عماد ابو حطب
الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 18:21
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة جدا
Frau Tomas
من المؤكد أن أحدا منكم لا يعرف السيدة توماس ولن يعرفها فيما بعد،لأنها ببساطة رحلت عن دنيانا منذ أربعة أسابيع بصمت،دون ضجة . ستتسائلون ما هو الامر الغريب في حال السيدة توماس حتى تصدع رؤسنا بها؟باختصار انها جارتي القاطنة في الطابق الاعلى .منذ ثمان سنوات حينما انتقلنا الى هذه الشقة تعرفنا عليها كانت قد احتفلت بعيد ميلادها السبعين. وكانت تضج حيوية وحياة.بعد أربع سنوات قابلتها مصادفة في مدخل العمارة وكان المرض قد بان عليها لتخبرني انها مصابة بالسرطان وان الاطباء لا يتوقعون لها أن تعيش أكثر من بضعة أشهر،وأردفت مبتسمة:كل يوم سأعيشه بعد هذه المدة سيكون مكسبا لي ،داومت على دروس الكمبيوتر وحضور جلسات التعارف صباح كل أحد في الكنيسة المجاورة،ومقاومة السرطان اللعين الذي بات ينتشر في جسدها النحيل.مقاومة استمرت أربع سنوات كاملة الى أن استسلم جسدها ورحلت بصمت.اليوم فقط عرفت برحيلها حين الححت على البواب بمعرفة أخبارها، منذ اسابيع عدة لم يعد يسمع فوقنا أي أثر للحياة.ففي هذه البلاد لا يعرف الجار اخبار جاره الا مصادفة .
في الوقت الذي رحلت السيدة توماس بصمت كان العشرات في بلادنا يقتلون ،منهم الاطفال والنساء،يرحلون مضرجين بالدم،بضجيج الرصاص والقصف والقناصة.ربما يكون الموت قدر لا مفر منه لكن هل تساوت اسباب الموت وطرقه بين الجميع؟
#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟