أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لنا عبد الرحمن - لنغرق بحر بيروت














المزيد.....

لنغرق بحر بيروت


لنا عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 1058 - 2004 / 12 / 25 - 05:24
المحور: الادب والفن
    


يبدأ الحب حينما تعلق بذاكرة حواسنا دمغة الآخر بكل تشعباتها السرية• لم يكن بإمكاني أبدًا في ذاك الوقت تسلق شجرة الزمن، والوصول إلى آخر غصن منها، لأبصر كيف ستكون نهاية قصتنا. كلما حاولتُ ،صعدت إلى روحي أمطارك وتركتني مبلله بحنيني إليك، فكيف يمكن للحواس أن تعمل في ذاكرة الحب بحذر تامٍ من مباغتة كشف؟
كلانا كان يتهرب من الكلمات، رغم القبلات الموهومة، والعناق الذي لم يحدث، نجحنا في الفرار من لحظات البوح عشقًا• ألا تذكر؟ دائمًا كنتَ تسير بمحاذاة الرغبة، وتدفعني للسير معك ، فكيف لي إيجاد مبرر لما حدث؟ وكيف علي التخلي بكبرياء عن كل ما لم يحدث؟ حتي ساعات سفرك الأخيرة ظللتُ أنتظر متسلحة بعبارتك "الرغبات التي لا تتحقق تؤرق الإنسان" ألم أكن رغبتك يومًا؟ لن أخفي الآن شيئًا، ولن أخجل من كتابتي، لقد أحزنتني كثيرًا وأوجعتني حد العطب، فلماذا أحزن وأنا أكتب عنك الآن ؟! إنك لم تعد أكثر من حكاية وهمية وقعت في بوابة أيامي وعلي التخلص منها، وعبور البوابة بحثًا عن حكايات أخري• ستقول أنك لم تشأ إيغالي معك في قصة وله ، بلاغد ، لذا كنت تصر على الإمساك بخيوطٍ غير مرئيه لتشدني بها إليك من غير أدلة إثبات لتورطك• سأجيبك الآن أنني كنت أعي ذلك، وأعرف أيضًا مغازلاتك لفتيات أخريات، وبحثك عن علاقات عابرة ، كانت أخبارك تلقي في بحيرتي كحجرٍ ضخم يرسل دوائره حتي حافه البحيرة ••دائمًا أبرر ما أسمعه، أو لا أصدقه في تواطئ وهمي ينبثق من يقين تام أنك في يوم ما ستأتي إلي لتضع رأسك المتعب في حضني، ربما هذا اليقين يبدو هباءً الآن لأنه لم يحدث، وربما ستلومني علي هذه العاطفة المدججة بثقة ساذجة بلا سبب منطقي واضح سوى إتفاق غير معلن أننا متكاملان• سأقول لك الآن بكل غرور أنك أحببتني جدًا، لكنك لم تكن أكثر من محب جبان،
لم؟ لأنك كنت تصف نفسك أن مثلك لا يستحق الحب، لأن ظروف البلد صعبة، وأنت لا تملك إلا الانتظار علي أبواب السفارات لتمنحك تأشيرة بلد ما لتغادر لبنان التعيس •• هكذا كنت ترى الغد، لا يحمل إليك إلا انتظارًا علي أبواب السفارات لتحملك الطائرة إلي بلد يذرف الدمع صيفًا، أتذكر حين كنتُ تقول لي إن الحب عاطفة للرفاهية، وتستدل علي ذلك باستشهادات تاريخية علي أن الجنس كان أولاً، ثم جاء الحب لتنظيم هذه العلاقات ومنحها زيًا حضاريًا لكنك تعود لتؤكد لي أن الحب مع الفقر والغربة لا يمكن أن يجتمعا أبدًا، وأن بيروت كسائر العواصم الجميلة تحتفل بالحب كل عام لكنها تلقيه علي قارعة الطرقات• كنت علي يقين أن الفقر سرطان الحب، وأن الغربة مثل روماتيد الأطراف يفتت الهيكل العاطفي لأية علاقة، هكذا كانت تشبيهاتك قاسية وحادة، وحين ناقشتك مرة بعدم صواب رأيك بالمطلق، طلبت مني أن أحضر دليلاً على كلامي بنموذج علاقة ناجحة رغمًا عن الفقر، ولما حاولت التذكر، قلت لي: - لا ترهقي نفسك، لأنك لن تجدي ما تبحثين عنه، نحن محكومون بواقع آخر مختلف، ما كان كماليًا في البداية صار الآن أساسيًا في الحياة ، الخلوي، السيارة، الكمبيوتر ••• إنها ضريبة الحضارة التي لا نستطيع إنكارها، اليوم لا يكتفي أي شاب وفتاة بوجودهما معًا في بيت صغير ،لأنها تحلم بثياب عارضة الأزياء الفلانية، وسيارة فنانة أخري، ومجوهرات••و•• و ••• وهو لديه رغباته أيضًا، وحتي إن كانا يعملان في وظيفتين ثابتتين بدخل جيد سوف يسقطان في بؤرة أقساط المدرسة ونفقات الطبيب والعلاج والأدوية، إنها دائرة لا تنتهي، تحولهما معًا إلى مخلوقين بشعين لا يحب أحدهما الآخر• قلت لك يومها: - لماذا تؤزم الأمور بهذا الشكل ؟ لو أن كل الشبان فكروا بطريقتك لفشلت كل علاقات الحب، أنا مثلاً لا أفكر بهذه الطريقة ولا أشترط كل هذه الشروط التي ذكرتها• نظرت إلي لثوان بدت عيناك كتلتين منقبضتين وأنت تقول: - أنتِ تحديدًا، لديك طموحات أخرى تختلف وتحتاج لصبر طويل، وأموال كثيرة، صدقيني أنت الآن لم تواجهي الواقع بعد، مازال هناك من يتعهدك بالرعاية، لكن لو حسبت نفقاتك الشخصية فقط ستجدينها كثيرة، أكثر مما تؤمنه لك أية وظيفة بالحد االمتوسط للأجور ، هذا بخلاف المبالغ التي تصرفينها علي الكتب وأشرطه الـ CD ، والمسرح، والسينما. - أنت تعرف أن هذه الأشياء ضرورية بالنسبة لي، لكن كيف تلومني وأنت تفعل ذلك أيضًا ؟! قلت بإنفعال: - نعم الآن أفعل ذلك لكنني لن أقدر علي فعله لو كنت متزوجًا ومسؤولاً عن بيت وأسرة، الأولويات الحياتية ستحتل المقدمة أليس كذلك؟ - وهل هذه المشاكل ستختفي بعد سفرك؟ أجبت بثقة: - طبعًا ستختفي لآن أي بلد آخر في غير العالم الثالث يحترم حقوق مواطنيه ويؤمن لهم لزوميات الحياة الأساسية، هنا مازلنا حتي الآن نعاني من نفقات الكهرباء، وثمن مياه الشرب المقطوعة، ونخاف حد الرعب من الشيخوخة التي تهددنا بأن نكون علي أحد الأرصفة، لست متشائمًا ولكن هذا هو الواقع، وما تتحدثين عنه أنت الأن ليس إلا رفاهية لن تحصلي عليها لو دخلت دوامة الحياة اليومية، الحب، الثقافة ، الموسيقي، هذه أمور تنفع للاستقرار لا للتشرد، أنت تعرفين حكاية ليلي مع يوسف، وتعرفين أنها مخطوبة لرجل آخر، وستسافر إليه في لندن، ألم تفكري لماذا تخلت ليلي عن أحلام الحب رغم تعلقها بيوسف، ببساطة لأن معادلة الحضارة ترجح كفتها في النهاية، صدقيني أنا لا ألومها أبدًا، لأنها لو تزوجت يوسف ستكون غبية جدًا ،لأنها ستراهن علي الجواد الخاسر، وحينها ستفقد المال والحب معًا• لم أعلق علي كلماتك، كانت أفكارك ساطعة إلي الحد الذي لا يمكنني فيه الاقتراب أكثر، كنت حزينًا وأنت تختم كلماتك لي مدعيًا المزاح: - هل آلمتك كلماتي يا ري - مي ، لا تحزني، عندما أصبح ثريًا سأترك لك بعض الملايين• لم أضحك، بدت كلماتك واهية، رغم أنها تحمل رسالة إلي• غادرنا الكافتيريا، وصوت فيروز يردد "بيقولوا الوقت بيقتل الحب بيقولوا الحب بيقتل الوقت........حبوا بعضن.......تركوا بعضن....." كنت أحس بغثيان ودوارٍ شديد، وكان هذا إحساسًا طبيعيًا، يؤكد بداية حمل أفكارك داخلي•



#لنا_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنب أحمر للمساء-قصة قصيرة
- ياسمين هندي
- قصة قصيرة-عشق آباد
- قصة قصيرة-موت الحواس


المزيد.....




- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لنا عبد الرحمن - لنغرق بحر بيروت