الدولي ورفع شعار "حرب الحريه" وأتخاذ أجراءات وخطوات تتعارض مع التوجه العام المشترك لسياسة الأتحاد الأوربي والتي تشمل جميع الدول الأعضاء فيه. فقد أدت هذه السياسه والأجراءات المتشدده ذات البعد القومي الضيق الى فتح جبهات صراع حاده مع المجتمع الدولي بصوره عامه والأوربي بصوره خاصه، وعزل هنغاريا عن محيطها الأوربي لا سيما في المجالات التي أشرت اليها سابقاً ، اضافة الى أتخاذ سياسه أقتصاديه تتسم بالفوضى والأرتباك والعجاله وأصدار قوانين سرعان ما تـُعدّل لاحقاً، وتصريحات مربكه و غير مسؤوله لرموز بارزه وشخصيات هامه في الحزب الحاكم.
أصدرت الحكومه قانون التحصيل الضريبي الواحد على كل انواع الدخل ومستوياته وبنسبة 16%، مما ألحق ضرراً كبيراًبذوي الدخول المحدوده ودافعي الضرائب من هذه الفئه ، في حين أزدادت نسبة الأيرادات لآصحاب المدخولات والرواتب العاليه، وحسب تصور الحكومه من أن ذلك سيضاعف من حجم الأستهلاك الداخلي وبالتالي ينشط الدوره الأقتصاديه وحرية الأسواق وبالتالي تعزيز دور الطبقه الوسطى في الحياة الأقتصاديه والتي تكاد أن تكون مفقوده في تأثيرها في الواقع المالي والأقتصادي في هنغاريا. وفي ظل أقتصاد السوق تلعب البنوك دوراً مهماً في قضايا التمويل للمؤسسات والأفراد عن طريق منح القروض والتسهيلات الأئتمانيه والمصرفيه، وقد أصدرت الحكومه الهنغاريه الحاليه في 2010 قانون لفرض ضرائب على البنوك وشركات التأمين تجبرها بمقتضاها على دعم الحكومه بمبالغ تصل الى 200مليارد فورنت (يعادل مليارد دولار آنذاك) لسد جزءاً من العجز الحاصل في الميزانيه، ثم أصدرت لاحقاً قوانين أخرى جديده لمساعدة أولئك الذين حصلوا على قروض لشراء عقارات مستنده الى العملات الصعبه كالفرنك السويسري واليورو والين الياباني وغيرها مما أدى الى خلق حاله غير متناغمه وتوترات مع البنوك كان نتيجتها التأثير السلبي على قوة العمله الهنغاريه وزيادة الفوائد وبالتالي الضرر الكبير على المواطنين المستلفين لهذه القروض. وفي الوقت الذي كان الأشتراكيون يحكمون البلد كان سعر صرف اليورو يتراوح بين 240-245 فورنت والفرانك السويسري بين 150-154 فورنت والين الياباني أكثر بقليل من فورنت واحد، اما حالياً ونتيجةً للسياسه الماليه والأقتصاديه المضطربه والمرتبكه فقد أرتفع سعر صرف اليورو، والفرانك السويسري الى أكثر من 320 و270 فورنت على التوالي، ونتيجة لهذه الأجراءات وفي ظل هذه السياسه الماليه والأقتصاديه المضطربه والضغط على البنوك العامله في الساحه الهنغاريه، خسرت المؤسسات الماليه والمصرفيه مايقارب من 1200 مليارد فورنت، مما شكل ضغطاً قانونياً دولياً وأوربياً على سياسة هنغاريا وضد قوانينها الجديده.
لقد لجأت الحكومه الى تأمين صندوق التقاعد الخاص والذي يقدر رصيد المودوعات فيه بحوالي 3000 مليارد فورنت (حوالي 5 مليارد دولار أمريكي) دفعَ منها حوالي 1500 مليارد فورنت (حوالي 7 مليارد دولار) كسندات ماليه داخليه كانت قد منحت للحكومه كقروض، علماً بأن الدين العام الأجمالي كان بحدود 82% من أجمالي الناتج المحلي، ومنه أكثر من 60% بالعملات الصعبه، وانخفض بذلك أجمالي الدين العام الى 76% من أجمالي الناتج المحلي، كما ولجأت الحكومه الى الضغط على استقلالية القرارات في البنك الوطني ومحاولة التأثير عليه من قبل السلطه التنفيذيه ، وكذلك أدى أتخاذ الحكومه الهنغاريه مجموعه من الأجراءات السياسيه والأقتصاديه الى فقدان ثقة السوق والمستثمرين في السياسه الحاليه للحكومه ، هذه السياسه أدت الى نتائج غير مرضيه منها أنخفاض سعرصرف العمله الهنغاريه مقابل معظم العملات بمقدار يقارب 30%، مما أدى الى أرتفاع الدين العام / أجمالي الناتج المحلي ليصل الى 85% في أيلول عام 2011 ومن ثم الى 90% في كانون الأول من نفس العام بدلاً من أنخفاضه الذي وعدت الحكومه بتحقيقه. أما فيما يتعلق بسداد الديون فأن الأمر مثير للغايه، حيث من المفترض أن تسدد هنغاريا ما قيمته 5 مليارد يورو للدائنين من المؤسسات الماليه الدوليه ، وبسبب الأوضاع المترديه التي أشرت اليها فأن أمام الحكومه مجال واحد هو الأقتراض من مؤسسات ماليه دوليه أخرى مثل صندوق النقد الدولي ، الأتحاد الأوربي أو الدول القادره على ذلك، للحصول على قروض بقيمة 15-20 مليارد يورو لسد العجز في الميزانيه وتهدئة السوق والمستثمرين، وهو مايجري الآن في المفاوضات التي تجريها الحكومه مع صندوق النقد الدولي والأتحاد الأوربي ، علماً بأن الفوائد التي يضعها صندوق النقد الدولي (6%) هي أقل من تلك التي تطلبها المؤسسات الماليه الدوليه الأخرى (10%).
ولسد العجز في الميزانيه لجأت الحكومه الى أصدار سندات قروض داخليه ،لم تجد من المستثمرين والأسواق المطلوبه وبفائده عاليه تصل 10% وهي نسبه عاليه جداً، حيث من وجة النظر الأقتصاديه فأنه لأمر في غاية الصعوبه أن تسدد الحكومه هذه الديون ولاسيما هناك شروط قاسيه من الأتحاد الأوربي تحدد بأن لا يتجاوزالعجز في الميزانيه 3%من أجمالي الناتج المحلي. وحسب أتفاقية ماترخت للأتحاد الأوربي فأن أرتفاع نسبة الفائده تعني بالضروره أن تلجأ الحكومه الى الأجراءات التاليه:
تقليص الأنفاق الحكومي: وذلك لسداد العجز الحاصل في الميزانيه ، حيت يتأتى ذلك من خلال القطاعات الآتيه: القطاع الصحي، والتعليمي، والمساعدات الأجتماعيه
رفع نسبة الضرائب: حيث لجأت الحكومه الى أضافة ضريبه أضافيه على المحروقات وخاصة الغاز ورفعت نسبة الضريبه الى 27%، وهي أعلى نسبه ضريبيه في الأتحاد الأوربي ، كما وضعت ضرائب خاصه على السكائر والكحول وضرائب على مأكولات المكدونالدز وأيضاً على رقائق البطاطا (جبس)
تسريح الأيادي العامله: خاصة في قطاع الدوله ،حيث أعلنت عن نيتها تسريح 6700 عامل من مؤسسات الدوله المختلفه.
أن إنعكاسات هذه الجوانب على الحياة الأقتصاديه ستنعكس بالضروره على البنوك والمصارف، حيث تلجأ البنوك لرفع نسب الفائده للحصول على القروض والأستثمارات وستتخذ أجراءات أخرى قاسيه على تلك القروض وبالتالي على التوسع واعمال التطوير المؤسساتي ، وبالتالي سينعكس على الواقع الأقتصادي للبلد بمجمله.
سيؤدي هذا الواقع الى زيادة نسبة العاطلين عن العمل والتي تتجاوز الآن 11% وهذا سيؤثرسلبياً وبشكل واضح على الأستثمارات والنمو الأقتصادي.
ويبدو التخبط في السياسه الأقتصاديه واضحاً، حيث أعلنت الاحكومه أن معدل النمو الأقتصادي لعام 2012 سيكون 1.5% وسرعان ما تراجعت وأعلنت أن المعدل سيكون فقط 0.5% وذلك لأن تقديرات المؤسسات الدوليه تشير الى أن نسبة النمو ستكون في السالب. بالأضافة الى ذلك أعادت الحكومه النظر في أسعار الصرف بالنسبه للميزانيه ليكون سعر صرف اليورو مثلاً 268 فورنت ،ثم أعادت النظر لتحدده ب 299 فورنت.
وفي حالة حدوث أنهيار أقتصادي مشابه لذلك الذي حصل في بعض البلدان مثل الأرجنتين والمكسيك أو مايحدث حالياً في اليونان، فإن الدوله سوف لن تكن قادره على دفع رواتب موظفي الدوله في قطاعات التعليم والصحه والمؤسسات العسكريه والبلديات وغيرها ، بالأضافة الى عدم قدرتها على دفع رواتب المتقاعدين . وفي مثل هذه الحاله سوف تلجأ الدوله الى تجميد أموال وأصول السحب لودائع المواطنين في البنوك..وتسمح بأستخدامها فقط في الحدود الدنيا لغرض تسيير الحياة العامه وعلى وجه الخصوص للتبضع وتسديد فواتير الدفع. وكنتيجة حتميه سوف يحصل أنهيار مستمر بأسعار صرف العمله الوطنيه وسوف يرتفع معدل التضخم بشكل خطير. وقد لوحظ في الآونه الأخير وجود حالة هستيريا تتمثل بإنعدام الثقه بأجراءات الحكومه وهذا ناجم عن وجود مناخ سياسي وأجتماعي مضطرب بالأضافه الى الدور الذي تلعبه وسائل الأعلام. لقد أشارت الأستطلاعات الأخيره الى إن 85% من المواطنين يعتقدون بأن الحكومه الحاليه لاتقود البلد بالأتجاة الصحيح والمطلوب. وبأعتقادي انه لاوجود لعوامل الأنهيار الأقتصادي (الأفلاس) في الأزمه المجريه الحاليه، بل هناك مخاوف جديه وأن التوجه السياسي والأقتصادي للحكومه قد يؤدي الى أن تتعرض البلاد الى حالة أنهيار وأنعزال عن المجتمع الأوربي والدولي. وما يدعم اغتقادي هذا البيانات الصادره عن البنك الوطني الى أن أحتياطي العملات الصعبه قد ارتفع من 16 مليارد يورو في عام 2006 الى أكثر من 30 مليارد يورو في نهاية عام 2011 ، وبلاشك فإن الوضع الأقتصادي العالمي ومؤشراته لعام 2012 تشير الى إن نسبة النمو الأقتصادي في القاره الأوربيه لايتجاوز 1%، وهذا يعكس بالضروره تداعيات على أقتصاديات القاره بصوه أجماليه ، وبما أن الأقتصاد المجري يرتبط بشكل قوي بالأقتصاد الألماني، حيث الأستثمارات الألمانيه الكبيره وخاصة في قطاع الصناعات الثقيله مثل صناعة السيارات والتي تشكل 70% من الأستثمارات. وأزاء هذا الوضع واستناداً الى اللوحه السياسيه والأقتصاديه فأن على المجر أن تراعي في سياستها الأقتصاديه والماليه والقانونيه الجوانب التاليه:
أولاً: طمأنة السوق والمستثمرين الأجانب في أسقرار الحاله السياسيه والأقتصاديه والبنيه الأستثماريه والقانونيه على وجه الخصوص، حيث إن أحدى أهم المعايير الثابته للأتحاد الأوربي هو أستقلال الماليه والقضاء والأعلام..
ثانياً: خلق مناخ أستثماري مناسب لأستقطاب الرأسمال والمشتثمرين.
ثالثاً: تعزيز الصادرات لتطوير ميزان المدفوعات الأقتصادي، حيث أنّ حجم الأستثمار والتصدير هما العاملان الأساسيان لتطور أقتصاد أي بلد.
رابعاً: زيادة رأس المال المستثمر والعامل والذي سوف يخلق فرص عمل جديده وينعكس على الأستهلاك الداخلي أيضاً ويقلل من نسبة العاطلين عن العمل ويخفض نسبة المساعدات الأجتماعيه والأنفاق الحكومي ويعزز من ايرادات الدوله المتأتيه من الضريبه على الدخل.
خامساً: تعزيز القدره على خلق المنافسه مع الدول والمؤسسات الأنتاجيه والخدميه، وهذا يقتضي بالضروره تحسين النوعيه والأداء والكفاءه في الخدمات والأنتاج، ويشمل هذا مجال السياحه والفندقه والمياه المعدنيه والسياحه العلاجيه حيث تحتل المجر موقع متميز في هذه المجالات.
سادساً:تقتضي الضروره أعادة النظر في الهيكليه الأقتصاديه وتقليص الأنفاق الحكومي وزيادة الأيرادات عن طريق أتباع سياسه أفتصاديه وضريبيه واقعيه، ويقتضي الحال أيضاً أعادة النظر من جديد بالأصلاح الضريبي ، حيث أثبتت الضريبه الواحده على كافة الدخول فشلها الكبير لما نجم عنها من إغناء الأغنياء وأصحاب الدخول العاليه وإفقار الفقراء وأصحاب المداخيل المنخفضه، ويتطلب أيضاً السعي لتعزيز الطبقه الوسطى وهي أحدى أهم أعمدة وأركان النمو الأقتصادي لأي بلد.
سابعاً:في أطار الأصلاح السياسي والأداري تقتضي الضروره أعادة النظر في واقع وتركيبة الحكومات المحليه وكفاءتها ، حيث يوجد في هنغاريا 3200 بلديه ،في حين تشير الدراسات والتقديرات المتعلقه بهذا الأمر الى أن بالأمكان أن تنجز مهمات وأعمال هذا العدد من البلديات عدد لايتجاوز 300 بلديه وبكفاءه ومهنيه عاليتين، وبالتالي يمكن تقليص الأنفاق الحكومي بشكل كبيرجداً ومن ثمّ أعادة تأهيل العماله تبعاً لأحتياجات السوق ومتطلباته، ويمكن أن ينعكس ذلك على قطاع التعليم ،حيث ألحصول على الشهاده الجامعيه العليا يُعد بحد ذاته أستثماراً ، ويمكن أن يعطي مردوداً ايجابياً على الأستثمارات نفسها. هذه هي النظره الصحيحه والدقيقه للتعليم ، فليس بالضروره تخريج آلاف من الكوادر لا يستوعبها السوق ولن يستفد من تأهيلها.
ثامناً: الضروره والوضع الحالي يقتضيان عدم تحميل المواطنين أعباء ضريبيه جديده، بل أيجاد وسائل أكثر واقعيه وعمليه للحصول على الضرائب والأيرادات ومعالجة حالة التحايل على الضريبه من قبل الأفراد والمؤسسات الأنتاجيه والخدميه ، حيث تشير التقديرات الى أن هناك أكثر من 2000 مليارد فورنت غير مستحصله، وربما يزيد الرقم عن هذا بكثير، مما يقتضي وضع خطه عمليه مناسبه لأسترداد هذه المبالغ.
إن المشكله الأساسيه في هنغاريا تكمن في عدم وجود حليف أوربي ودولي لحكومة يمين الوسط التي يقودها أوربان فيكتور، وما زاد الوضع سوءاً فتحها لجبهات من الصراع مع الأتحاد الأوربي ومع الأعلام وكذلك مع المجتمع الدولي، تحت واجهة السياده وأستقلال القرار الوطني الهنغاري، وطرح الحزب الحاكم لشعار "حرب الحريه" حيث يفكر الأوربيون، بما فيهم أحزاب اليمين الأوربيه التي ينتمي اليها الحزب الحاكم (فيدَسْ)، لتنظيم مقاطعه داخل المجلس والبرلمان الأوربي، كما وتطرح أمكانية سحب الدعم المالي الذي يتراوح 1000مليارد فورنت ، اي أن المجر ستخسر بحدود 800مليارد فورنت ، بالأضافه الى أن على المجر دفع ألتزامها البالغ 200 مليارد فورنت للصندوق الأوربي للتنميه ، وهم ما يعرف ببرنامج التكامل بين الدول الأوربيه . أن الأخطر من هذا كله هو أن المؤسسات المتعددة الجنسيات تفكر في أعادة النظر في سياستها الأستثماريه في المجر على ضوء المواقف المتشنجه للحكومه الحاليه مع الأتحاد الأوربي، حيث يلاحظ الضغط المتزايد من الأوربيين على رئيس الوزراء المجري الحالي ، بما في ذلك التلويح بسحب الثقه عنه كنائب لرئيس الكتله البرلمانيه الأوربيه. لقد أشارت الأستطلاعات التي قامت بها هيئة الأذاعه البريطانيه (ب.ب.سي) ودوائر الأستطلاع المحليه في كانون الثاني عام2012 الى أنخفاض شعبية الحزب الحاكم الى 18% ،وهوالذي يشكل حالياً الغالبيه المطلقه داخل البرلمان الهنغاري. وفي الجانب الآخر فأن الحزب الأشتراكي الذي حكم البلاد لفترات ثلاثه منذ عام 1994 لم يتمكن من أعادة الثقه به حسب نتائج الأستطلاعات، بل راوح في مكانه، والأكثر جذباً للأنتباه والأهتمام هو أن 57% من المستطلَعين ليس لهم تصور لمن سيدلوا بأصواتهم في حالة حدوث أنتخابات برلمانيه مبكره.
ولهذه الأسباب وغيرها فليس هناك طريق آخر للحكومه الهنغاريه الحاليه غير التفاوض والتوصل الى توقيع أتفاقيه مع صندوق النقد الدولي ومع الأتحاد الأوربي ، حيث تشير الدلائل الأوليه للمفاوضات الجاريه حالياً في واشنطن وبروكسل الى إمكانية أيجاد حل مناسب يجنب هنغاريا حالة التداعيات الأقتصاديه والأنهيار والمقاطعه، حيث إن السوق والمستثمرين يراقبون بحذر شديد تطورات العلاقه مع المؤسسات الماليه الدوليه، خاصةً ً وإن الحكومه ملزمه بتسديد ما قيمته 1200 – 1500 مليارد فورنت منها ما يقارب 700 مليارد فورنت للمؤسسات الماليه الدوليه. أن هذا الوضع يتطلب وضع خريطة وبرنامج عمل حتى 2014 لمعالجة المشاكل الأساسيه التي يواجهها الوضع الأقتصادي والمالي والسياسي والقانوني وكذلك الأعلام وبالشكل الذي ينسجم مع روح المعايير الأساسيه للأتحاد الأوربي.
د.كريم الخفاجي
بودابست 2012.01.21



#كريم_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم الخفاجي - جمهورية المجر (هنغاريا) بين إعلان الأنهيار الأقتصادي والمالي أوالأصلاح السياسي والأقتصادي