أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غادة عماد الدين - عشوائيات الثقافة ... وثقافة العشوائيات














المزيد.....

عشوائيات الثقافة ... وثقافة العشوائيات


غادة عماد الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 18:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ مدة وأنا أرصد كغيري من المهتمين بالشأن العام المصري تلك التغيرات التي تحدث على الساحة الاجتماعية في بلدنا الغالي، ورغم أن تلك النظرات الفاحصة كانت تتم علي فترات متباينة ومتباعدة .. لكنها كانت تبين تغيرات جذريه في حالة المواطن وحياته سواء كانت تلك التغيرات لصالحة أم ضده .. وخلال العقد الأخير بدأت تلك النظرة تسير بوتيرة أسرع لتواكب حركة تلك التغيرات حتى صارت شبه يومية، ففي كل يوم يمكنك رصد تغيرات مؤثرة في الشخصية المصرية .. وغالبيتها للأسف تغيرات مدمرة تعصف بالمجتمع المصري وتهدم الشخصية المصرية المألوفة ، ومن أخطر تلك التغيرات .. انتشار ثقافة العشوائيات .. بجوار عشوائيات الثقافة لتعبث بالثقافة العامة للمجتمع المصري .

إن العشوائية عموما ُ تقودنا بسهولة إلي الفوضى وهذا ما يشير إليه كثير ممن يرصدون الحالة المصرية .. بل أنها قادت المجتمع إلي حالة من الفوضى العامة لا يدري أحد إلي أي مدي يمكن أن تأخذ البلاد .

وأصبح السائد هو التعدي علي المجتمع وحقوق الناس .. من أراد أن يفعل أي شيء يفعله لأنه أيضا ً باتت العقوبات انتقائية وأصبح الردع عشوائيا .

عشوائية الحياة لم تعد متوقفة عند العشوائيات الإسكانية أو الإيوائية كما يتخيل الكثير بل تعددت أشكالها ومظاهرها :

في كل مكان الناس تصرخ وترتفع أصواتها .. حتى ولو في حوار عادي بلا مبرر .. أبواق السيارات تدوي في كل مكان وكل لحظة يشاركها العديد من أشكال السباب والتهجم والتهكم .. وكأن الجميع يسير نحو الانفجار، سيارات تعترض نهر الطريق وقوفا ً متحدية جميع القوانين وأخري تسير عكس الاتجاه .. وهذه تقف صف ثالث .. وهذا يرفع سلاحاً في وجه آخر بسبب أسبقية المرور .. و .. و .. الأطفال في الشارع تتلذذ بإيذاء الحيوانات .. تفرح حينما تطال يدها زجاج سيارة لتكسره وتعدو مرحة بالتدمير .. إزعاج الأهل والجيران والمارة أصبح هدف رئيسي للصبية حتى الصباح الباكر ولو بالترفيه بلعب الكرة .. تدمير وإتلاف المواصلات العامة والحدائق والأرصفة وكأنه بات أمل ينبغي الوصول إليه .. السلبية المتناهية هي قمة العشوائية .. عشوائيات البناء والتخطيط صارت تطال كل مكان لدرجة أنه لم يعد هناك شيء اسمه حي راق .. تعالى معي عزيزي القارئ نتخذ من قاهرة المعز عاصمة البلاد مثالا ً :

فالقاهرة بوضعها الحالي المفروض أن تسع لثلاثة ملايين ونصف المليون إنسان تقريبا ً .. بينما تعداد سكانها الحالي تعدى العشرين مليونا بخلاف الزائرين في ظل النظام العشوائي

والغريب في الأمر أن كل منهم يريد لنفسه ما لا يريد لغيره .. (راجع بنفسك طوابير الحصول على رغيف عيش)، بل أصبح كل مواطن يبحث عن فرصة للتعدي علي حقوق الآخرين أو يحصل علي أي شيء دون ثمن أو مقابل .. تارة بالفهلوة وأخرى بالبلطجة

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل هذا يعود إلى عشوائية الثقافة .. أم ثقافة العشوائيات؟!!

على كل وغالبا ًعندما نتحدث عن العشوائيات في حياتنا , فإنه أول ما يخطر ببالنا مباشرة عشوائيات البناء في غالبية المناطق السكنية في مصر، حتى الراقي منها .. وفي كل مرة تقودنا الخطى نحو أرقام سواءً رسمية أم غير رسمية ونجد أنفسنا نلهث لنتحدث عن عدد العشوائيات في مصر وكيفية معالجتها دون المساس بالعشوائيات الأخطر بل أخطرهم على الإطلاق .. عشوائية الثقافة العامة المقدمة للعوام على طبق من فضة ..

ومن عشوائيات الثقافة تلك إننا لم ندرك بعد أنها هي التي وراء جميع أشكال العشوائيات الأخرى كعشوائيات البناء و الإيواء التي طالت كل مكان بمصر المحروسة .. تقترب الآن من ربع تعداد السكان .. وهو رقم مخيف حقيقة وخصوصا ً أن العدد التقريبي هو8 ملايين نسمة يعيشون في88 منطقة عشوائية علي مستوي الجمهورية, تحتل محافظة القاهرة وحدها - حسبما تقول الأرقام الرسمية - نصيب الأسد منها رغم إنها العاصمة وهي من المفترض أن تكون عاصمة نظيفة لكنها تحتوي علي88 منطقة عشوائية تحيط القاهرة من شمالها إلي جنوبها، ومن شرقها إلي غربها.

وكالعادة تعلقنا بالفرع وتركنا الأصل .. فعشوائيات الثقافة خرجت من بطونها أصول ثقافة العشوائيات التي تهدر وبجدارة جميع حقوق الإنسان، إنها ثقافة تردي القيم الاجتماعية التي برزت معها على السطح ظاهرة الانحراف الشخصي والتي أدت بدورها لانتشار فساد عام عم جميع مناحي حياتنا

وأشار تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر (وهو جهاز رسمي تابع لرئاسة مجلس الوزراء) إلى أن سكان العشوائيات – ومنها مناطق المقابر– بلغ حوالي 8 ملايين موزعين على 794 منطقة سكنية بكافة أنحاء مصر، إلا أن النسبة الكبيرة منها حول القاهرة الكبرى بسبب الهجرة إلى العاصمة بحثا عن عمل .

والعجيب أن الناس في العشوائيات تآلفوا مع الخطر واطمأنوا لما هو أهم من خطر هدم مبانيهم السكنية وهي لقمة العيش الغالية من مصادر الدخل هناك .. مخدرات وبلطجة ودعارة ومتفجرات وما خفي كان أعظم ..

غير أن تلك العشوائية إذا انتقلت للثقافة العامة أو انتقلت إلى لغة الإعلام والإعلان والفنون .. فذلك يمثل كارثة بكل المقاييس، ولأدركنا إننا أمام ظاهرة خطيرة وفريدة من نوعها تحتاج لسياسة ثقافيه متكاملة لمواجهتها ، خصوصا وقد سبق أن حذّر خُـبراء مصريون متخصِّـصون في جميع المجالات كالاقتصاد والسياسة والاجتماع وعِـلم النفس وشؤون البرلمان من خُـطورة العشوائيات على الأمن القومي المصري، معتبرين أنها تمثل "حِـزامًا ناسفًا" و"قنابل مَـوقوتة" تُـحيط بالعاصمة المصرية

وهذا دافعنا الرئيسي للبحث عن أصل المشكلة

ونتساءل لعنا نصل لحل .. هل المشكلة في عشوائيات الثقافة .. أم .. في ثقافة تلك العشوائيات ؟؟



#غادة_عماد_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن إدارة المشاحنات بين أولادك
- إدارة الغضب والتحكم في المشاعر
- من أجل حوار جيد ومثمر بين الزوجين


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غادة عماد الدين - عشوائيات الثقافة ... وثقافة العشوائيات