الهروب الكبير

منافع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 19:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما يقرأ القارئ الكريم هذا العنوان ينتابه شعور حول طبيعة الموضوع أنه ربما عبارة عن فيلم بوليسي أو أحد المشاهد الأكشن التي نشاهدها عبر الشاشة الصغيرة والكبيرة ، لكنه هنا هروب خاص ذو صبغة نفسية واجتماعية أكثر منه من مشهد بوليسي.
لا يمكننا الافتراض في حياتنا هو أسوأ شيء نفعله في حياتنا اليومية هو أن نهرب من أنفسنا إلى الناس ونهرب من الناس إلى أنفسنا نعم إنه الهروب الكبير بالنسبة لنا، إنها سياسة الكر والفر في الحروب والمعارك القديمة والحديثة ، الحرب خدعة ولكنها هنا معركة الهروب وهي سياستنا اليوم مع أنفسنا في حروبنا ومعاركنا اليومية والشبه اليومية مع الحياة، فنحن نهرب من أنفسنا التي ضاقت بنا وبعالمنا الصغير إلى عالم الآخرين الكبير بالنسبة لنا ولكن سرعان ما نجد أن عالمنا الصغير أوسع بكثير من عالم الآخرين الكبير. فهو في حقيقته عالم وأصغر بكثير أكثر ما نتصوره من عالمنا الخاص فالذين يمارسون الهروب الكبير من عالمهم فلأنهم بلا عالم خاص بهم يحتضنهم من شر العالم الآخر، فعالم كل واحد منا ليس عالم الأخرين (الناس)، وإنما ليس لديه عالم فليصنع لنفسه عالم خاص به كل واحد من بيننا باستطاعته صنع عالمه الخاص، لأن هذا العالم الكبير في حقيقته لا يتسع لحالم صغير إذا كانت أحلامه كبيرة فهو سيضيق به إذا لم تكن لديه مقدرة كبيرة تجعل من حلمه الصغير عالما كبيرا. كلنا نمارس الهروب الكبير من عالمنا إلى ما نتخيل أنه عالم واسع، نحمل حقائبنا ونسافر عبر مختلف مناطق بقاع الأرض بحثا عن عالم نعتقد في ذواتنا أنه عالم خلاصنا من أنفسنا، ولكننا نكتشف أن أول مستقبلينا في مطارات هذا العالم هي أنفسنا التي هربنا منها، فنحن في الواقع الحال نهرب من أنفسنا إلى أنفسنا ونهرب من عالمنا إلى عالم آخر، هذا العالم الآخر هو في حقيقة المرة انكساراتنا وهزائما وإحباطاتنا النفسية والتي نريد أن نحولها إلى انتصارات وأحلام كبيرة على طريقتنا الخاصة.
فنزعم بأننا انتصرنا وحولنا هزائمنا الافتراضية إلى انتصارات وهذه هي أكبر هزيمة لأنفسنا المريضة سيأتي يوم وتنتصر على الاخرين الذين ألحقوا بك الهزيمة وكما قال احدهم ذات يوم «حينما نعيد تشكيل محيطنا نعيد بالأحرى تشكيل نفوسنا». ولكنك لن تفلح بأي انتصار طالما كنت مهزوما أمام نفسك.



الطالب الصحافي: منافع محمد

#منافع_محمد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل