هادي حسين الموسيوي
الحوار المتمدن-العدد: 3561 - 2011 / 11 / 29 - 19:39
المحور:
الادب والفن
كانت الشمس هابطة نحو الغروب .... وصدره يرتجف مثل قط خائف .... ودجلة يمشي نحو جنوب بغداد يجر اذيال الجفاف والتلوث... كانت المقهى خالية الا منه وعامل المقهى ... فيما احتشد رجال حمايته عند الباب. عيناه ترنوان نحو المدخل ... ابصر بها متوجهة اليه ... فغاص قلبه واضطربت انفاسه ... نهض لاستقبالها متمنيا الصمود وعدم الانهيار ...... فهي حبيبة العمر وصديقة الطفولة..
- مساء الخير
اجابها وحلقه جاف : مساء الخير
جلسا .... هذه المرة الاولى التي تكون قريبة منه ... لاحظ فيها الثقة طاغية ... فتضائل وانكمش ....
قالت من دون مقدمات : طلبت الحديث معي .... فإذا كان عن العمل فانا ادرس .. وإذا عن الزواج فإني لا اريد الارتباط قبل تخرجي ... انك ضايقتني في بيتي وكليتي ... ومحاولات توسط الاخرين للتأثير على قراري بائسة وتدعو للرثاء .. اعرف انك الان رجل مهم في عالم السياسة . اتركني من دون مضايقات ... هل فهمت ؟؟؟ انا هنا لاغلق ابواب محاولاتك المحزنة ... واختم كلامي معك بانني لن اختارك حتى لو كنت الوحيد على هذه الارض .... اسمح لي بالانصراف ..وانت قادر على ايذائي .
تركته وهو غارق بالرعب وانصرفت ...
**********************************************************************
المائدة التف حولها ثلاث نساء وثلاثة رجال هو واحد من الجالسين
قالت احداهن : نحن نعوضك باحلى لحظات عمرك ... ما عليك الا نسيان ما حدث ..
قال الجالس قبالته : انها بنت سيئة الحظ تترك النعيم ... وتجري وراء مباديء عفا عنها الزمان ... انك قادرالان ان تخطب من اعرق العوائل واجمل بنات بغداد فستجد عشرات الاسر تتهافت عليك .............. انس ما حدث ومتع نفسك بالسهرة ...
قاطعته احدى الجالسات : انت الان تمتلك ما يؤهلك لطرق قلوب المتلهفين للحياة المرفهة ....... نحن معك الان لانك كريم .... انت رقم مهم في جسد الحكومة وامرك مطاع في كل الاحوال ... لا تنظر الى الماضي .... انها كانت تحبك عندما كنت بمستواها ... والان هي تخشى من ان تشبع منها وتذهب لسواها ... وهي معذورة في تفكيرها..
اجاب بصوت مهزوم : انها حبيبة العمر ولا اقوى على نساينها ... كنا انا وهي نخطط لعالم جميل نتشارك فيه الحزن والمسرة والجوع والرفاه .. لقد تركتني عندما صرت رجلا مهما في عالم السياسة ... كانت تريد مني الرجل الكادح والواضح ... ارتعبت عندما رأت سيارتي الحديثة محاطة بسيارات رجال الامن و الحماية ... وظهوري الدائم على شاشات الفضائيات ... كانت تريد مني ترك فرصة اتيحت لي لانني قدمت فيها تنازلات في معتقدي السياسي ...
ردت عليه محظيته الجالسة بجنبه: متسافل الدرجات يحسد من علا .... لا تفكر فيها وتمتع بوقتك ... انها غبية ............
******************************************************
عيناه مصوبتان نحو السقف ... وافكاره تمزق هدوءه ... هل هو حقا انتهازي؟؟؟؟ هل هو وصولي ...؟؟؟؟ هل باع مبادئه ؟؟؟؟ هل يمكن الرجوع الى صفوف الفقراء ؟؟؟ هل سترحب به حبيبته بعد عودته الى صفوف الناس الاعتياديين ؟؟ اخذه النعاس وطار به الى عالم الاحلام فرأى نفسه على هيئة قط مدلل وفي عنقه سلسلة صفراء .. واحتضنته غادة بيضاء .. فيما كان دفيء حضنها يغمره بالامن والدعة .... رأى يدا سمراء تسحبه من السلسلة وترميه خارج الدار ...
نهض مرتعبا .. فوجد احد حراسه قادم لايقاظه .. حيث سيارته تنظره للخروج .. ابصر افراد الحماية من شباك غرفته وهمهم : بالتاكيد انهم لن يدفعوا عني محاولة الاغتيال لان اعدائي كثيرون ... وإذا حانت ساعة رحيلي من الدنيا ستكون رهيبة .. ارتجف جسده لاستنتاجه هذا وخاطب افراد الحماية : نحن رجال المرحلة الحالية وعلينا انتهاز كل فرصة ممكنة للتطور ...
تهادى موكبه ورأى من خلال الزجاج المعتم اصحابه وجيرانه وهم ذاهبون للعمل سيرا على الاقدام لان الحي مغلق لوجوده فيه ... ابتسم لنفسه وقال : لا للحبيبة ... لا للعودة للماضي .. وليقل الجميع اني انتهازي وصولي .. ولا اسف على مباديء اموت ولا ارى ثمارها
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟