أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد سيد رصاص - من كابول 79 إلى كابول 2002 حقائق جيو سياسية جديدة أضعفت موسكو وبكين















المزيد.....

من كابول 79 إلى كابول 2002 حقائق جيو سياسية جديدة أضعفت موسكو وبكين


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 239 - 2002 / 9 / 7 - 02:02
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


عندما غزا بريجنيف افغانستان، في يوم 27 ك1 1979، كانت العيون السوفياتية متجهة الى تحقيق ثلاثة اهداف: 1 تطويق الصين التي دخلت في حرب، قبل اشهر من العام نفسه، مع فييتنام، الحليف للسوفيات، عقب غزو الأخيرة لكمبوديا في الشهر الاول من العام نفسه، 2 محاولة تحجيم إيران الخميني، كنوع من الضربة الاستباقية، خوفا من تأثيراتها على الجمهوريات الاسلامية السوفياتية، 3 اختراق باكستان وزعزعة استقرارها، عبر اللعب على مشكلة البلوش فيها، أملا بالوصول الى المياه الدافئة، او ايجاد موطئ قدم قريب منها ومن منابع النفط في الخليج.
لم تتحقق الاهداف السوفياتية، وإنما جرى العكس عندما تمكنت الولايات المتحدة من جعل افغانستان فخا للسوفيات، استطاع الاميركان من خلاله استنزاف دولة عظمى بعد وقوعها في مستنقع كبير، ما جعل المشكلات السوفياتية الداخلية المتراكمة تنفجر في لحظة سياسية ترافقت وتزامنت مع اختلال التوازن الدولي، وبالذات عندما اجتمعت الورطة الافغانية مع مشروع (حرب النجوم) المطروح من ريغان في عام 1983، فيما كان امل بريجينف هو تحقيق اختراق كبير في السياسة الدولية، عبر كابول، يتيح للكرملين إنجاز توازن جديد مع واشنطن يسمح له بتسكين المشكلات الداخلية وإيجاد وضع يتيح للحاكم السوفياتي محاولة حلها، تماما كما أتاح انتصار 1945 وضعا مماثلا لستالين وخليفته خروتشوف.
لما سقطت كابول بيد الاميركان، في يوم 13 ت2 2001، استطاعت واشنطن تحقيق تلك الاهداف السوفياتية الثلاثة، اضافة الى استخدامها للمنصة الافغانية كأداة لوضع اليد على آسيا الوسطى السوفياتية السابقة. ومثلما لعبت نيودلهي دورا مساعدا للسوفيات آنذاك، فإن الهند، الآن، تساعد الأميركان على تحجيم باكستان عبر كشمير، اضافة للمؤشرات الكثيرة الدالة على انها ستكون عنصرا أساسيا في استراتيجية واشنطن القادمة من اجل تطويق الصين.
خرجت باكستان، التي كانت عرابة (الطالبان)، خاسرة، هي وعدوهم الاول، اي طهران، في مرحلة ما بعد السيطرة الاميركية على افغانستان: إذا كانت الخسارة الباكستانية متوقعة، بحكم عدم قدرة اسلام آباد على إيجاد بديل باشتوني اضافة للقاعدة التي تقول بأن خسارة التابع لا يمكن ان لا تشمل سيده فإن خسارة إيران كانت مفاجئة، بعد محاولة طهران الكبيرة لاستغلال (11 ايلول) من اجل التقارب مع واشنطن على خلفية العداء المشترك للطالبان، ولا يمكن ايجاد تفسير لذلك إلا في واقع استمرار الاتجاه الاميركي الى تحجيم إيران، مما أدى بواشنطن الى استخدام (مؤتمر بون) من اجل حرمان طهران من اي دور فاعل في التركيبة الافغانية الجديدة يتناسب مع قوة حليفها، حزب (الوحدة) الشيعي، ومع ما قدمته من دعم طويل الأمد ومتعدد الجوانب لتحالف الشمال المنتصر في كابول.
ما يلفت النظر، في هذا الصدد، هو الاتجاه الاميركي الى تطويق إيران وإضعافها، ويلاحظ أن ذلك قد بدأ في عام 1993 مع سياسية (الاحتواء المزدوج) التي اتبعتها ادارة كلينتون الجديدة، اي في الفترة التي اعقبت انهيار العاملين (وهما السوفيات والعراق) اللذين كانا يدفعان الولايات المتحدة الى تقوية الدور الايراني بمواجهتهما، وهنا اذا كان يُفهم الاتجاه الاميركي الى اضعاف باكستان في فترة (ما بعد موسكو)، فإن الدوافع الاميركية تجاه إيران تمتد الى ابعد من ذلك، لتصل الى حدود عدم السماح بدور ايراني في عراق ضعيف، تماما مثلما هو واقع الحال الاميركي تجاه دور طهران في الجمهوريات الاسلامية السوفياتية السابقة، وربما كان ذلك من العوامل التي ستدفع واشنطن الى جعل انتماءات الحاكمين في بغداد غير متغيرة في العراق القادم، خوفا من ان يؤدي العكس الى تقوية الدور الايراني الى حدود غير مسبوقة غربا، الشيء الذي حكم سياسة الدولة العثمانية في مواجهة الصفويين، ولم تخرج سياسة واشنطن عن ذلك في فترة نشوب الحرب العراقية الايرانية.
تحتل تركيا موقعاً آخر عند الولايات المتحدة: من الواضح، منذ انشاء التحالف التركي الاسرائيلي في آذار 1996، ان الولايات المتحدة تريد تعويم الدور الاقليمي لتركيا، بعد عقود سبعة من ادارة الظهر التركية للمنطقة، وقد بان، عقب الانهيار السوفياتي، واقع استخدام واشنطن لتركيا واسرائيل من اجل ملء الفراغ في الجمهوريات الاسلامية السوفياتية بوجه المحاولات الايرانية، ولو أن الأمر لم يصل الى حدود السماح الاميركي بإقامة <<عالم تركي يمتد من تركستان الصينية الى بحر إيجه>> على حد تعبير الرئيس التركي السابق (اوزال) قبيل وفاته في ربيع 1993: في هذا الصدد، استطاعت تركيا استغلال الروابط الثقافية واللغوية مع اوزبك افغانستان، وزعيمهم (دوستم) الذي كان منفيا في تركيا بعد ان طردته حركة طالبان من مزار الشريف في عام 1998، من اجل اخذ دور في افغانستان تجاوز حدود الدور الايراني، مع ان شيعة الهزارة يملكون وزنا ديموغرافيا أكبر من الاوزبك، اضافة الى كون التداخل الايراني مع الشؤون الافغانية اعمق وأقدم، ويبدو ان كثيرا من المؤشرات الراهنة، وبينها الاستعجال الاميركي لإنشاء حكومة جديدة في انقرة تكون اكثر موالاة للغرب، تصب في اتجاه سيناريو مماثل سيكون فيه الدور التركي اكبر في العملية العراقية القادمة بالقياس الى جيران العراق الآخرين.
من غير الواضح اذا كانت بعض هذه الاتجاهات الاميركية ذات طابع دائم، او أنها غير متصلة بأوضاع داخلية معينة، مثل عدم قدرة الاصلاحيين الايرانيين على حسم الامور لصالحهم، حيث اعطت واشنطن مؤشرات عدة، في النصف الاول من عام 1999 حتى أحداث الطلاب في تموز، على انها باتجاه تغيير <<ما>> في سياستها تجاه طهران نحو جعل (الاحتواء المزدوج) منفردا تجاه العراق، فيما يمكن ان يكون فشل خاتمي في ان يصبح <<غورباتشوف>>، بدلا من <<زهاوزيانغ>> الصيني ولو لم تصل الامور الى حد اقالته مثل الأخير حيث اكتفى المحافظون الايرانيون يجعله مجردا من الصلاحيات الفعلية، هو الذي ادى الى جعل واشنطن تعود بسرعة الى سياسة التشدد حيال إيران، كما ظهر بوضوح في خطاب بوش، اوائل العام الحالي، لما وضعها في <<محور الشر>>.
في مرحلة (ما بعد 11ايلول) حصل تطور نوعي، تمثل في ان قدرة الاعتراض الصيني الروسي على السياسات الاميركية قد اصبحت اضعف بالقياس الى ما سبق، ويمكن قياس ما جرى بعد ذلك تجاه قضايا عدة، مثل معاهدة (إي. ب. م) او الاستعدادات الاميركية الراهنة لضرب العراق، ومقارنة موقف كل من موسكو وبكين فيهما مع ما حصل في ازمات سابقة مثل ازمة مفتش الأمم المتحدة مع العراق في شباط 1998 او في ما جرى من قبل العاصمتين اثناء عملية (ثعلب الصحراء) ضد العراق في الشهر الأخير عام 1998، لمعرفة مستوى الفروقات على هذا الصعيد في موقفيهما، ويبدو ان الحقائق الجغرا سياسية الجديدة التي انشأتها واشنطن، في كابول وآسيا الوسطى، قد جعلت بكين وموسكو اكثر ضعفا على الصعيد الاستراتيجي العام، وبغض النظر عما أخذتاه من مكاسب آنية، بعد 11 ايلول، تجاه المسلمين في تركستان الصينية والشيشان.
من الواضح ان اللوحة التي كان يمكن ان تنشأ عن (كابول 79) هي اصغر مدى بكثير من اللوحة التي نشأت عن (كابول 2001 2002)، اضافة الى ان تلك اللوحة كان ستكون محكومة ومحددة بوجود الدولتين العظميين ولو انها كان من المحتم، لو تحققت الاهداف السوفياتية، ان تؤدي الى انزياح استراتيجي كبير لصالح احداهما، فيما تأتي فرادة الوضع الاقليمي الجديد لوسط وجنوب آسيا، في اعقاب الحرب الاميركية الاخيرة على افغانستان، من كونه محكوما بوضع دولي جديد يسوده قطب واحد للعالم، اضافة الى كونه اطلق آليات ساعدت (القطب الواحد)، كثيرا، على انشاء اوضاع وقائية من نشوء قطب آخر، كانت الصين مرشحة قوية له، وعلى انشاء عملية اغلاق للمنافذ في آسيا الوسطى والقفقاس، التي كان يمكن للقوة الروسية المهزومة ان تستعيد عبرها قوتها، اضافة الى انشاء حاجز اميركي، عبر القواعد والتسهيلات في قرغيزيا وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان، بين بكين وموسكو لمنع تلاقيهما المستقبلي، بينما توحي السياسات الاميركية تجاه باكستان وإيران بأن واشنطن تتجه الى إضعاف الاطار الاسلامي الشرقي والشمالي الشرقي المحيط بمنطقة الخليج، من بعد وضع اليد الاميركية عليها في عام 1991، وذلك بعد ان تم إضعاف وإنهاء القوتين العربيتين الأساسيتين، اي مصر والعراق، في حربي 1967 و1991.
() كاتب سوري
جريدة السفير 


#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح السياسة الأميركية على إيقاع أحادي
- السياسي والجنرال-الترابي والبشير نموذجاً


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد سيد رصاص - من كابول 79 إلى كابول 2002 حقائق جيو سياسية جديدة أضعفت موسكو وبكين