أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أيتا - الخروج من ....إلى ....















المزيد.....

الخروج من ....إلى ....


محمد أيتا

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 08:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


1
أعجبتني حكاية دالة، استهل بها الأستاذ محمود أمين العالم كتابه القيم "مفاهيم وقضايا إشكالية"، تحت عنوان: {عشر نقلات متواضعة في ملكوت التنقل}. الحكاية:
"أن طائفة من الأصدقاء تزور أديبا إنجليزيا يقيم في لندن، فتجده محاطا بحقائب كبيرة تؤذن برحلة طويلة بعيدة، فتسأله: إلى أين؟
فيجيب: إلى لندن"
هنا يتساءل محمود أمين: "هل من الضروري أن يخرج المرء من لندنه ليتمكن من أن يتواجد فيها ؟
وهل يخرج المرء من لندنه وهو مقيم فيها؟"
يجيب لنفسه: "نعم، يخرج منها بالاغتراب، أو بالرفض النفسي، أو بالتهميش الاجتماعي، أو بالجنون، أو بالثورة، أو بالتجاوز العقلي والعاطفي، أو بإبداع لندنه الحقيقية في قلب لندن الواقع، وعلى رغمها، وفوق أنقاضها".

2
تلك هي حكاية صغيرة الحجم، عظيم الدلالة فعلا، تذكرني بخروج آدم من الجنة ليعود إليها عودة مغايرة، فلا شك أن مذاق الجنة سيكون له معنى آخر بعدما ذاق معاناة الدنيا، فبضدها تتميز الأشياء حسب القصة القرآنية، بغض النظر عن صدقها، وعدم صدقها.
3
عندما أراد الرسول محمد أن تتمكن رسالته في مكة خرج منها بالفعل إلى المدينة، إنه خروج لا يشبه خروج اللندي السابق في الظاهر، ولكنه هو نفسه في الباطن، والمعنى، ومن ثم الدلالة، والهدف ... فهذا حسي، وذاك معنوي، لنحصل على "نموذجين للخروج" ... ومن أمثلة الخروج الحسي كذلك خروج موسى إلى مدين ... كي يتمكن من التواجد الحقيقي في منطقته الأصلية بمصر... وعليه قس قصص أصحاب المنفى.
4
تروي كتب الصوفية فنونا من القصص الجميلة المؤثرة، بل الروايات العجائبية، تحكي أن وليا ذهب إلى جبل قاف، والتقى بزمرة الأولياء هناك .... تزداد أضواء المسرح بمختلف الانوار الربانية، بل تشرب هناك كؤوس خمرية تردي القومى صرعى ...إلى آخر ما هنالك من القصص المبدع في التخييل والرسم.
بل لا نكاد نسمع وليا لم يمارس رحلة أو رحلات عديدة من هذه كي يلتقي بالخضر، وإلياس، وبمحمد كذلك ... بل تارة بالحق جل جلاله حسب التفاوت في المقامات. أما عن حاكايات حج الولي في ليلة واحدة، ويعود فلا تعد ولا تحصى .
أظن حكاية اللندني ما زالنا نذكرها بعد، فما أشبهها بهذا الخروج الروحي الصوفي، لولا ألوان الطقوس التي تضفي على المشهد صبغة خاصة قدسية...
إنها فعلا رغبة جامحة في نيل ما تمناه النبي موسى، مشاهدة الله.
والكشف عن هذا اللغز الجليل الجميل... ولكن.
5
كنت وقفت على كاتب جريء ـ سعيد ناشيد ـ له مقالات صارخة ابتداء من العنوان منها "الإله الخارج عن القانون، وما القرآن ... قللق في العقيدة".
حاول في الخلاصة أن يقرب أطروحة مصرحة بإمكانية الخروج من الإسلام كدين تمت صياغته باللغة العربية، وفي جزيرة العرب، وما لبث أن تعددت نسخه بتعدد القراء والرواة، وتنوع المشارب والمضارب ... كي تتمكن من مشاهدة عيوبه، والقبض على نواقصه، والرجل يؤكد أنه لم يفارق الإسلام في لحظة ..!!
ألا تذكرنا حالة كاتبنا سعيد هذا بحالة الأديب المقيم في لندن.؟؟

تلك أيها القارئ جزء مقدمات طللية اللفظ، منطقية المعنى، ترمي إلى هذه النتائج:
1. الخروج من وضعيتك الراهنة ينقسم إلى نوعين كبيرين: "الحسي/ المعنوي"، وإن أردنا أضفنا ثالثا "الروحي" في نموذج الصوفي، ومنه "البعث" كذلك بعد الموت، عند المؤمنين به، فالموت خروج من الحياة لأجل حياة أبدية، كما أن للصوفية مصطلح الفناء الذي يساوي وجودا آخر، فنفي النفي إثبات كما يقول اللغويون.
2. الخروج يعطي "الاطمئنان" في جميع أنواعه، ففي نموذج اللندني يمنح الحرية، ويفسح المجال للإبداع أمام الخيال. وفي نموذج "الهجرة" الأمر أوضح، من حيث الإطمئنان على النفس... كما أنه في "المثال الصوفي" تبدو فيه السعادة الروحية فوق الوصف بالنسبة له.
3. هذه هي التنيجة الأهم، ومن أجلها سقت كل ما ذكرت، وهي طبعا على شكل سؤال مفتوح:
إذا كان "الخروج من أجل العودة" كما رأينا بنوعيه، أو بانواعه "الحسي، والمعنوي، والروحي" هكذا فلم لا نجربه مع كل أية قضية في الحياة فكرية كانت أم عملية، معنوية كانت أم حسية... ؟؟
خاصة في مجال الفكر، والبحث العلمي، "يعتبر الفيلسوف فوكو أن رهان الفكر بل الفلسفة أن يتحرر الفكر مما فيه، وأن يتاح له دوما التفكير على نحو مغاير بدلا من تبرير ما يعرفه من قبل" نقلا عن علي حرب في كتابه "نقد الحقيقة".
 إن هذا الخروج يزودنا بصدور رحبة، وقلوب منفتحة اكثر على الآخر، ومن ثم يتعمق فينا فهم "الاختلاف" كما هو سنة كونية يجب الاعتراف بها كواقع غير مرفوع، إن أردنا الوحدة، يقول علي حرب في الكتاب المذكور: "الاختلاف بين مشهود، والائتلاف معنوي معقول". نحلم به منذ فجر التاريخ مثل حلمنا بالفردوس المفقود، ولم نره على أرض الواقع.
 إن هذه الفكرة بوحدها تحل لنا المعضلة، فأن تخرج قليلا عن المقعد العزيز الذي تتربع عليه كي تعطي المخالف مساحة نسبية من الوجود، والاحترام هو ما يقرب بينكما نفسيا، ففكريا، كي تتفهم الأسباب التي جعلته يخالف بكل هدوء ووقار.
 إن هذه الفكرة وحدها التي ستساعد الباحث في القبض على خيط الموضوعية الرقيق الأملس، فأن تحاول الخروج من ربقة أفكارك السابقة على الموضوع، أي "التجرد" كما يقول ديكارت، وطه حسين، هو ما يمكنك من رؤية موضوعك عن كثب، والتحرر من سلطة المعتقد الحاجبة للحقائق، كما أنك لا يمكن أن تدقق النظر في عمارة، أو مبنى صغير تريد أن تنقده كمهندس ما دمت فيه، بل يجب عليك أن تتجول "أمام خلف، يمين/ يسار" في الخارج تماما، كما تتجول بين الغرف في الداخل.
 وهكذا يمكن أن تعالج هذه الفكرة أزمة "العنصرية، والتعصب"، والطائفية من جهة النقد الذاتي، فلا يمكن أن تدرس قبيلتك، أو مذهبك الديني، والسياسي إلا إذا افترضت هذا الخروج الإيجابي وهكذا.



#محمد_أيتا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- فرحي أبنك مش هيعيط ولا يزن خالص .. تردد قناة طيور الجنة الجد ...
- تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025.. ثبتها لعيالك الأن
- كيف نشأت الطائفة الدرزية وأين تنتشر في الشرق الأوسط؟
- فرحي أبنك مش هيعيط ولا يزن خالص .. تردد قناة طيور الجنة الجد ...
- الأردن.. اتهامات بضلوع -الإخوان- في -نشاطات مالية غير قانوني ...
- شاهد.. أزمة حكومية تواجه نتنياهو بعد إنسحاب الأحزاب الدينية ...
- عودة -التكية الإسلامية-.. مشروع اجتماعي يثير الجدل في مصر
- “متع طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقمار الصناعية ...
- طالب يهودي يقاضي جامعة برلين الحرة لتقصيرها في مواجهة معاداة ...
- ماما جابت بيبي..خطوات تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على القمر ن ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أيتا - الخروج من ....إلى ....