أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر بن بوجليدة - في الارتعاب من الديمقراطية ...على الديمقراطيّة















المزيد.....

في الارتعاب من الديمقراطية ...على الديمقراطيّة


عمر بن بوجليدة

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 22:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من العلامات الشاهدة على أن الذين يلعنون الشعب ،بشتى النعوت (جاهل ...متخلف ...) إنما هم لا يفقهون للديمقراطية من معنى ،إنهم لم يدركوا أن تظننهم على الحكم الذي أصدره الشعب مآلاته خطيرة ،إنهم لم ينفذوا إلى عمق "اللعبة" وإلا لفهموا إن الأمر ما يلبث أن يتغير و يصير مغايرا لما نتصوره انه هو ...فالخسارة نسبية ،ظرفية ،ولا يمكن أن تكون أبلغ من ذلك إلا لحظة النظر إليها من بوابة العماء الإيديولوجي والتحزب ضيّق الأفق. وما ينبغي إجلاءه هو أن تونس شهدت أول انتخابات شفافة يشهد لها بالنزاهة والتعددية وهي بذلك مؤهلة لان تحقق نقلة نوعية ،ها هنا يتبلور الانخراط الفعلي في تدبير فضاء حاضن" للآخر " ...لقد بان مما فات أن التحلل و التفصي من الروابط الحضارية و الثقافية لا يفيد في شيء،وبالتالي لابد من الإشتغال على إرساء نموذج "تونسي"لا يقطع مع الحداثة وإنما يتدبر أمر التفرقة بين منطق التطابق والمماثلة و منطق الاختلاف و المباينة وإن الأمر لا يمكن أن يكون إلا كذلك لأسباب تاريخية وكذلك للجوار الأوربي ،فضلا عن الانتباه إلى الأبعاد المصلحية و البراغماتية في كل فعل سياسي والذي لا ينكره إلا جاحد أو حالم...وبالتالي فإن غرضنا هو أن نعمل في أفق هذا الرهان وأن نعبر دون تلكؤ عن انحيازنا اللامشروط لاختيار "تونس". وبفضل هذه النظرة نقوى على الظفر بما امتنع علينا طويلا ،من أجل ذلك يبدو أننا اهتدينا إلى ما مفاده أن "الأحداث" لا تصنف في عداد المفاجآت إلا إذا جاءت من غير مصدرها ،وهو ليس واقع الحال في هذا الإنجاز التاريخي العظيم .وقصد الإفصاح عن مبتغانا نروم أن نوضح بدون لبس أن "الحدث"إنما كان درسا وفاتحة حياة ،ثم نحن نود أن نشير إلى انه بموجبها يستعيد الإنسان ما أهدر من ذاكرته و كرامته و حريته و إنسانيته ...ولكن الفرح و الرقص على نغمات هذا الإنجاز لا ينبغي أن ينسينا أن للثورة أعداء بها يتربصون ...والخوف كل الخوف من أن يكون بمستطاع النظام إعادة إنتاج نفسه ،من نظام استبدادي إلى نظام استبدادي ...ناعم ...فأولئك أعداءك يا وطني ...إنهم أعداء الثورة و الرغيف و الفرح
لكن من ذا الذي ينكر وجاهة الأسئلة الحارقة والملحة التي أقضّت ذهون المفكرين وروّاد الإصلاح ...؟ من ذا الذي يمكن أن يتجاهل خطورة هذه الأسئلة:لماذا يتقدم العالم من حولنا بينما نعيش تراجعا ؟ لماذا نتعثر في برامج التنمية ؟ لكن خيطا دقيقا ،رقيقا ومرهفا ،ينزاح بنا إلى سؤال آخر :هل يمكن أن نفكّر في النهضة بعقل ما قبل النهضة ؟ هل يمكن طرح تلك الأسئلة التي تحسن صياغة نفسها ،وبناء رؤى وتصورات تنموية خارج إطار فكري حاضن وخارج مناخ ديمقراطي يستعيد فيه الفرد مواطنتيه وتستعيد فيه المجموعة دورها في تحديد اختياراتها ؟ إنّ من أوكد ما يطمح إليه مثل هذا التساؤل إنّما هو أن يزيل الخوف من الديمقراطية ...وعلى الديمقراطية سيما أنها ما تزال مشروعا جنينيا في ديارنا ،ذلك أن الشعب قادر على حكم نفسه بنفسه وعلى تدبير شأنه العمومي . هذا ما نروم قوله من وراء "انحيازنا اللامشروط لاختيار تونس " ولم يكن قصدنا بهكذا انحياز الانتصار لهذا "الحزب "أو ذاك ،اذ لم يكن مناط اهتمامنا "المهزوم" و "المنتصر" بمنطق الربح و الخسارة و ما أعلنّا احتفالنا به إنّما هو انتصار تونس في ممارسة أولى لما نعتبره "فعلا سياسيا ديمقراطيا" مع إدراك عميق لألاعيب السياسة و مكائد الساسة و ما يدبّر بليل...
لقد كّذب" التونسيّ " عددا من الأباطيل و الأراجيف عملت على إقصائه : بنسبة الإقبال، وتعدد الاختيارات ،وتفاوت النتائج ...وإنّه لنصّ قويّ الدلالة و متعدد الشفرات و إن اندسّت بين ثناياه أمور لافتة... فهو تدوين وتدشين للحظة تاريخيّة هامّة تعلن احترام حقّ الاختلاف و العيش المشترك. و ليعلم "المنهزم" أنّ الانهزام في الانتخابات لا يعني في المحصّل انهزام الديمقراطية و إلاّ بطلت اللعبة وقوّض أساسها و هدّمت أركانها ، كما أنّ الانتصار الانتخابي لا ينبغي أن يفهم على أنّه انتصار سياسيّ في المطلق ، بل قل إنّها بداية مرحلة جديدة يكون فيها الفرد فعّالا لما يريد و تكون فيها "الأحزاب" فاعلة متى أتقنت قوانين اللعبة السياسيّة و الديمقراطيّة
مثل هذا المناخ في اعتقادي و تقديريّ يهيئ لعودة الفكر السياسيّ و يسمح بالاختلاف و التعدد الذي يفسح بدوره المجال لمباشرة الأسئلة حول التنمية والحداثة و العقلانيّة و الحرّية.فالحداثة مثلا تكمن في مسلسل التحديث اللامتناهي و التحديث دمقرطة و عقلنة وتحرّر و ليس ديمقراطية وعقلانيّة و حرّية: إنّه حركة و مسار ، إنّه تدرّج و تردّد و تأرجح و نجاح و تعثّر و إخفاق .و طالما بقي فهمنا للحداثة و العقلانيّة و الحرّية و الديمقراطية كمطلقات ، إمّا أن تكون أو لا تكون ، فإنّنا نظلّ نجدّف ضدّ سبل التحديث
و لعلّ ممّا يجدر التذكير به هو أنّ أخطر المزالق المنهجيّة إنّما تعترضنا في محاولتنا تحديد مفهوم التنمية ، فيكون إيقاع اسم واحد عليها جميعا ضربا من الإجمال الذي لا بدّ له من تفصيل أو ضربا من المجاز الذي لا بدّ له من تأويل ، ذلك أنّ التنمية اختزلت في أحد أبعادها و مكوّناتها و منها بعض المماثلات الساذجة بين التنمية و بعض مؤشّراتها أو الخلط بين النموّ كعمليّة تلقائيّة تعرفها كلّ المجتمعات و التنمية من جهة ما هي عمليّة قصديّة إراديّة هادفة. ذلك أن الحداثة و العقلانية (= الروح النقدية ) و التنمية ليست مجرد إجراءات و تدابير فنية بل إنما هي إنصات و انتباه ينبغي أن يكون حاد ا، للعوامل السياسية و المناخات والحواضن الاجتماعية والروابط الثقافية . فالتنمية إنما هي ذلك الاستنهاض المتكامل لكل المقومات المادية و الروحية وتوظيفها لمجابهة التحديات التي تفرضها اللحظة الحضارية الراهنة. ذلك أن هذه المرحلة موسومة بسمة النهضة :أي أن الوعي مازال وعيا نهضويا والوعي النهضوي هو بشكل ما وعي حالم ومن هنا فمهمة المتفلسفة هي أن يجعلوا من المحلوم به مطابقا قدر الإمكان ،أي أن يطرح الحلم في حدود الإمكان التاريخي . إن هذا الطرح الذي أصبح يتناسب في تقديرنا مع مفهوم التنمية الشاملة إنما يتغيّ مجاوزة المنظور الاختزالي للتنمية ...المنظورات الضيقة التي شكلت مطبات والتي ساهمت في فشل العديد من النماذج والتجارب ... وهكذا فإن إنماء البشر من جهة ما هم طاقات قادرة على الابتكار والخلق والإبداع ، لا يمكن أن يكون عبر اجتثاثهم و خلعهم و سلخهم من جذورهم ...بل من الممكن استنهاضهم عبر هذه القيم الذاتية واستدماجهم عبر مشروع واسع له من القدرة ما يجعله ينتبه إلى تلك المنطقة المتمنعة حيث يثوي المعنى الموجب للغيرية .ولا يفوتنك أن أمر التظنن على الذات إنما أفضى إلى انكشاف زيف تمركزها حول ذاتها وتعاليها واستقلاليتها على ماعداها ،ذلك أن الآخر يشرطها ويؤثر فيها وليس يسيرا أن نبقى من نكون ،فاكتشاف التعدد لم يكن أبدا تمرينا سهلا . والتفكير في هكذا مشكل من شأنه أن يحرر نظرتنا للآخر من كل نزعة اقصائية نافية له ومتمركزة حول هوية أنانوية :فأن أكون هو أن أكون في علاقة بالآخر ،فالهوية مشروع وفي الوقت نفسه مشروع انفصال عن الآخر واتصال دائم معه . وفي أعطاف هذا التصور يتأكد الانفتاح على الكوني وتتفاعل الذوات وتتواصل كما سبق وان أومأنا ...وهذا تصور نحن اليوم إلى إدراك صوابه أحوج منا إلى المنازعة فيه .



#عمر_بن_بوجليدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نحن كشهداء على العصرأو كيف نتخيّل كيفيّة وجود مغايرة؟
- في الحاجة ال الحرية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر بن بوجليدة - في الارتعاب من الديمقراطية ...على الديمقراطيّة