أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامي عبالقادر ريكاني - ازمة الديمقراطيات مع عبدة الأسلاف















المزيد.....

ازمة الديمقراطيات مع عبدة الأسلاف


سامي عبالقادر ريكاني

الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 09:52
المحور: كتابات ساخرة
    



قديما كان الاسلاف يعبدون ويقدسون عبر عقلية بدائية ترى في تلك العبادة مصدرا للقوة والخلاص ,في اوقات كان الانسان يشعر فيه بضعفه وهوانه وقرب هلاكه ,فكان يلجا الى نوع من الطقوس يرى فيه اتصالا بالأسلاف واستحضارا لأرواحهم طلبا للنجدة والنصرة فيشحذ فيهم الهمم والعزائم التي كانت عاملا نفسيا مهما مكنتهم من مواجهة التهديدات الخارجية حتى تحول إلى نوع من العبادات ,أثرت على مجرى حياتهم وتكوين أفكارهم وقواعدهم الاجتماعية والدينية والسياسية, وحتى بات كل شيء يعمل وفقا لرضا الاسلاف, عن طريق رهبان وكهنوتيين يتكلمون باسمهم ويضعون القوانين والقواعد ويحددون نوع العبادات لمجتمعاتهم بما يرون بأنه يوافق رضا الاسلاف ويؤمنهم من غضبهم ويجنبهم أهوال الدنيا والآخرة.
ونمت هذه العقلية في الذاكرة عند شعوب الشرق الأوسط وتم تجديدها وتحديثها عبر عبادة الزعماء والأبطال الراحلين , وتم تجسيدها عن طريق توريث الحكم من الأب إلى الابن وفق ثقافة قبلية وعشائرية بدائية لم تستطع شعوبنا التخلص منها , فأصبحت ذهنية انتظار الزعيم المخلص عن طريق استرجاعه من الماضي على صورة الزعيم الابن ،راسخة الجذور وفق ثقافة قبلية تعظم شهامة وشجاعة البطل المنقذ, فليس له مثيل, ومن له بديل؟ ومن حوله الرهبان والكهنوتيين يعملون من اجل استدامة هذه العبادة عبر اضفاء القداسة والرهبة على اعمالهم وحركاتهم وسكناتهم .
فالزعيم هو مركز الكون وعلى الجميع ان يدور في فلكه, وكل في فلك يسبحون والويل كل الويل لكل من يسمع او يقول عكس ذلك ويتبع هرطقة غاليلو وكوبرنيكوس فالحرق والنفي خارج الكون هو المصير له ولأتباعه.
فالتغني بالماضي عن طريق النموذج والقدوة لإثارة الخيال وحشد العزائم على ايدي كهنوتها لاتكون الا من اجل السيطرة على الحاضر وابعاد الناس عن التفكير فيه, وتوجيه الانظار الى المستقبل البعيد الذي لن ياتي ابدا، حيث لا وجود للحاضر والمستقبل القريب في هذه العقلية للعمل من اجل بنائه بل هو للمستقبل المطلق الذي لن يأتي إلا بعد الموت. فالمستقبل القريب لا يعرفونه فالكهنوت يحددونه لهم ويقررون مصيرهم فيه ولا يجوز التفكير فيه والا اتهموا بالعمالة والخيانة، ولا بالحاضر فهما خارج الزمن وكله مسخر لبناء المستقبل البعيد والذي سيشيد على ايدي كهنوت الماضي فما على الرعية سوى الصبر على قسوة الحاضر من اجل مخاض المستقبل والذي سيكون وضع حملها خارج الزمن وعندها سيفرح الناس بما آتاهم جزاء صبرهم من قرة اعين في مقعد صدق عند مليكهم الراحل في اعلى عليين في جنة ونعيم او ربما في اسفل سافلين في نار وجحيم .
وهكذا عبر هذه الثقافة الكهنوتية يدوي صوت ترانيم الماضي البعيد والمستقبل البعيد ليطوي بين جنباته انين الحاضر والمستقبل القريب، وليدوي في اذهان الشعب صوت الكهنة وهم يصيحون باعلى صوتهم، اعبدو ابن الزعيم الراحل حامي الامة منقذ القومية باني المستقبل ،واذا لم تصدقوا فانظرو الى الماضي وهذه اثاره تدل عليه ، وماقيل حول افعاله التي لو ان غيره اقدم على ذلك الفعل لاتهم بالعمالة والخيانة فانه تعتبر دهاء ومكر وسياسة من لدن صاحب الفخامة، واما مايقال حول هزائمه ونكباته فتعتبر من كيد الخائنين والعملاء.
وهكذا يستمد الاحياء سلطانهم من الاموات بجعل اقوالهم وسيرهم وحياتهم وحركاتهم شرعنة لافعال مدعي الاسلاف وكهنوتهم من اجل وضع الاغلال على أي تحرك نحو الاصلاح والتغيير. ويتوقف الزمن بتوقف الحاضر. فلا يصبح الحاضر ماضيا ولا يتحول إلي مستقبل.. ولا فرق في ذلك بين الخطاب الديني او السياسي.
اما في ايام الديمقراطيات ودولة القانون والدساتير وفصل السلطات لم ترى هذه العقلية عائقا تحول بينها وبين ترسيخ قواعدها في المجتمع المولع بعبادة الاسلاف و الذين يحكمون الاحياء وهم في قبورهم، فمادامت السلطة والثروة في يد كهنوت الاسلاف فالغلبة لحكمهم امرمسلم به ، ويصبح تعديل الدستور والقوانين أمرا سهلا وطبيعيا في هذه الديمقراطيات الهشة المزيفة التي ابتليت به شعوب الشرق الاوسط.

لذلك ولكي ترسخ هذه العقلية من قواعدها مع التطور الحاصل في العالم ولكي لا يوصفوا بالجمود والتحجر والجهل قرر مجمع عباد الاسلاف وتماشيا مع روح العصر والديمقراطيات ان يكون النظام السياسي متوافقا مع الديمقراطية ودولة القانون وفصل السلطات وبذلك قرر مجلس الكهنة ببيان صادر من مجمع الأموات بمرسوم ملكي وتماشيا مع الواقع بماهو ات :
الإقرار بالديمقراطية قولا والدفاع عنه نظريا والابتعاد عنه عمليا وهذا من باب حرية الراي والذي لا يشمل الجانب العملي .
وإقرارا بقاعدة الديمقراطية بان الحكم من الشعب والى الشعب وللشعب قرروا تصنيف المجتمع إلى مجتمع مؤسساتي عبر تقسيمها إلى مؤسسة الجيش والعساكر، والأمن ، والاستخبارات ،وعيون وجواسيس وبلطجية داخل كل دوائر ومؤسسات الدولة الحكومية والمدنية ليكون الحكم منهم واليهم وعليهم ضد كل من يعاديهم او يخونهم او يعمل ضدهم وذلك حفاظا على أمنهم وسلامتهم .
وتماشيا مع روح الديمقراطية قرروا إجراء الانتخابات ليصوت الشعب ويختار بكل حرية ممثليهم من بين عباد الاسلاف وتسهيلا للعملية الانتخابية ومحافظة على النتائج المرجوة، قرروا ان يجعلوا لكل ناخب قرينين يسرن عن يمينه وعن شماله ويذكرنه بقطع الارزاق والضرب بالاسواط ان اختار غير طريق الأسلاف وبرفع الانصاب ووفرة الأموال ان اختار وريث الأسلاف , حتى يوصلوه ويمدوا يده لصندوق الاقتراع ، من اجل المزيد من الحرص على سلامتهم وأمنهم من ان يلعب بهم اوبعقولهم الخونة والعملاء ،واذا لم يطمئنوا مع كل هذا على أمنهم فهم مستعدون بان يأتوا بالصناديق الجاهزة من مجمع الكهنة ليخففوا عن كاهل الشعب عبء العملية الانتخابية ويعتبرون بان هذا من واجبهم وتبرئة لذمتهم أمام الشعب والوطن.
وبهذا يحصلون على برلمان يضم ممثلين يمثلون كل أطياف الشعب ويبدؤون بالشروع لوضع الدساتير والقوانين والقرارات والتي سوف يناقش أمام ممثلي الشعب ليصوتوا عليه ،وقرروا ان تكون الية التصويت من قبل البرلمانيين بكل شفافية وحرية بحيث يحق لهم ان يصوتوا على أي قرار بنعم او الف نعم اوبرفع اليد علامة على القبول ,وقرروا ومراعاتا لكون البرلمان يضم أميين وجهلة وخرسانين ومنهم من بهم صمم ولكونهم يمثلون الشريحة الواسعة من الشعب ومراعاتا لهم وعملا بالمعايير الحضارية وروح الديمقراطية التي يعيشونها والتي لا تظاهيها أي الديمقراطيات العالمية راعوا ان يكون من بين البرلمانيين اعدادا كبيرة تمثل هذه الشريحة المهمشة وقرروا ان يكون الية تصويتهم على القرارات اما بهز الراس او السكوت في حال لم يفهموا شيئا والذي سيعتبر ذلك عندهم علامة للرضا.
وعملا باقرار فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية قرروا بفصل السلطات الثلاثة بان يكون السلطة التشريعية تحت رعاية الزعيم والسلطة القضائية بأمر من الزعيم والسلطة التنفيذية بيد الزعيم وبهذا يكونوا قد توصلوا إلى الصيغة الحضارية الملائمة للقرن الحادي والعشرون.
وهكذا توصلنا إلى إننا لن نتحرر من الماضي ولن نملك الحاضر ولن نتحكم بالمستقبل حتى نقول لهؤلاء الكهنة كفا كفرنا بآلهتكم القديمة فإنها لاتثمن ولا تغني من الجوع شيئا ولا نؤمن بمهدييكم المنتظر الذي سيأتي في المستقبل حتى يخلصنا ،وآمنا بأنفسنا وبحاضرنا ومستقبلنا القريب ،نبني ونعمل فيه ونكون أبناء اليوم،ولعل الثوراة التي تمر بها شعوب المنطقة لهو اكبر برهان على رفض هذه العبادة وكهنتها.



#سامي_عبالقادر_ريكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حققت الديمقراطية حلم الأكراد في إقليم كوردستان؟
- الاستبداد,ورحلة شعوب الشرق الاوسط الى الحرية


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامي عبالقادر ريكاني - ازمة الديمقراطيات مع عبدة الأسلاف