أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موسى حوامدة - (نسيت صورتي في المرآة)














المزيد.....

(نسيت صورتي في المرآة)


موسى حوامدة

الحوار المتمدن-العدد: 1062 - 2004 / 12 / 29 - 06:58
المحور: الادب والفن
    


(نسيت صورتي في المرآة)
* إلى ممدوح عدوان
موسى حوامدة
(الأردن)

قل لي يا ممدوح كيف رأيت الموت ؟؟هل لونه أبيض كما قال أخوك محمود؟هل لديه قاعة استقبال وبساط أحمر؟هل لديه ملائكة يعزفون نشيد الخلاص من عناء الأمس ورداءة العالم؟
هل لديه جوقةُ موسيقى؟ صبايا ترقص للغريب القادم من تلويحة أمٍ راضيةٍ مَرضية هانئة هادئة ساكنة في شرشف الطمأنينة ؟
قل لي يا صديقي؟ هل أستقبلك الأحباء الشرفاء هناك ؟هل قامت لك ضمائر حية ؟وهل رأيت البسطاء المساكين المظلومين في حفل استقبالك الأبيض؟؟
ُقلْ لي يا أخي هل يُستقبل الشعراء هناك كما يليق بالقصائد والموسيقى ؟هل جثم العروض بين يديك ؟؟هل ناخت لك جمال الخليل ؟؟ هل كان المعري هناك يحشد رهط الشعراء كما جمعهم في رسالته وهل تبدى وجه دانتي اليغيري ضاحكا على الموت ؟
هل احتفى بك الأنقياء هناك كما يليق ؟؟ وهل وجدت حكمة الحياة ملقاة جانب القبر ؟
تَنقلتَ يا صديقي من الأصفر السرطاني إلى الأبيض، عشت شاعرا حقيقيا ومت دون أن تسقط من يدك القصيدة ؟بقيت طودا شامخا في وجه الامحاء والإقصاء والرداءة ،بقيت سيفا حادا ومِديةً تقطع الشر، جِنا لا يقبل القيود ،كنت والغا في الحياة أكثر من صقر يطارد فريسته لم تُسلم لها العنان ولم تعرف الراحة، راوغتها بشتى الطرق؛ دخلتها من باب الشعر و الأدب والدراما والكتابة والصورة ؛هززت مسرحها وخشبها وفصولها كما ينبغي بمايسترو عريق واثق، واجهتها بالسرد والقص والرواية، وكِلتَ، لأعدائك، ما يمسح كرامتهم، ويمرغ وجوههم في الخسة ، دخلتها من زوايا شتى ، وعشتها حيوات متعددة، كنت فلسطينيا مطرودا من وطنه، وسوريا عاشقا ،لبنانيا حرا ومصريا أصيلا وعراقيا معطاء ! وخليجيا شهما متسامحا، عبقريا كنتَ عروبيا صميميا وإنسانيا اكبر من اللغات والكلمات والصفات..
كنت أبسط من فراشة وأعمق من محيط وعقيدة مجيدة ،
كنت متصوفا ،عذريا ،حسيا ،ليبيراليا يساريا ثائرا حرا ،شاهدا وشهيدا ...
كنت حصانَ ريح جامح ،صخرة صلدة ، بينما ضحكتك تمزق صمت الخوف والرتابة.
كنت أكبر من المرض والموت والفناء ...
أَفنيتَ الزمانَ قبل أن يفنيك ،حاربتَ المرض قبل أن يفتك بجسدك ، ولقنت النذالة والجبن دروسا في المغامرة، والقلم ظل يَمينَك، والكأس شمالك، والحب ديدنَك ومعدنك وسِر حياتك وكتابتك وبوحك.
***
قل لي يا ممدوح هل رأيت الموت سعيدا يصيده الثمين؟ وهل شاهدت ابتسامته طافحة وضحكته مجلجلة ،أم رأيته خَجِلا من اصطحاب أجمل الشعراء والأصدقاء، مطأطئ الرأس من وجهك المشرق وابتسامتك الساخرة الساحرة ؟؟

قلت ضاحكاً: انك أخبث من السرطان والمرض والموت، وصَدَقتَ حين قلت، فقد عشتَه كما عشتَ حياتَك بكبرياء وعطاء مجيدين، وحملت الموت معك، كما يحمل الذئب دم فريسته، حملته حتى أرديته قتيلا بين جنبات الطين، وقلت له لم تكن أقوى مني لأنني مَنْ حملك ولستَ من حملني، أتيت بك لأقتلك ثانية، وأعيد حياتك من جديد ،لأنك حين قتلتني نسيت صورتي في المرآة، نسيت كتبي وأصدقائي وجسدي هناك، أما ما تحمله الآن بين يديك فليس سوى هيكل وهمي، أما أنا الحقيقي، فقد خاتلتك وبقيتُ في نسغ الشجر،في ضحكة الأطفال، في ماء الشعر وغناء الحصادين، في رعشة السكارى، وعذوبة المتصوفين، في عضلات الحق وفي مرح الصعاليك!
يقيتُ هناك في نشوة مولانا جلال الدين الرومي،وفي عبقرية هرمان هسه وشعرية أوكتافيو باث، بقيت في وشم أمي وخمرة العشاق ، بقيت هناك في طريق الشام ، في عيون القدس وبيروت، في فضاء عمان والقاهرة، بقيت قطرات في غيوم ستظل تمطر وجباه تشم هواء العزة.
بقيتُ هناك فوق رمل الكلام وعسل الميجنا وخضرة الغابات وسحر الكلمات، بقيت في أروقة المكتبات والجامعات وفوق المسارح والمنصات وعند شفاه العشاق وتعاويذ الأمهات وآهات المعذبين !

قل يا صديقي، وأنت تطوي الموت كطي السجل، وتسخر منه كما سخرت من الحياة ،هل وسعك هذا الموت ؟؟هل وجدته ملائما لنبي مثلك ؟
[email protected]






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايدينا ملطخة وجرائمنا مخزية


المزيد.....




- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موسى حوامدة - (نسيت صورتي في المرآة)