عليك شراء شجرة عيد الميلاد

غالب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3571 - 2011 / 12 / 9 - 20:27
المحور: الادب والفن
    

عزيزي ديفيد...
أعتدت عند أحساسي بالملل الخروج الى حديقتي الصغيرة لأعتني بشتلاتها الجميلة وقبل أيام قلائل لفت نظري وجود نبتة غريبة حائرة بدت كعشب بري, لربما اينعت مع الشتلات التي غرستها هذا الموسم ولسبب اجهله لم أجتثها. وفي صبيحة هذا اليوم ايقنت انها شجرة سرو صغيرة مثل تلك التي نزينها في كل عيد.
ايام معدودة باتت تفصلنا عن أعياد الميلاد يوم اعتدنا ان ننطلق مبكرين صوب حقل الاشجار شمال القنال , أذ كنت تركن عجلتك الى جانب الطريق السريع لندب بحثا عن احدى اشجار السرو الغضة الباسقة التي نعهد الى نحرها بالمنشار الحديدي ذو المقبض البني الذي كان يجتز اسفل الشجرة بسرعة كبيرة لنهرع بعدها الى حملها بصعوبة الى صندوق العجلة الخلفي عائدين بعدها بغنيمتنا الى البيت.
المغامرة ونيل شجرة بلا مقابل كانت الغاية من رحلة تستغرق الثلاث ساعات ونيف ما بين البدأ والعودة. حال بلوغنا شمال القنال نبدأ بمراقبة الطريق المكتظ بالعجلات حتى تحين اللحظة المناسبة لنجتازه بحذر من جانب الى اخر حيث اشجار السرو ودون ان نتسبب في حادث مروري.
اتذكر اننا كنا معا نخرج الشجرة من صندوق العجلة لتفترش باحة الدار ولنهرع الى غسلها برفق ولنتركها لتجف. أما نحن فكنا ندخل سوية لنتناول وجبة غداء ولنرتاح قليلا. وفي المساء وبعد الاستمتاع بقدح الشاي نحمل الشجرة الى داخل غرفة الجلوس لتشمخ ببهاء في ركنها الشمالي ولتستقر داخل علبة فارغة من الصفيح محشوة بقطع من حجر الصلصال يليها حمل صندوق الزينة ودمى مغارة اليسوع من خزانة في الطابق العلوي حيث تمتليء الأغصان بالاجراس والكرات والشرائط والمصابيح الملونة وبعض الثلج على اغصانها منقوش بالقطن الابيض ثم لنبدا بعدها وبكل عناية ببناء المغارة في اسفلها بقطع الكارتون واكياس الورق البني لنرصف بعدها وعلى طرفيها دمى الماعز الصغيرة البيضاء يتوسطها مهد سيدنا اليسوع تحتضنه أمه مريم العذراء.
عزيزي ديفيد...
اليوم انا لست على مايرام فانا موقن من ان عيد الميلاد هذا سيمر رتيبا فلا اشجار نقطعها ولا زينة نعلقها, لكن تبقى المعاني الكبيرة عندما يحين العيد لاتقدم اليك باطيب التهاني والامنيات الحلوة بعيد سعيد وعمر مديد. لم يطرق ببالنا ولو لمرة واحدة وبالرغم من أختلاف ديانتينا اننا نتملق بعضنا البعض. السمو الانساني وشراكتنا في الافراح والاتراح, حلو الحياة وعلقمها فاق كل اعتبارات الحقد والكراهية التي ينادون بها متناسين ان المحبة والسلام والتسامح والخير للبشرية جمعاء هي روح كل الديانات الالهية.
اعلم يا عزيزي اننا في هذه المرة لن نكون معا وان عليك الخروج وحدك لشراء شجرة الميلاد والتي ارجو ان توفق في اقتنائها ومن المؤكد انك ستجد هناك الشجرة والزينة الرائعتين. وكل عام وانت بخير.
المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة. وعيد ميلاد مجيد.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات