|
قتلة الشهيد عمر بن جلون يحكمون المغرب
رفيق عمر
الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 08:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عادت ذكرى اغتيال الشهيد عمر بن جلون بتاريخ 18 ديسمبر 1975، ولكن بأغرب الغرائب في تاريخ المغرب. إذ تمكن حزب قتلة شهيد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من إقصاء الاتحاديين عن الحكم، والاستئثار بكراسي الحكومة المغربية، في أكبر عملية استغلال واحتيال وقعت على الشعب المغربي منذ استقلال البلاد، وذلك بانتهاز فرصة مقاطعة الشعب المغربي بكل فئاته وبثلاثة أرباعه لانتخابات 25 نونبر، وهو سطو على الحكم في غياب الإرادة الشعبية. فحزب العدالة والتنمية هو الخليط المخزني بين المنظمة الإرهابية "الشبيبة الإسلامية"، التي قتلت زعيم الحركة الاتحادية عمر بن جلون، وحزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، الذي قدم اللوجيستيك والتمويل والدعم الإعلامي، للإشراف عن بعد، وتغطية جريمة الاغتيال بواسطة رئيس الحزب عبد الكريم الخطيب، الذي كان يقول لأتباعه وللسلطات العليا إن عمر بن جلون هو أخطر من المهدي بن بركة على الملكية، لأن المهدي بن بركة لم يكن يريد أكثر من المشاركة الشخصية في الحكم، أما عمر بن جلون فقد كان يخطط لقلب نظام الحكم حسب زعم الخطيب. بعد 18 ديسمبر 1975، تابع عبد الكريم الخطيب مهمته بالنزول شخصيا إلى مدينة الدار البيضاء والاتصال المباشر بعدد من المحامين لتوفير الدفاع القانوني عن قتلة الشهيد عارضا مبالغ خيالية لهذا الغرض، لكن محامي الدار البيضاء خيبوا أمله برفضهم الترافع في جريمة ضحيتها أحد زملائهم. وغضب الخطيب على بعض المحامين من حزبه الذين رفضوا عرضه، فطردهم شر طردة وانتقم منهم، وكما أخبر هو في مذكراته، فقد استدعى لهذه المهمة محامين من الخارج من باكستان ومصر وتونس، وعلى رأسهم صديقه الزعيم والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين المصرية الدكتور توفيق الشاوي. لكنه أخفى عن الشعب المغربي أن يخبرهم عن المبالغ المالية الضخمة التي تقاضاها هؤلاء المحامون، وأن يخبرهم عن مصادرها. أما عبد العزيز النعماني الرئيس الفعلي والمباشر لكوماندو التنفيذ، المنتقى من نخبة عناصر الشبيبة الإرهابية، فقد تمكن من الفرار، بعد مشاركته في الجريمة شخصيا، وانتقل إلى مخبئه بمكناس والرباط، ليتمكن من التنسيق المباشر مع الحماة السياسيين والأمنيين للجريمة. وفي الرباط، حيث كان طالبا سابقا في كلية الحقوق، وله اليد الطولى على المجموعات الطلابية التابعة للمنظمة الإرهابية، تكلف النعماني بإتمام حلقات الجريمة، بالتحريض على الدعاية السياسية ضد الاتحاد الاشتراكي في أوساط الطلبة. وهكذا تم ربط الاتصال بينه وبين طالب اتحادي منبوذ من طرف رفاقه الذين كانوا يتهمونه بالتخابر مع عناصر بوليسية، ولم يكن هذا الطالب سوى عبد الإله بن كيران ! كان بن كيران مطاردا أيضا من منظمة إلى الأمام التي اتهمته بالوشاية بأعضائها الذين كان يدرس معهم بالمدرسة المحمدية للمهندسين، وتعرضوا للاختطاف والاعتقال السري، وفرارا منهم اضطر لمغادرة المدرسة المحمدية والالتحاق بكلية العلوم بالرباط. أشرف النعماني بصفته القائد المركزي لمنظمة الشبيبة الإسلامية، على تأطير عبد الإله بنكيران ونصحه بالخروج من العزلة والخوف، وحرضه على مواجهة الاتحاديين والماركسيين عن طريق العنف، وأقنعه بأن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، وأصبحت هذه النصيحة هي المحرك العقائدي لعبد الإله بن كيران في حياته السياسية، استخدمها ضد الطلبة الاتحاديين واليساريين فغلبهم، واستخدمها ضد الأصوليين من أصحابه فغلبهم وأصبح قائدا عليهم، واستخدمها ضد الأحزاب السياسية، وضد الشخصيات من أمثال فؤاد عالي الهمة وإلياس العماري، فأصبح رئيس الحكومة المغربية. كان عبد العزيز النعماني على أبواب مغادرة المغرب إلى الخارج لولا أن عبد الكريم الخطيب كان على رأي آخر، الاحتفاظ به في المغرب لقيادة المنظمة الإرهابية في مواجهة معارضة الاتحاد الاشتراكي، بالدعاية المضادة، لمنعهم من الفوز خلال الانتخابات المحلية سنة 76 والتشريعية سنة 1977. وفعلا، قام عبد العزيز النعماني بتحريك جميع خلايا المنظمة الإرهابية لقطع الطريق على الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات. وفي الرباط نفذ عبد الإله بن كيران التعليمات بحماس منقطع النظير، فكان يخطب في المساجد، وفي الشوارع وفي باحات الجامعة محرضا على عدم التصويت على "ملاحدة" و "زنادقة" حزب الاتحاد الاشتراكي، بل كان ينفذ ما أوصاه به النعماني من تنظيم كوماندوهات لاستخدام العنف ضد موزعي منشورات الدعاية الانتخابية للاتحاد، وكانوا يسرقون هذه المنشورات ويحرقونها في الشارع العام، على مرأى ومسمع من أجهزة ادريس البصري، الذي وجد ضالته في هذه الحرب المعلنة ضد الاتحاديين، فساعدته على تمكين الحزب المصطنع، التجمع الوطني للأحرار، من الحصول على أغلبية المقاعد في الجماعات المحلية وفي مجلس النواب. وكوفئ النعماني بهذه الخدمات، بتسهيل فراره نحو الخارج في إقامة مريحة بفرنسا وبالديار السعودية. وقبل خروجه كانت له وصية أخيرة لبنكيران بجمع الأموال ورعاية شؤون السجناء قتلة عمر بنجلون وعائلاتهم، وكانت هذه العائلات تأتي من الدار البيضاء لتبيت في منزل عبد الإله بنكيران لإعداد المؤن الغذائية والألبسة التي ستنقلها في الصباح إلى السجن المركزي بالقنيطرة، حيث السجناء القتلة. وكانت جولاته في الخارج لجمع الأموال من بلدان الخليج ومن جهات معينة في أوربا لدعم قتلة الشهيد والذين كان يسميهم بالمعتقلين الإسلاميين. وكان عبد الإله بنكيران يحضر جميع جلسات المحاكمة في قضية عمر بنجلون بمحكمة الاستيناف بالدار البيضاء، وبينما كان يمنع العموم من حضور هذه الجلسات، كان الأمن المرابط أمام المحكمة يسمح له وحده بالدخول إلى جانب أفراد البوليس وبعض الصحفيين وبعض أفراد عائلات القتلة، وذلك لرفع معنوياتهم وحثهم على الصمود بصفتهم "مناضلين" و "مجاهدين" !!! وعند صدور الأحكام بالإعدام والسجن المؤبد تلقى عبد الإله بن كيران مكالمة من عبد العزبز النعماني يأمره بالتظاهر أمام المحكمة وإدانة الأحكام باعتبارها جائرة، وأمام جموع المصلين بصلاة الجمعة بالمسجد المحمدي قبالة المحكمة وقف عبد الإله بنكيران ليقول كلمته الشهيرة التي رفعته إلى مستوى قيادة المنظمة الإرهابية، ومهدت له السبيل ليمضي قدما نحو أحضان الخطيب الذي جعل منه فيما بعد الرجل الأول لحزب العدالة والتنمية، ومن ثم فرشت له الطريق نحو رئاسة الحكومة، حيث قال في كلمته التي نعت فيها الشهيد بأقدح النعوت وأقبح الأوصاف: "من أجل قتل كلب أجرب كان يسب الله ورسوله حكم على خيرة شباب الأمة بالإعدام والمؤبد"، وردد تلميذ آخر للنعماني هو محمد يتيم نفس الشتائم من بعده. وكان غضب القائد الراحل عبد الرحيم بوعبيد شديدا لذلك، وهكذا عمدت السلطات إلى اعتقال بنكيران شهرا واحدا في البيضاء، ذرا للرماد في الأعين وإسكاتا لاستنكار الاتحاديين، وقد قضى بنكيران شهره في إقامة سجنية من خمسة نجوم تمتع فيها بالكثير من الامتيازات بشهادة سجناء الحق العام والسجانين. وفي الذكرى 36 لاغتيال شهيد الحركة الاتحادية يخرج بنكيران في قمة الانتفاخ والغرور كالقط يحكي انتفاخا صولة الأسد، ويسخر من حزب الاتحاد الاشتراكي أمام وسائل الإعلام الدولية والمحلية بقوله أنه يريد "تسخين" أكتافه بمشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة التي ستخضع لرئاسته. وهكذا إذن، تحول الحزب العملاق في نظر قزم مثل بنكيران إلى مجرد أداة لتسخين أكتاف الرئيس ! ولا عجب أن يصبح حزب الشهيدين بن بركة وبن جلون مادة للتهكم والاحتقار، بعد أن أغرقه القادة الوصوليون بالانتهازيين والمنتفعين، وبعد أن خان الجميع رسالة الشهداء، حتى ترك المجال لحزب قتلة الشهيد عمر من الضحك على الشعب واحتلال مراكز الحكومة. وليس مصادفة أن يعقد حزب العدالة والتنمية جمعه الوطني العام ليلة ذكرى الاغتيال إمعانا في الاحتفال المستمر بالدم المغدور وشرف الاتحاد المهان.
#رفيق_عمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|