أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أيمن العشماوى - على الشعب المصرى أن يكتب دستوره بنفسه















المزيد.....

على الشعب المصرى أن يكتب دستوره بنفسه


أيمن العشماوى

الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 16:28
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


بينما تشتعل حرب الشوارع فى عدد من المدن المصرية ويسقط الشهداء دفاعا عن آمال يخشون تبخرها؛ تتسابق بعض القوى السياسية لتحقيق مصالحها الخاصة غير عابئة بمصير الوطن ودماء أبنائه . فما حدث منذ 19 نوفمبر 2011 - وما قبله- كان يمكن تجنبه لولا إصرار المجلس العسكرى الحاكم وتيار الإسلام السياسى على فرض توجهاتهما ومنها إعداد الدستور وإجراء الانتخابات دون مراعاة لما تراه قطاعات واسعة من الشعب وخاصة من فجروا الثورة ؛ فالعسكريون يديرون الدولة على هواهم ويصرون على أن يكونوا فوق السلطات وفوق الشعب والإسلاميون يستميتون لإقامة دولة دينية تفضحها ممارساتهم اليومية قبل تصريحاتهم.
* فرغم أن المادة 60 من الإعلان الدستورى الأخير أخذت بنظام " الانتخاب " لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التى ستقوم بوضع الدستور ، حيث نصت صراحة على قيام الأعضاء غير المعينين فى مجلسى الشعب والشورى بانتخاب جمعية تأسيسية من 100 عضو لوضع دستور جديد للبلاد ، إلا أنها جاءت قاصرة من عدة وجوه : فهى لم توضح كيفية الترشيح ، ولا الشروط التى يجب توافرها فى المرشح ، ولا الجهة المختصة بتلقى أوراق الترشيح ، كما لم تحدد نسبة عدد الأصوات اللازمة للفوز بعضوية الجمعية ( هل تكفى الأغلبية المطلقة هنا أم تشترط أغلبية خاصة ) . وفى حالة عدم حصول عدد من المرشحين على الأغلبية المطلوبة هل ستكون هناك إعادة أم أنه سيتم استبعادهم وترشيح غيرهم ، وما هى نسبة الأصوات المطلوبة للفوز فى حالة الإعادة ( هل هى نفس النسبة السابقة أم سيكتفى هنا بالحصول على أعلى الأصوات ) .

* ولاشك أن نص هذه المادة هو نص معيب ومخالف للمبادىء الدستورية بل ويفتقر – عن عمد - إلى أبسط قواعد الخبرة القانونية ، حيث منح السلطة التشريعية ( متمثلة فى مجلسى الشعب والشورى ) الحق فى تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور؛ ذلك أن الأخذ بنظام الجمعية التأسيسية المنتخبة لوضع دستور للبلاد معناه أن هذه الجمعية أصبحت هى أعلى سلطة تشريعية فى الدولة بما تتمتع به من سلطات هائلة فى تحديد شكل الدولة ونظامها السياسى وديانتها وحقوق وحريات المواطنين واختصاصات كل سلطة من سلطاتها الثلاث ( التشريعية والقضائية والتنفيذية ) . فكيف يمكن لهذه الجمعية التأسيسية ، وهى التى تختص أساسا بتحديد شكل السلطة التشريعية واختصاصاتها ، أن تخضع لهذه السلطة وتكون تابعة لها فى اختيار أعضائها ؟! . فالجمعية التأسيسية أعلى مرتبة ومكانة من جميع السلطات التى ينظمها الدستور ومنها البرلمان ، فهل من المنطقى أن يتم تشكيل أعلى سلطة تشريعية فى الدولة بواسطة سلطة تشريعية أخرى أدنى منها ؟!

* وعلاوة على ذلك فإنه من غير المقبول أن تستأثر قوى معينة بوضع الدستور، فالأغلبية الحزبية اليوم قد تكون أقلية غدا ، أما الدستور فوثيقة دائمة، وبعبارة أخرى أكثر وضوحا فإن من يفز فى الانتخابات يشكل أغلبية وقتية ، بمعنى أن الحزب أو الأحزاب التى تحصل على أكبر عدد من الأصوات فى الانتخابات القادمة قد لا تحصل على نفس هذا العدد فى الانتخابات التى تليها ، وحزب الأغلبية اليوم قد يصبح حزب الأقلية غدا والعكس صحيح، وهذه الأغلبية الوقتية لا تصلح أساسا تنبثق عنه جمعية تأسيسية لوضع دستور دائم. فهى أغلبية تدخل البرلمان نتيجة ظروف وعوامل (سياسية ، اقتصادية، اجتماعية، دينية) قابلة للتغير، وما هو متغير لا يصلح أساسا يقام عليه ما هو ثابت .

* هذه الأغلبية الوقتية ، والتى من المنطقى أن تُغلّب أحيانا مصالحها الشخصية على المصلحة العامة قد تصلح مؤقتا لتسيير أوضاع البلاد اليومية ؛ ولكنها لا تصلح لوضع وثيقة دائمة مثل الدستور، أى لا تصلح لإرساء الدعائم الأساسية للدولة والتى يجب – منطقيا - أن يتم وضعها قبل ذلك بطريقة موضوعية ومجردة وبعيدة عن الميول والانتماءات بحيث تشارك فيها جميع التيارات ( سياسية وفكرية وثقافية ) وكل الطوائف والأديان لأن الدستور هو أساس البناء القانونى للمجتمع وقاعدته ويؤثر تأثيرات مصيرية على مستقبل الوطن والشعب بكل مكوناته، ومما لا شك فيه أن وضع قواعد البناء هو أمر سابق على إقامته بالفعل .
لا ينبغى إذن أن تتخذ القوة - التى تحصل على الأغلبية فى البرلمان - من كتابة الدستور حقا مكتسبا لها ، وتنفرد دون غيرها بوضع معايير اختيار الأعضاء الذين سيشكلون لجنة وضع الدستور.. لسببين:
الأول: هو أن نقطة البداية الحقيقية التى كان ينبغى أن يتم البدء بها هى انتخاب الجمعية التأسيسية -التى تضع الدستور- من الشعب مباشرة لأنه وحده مصدر السلطات.
والثانى: أن التوافق- وليس الأغلبية – يجب أن يكون عنصرا مكملا للمعايير التى تشكل قوام الجمعية التأسيسية والذى نعنى به هنا علاج ما أسقطته عملية الانتخاب من عدم تمثيل لبعض الأقليات وغيرها.
وبعد تشكيل الجمعية التأسيسية يتم وضع الدستور وطرحه على الشعب فى استفتاء عام لإقراره، ويلى ذلك إجراء الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية.
* ولذلك فإن إعطاء أعضاء البرلمان سلطة تشكيل الجمعية التأسيسية يُعَدّ مصادرة على مضمون الدستور المقبل ؛ فعلى سبيل المثال.. كيف يقوم برلمان نصفه من العمال والفلاحين بتشكيل لجنة قد تلغى نسبة العمال والفلاحين ؟ ، وكيف سيقوم مجلس الشورى بالمشاركة فى تشكيل لجنة قد تلغى وجود مجلس الشورى ؟ .

* ولهذا كله يُعد انتخاب الجمعية التأسيسية أفضل الأساليب وأكثرها ديمقراطية لوضع الدساتير على أن يعالج التوافقُ عيوبَ عملية الانتخاب كما سبق القول، ومن الضرورى أن تمثل هذه الجمعية المجتمع كله تمثيلا حقيقيا وتضم فى تشكيلها شخصيات تتسم بالكفاءة والنزاهة والثقافة والموضوعية من مفكرين ومثقفين ذوى تجربة ويجيدون قراءة الواقع للمساهمة فى وضع توجهات الدستور؛ ثم صياغتها صياغة قانونية لا تثير الغموض أو الالتباس ولا تحتاج لتفسيرات لاحقة .

* ومن المنطقى أن تتجرد الجمعية التأسيسية من الميول الحزبية والطائفية ، وتبتعد عن المصالح الخاصة ، بحيث تضع مصلحة الوطن قبل أى شىء آخر فى حدقات العيون آخذة فى اعتبارها دور مصر على الصعيدين الإقليمى والدولى ، ومسئوليتها التاريخية عن جميع القضايا المصيرية ومنها قضية فلسطين ، وهذا كله لن يتحقق على الإطلاق فى حالة انفراد اتجاه سياسى بمفرده بكتابة الدستور .

إن الشعب الذى صنع ثورته بدمائه يجب أن يكتب دستوره بنفسه .

د. أيمن العشماوى
عضو هيئة التدريس
كليةالحقوق- المنوفية



#أيمن_العشماوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...
- جامعة كولومبيا تكشف تفاصيل حول المحتجين المعتقلين بعد اقتحام ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أيمن العشماوى - على الشعب المصرى أن يكتب دستوره بنفسه