أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باسم ماهر - الجيش بين يناير ونوفمبر، التغيير ومكمن الخطورة















المزيد.....

الجيش بين يناير ونوفمبر، التغيير ومكمن الخطورة


باسم ماهر

الحوار المتمدن-العدد: 3585 - 2011 / 12 / 23 - 12:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتشرت مؤخرا العديد من المقولات التي تكشف عن الصدمة والاندهاش الشديدين مما يرتكبه الجيش من انتهاكات بحق المتظاهرين. مقولات من أمثال "وأنا اللي قعدت أشرح لأصحابي بَرَّة أنه الجيش ماكانش ممكن أبدا يضرب المتظاهرين في الثورة" أو "أقول ايه دلوقتي لولادي، وأنا اللي كنت باقولهم في يناير الجيش مش ممكن يضربنا، وكنت بأخدهم نتصور على الدبابة"، أو غيرها الكثير.

وبالنسبة للبعض، كانت بدايات تلك الصدمة مع فض الشرطة العسكرية لاعتصام الجامعة باستخدام العصي الكهربية (والتي تلاها على ما أذكر مقولة "رصيدنا لديكم يسمح")، وللبعض الآخر مع اختبارات كشف العذرية الشهيرة، أو مع الأساليب العنيفة التي استُخدمت لفض المظاهرات أمام السفارة الاسرائيلية. ولكن أظن انه من السهل الإجماع على أنه حدث تغيير حقيقي كمي وكيفي في النظرة لـلجيش وفي الثقة فيه بعد أحداث ماسبيرو للبعض، وبعد أحداث مجلس الوزراء للغالبية. والسؤال الآن، لماذا نرى هذا الكم من العنف الغير مبرر ضد المتظاهرين من نفس أفراد الجيش الذي حمى الثورة أو في أفضل الحالات رفض ممارسة العنف مع المتظاهرين في يناير؟ ما الذي تغير؟


من المعلوم أن الجيش هو أحد الأعمدة الرئيسية لدعم النظام (السلطة الحاكمة)، وكثيرا ما اُستُخدم لحماية النظام وقمع حركات الإصلاح حول العالم، وكان ذلك أحد الاحتمالات التي خطرت على بال الكثيرين عند نزول عربات الجيش إلى الشوارع يوم 28 يناير. غير أن الجيش ارتقى إلى مستوى التطلعات ولم يتورط في أي ممارسات عنف ضد المتظاهرين طوال تلك الفترة، بل وقام بعض أفراده بالتدخل لحماية المتظاهرين (مثل أسد الميدان النقيب ماجد بولس) برغم عدم صدور أوامر مباشرة بالتدخل على حد علمنا، وهو مؤشر ذو دلالة. البعض أرجع ذلك لرفض الجيش للتوريث أو لصفقة بين النظام السابق والمجلس الأعلى، وكلها أسباب محتملة بالطبع، ولكني أعتقد أن السبب الرئيسي في عدم إطلاق النار على المتظاهرين هو أن الجيش المصري جيش وطني.

أعلم أن هذا الكلام قد يبدو صادم للبعض في هذا التوقيت، ولكن بالفعل الجيش المصري هو جيش وطني. وهو ليس جيش وطني بقرار من قياداته، ولكنه جيش في كينونته وطني (غصباً عن عين أي حد) بما فيهم قياداته. نظرة بسيطة لتكوين الجيش تثبت تلك الفكرة. عماد الجيش المصري، بما فيه من قوات مظلات وصاعقة وشرطة عسكرية وجندي على مدرعة وجندي على الأرض، بل ونسبة كبيرة أيضا من الظباط رتبتي الملازم والملازم أول هم من المجندين الذين يقضون فترة تجنيد محددة وليس لهم أي مصلحة طويلة المدى مع المؤسسة العسكرية. بالنسبة لهولاء، ومن علاقات شخصية وشهادات متعددة، فإنهم ليسوا مستعدين للعودة إلى أهاليهم بعد انتهاء فترة التجنيد وأيديهم مخصبة بدماء "الشعب". وهذا لا ينفي فكرة الوطنية عن ضباط الصف أو الضباط العاملين بالجيش والذين لديهم مصالح طويلة المدى مع المؤسسة العسكرية، ولكن هذا هو أهم ما يميز بين المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية مثلا. وأنا أعتقد أن هذا كان ذكاء من قيادات القوات المسلحة ساعتها، لأنها أدركت أن اصدار أمر مثل اطلاق النار على المتظاهرين قد يؤدي إلى انشقاق في الجيش، حيث سينكسر هذا الأمر في أحدى مراحل التسلسل القيادي، وسيختار الكثيرون المحاكمة العسكرية على تنفيذ مثل ذلك الأمر. ولهذا لم يصدر الأمر، ولم يُمارس عنف ضد الثورة.

هذا يضعنا مباشرة أمام السؤال التالي، فما الذي حدث؟ هل فقد الجيش المصري وطنيته المغروسة في كينونته؟ والإجابة لا. ولكن الطرف الآخر هو الذي فقد صفة "الشعب".


أحد المصطلحات المُستخدمة بكثرة في دراسة حركات المقاومة السلمية هو مصطلح "الكتلة الحرجة"، والكتلة هي ببساطة عدد الأفراد المتبنيين لفكرة أو مبدأ معين، وتوصف بأنها حرجة عند تخطي عتبة معينة (نسبية من مجتمع لآخر) تستطيع معها أن تصنع التغيير، لأنها تُعتبر في تلك الحالة ممثلة للمجتمع في معظمه. وأعتقد أننا قد وصلنا لتلك الكتلة الحرجة يوم 28 يناير، وبالطبع ما تلاها من أيام حتى تنحي مبارك يوم 11 فبراير. ولكن للأسف، لا نستطيع أن ندَّعي بعد أننا قد وصلنا لهذه الكتلة في أي من المظاهرات التي تلتها. وهكذا يصبح من السهل وصف المتظاهرين بأنهم أعداء الدولة أو مثيري الشغب أو بلطجية، ونعود مرة أخرى لنموذج "أحمد سبع الليل" في فيلم البريء والذي يحمي الدولة من أعداءها ويعود إلى أهله فخورا بالإنجاز والدور الحيوي الذي يلعبه. وإلى أن يعود لقب "الشعب" للمتظاهرين، سيظل أحمد سبع الليل يقوم بدوره في حماية مصر من أعداءها وينام قرير البال.

هذا عن التغيير ما بين يناير ونوفمبر، أما عن الخطورة فتكمن في التحول التدريجي في "طيف الموالين" (محاولة لترجمة مصطلح spectrum of allies)،

وهي نظرية تستخدم لدراسة تطور حركات المقاومة السلمية، عن طريق رسم نصف دائرة في أحد أطرافها يكمن رأس أو رؤوس النظام، وفي الطرف الآخر يكمن النشطاء الرئيسيون وقادة حركات المقاومة السلمية، وهؤلاء بالطبع من الصعب تغيير موقفهم من النزاع. عدا ذلك فكل الأطراف عرضة لتطوير أو تغيير موقفهم من النزاع، سواء كانوا مؤيدي النظام (الناشطين والسلبيين) أو مؤيدي الحركة (الناشطيين والسلبيين) وهؤلاء أيضا على طرفي الطيف ولكن أقرب إلى المنتصف، وأخيرا يوجد في قلب الطيف المحايديين (سواء كانوا ممن لديهم ميول معاداة أو مؤيدة للحركة أو الغافلين عن الوضع تماما). وهذه هي المساحة الأكثر دينامكية و الأكثر عرضة لتغيير المواقف أثناء النزاع. وهي أيضا المساحة التي يجب على الطرفين دائمل العمل على اجتذابهم لصفهم لدعم موقفهم. وبطبيعة الحال فإن جزء كبير من مجندي الجيش أو الذين على وشك التجنيد يقعون في تلك المساحة. وبالتالي فإن جزء كبير من هؤلاء عرضة لتغيير مواقفهم من الثورة. ومن المتوقع أن يكون هذا التغيير تدريجي. وهذا هو الفارق الأساسي ومكمن الخطورة بين يناير والآن. في يناير يمكن القول أن الجيش نزل على الصورة شبه متكاملة، النظام في مواجهة "الشعب"، فكان من السهل استنباط عدم جدوى استخدام العنف من قبل الجيش. أما الآن فالصورة في طور التكوين، وفي مرحلة ما، وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال فقد نجد مجموعة من أفراد الجيش يرون أن هذه مواجهة مع "الشعب"، ويرفضون إطاعة الأوامر باستخدام العنف، وهو أمر خطير جدا في اي نظام عسكري، ومهما كانت حساسية القيادات، فيظل من الصعب جدا حصر هذه الظاهرة والتعامل معها قبل حدوثها.

ما المطلوب إذن، المطلوب من مساندي التغيير السلمي التوقف عن "معايرة" الجيش المصري. لا أعتقد أن محاولات التذكير بنكسة 67 أو مقولات مثل "كنتم اتشطرتم على إسرائيل" تصب في صالح أي طرف، بل بالعكس فهي قد تدفع المتعاطفين مع الحركة من المجندين ليتخذوا موقف عدائي منها. المطلوب من المتظاهرين تنويع طرق ووسائل الإعلام للوصول لطبقات مختلفة من هؤلاء الفئات ولإعادة صفة "شعب" مرة أخرى إلى الثوار، وذلك ليس بهدف زرع الشقاق والفتنة في الجيش، ولكن لحماية التغيير المرجو. وأخيرا المطلوب من القيادات العسكرية الكف عن الزج بالجيش في مواجهة المتظاهرين وترك مهمة حماية المنشآت العامة لمن هم مؤهلون لذلك. و



#باسم_ماهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير الدفاع الإسرائيلي ردا على تصريحات بايدن: لا يمكن إخضاعن ...
- مطالبات بالتحقيق في واقعة الجدة نايفة
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في ال ...
- سويسرا: الحوار بدل القمع... الجامعات تتخذ نهجًا مختلفًا في ا ...
- ردًا على بايدن وفي رسالة إلى -الأعداء والأصدقاء-.. غالانت: س ...
- ألمانيا ـ تنديد بدعم أساتذة محاضرين لاحتجاجات طلابية ضد حرب ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة هندسية إسرائيلية في رفح (فيد ...
- موسكو: مسار واشنطن والغرب التصعيدي يدفع روسيا لتعزيز قدراتها ...
- مخاطر تناول الأطعمة النيئة وغير المطبوخة جيدا
- بوتين: نعمل لمنع وقوع صدام عالمي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باسم ماهر - الجيش بين يناير ونوفمبر، التغيير ومكمن الخطورة