أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل ابراهيم - صرخة صمْت














المزيد.....

صرخة صمْت


اسماعيل ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 00:54
المحور: الادب والفن
    


منذ مدّة لم تغمر الابتسامة وجهه كما الآن، كان يرى أن حلمه أكبر من أن يتحقّق، أو أن الشعور الذي يرافق كلّ حلم، كان يرافق حلمه أيضًا... الخوف، وأحيانًا التشائم. إمتلاك بيت صغير له، وله وحده، بعيدًا عن تلك الغرفة الصغيرة، في بيت والديه، التي عاش فيها سنوات زواجه الأولى وانجب فيها ابنيه..
الحلم كالطفل، نحيطه بحنان وحبّ، نخاف فقدانه، نحميه، ندفع اليه بدماء شراييننا لكي يبقى ويكبر.
هو،تأبّط حلمه هذا وسعى في سبيله سنين طوال، فالحلم، إن لم يكن ضربا من الخيال الجامح، متى سُقي بماء الإرادة والاجتهاد، ينمو ويترعرع، ويكبر حتى يوْلَد واقعاً...
البرد قارس، الريح تشتدّ، لكنه مع هذا، وقف أما البت في العراء، يتأمّل حلمه الذي تحقق. ابتسامته تملأ وجهه وهو لا يدري. إلى جواره ابنيه وزوجه، يتأملون الحلم... الحلم الذي كاد أن يُكسر في مراحل الجفاف المادّي، واليأس الذي لحق به عدّة مرات، لولا دعم زوجه له وتشجيعها، واشعالها فتيل الحلم من جديد كل إنكسار.
مساحة كبيرة من العراء، رمال الصحراء ووسطها، كالواحة تماما، يجثم بيت بناه بقطرات عرق وسنين شباب، وحديقة زرعتها زوجه بالحُب والحلم..
عمل حارسا في احدى المنشآت، وكلّما تحرّش به البرد، قال لنفسه سأقهر هذا البرد ببيت دافئ.. كان عملا مقيتا، لا يفعل فيه سوى الجلوس على كرسيّ طوال الليل يراقب الساعة، ويراقب محيط المنشأة، ويكافح برد الشتاء القارس، وإن أمطرت السماء، فلسوء حظة سيحظى بحمّام إجباريّ قاتل! والأجر الذي يتقاضاه لا يتوائم والعذاب الذي يعانيه، لكنه أصرّ على الاستمرار فكل قرش يدّخره هو لبنة جديدة في بيته، هو خطوة كبيرة في حلمه.
طُرد من العمل ذات مساء لأن نفسه سوّلت له اشعال نار صغيره يدفئ بها جسده الذي نخر البرد عظامه، وهذا مخالف لتعاليم العمل في المنشأة. بحث عن عمل والإنكسار والاحباط يقتلانه، وجد عملا في مصنع تصنيع الحديد ووافق! وكان أيضا عملا قاهراً هو أقرب للعبودية، والأجر كالعادة لا يتناسب مع الجهد..فاضطر للعمل ورديتين متتاليتين! ثلثي تهاره كان يعارك قضبان الحديد طول النهار، يجب عليه ان يحافظ على القضبان متراصّة، ويمنع أي اختلاط وتشابك بينها.. وكان الحديد أحيانا يصله حارّا خطِرا.. وقد حذّره المسؤولون : "احيانا يكون قضيبا مضغوطا فينفلت ويكون كالرمح، فكن حذرا لأنه قاتل!"...
يعود كل مساء لتستقبله زوجه، بألم! فهي ترى أن القدَر يخطّ في وجه هذا الشاب تجاعيد لم يحن أوانها، فلا يكاد يجلس معها وابنائه ساعة حتى يغفو في منتصف الحديث.. لينام سويعات يتابع بعدها العمل، ومعاركة الحديد.
قررَت أن تثنيه عن حلمه.. إكتفت بالغرفة والحصار البيتي الخانق! لكنه علِم أن هذا تعاطف وشفقة، فاستمر وهو يهدئها بقولة: " سأتعب الآن فأنا شابّ، عندما نستقر في بيتنا سأختار عملا عاديّا، ونرتاح ونعيش كباقي الناس."
هذه الذكريات الآن، وهو أمام بيته تجعله يشعر بالنشوة والفخر، وكلما تذكّر موقف من مواقف زوجه، ضمها إلى جانبه اكثر ورماها بابتسامة حب وعرفان.
قالت له: لقد تأخر الوقت، أم أنك اعتدْت عدم النوم... الأولاد سينامون وقوفا من شدة النعس"
ابتسم، وشدّها ناحية البيت وقال: هيا.. سننام...
دخلوا البيت، ذهب الأولاد للنوم، ومن بعيد.. سمع صوت ضجيج، ذهب للنافذة.. ونظر!
كانت بلدوزرات حكومية معززة برجال الشرطة قادمة إلى بيته...






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى جورج حاوي... أين وحدة اليسار؟
- السياسية التشريعية للدولة العراقية ... ومسائلة الوزراء


المزيد.....




- بمشاركة 57 دولة.. بغداد تحتضن مؤتمر وزراء الثقافة في العالم ...
- الموت يغيب الفنان المصري طارق الأمير
- نبأ الجميلي تناقش أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامع ...
- عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم
- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل ابراهيم - صرخة صمْت