أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صفر - ذكريات فلاح سافر لبلاد العرب أوطانى














المزيد.....

ذكريات فلاح سافر لبلاد العرب أوطانى


عبدالله صفر

الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


عم راضى رجل بسيط وعلى نياته , يشتغل بالآجر فى الحقول , طوال أيامه , لا يملك من حطام الدنيا غير أولاده الخمسة وزوجته , أغلب الفلاحين عندهم أرض وطين إلا صاحبنا , فهو يذهب للعمل فى الحقول لدى الفلاحين المقتدرين , ويرجع فى نهاية اليوم منهك القوى , يأكل لقمته المكونة من قطعة جبن قريش وعود فجل أخضر , ويشرب المياه من القلة , وبعد ذلك تجهز له زوجته الشيشة , ثم يشرب منها عدة أنفاس , ويشعر بالنعاس وينام , حتى يستغرق فى نوم عميق , وبعد ثوان معدوده يمكننا أن نسمع شخيره من على بعد , فشخيره , يصل الى دوار العمدة , الذى هو فى أخر البلدة , يستيقذ فى الصباح الباكر ونفس الحكاية تتكرر .
الرجل أكل منه الدهر وشرب , حتى أن تقاسيم الزمن ظاهرة على وجه هذا الرجل , عم راضى رجل يؤمن بالمثل الذى يقول : أصرف ما فى الجيب , يأتيك ما فى الجيب , لديه قناعة بأن الله خلقه هكذا فقير وسيموت هكذا فقير .

نومه على حصير بالآرض , لا مراتب وثيرة ولا تكييفات هواء بارد , حين ينام , فيكون كالجسد بلا روح , , إنه القدر الذى ساقه الى هذه الحال التى هو عليه , الحياة ضاقت علية , وأصبحت دنياه كخرم إبرة الخياطة , هو دائما يحدث نفسه حين يشتد به الفقر والعوز , ويقول : ليه يارب خلقتنى هكذا فقير ومعدم ؟ ليه يارب أشوف الناس معاها فلوس وأنت حارمنى منها ؟ يارب دانا طلعت ألاقى نفسى فقير , ومع ذلك بدعوك طوا ل خمسون سنة عشان تغنينى , ولكن الفقر ماسك فى ومكلبش ؟ هو دعائى عندك ملوش فايدة ؟ !
أولادى بيكبروا ومحتاجين مصاريف عشان أزوجهم وأستر البنتين قبل ما أموت , دا أنا يا دوب قطعة الجبن والخبز بندبرهم , عشان نعرف نأكل لقمة , هواجس وصراعات يعيشها العم راضى , ومتطلبات الحياة لاترحم , فهو يشعر بأن الفقر يحيطه من كل جانب , ويضغط على أنفاسه الضعيفة , فهو يرى شباب البلد ورجالاتها , يسافرون الى بلاد الزيت والنفط والثروة , ويعودون بفلوس كثيرة , ويبنون فى بيوت بالطوب الآحمر والآسمنت , وفيه منهم من أشترى أراضى زراعية , جلس عم راضى مع نفسه ووصل الى قناعة بأن يعمل أى وسيلة للسفر والهروب من حياة الفقر , والنمطية فى حياته الى تكاد تقتله , فهو فى رأسه أفكار وأمال وردية مع تحقيق الثروة وشراء أرض تغنيه عن العمل لدى الغير , والبهدلة والمرمطة عند اللى يسوى واللى ما يسوى, , ويبنى بيت جديد بدل البيت الذى يعيش فيه المكون من الطوب النى , فمنذ عام 1800 وهم فى هذا البيت , الذى ورثه عن أجداده وأبائه , هو يحاول الهروب من دائرة الفقر بأى طريقة , وتوصل أخيرا أن يسافر الى بلاد البترول , لآن فلوسها كثيرة ورزقها جاى من تحت الآرض , عم أحمد سمع من جيرانه و أحد أقاربه كان يعمل هناك بأن راتب العامل محترم , حاول مرارا للسفر , لكنه لا يملك النقود التى تؤهله لسفرية كهذه , لآن هناك حاجة أسمها عدم ممانعة بترسل للعامل أو الموظف من الكفيل بفلوس , لآنها تجارة معروفة لدى الجميع , وهناك ثمن تذكرة الظائرة , ومصاريف إجراءات عمل جواز سفر , وهو محتاج لفلوس كثيرة وهو يأمل أن يعمل فى مهنة تناسبه كحارس بناية أو حارس لشركة أو فراش فى إحدى الوظائف .
وفعلا جاله الفرج من أحد أقاره هناك وقال له لازم تدبر فلوس عشان تسافر , فأضطر عم راضى لتدبير المبلغ , فلجأ الى جيرانه ومعارفه وأقاربه , ولكن للأسف الشديد لم يستجب له أحد من هؤلاء , , وفى النهاية أضطر الى بيع بيته , ووضع أولاده وزوجته عند حماه , وحدثنى عم راضى عن مأساته فى بلاد العرب أوطانى :


فى يوم من الآيام , نويت أسافر لآحدى بلاد العرب أوطانى
قلوا لى عشان تدخلها , لازم تدفع لعدم الممانعة بالدينــار
قلت لهم هو الآوطان محرمة على بنـــى الآنســـان
قالوا لى أنت من جنس وهم من جنس تانى ,ألا وهو السامى
قلت طيب ياجماعة فين اللى تعلمناه فى المدارس وفين كيانى
قالوا هى عدم الممانعة بعشرين ألف وتبقى إنسان تانـــى
بصراحة أنا دخت , ودماغى لف وفر مع أفكـــــارى
والهواجس بدأت تلعب بى والآفكار أخذتنى وأصبحت محيرانى
طيب يا جماعة , هو برضه بلاد العرب موش أوطانــــى
قالوا لى أدفع البيزات عشان الكفيل يا إما تروح تفكر فى شئ تانى
قلت بلاد العرب بيجرى فيها أيه ماهو هى برضه دمى وكيانــى
يا جماعة بلاش موضوع الفلوس أنا رايح أكل عيش لى ولعيالــى
قعدت أدور على الفلوس من هنا وهناك الى أن ربنا هدانـــــى
بعت دارى وكل ما أملك وسافرت الى بلاد العرب أوطـــــانى
الظاهر كده فى كتب التاريخ أن هناك حاجة أسمها بلاد العرب أوطانى
وأول ما نزلت رجلى لآرض الغربة , لقيت رجلى موش شيلانـــى
قلت يا جماعة هو فيه أيه , الجو حر موت وعينيى عميانــــــى !!
زادت حيرتى ودماغى فر منى , وكانت تعبانى , ولفت على من تانــى
لم يمر أسبوع وإلا مرضت , من ضربة شمس وكانت نفسى محطمانـــى
أيوه هى أفكارى سبب حيرتى , لآن نفسى عزيزة على وهى اللى مرضانـى
الكفيل زعل من مرضى وخصم على أيام مرضى وصمم يرجعنى لمصر تانى
فى النهاية رجعت لبلدى مكسور الخاطر وخسرت سفريتى ودارى وعيالــــى
ومن يومها حرمت أفكر فى السفر وفى كفيل حتى حرمت أفكر فى بلاد العرب أوطانى





#عبدالله_صفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أراهنك


المزيد.....




- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صفر - ذكريات فلاح سافر لبلاد العرب أوطانى