أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - فاضل عزيز - سيُنَوَّرْ المَلْحْ في بلادنا!!














المزيد.....

سيُنَوَّرْ المَلْحْ في بلادنا!!


فاضل عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3574 - 2011 / 12 / 12 - 03:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


" كِيْنَوَّرْ المَلْحْ" بهذا المثل الشعبي بالدارجة الجزائرية ومعناه بالعربي الفصيح "لما يزهر الملح" كناية عن استحالة المطلوب، لخصت معلقة جزائرية على تقرير حول آفاق انتقال شرارة ثورة الياسمن من تونس وشقيتها في مصر الى بلدان عربية اخرى، لخصت رؤيتها المتشائمة لمستقبل الثورة الجديدة المشتعلة في منطقتنا العربية. وجهة نظر هذه المعلقة التي تقول باستحالة تكرار التجربتين التونسية والمصرية في كل من بلادها وليبيا لاختلاف الاوضاع والمعطيات فيهما، وجهة نظر محبطة ومثبطة للعزائم!! ولعل كاتبتها من المواطنات اللاتي لا يعرفن من الجزائر إلا اسمها، أي انها لا تعرف عن معاناة الجزائريين ومكابدتهم اليومية من أجل الحياة، ولاتعرف عن ليبيا لا القليل النادر، هذه السيدة وكما يبدو أنها تعيش في عالم آخر لا ينتمي الى عالمنا ، بل لعلها من الجزائريات المقيمات في أوروبا واللاتي يتزودن بالمعلومات عن عالمنا من خلال وسائط إعلام مملوكة للانظمة الحاكمة ومطبلة باسمها..

ما استفزني ودفعني للكتابة في واقع الأمر وبالدرجة الأولى هو بلاغة المثل وقوته في تجسيد المستحيل، وثانيا النزعة المحبطة لكاتبة التعليق والتي تعبر عن استسلامها الكامل لهذا الواقع المر، هذا إذا لم تكن من المتماهيات معه والمستفيدات من نتائجه. فإذا كان الملح كمادة كيماوية في ذاتها لا تزهر "مش كِتْنَوَّرْ" بالجزائري، وهذه حقيقة لا تقبل الجدل؛ إلا أن الملح بالمعنى المجازي للكلمة هنا سيزهر؛ ويزهر حدائق غناء اذا ما عرفنا كيف نستعمله ونوظفه لاستنباته واستخراج وروده، وبالمعنى المباشر لمصطلح الملح كمادة كيماوية يمكننا ان نستثمره في استزراع الحدائق بتوظيف موارده في إقامة الحدائق، بل لعل البعض لا يعرف أن اي سماد لا يخلو من الملح ولو بنسبة بسيطة، بل إن التربة التي تنبت لنا أجمل الورود والحدائق لا بد لها من نسبة ولو قليلة من الملح، وهكذا ألا ترين سيدتي أن الملح يمكن أن يزهر و "يْنَوَّرْ" ..

بالمعنى المجازي للمثل في سياق الموضوع، أرى أن إحباط المعلقة واستسلامها او تماهيها مع الواقع العربي الراهن، لا يوجد ما يبرره، ذلك ان المعطيات التي انتجت ثورتي تونس ومصر، هي نفس المعطيات الموجودة في الجزائر وقطر وسوريا واليمن السعودية وووووو الخ من قائمة المعتقلات العربية المرسومة بحجم الأوطان، وإذا كانت الثورة في تونس قد تفجرت اليوم لأن اسبابها قد اكتملت، وإذا كانت لم تتفجر في السعودية او الاردن او سوريا بعد، فهذا لا يعني انها لن تأتي أبدا، وأن معطيات حدوثها تنعدم في هذا البلد او ذاك.

بنظرة سريعة للخارطة العربية، وباستعراض منجز الدولة العربية الحديثة منذ قيامها عقب اكتمال عقد التحرر العربي من ربقة الاستعمار الاوروبي وحتى اليوم، لا يمكننا رصد اي تغير جوهري في الواقع العربي الموروث عن حقبة الاستعمار، بل إننا نلاحظ قصورا مريعا في تنمية المنطقة بشريا واقتصاديا مقارنة بما دخل في خزائنها من موارد ودخول ترليونية على مدى العقود الماضية، فلا زالت معدلات الأمية في البلدان العربية من أعلى النسب في العالم، ولا زال ملايين الأطفال في أكثر من بلد عربي لا يذهبون الى المدارس، ولا زال مستوى الحياة في البلدان العربية ضمن المراتب المتدنية حسب المقاييس العالمية، لا زالت البلدان العربية في مقدمة البلدان المنتهكة لحقوق الانسان، لم يسجل في البلاد العربية حضورا فاعلا لمنظمات المجتمع المدني، بل إن منها من تحرم إقامة مثل هذه المنظمات وتجرم المنادين بتكوينها، يسجل في البلدان العربية نسبة بطالة عالية ومخيفة في وقت تدخل فيه خزائن الكثير من هذه الدول ثروات تفوق متطلبات مجتمعها وتكفي لتشغيل كل شبابها بل شباب دول الجوار..

اي دولة عربية يمكننا إخراجها من هذه الشبكة من الأزمات؟!! لا اعتقد أن دولة عربية واحدة بما فيها ليبيا والجزائر يمكن أن تخلوا تماما من معطيات تجعل ملح الأزمات لا يزهر فيها.. سيزهر سيدتي ملحنا، وستغطي زهوره الأفق، حتى وإن سرقت ثورتنا اليوم، فإن نارها التي لن تنطفئ ستحرق غدا سارقيها كما أحرقت اليوم باعثيها..



#فاضل_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ها قد أزهر ملحنا!! وغداً.. حتما سيزهر ملحكم


المزيد.....




- خمس مدن رائدة تجعل العالم مكانا أفضل
- هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟
- فيضانات تضرب منطقتي تومسك وكورغان في روسيا
- أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني -عمل إرها ...
- أدرعي: إيران ترسل ملايين الدولارات سنويا إلى كل ميليشيا تعمل ...
- نمو الناتج الصيني 5.3% في الربع الأول من 2024
- حضارة يابانية قديمة شوه فيها الآباء رؤوس أطفالهم
- الصحافة الأمريكية تفضح مضمون -ورقة غش- بايدن خلال اجتماعه مع ...
- الولايات المتحدة.. حريق بمصنع للقذائف المخصصة لأوكرانيا (صور ...
- جينوم يروي قصة أصل القهوة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - فاضل عزيز - سيُنَوَّرْ المَلْحْ في بلادنا!!