محمد حومد
الحوار المتمدن-العدد: 3558 - 2011 / 11 / 26 - 08:56
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في نهاية الستينيات ومع بداية السبعينيات تبين بالملموس للمناضلين الجذريين تواطؤ القوى التقليدية (القوى الإصلاحية الانتهازية) مع النظام. مما أكد للمناضلين الفعليين أنه لا بديل عن تأسيس الخط الجذري إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا كإجابة عن المرحلة. وعلى أنقاض الخط الإصلاحي الانتهازي ستعرف المنظمات الثلاث: منظمة إلى الأمام ومنظمة 23 مارس ومنظمة لنخدم الشعب النور، وكانت التجربة رائدة ومميزة من تاريخ المغرب.
لم تسلم هذه التنظيمات من ويلات الحروب القدرة، السرية منها والمعلنة، سواء من طرف النظام أو من طرف "الإصلاحيين الانتهازيين". وهنا أقصد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التحرر والاشتراكية أو بعض الجماعات الظلامية. فمن عدمية إلى خائنة للوطن، ومن فوضاوية إلى يسراوية، وهلم جرا من النعوتات المقيتة والتهجمات الحقودة، فكلها مسلكيات لا تمت بصلة للمناضل.
تلقى المناضلون وبصدور عارية السهام السامة من الأعداء، ولم يثنيهم ذلك على المضي والمسير نحو عالم الغد المنشود، وكانت تضحيات جسام من أجل هذا الوطن الجريح. فمن ذاق من تلك التهجمات النتنة يعلم جيدا مرارة الطعنة. ومن الأخلاق والواجب النضاليين أن لا ينتشل سهم الانتهازيين من صدره و يطعن به مناضلين آخرين من "الحساسيات المتياسرة".
لقد تيقن الاصلاحيون الانتهازيون من أن اليسراويين المغامرين قوة لابد من أخدها بعين الاعتبار ولن تقهر بسهولة. لأنها إفراز موضوعي، ولم يكن المناضلون الثوريون ليزايدوا وفقط، بل تأكد لهم وبالملموس أنهم مناضلو المرحلة ومن مستوى متميز (قد فمهم قد ذراعهم). وكان المناضلون أسودا ليس أمام القوى الانتهازية فحسب، بل أمام الجلادين. وللتاريخ والصراع الطبقي كلمتهما.
منذ مطلع السبعينيات أصبحت تجربة اليسار الجذري بمثابة حجر زوايا للمناضلين طيلة هذه السيرورة التاريخية. إن الرصيد النضالي الذي نفتخر ونعتز به هو من تجربة المتياسرين المغامرين. فليس من الغرابة أن يتلقى المتياسرون اليوم ذات تهجمات الأمس. فمن الطبيعي جدا خصوصا من طرف القوى التقليدية المتهالكة. أما أن تصدر عمن تلقى نفس الطعون بالأمس القريب فهذا غير طبيعي. أن تصدر التهجمات من طرف بعض دعاة اللغو من داخل حزب النهج الديمقراطي فهذا ليس بعيب، ولكن أن تصدر من أعلى قمم حزب النهج الديمقراطي فهذا هو عين العيب. ولكننا لن نرضى بالمذلة.
أطلعنا الرفيق علي فقير في إحدى مقالاته المؤرخة في يوم 19 نونبر 2011 تحت عنوان: "ما هي الأطراف التي تهاجم النهج الديمقراطي؟" على الأطراف التي تهاجم حزبه. وصنفها إلى ثلاث خانات:
أ – القوى المخزنية والمرتبطة به.
ب – بعض القوى الاسلاموية.
ت – بعض الحساسيات المتايسرة.
إلا أن القسط الأوفر، بل جل فقرات المقال كان من نصيب الحساسيات المتياسرة. فلماذا هذا الحقد الدفين؟ فكان بالأحرى أن يعنونه ب: "الحساسيات المتياسرة تتهجم على النهج"؛ بدل العنوان السالف الذكر. إن ما ميز المقال هو خلط الأوراق والضبابية، وهذا هو الخطير في الأمر. فلنرى عن كثب ما ورد في المقال حول المتياسرين:
بصدد التياسر:
إن المقال يتكلم عن التهجم على النهج، ولكن للأسف الشديد لم ترد فيه أي إشارة واضحة نستشف من خلالها المعني بالمتياسرين المتهجمين على النهج حتى نتمكن من وضع النقاش على سكته الصحيحة ويتبين جليا من يتهجم على من؟ ولو تمت الإشارة في آخر المقال إلى بعض المعتقلين القابعين في سجون النظام. إن كل ما في الأمر هو عموميات يصعب فيها تحديد المفاهيم الجادة؛ بل العكس هو الصحيح فصاحب المقال هو من يتهجم على المناضلين. أولا من خلال نعتهم بمفاهيم غريبة، وثانيا من خلال المزايدة المجانية والوعيد على شاكلة بعض المرتدين. هذه الظاهرة التي لم تستثن طرفا ما في يوم ما من الأيام.
بخصوص العمل في الإطارات الجماهيرية، كان على الرفيق أن يوضح للمتياسرين انزلاقاتهم المفاهيمية والنظرية حول العمل فيها ويدحض مستنداتهم في رفض العمل من هذا النوع بدل الإثارة العامة والمعلقة حتى يستفيد القارئ.
أما فيما يخص حركة 20 فبراير، فهي حركة جماهيرية والتطورات والتغييرات السياسية هي التي ستحسم الأمر. فلا يمكن الكلام على أنها تضم القوى الظلامية أم لا؟ قد تصبح هي الظلامية نفسها إذا أخطأنا الحسابات السياسية؛ وهذا نوع آخر من خلق الضبابية لدى الجماهير لأنه هو بيت القصيد. إن المرحلة حساسة ودقيقة للغاية والتاريخ لا يرحم، فموقف النهج من القوى الظلامية والتعاطي معها سيكون أكبر خيانة للجماهير إذا لم يراجع نفسه قبل فوات الأوان.
بصدد الظلامية:
ورد في المقال: تهاجمنا هذه القوى الحاملة لمشروع ماضوي لأننا ندافع على المساواة بين المرأة والرجل، على استقلال السياسي عن الدين، عن علمانية الدولة، عن حريات المواطنة بما فيها حرية المعتقد...
جيد!!!!
تناقضنا مع هذه القوى (خصوصا المناهضة للاستبداد المخزني) تناقض غير عدائي، نحن نرتكز فيه على الصراع/الجدل الفكري والسياسي. نحن نعتبر البديل الذي تقدمه هذه القوى بديل رجعي، بمعنى أنه معادي لما حققته الإنسانية بفضل ثورات الشعوب عامة وثورات الكادحين خاصة.
مرة أخرى مع الضبابية، "المشروع الماضوي المناهض للاستبداد المخزني" كيف نفسر هذه المعادلة؟ أليس المشروع الماضوي استبدادا مخزنيا؟ بل أكثر منه استبدادا، ألا تمثل القوى الظلامية الاستبداد نفسه؟ أيمكن لأحد أن يزيح شيوخهم من فوق رقبة العباد؟ وبالتالي تناقضنا معهم "أي القوى الظلامية" تناقض غير عدائي، لقد استعصى علي فهم هذا التناقض. فإن كنت تؤاخيهم، فلن تنال منهم أقل ما ناله أحد أعمدتهم. والإشارة هنا لأحد قياديي جماعة العدل والإحسان( البشيري) الذي وقف في وجه ع. ياسين لإحداث هذا الأخير تغييرات في هرم الجماعة بدون استشارة أحد. ولما طلب منه الاستفسار كان رده كالتالي: اجلس يا بشيري اليوم قد سقطت من الطابق السابع عشر في إشارة ل17 سنة من العمل سويا أي منذ تأسيس الجماعة (عن شرائط البشيري: هابيل وقابل). إن لم تر تناقضا عدائيا من جهة الحزب (وأتمنى أن يكون موقفك الخاص)، فكن متيقنا أن القوى الظلامية لها رؤية أخرى؛ وإن لينت خطابها في المرحلة، فلحاجة في نفس يعقوب.
هل تعتقد أن جماعة العدل والإحسان ستمد يدها لحزبكم وتترك حليفها التاريخي حزب العدالة و التنمية رغم أن هذا الأخير لا يناهض الاستبداد المخزني ويناهض حركة 20 فبراير؟ أبدا، فأول الضحايا على يدها سيكون هو حزبكم وللتاريخ الكلمة.
وفي الأخير إن الأطراف التي تهاجم حزبكم هي الأطراف السياسية "الوطنية الديمقراطية" حسب قولكم التي لم يتم الإشارة إليها في المقال، وهي التي ستقف حجرة عثرة في وجه الحزب. لأنها تعي كل الوعي بمستقبلكم السياسي فيها. هذه القوى المسؤولة، هي كذلك عن مأساة الشعب المغربي والتي أغرقته ولازالت في الضبابية. أما المتياسرون ولو هاجموا جميعا حزبكم فلن يؤخر ذلك و لن يقدم في الأمر شيئا. إن النقد الموجه لحزب النهج مبني على نقاط أساسية منها موقفه من النظام وموقفه من القوى السياسية وموقفه من الظلامية... هذا على المستوى السياسي، أما على المستوى الفكري فما العمل؟ هو أساس النقد.
#محمد_حومد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟