حزب النهضة الوطني الديمقراطي في سوريا
الحوار المتمدن-العدد: 1060 - 2004 / 12 / 27 - 07:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النهضة الوطنية ومستجدات المرحلة الراهنة
إن الفكر النهضوي المعاصر ينظر إلى النظام الشرق أوسطي بأنه شكلاً من أشكال الانتحار الكامل للكيان القومي العروبي الذي يؤمن ببناء دولة قومية للعرب , وهذا الانتحار جاء نتيجة منطقية تاريخية للصراع التاريخي في المنظومة الاقليمية القائمة , بالاضافة الى التباينات السياسية والثقافية والتاريخية بين مجتمعات المنطقة , هذه الاسباب غذت حالة الفرقة والانقسام وصولاً الى ما وصلت إليه الآن , إضافة الى ضعف المنطق التاريخي القائم على فكر العروبة أو الفكر القومي العربي .
إذاً لقد سقطت مقولة الوحدة العربية , بسقوط النظرية القومية , وبإندثار مشروعها القومي . وفي هذا المجال لا بد من الاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى في بناء نهضة علمية وحداثة سليمة ومشروع وطني صرف . يتلاءم كله مع متطلبات عصر العولمة , كعنصر فاعل مؤثر قوي , لا ركن متأثر منفعل , مفعول به ثقافياً ,وسياسياً واقتصادياً ,وحضارياً , بأعتبار أن مقولات النهضة تطول جميع جوانب التطور لأنها كل متجانس،ولا يمكن تجزئتها أو الفصل في ما بينها .
إن النهضويين اليابانيين رفعوا شعارا مهما في مرحلة التحول , رفعوا شعار (روح اليابان الجديد )وبنوا على أساسها نظرية ( الأمة اليابانية الجديدة ) ذات الاصالة .
في الوقت نفسه،نبه النهضويون إلى ضرورة الحفاظ على النظم السلوكية الحضارية التي تشكل بنية جديدة في الفكر النهضوي المعاصر الذي يبنى يوميا من خلال تطوير الموروث المحلي الإيجابي لدى الشعب نفسه بما يتلاءم مع متطلبات الحداثة،وبشكل خاص تطوير النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه تبدلات بنيوية متسارعة في عصر العولمة . وبذلك كانت فلسفة النظم السلوكية تعبر عن خصوصية الوعي بالذات وبالآخر .
إن من يقف ويقول أن مبالغة الدولة القطرية ( الوطنية ) وتركيزها على ذاتها , في الحفاظ على خصوصيتها قد أفشل المشروع النهضوي القومي العربي في مختلف المراحل لا بد من يعيد النظر ملياً وجذرياً بتجارب الشعوب , والمجتمعات الحديثة والمعاصرة , إذ إن الإنطلاق من المشروع القطري ( الوطني ) هو السند الاستراتيجي الأكثر بروزاً في تقدم الوعي الاجتماعي , وارتقاء ثقافة المجتمع السياسي , إذ أنه يكون البعد التاريخي لمرحلة تأسيس الوعي الوطني الجديد بعد أن كان ممزقاً بين مقولات ونظريالت وممارسات أدت كلها الى الهاوية التاريخية وبالتالي أدت الى إنحسار المشروع النهضوي القومي العربي والى تفاقم عناصر التفسخ الاجتماعي والترهل السياسي للأنظمة والشعوب العربية , ومن هنا كان لا بد من إحياء النزعة الوطنية ذات الطابع النهضوي الحداثوي المعاصر الذي يرفض التبعية السيادية والسياسية لإي مشروع آخر لا يمثل عمقه وأمتداده الذاتي والموضوعي .
حيث أن دعاة النهضة القومية العربية لم يتحملوا المسؤولية التاريخية كاملة في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ العرب , بسبب تنامي الحس الوطني وترسيخ جذور ثقافة (الوطن أولاً) في ظل تجاذبات ثقافية مختلفة حول مبدأ الإنطلاق ,إضافة الى متطلبان الخروج من المأزق الراهن في مسلمات الفكر القومي الرومانسي التي اجتاحت الساحة العربية طوال القرن العشرين .
وقد نبه الفكر النهضوي الوطني الجديد إلى ضرورة التعاطي مع تلك المشكلات بعقلانية وجرأة،و إعادة بناء الشخصية الوطنية الحضارية الجديدة للمجتمع المحلي , والعمل على حل التناقضات القائمة في مسألة الهوية الوطنية وقضايا التنوع،ومشكلة الأقليات العرقية،والتوترات الطائفية والمذهبية،ومشكلات التنمية الريفية وغيرها حيث أنتقد أصحاب الاتجاه النهضوي القومي العربي مشاريعهم الفكرية الكلاسيكية ودعوا مجدداً الى المصالحة مع الذات الوطنية , وبناء جسور تواصل بين المشروعين الوطني والقومي بعد تحصين الفكر النهضوي الوطني , وبناء أرضية مشتركة موضوعية للمشروعين الوطني والقومي , من خلال الشعور بالمسؤولية الوطنية وتأثيرها في الثقافات المحلية الموروثة كعامل إيجابي في خلق نواة فكر ثقافي قومي جديد .
من ناحية أخرى،دعا المشروع النهضوي الوطني الجديد إلى حل حضاري للمشكلات الداخلية والإقليمية لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة سلام دائم بعد إخلائها من كل أسلحة الدمار الشامل،كما يتطلب حلًا كاملاً وعادلاً للصراع العربي – الاسرائيلي على أساس مبادىء الشرعية الدولية ، وتعزيز علاقات حسن الجوار مع الدول الإقليمية ، وتعزيز العلاقات مع الأمم المتحدة،وجميع المؤسسات والمنظمات الدولية0
ختاماً إن اتساع الرقعة الجغرافية للوطن العربي ، وتنوع ووفرة مواردها الطبيعية تجعل منه مجالا حيويا للتكامل .
إن تحقيق هذه الخطوات في المرحلة الراهنة يشكل مدخلاً موثوقاً لنهضة قومية شاملة تساهم في ولادة فكر نهضوي حضاري جديد يعمل على بناء الديموقراطية. وارساء منهج فكري استراتيجي حضاري , يبدأ من التفاعل الإيجابي مع العولمة كعامل مؤثر ، وفك الارتباط التبعي بمراكز القوى العالمية .
دلالة ذلك أن الفكر النهضوي العربي في عصر العولمة يواجه مشكلات حادة على جميع المستويات . وقد بات التذكير بالثنائيات النظرية السابقة كالأصالة والحداثة، والسلفية والمعاصرة،والتخلف والتطور،والتقليد والتجديد وغيرها نوعا من الترف الفكري الذي فات أوانه. فتحديات العولمة متسارعة جدا وهي تطول الأسس التي اريد أن تبنى عليها نظرية الدولة العربية الواحدة .
إن الفكر النهضوي العربي مطالب بتقديم أجوبة تاريخية لكثير من الأسئلة المقلقة حول موقع العرب ودورهم في النظام العالمي الجديد0 فهل يستمر عجزهم عن إقامة دولتهم القومية الجامعة في وقت تنجز فيه دول أخرى وحدات جغراسية عملاقة تتعدى القوميات،والحدود الجغرافية،والأعراق،والنظم السياسية والاقتصادية .
وهذه المطالبة هي لإعداد صيغة نهضوية وطنية معاصرة للدخول في صلب المشروع القومي العربي لا لتجاوزه والبناء على أنقاضه .
.....نهاية البحث.....
قدمه مكتب الثقافة والإعداد الفكري
حزب النهضة الوطني الديمقراطي
في سوريا
دمشق في 19-12-2004م
* ( ملاحظة ) : تمت هذه الدراسة المبحثية بالأستناد الى مراجع ومصادر وفهارس عديدة .
#حزب_النهضة_الوطني_الديمقراطي_في_سوريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
