نوري عمر
الحوار المتمدن-العدد: 3554 - 2011 / 11 / 22 - 20:53
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لقد وقعت عینای علی مقال بعنوان "الله في المسيحية واحد أم ثلاثة؟". یفيد المقال "أن الله الواحد –الأب- هو في نفس الوقت إبن الله و روحه القدس. ومن هنا جاء "مفهوم التثليث" ، "إله واحد في ثلاثة أقانيم.". و انطلاقا من عدم ایمانی بمثل هذه المفاهیم التی أراها باطلة ، حيث لا یقبلها العقل البشري حالها حال کثير من التعالیم في الادیان بصورة مطلقة ، أری ضرورة الخوض في المسألة و توجيه النقد الذي یستحقه ..
يشرح الدكتور ألڤان لامسون، في مؤلفه كنيسة القرون الثلاثة الاولى (بالانكليزية)، ان "اصل [عقيدة الثالوث] غريب كليا عن الاسفار اليهودية والمسيحية. فقد نمت وطُعمت في المسيحية على ايدي الآباء الافلاطونيين". وهم في نظره "رجال دين افتتنوا بتعاليم الفيلسوف اليوناني افلاطون.".
لقد ورد في المقال بأن ("تلك المسميات لم تأت من اختراع بشر بل ان هی الا كلمات الوحي الإلهي كما جاء في الانجيل المقدس.") ، دون الاشارة الی واحدة من تلك الکلمات کی یطلع علیه القارئ و یؤمن به ان کان هناك سبب للایمان. ان ما يعلمه الكتاب المقدس عن الله والمسيح واضح وبسيط ولا يتعذر فهمه على الاطلاق. فلا وجود لكلمة "ثالوث" ولا فكرة الثالوث لا في التوراة ولا في الانجيل بل انه يذكر بكل وضوح ان يسوع المسيح هو ابن الله البكر. (كولوسي ١:١٥) كما يشير اليه بأنه "الوسيط بين الله والناس". (١ تيموثاوس ٢:٥)
كان تطعيم المسيحية بعقيدة الثالوث - التي جعلت من الله مجرد شخصية تكتنفها الغموض- ضربة محكمة سددتها الکنيسة العالمية ضد المسيح ، فیحاول المرء ان یبتعد عنه شیئا فشيئا!
لقد نوهت انيكا هفتيامار، وهي اختصاصية في علم الاجتماع الديني، "انه حين يُسأل الناس لمَ يعتبرون انفسهم مسيحيين، قلما یعزى السبب الى ايمانهم بأن الله ثالوث." و يرد في الكتاب عبارة سؤال تحت العنوان "هل انت مسيحي؟" ما يلي: "ان عقيدة الثالوث هي من اكبر المعضلات في اللاهوت المسيحي. ولطالما صعب الشرح للمسيحيين غير المتعلمين في المدارس اللاهوتية كيف ان اله المسيحيين هو اله واحد لا ثلاثة." ...
تقول دائرة المعارف البريطانية الجديدة:«لا تظهر كلمة ثالوث، ولا عقيدة واضحة كهذه، في العهد الجديد، ولا قصَد يسوع وأتباعه ان يناقضوا ‹السماع› في العهد القديم: ‹اسمع يا اسرائيل. الرب الهنا رب واحد.› (تثنية ٦:٤).
یضيف کاتب المقال : "يؤمن المسيحيون بالله الواحد الذي لا شريك له ، الله الغير محدود، مالئ السماوات والأرض. الله خالق الكل، أزلي قبل الأكوان. الله الأبدي الذي لا نهاية لملكه".
• موجود بذاته فأعلن مسمياً نفسه "الأب"
• ناطق بكلمته فأعلن مسمياً نفسه "الابن – الكلمة"
• حي بروحه فأعلن مسمياً نفسه "الروح القدس"... فمن هو الله اذن بنظر دعاة الثالوث؟ الاجابة تکمن في موقف الکنيسة هذا:
يصر رجال الکنيسة ان يسوع ليس فقط ابن الله، بل انه الله نفسه. وهم يقولون ان يسوع وأباه كلاهما هو الله القادر على كل شيء. فهل ادعاؤهم صحيح؟ هل يسوع هو بطريقة ما جزء من الله؟ هل هذا ما قاله يسوع او اي سفر من اسفار التوراة والانجيل؟ وماذا قال يسوع نفسه عن هذه المسألة؟ هذا ما سنراه :
بقدرعلمي بالکتب الدينية المسيحية لم ينادِ يسوع بأنه ابن الله، بل ترك الناس يصلون الى هذا الاستنتاج هم بأنفسهم. وهذا هو الاستنتاج الذي توصل اليه الاشخاص الذين لم يكونوا رسلا له، مثل يوحنا المعمدان ومرثا التي كانت من اصدقاء يسوع. (يوحنا ١:٢٩-٣٤؛ ١١:٢٧) فقد بين هؤلاء ان يسوع هو المسيا الموعود به، و ظنوا انه كان مخلوقا روحانيا قديرا في السماء، وأن الله نقل بأعجوبة حياته الى رحم العذراء مريم. — اشعيا ٧:١٤؛ متى ١:٢٠-٢٣.... لکل هذا و تعزيزا لوجهة نظري أری عرض بعض المقتبسات من کتاب الانجيل – و دون تعليق- کی یتسنی للقاريئ العزيز استنتاج ما یريد استنتاجه :
(يوحنا ١٤:٩-١٠) ٩ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ هٰذَا ﭐلزَّمَانَ ﭐلطَّوِيلَ، وَلَمْ تَعْرِفْنِي بَعْدُ يَا فِيلِبُّسُ؟ مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى ﭐلْآبَ أَيْضًا. فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: ‹أَرِنَا ﭐلْآبَ›؟ ١٠ أَلَا تُؤْمِنُ أَنِّي فِي ﭐتِّحَادٍ بِٱلْآبِ وَأَنَّ ﭐلْآبَ فِي ﭐتِّحَادٍ بِي؟ مَا أَقُولُهُ لَكُمْ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ عِنْدِي، بَلِ ﭐلْآبُ ﭐلَّذِي يَبْقَى فِي ﭐتِّحَادٍ بِي هُوَ يَعْمَلُ أَعْمَالَهُ.
(يوحنا ١٤:٢٤) ٢٤ مَنْ لَا يُحِبُّنِي لَا يَحْفَظُ كَلَامِي. وَﭐلْكَلِمَةُ ﭐلَّتِي تَسْمَعُونَهَا لَيْسَتْ لِي، (بَلْ لِلْآبِ ﭐلَّذِي أَرْسَلَنِي).
(يوحنا ١٤: ٢٨) ٢٨ سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا مَاضٍ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي، تَفْرَحُونَ بِأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى ﭐلْآبِ، ( لِأَنَّ ﭐلْآبَ أَعْظَمُ مِنِّي).
(يوحنا ١٥:١٠) ١٠ إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ، تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي حَفِظْتُ وَصَايَا ﭐلْآبِ . . .
(يوحنا ١٦:٥) ٥ وَأَمَّا ﭐلْآنَ (فَأَنَا ذَاهِبٌ إِلَى ﭐلَّذِي أَرْسَلَنِي)، . . .
(يوحنا ١٧:٥) ٥ فَٱلْآنَ (أَيُّهَا ﭐلْآبُ، مَجِّدْنِي أَنْتَ بِقُرْبِكَ بِٱلْمَجْدِ ﭐلَّذِي كَانَ لِي بِقُرْبِكَ) قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ﭐلْعَالَمُ.
(متى ٢٤:٣٦) «أَمَّا ذٰلِكَ ﭐلْيَوْمُ وَتِلْكَ ﭐلسَّاعَةُ فَلَا يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ، لَا مَلَائِكَةُ ﭐلسَّمٰوَاتِ وَلَا ﭐلِٱبْنُ، إِلَّا ﭐلْآبُ وَحْدَهُ.
بقي لي ان اتسائل : "لو کان المسيح الإله الأقدر، لماذا عرض نفسه الی شتی انواع التعذيب والملاحقات ، حتی وصل به الامر ان يصلب ، أو لم یکن بامکانه تفعيل قدرته "کن فيکون" ، الم یجد له وسيلة اخری لتحریر البشرية من الویلات بما فيها عذاب الجحيم؟
1. لو کان المسيح هو الله فلماذا خاطب والده شاکيآ "«إِيلِي، إِيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟»، أَيْ: «إِلٰهِي، إِلٰهِي، لِمَاذَا تَخَلَّيْتَ عَنِّي؟». (متى ٢٧:٤٦) ٤٦ وَنَحْوَ ﭐلسَّاعَةِ ﭐلتَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَالٍ، قَائِلًا: «إِيلِي، إِيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟»، أَيْ: «إِلٰهِي، إِلٰهِي، لِمَاذَا تَخَلَّيْتَ عَنِّي؟».
2. ان هو اله حقيقي کما یدعي رجالات الکنيسة فلماذا ناشد والده کی یعيد الیه المجد القدیم ، أی عندما کان في السماء قرب والده ، " يوحنا ١٧:٥) ٥ فَٱلْآنَ (أَيُّهَا ﭐلْآبُ، مَجِّدْنِي أَنْتَ بِقُرْبِكَ بِٱلْمَجْدِ ﭐلَّذِي كَانَ لِي بِقُرْبِكَ) قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ﭐلْعَالَمُ.
«امتحنوا عبارات الوحي»
بالنظر الى كل ما ورد آنفا، ينبغي ان ينتبه المسيحيون الى كلمات الرسول يوحنا التي تحثهم کی لا یستخفوا بمعتقداتهم الدينية. فقد حذر هذا الرسول: «لا تصدقوا كل وحي، بل امتحنوا عبارات الوحي لتروا هل هي من الله، "لأن انبياء دجالين كثيرين قد خرجوا الى العالم." — ١ يوحنا ٤:١.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.