أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله لعماري - حزب العدالة والتنمية.النومنكلاتيرا ومدبحة القيم















المزيد.....

حزب العدالة والتنمية.النومنكلاتيرا ومدبحة القيم


عبدالله لعماري

الحوار المتمدن-العدد: 3545 - 2011 / 11 / 13 - 10:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(البرنوصي سيدي مومن نموذجا)
ذ/ عبد الله لعماري
حزب العدالة و التنمية، هو الصرح الاجتماعي و السياسي و الفكري، و البناء البشري ، الذي ساهم في تشييده آلاف الرجال الأفذاذ بعقولهم و طاقاتهم و تضحياتهم، طيلة أزيد من أربعة عقود من الزمن منذ أواخر الستينيات من القرن المنصرم.
فالحديث الموضوعي عن الحزب الإسلامي العتيد، هو الحديث عن أنويته الأولى التي تأسست خلايا للحركة الاسلامية المغربية بعد سنة 1967، ثم انتقالها إلى المرحلة البارزة : جمعية الشبيبة الإسلامية 1972 – 1980 ، و مرورها بعد ذلك بمراحل : الجماعة الاسلامية ثم حركة الإصلاح و التجديد فحركة التوحيد و الإصلاح.
هذا الزخم النضالي بكل تجلياته الفكرية و التنظيمية و التاريخية، و الذي تداولت على حراسته و صيانته أجيال الحركة الإسلامية، و تولت قياداتها رعايته في أحلك الظروف، إلى أن آل ميراثه إلى من يبرزون الآن كوجهاء لحزب العدالة و التنمية بعد أن احتضنه الدكتور عبد الكريم الخطيب و ادمجه في حزبه الحركة الشعبية الدستورية.
و لئن كانت المرحلة الأولى للحزب إبان فترته الجنينية التاريخية كحركة إسلامية، قد اتسمت بالرسالية و نكران الذات و تحلت به النخب القيادية التي تعاقبت على الريادة و التسيير ممن لم يعودوا متصدرين للمشهد، لما اعتادوا عليه أن يرجعوا إلى الظل و إلى مواقعهم الاجتماعية البسيطة في أوساط الشعب، كلما تداولوا على حمل المشعل من مجموعة إلى أخرى، دون اصطناع هالة، أو اتصاف بزعامة، أو تمسك بامتيازات معنوية أو مادية،بالرغم من عطاءاتهم الغالية، التي بلغت أحيانا إلى وأد أعمارهم في السجون و المنافي أو فقدان وظائفهم و ثرواتهم و مكاسبهم الاجتماعية.
لئن كانت المرحلة الأولى كذلك، فإن راهن الحال، و بعد أن مكنت قواعد الحركة الإسلامية حزبها من تبوء موقع راسخ في المشهد السياسي بين الأحزاب التي اهترئت و ترهلت، فإن الواقع الجديد قد تداعى إلى شكل آخر، برزت فيه طبقة متحكمة في دواليب الحزبو مفاصله، متنفذة في بنياته من الأسفل إلى الأعلى، ظاهرها وجهاء الحزب الذين خلعوا على أنفسهم صفة القادة التاريخيين و سوقوا لهم سيرة المراجع المؤسسة الأولى، و باطنها الشبكات الزبونية المنبثة في بنيات الحزب و المنتفعة من المكاسب و المغانم و الامتيازات.
هذه الطبقة، تعيد إنتاج ما سبق و أن أفرزته الأحزاب الشيوعية البائدة، زمن الاتحاد الس و مذبحة القيم
وفياتي و أوروبا الشرقية فيما عرف بين السياسيين بالطبقة البيروقراطية المتميزة :
النومونكلاتيرا : nomenklatura، و هي طبقة مسيطرة على مقاليد الأمور، تنتج الإيديولوجيا حسب مصالحها، و تمارس الديموغاجية على مناضلي الحزب. و توزع المنافع حسب مسطرة الزبونية و المحسوبية، إذ هي صورة مصغرة من ديكتاتورية البروليتاريا، و التي بواسطتها رزحت الشعوب تحت تسلطها بديكتاتورية أكبر إلى ان تسببت بالانهيار الشامل للمعسكر الشرقي.
و الشيء بالشيء يذكر، إذ في أكبر معاقل حزب العدالة و التنمية على الصعيد الوطني في دائرة حي البرنوصي - سيدي مومن بالدار البيضاء، الحي المشهود لجماهيره بالنضال و الكفاح تاريخيا، و الذي يتبوأ فيه الحزب مكانة هامة تعلو على كل مواقعه في ربوع البلاد.
في هذا المعقل تجاسرت النومونكلاتيرا عل سحق كل القيم النبيلة بالشكل التالي :
أفرزت نتائج الانتخابات الحزبية الداخلية التي أجريت بالدائرة الانتخابية البرنوصي سيدي مومن لحزب العدالة و التنمية فوز السيد عبد الغني المرحاني كمرشح لوكيل لائحة الحزب لخوض استحقاقات الانتخابات التشريعية ل 25 نونبر 2011.
و فاز هذا المناضل بنسبة 80 % من أصوات محازبيه، إذ حاز أصوات 170 ناخبا لفائدته في مقابل حيازة الذي يليه في الدرجة الثانية على 34 صوتا.
و تشكل هذه النسبة أعلى نسبة تم الحصول عليها من طرف مرشحي وكلاء اللائحة في كل مواقع الحزب على طول البلاد و عرضها، و هو ما يفيد أن الرجل قد حاز على ثقة الغالبية العظمة من إخوانه بالحزب بشكل يكاد يكون استثنائيا في التاريخ الحزبي.
لكن المفاجأة، و لما عرضت هذه النتيجة على مجلس الأمانة العامة للحزب، و بدلا من تخليد صاحبها بطلا، و منحه سعفة ذهبية، و الاحتفاء به تشريفا، و التفاخر به أمام الأحزاب تفاخرا يعطي للحزب شرف اتصافه باحترام مبادئ الديمقراطية الحزبية و من تم يكون صورة للنموذج الديمقراطي المرتقب في الممارسة السياسية.
بدلا من ذلك، تم التشطيب على هذه النتيجة بصلف بيروقراطي بارد، و أعلنت شرعة النومونكلاتيرا تعيين أحد محظييها: وكيلا للائحة الحزب بالبرنوصي سيدي مومن عبر وسيلة الإنزال بالمظلة (PARACHUTAGE) تلك الوسيلة البائدة التي كانت تلجا إليها الأحزاب العربية في النظام السياسي العربي الآيل للزوال، الذي دخل و أحزابه و تقاليده البالية غرفة العناية المركزة أمام هيجان السخط الشعبي العارم من المحيط إلى الخليج.
سياسة النومونكلاتيرا الحزبية رجحت الانزال بالمظلة على الاختيار الحر الديمقراطي، فاستخفت بإرادة المناضلين الذين عبروا عن حريتهم و كرامتهم بأصواتهم، لكنهم فوجئوا ببخس حريتهم و كرامتهم و اختيارهم من قبل قياداتهم.
و فوجئت معهم جماهير ساكنة دائرة البرنوصي - سيدي مومن بمذبحة للقيم، سقطت فيها المبادئ عند من كانوا يتنادون لحمايتها، و يتباكون صبحا و عشيا على انتهاكها.
و من تم انزلقت سياسة النومونكلاتيرا و إملاءاتها من الأعلى، انزلقت بالحزب نحو الإخفاق في امتحان الديمقراطية.
و لا يفتأ قادة حزب العدالة و التنمية يعلنون و بكل صخب و بالليل و النهار شن الحرب بلا هوادة على المفسدين و أعداء الديمقراطية، و الذين شاخوا و هرموا في الاستئثار بالسلطة و الثروة و النيابة عن الشعب في المؤسسات التمثيلية.
و حفلت تصريحات قادة الحزب و أدبياته الإعلامية، و تدخلات نوابه في كل المحافل باستنكار سياسية الإسقاط من فوق، فاستنكرت إسقاط الوزراء في الحكومات من خارج المنهجيات الديمقراطية، و شجبت إسقاط النواب ضدا على إرادة المحازبين و الناخبين و من خارج دوائرهم، و أقامت الدنيا و لم تقعدها على ولادة حزب الأصالة و المعاصرة، حينما نعتوه بكونه حزبا أسقط على الحياة السياسية من فوق.
لكن النومونكلاتيرا الحزبية ضربت صفحا عن شعارات الحزب و تعهداته، فأسقطت من فوق|، نائبا برلمانيا لبث ثلاث ولايات متتاليات في دائرة نيابية أخرى كان الأرشد به أن يتابع مأموريته فيها لولا أن قد أصبح لمناضلي هذه الدائرة و سكانها رأي آخر.
و بالرغم من ذلك سولت النومونكلاتيرا الحزبية لنفسها أن تستعيض بهذا الذي أصبح في حكم المتقادم، عن شاب واعد أقبل عليه المناضلون و التف حوله الناس و هو الشاب الذي أمضى صباه و شبابه في صفوف الحركة الإسلامية، و من تم في صفوف حزب العدالة و التنمية وفيا و منضبطا، لكونه ينتسب إلى بيت من بيوت الحركة الإسلامية إذ أن والده من إسلاميي الرعيل الاول سنوات السبعينات.
و لا تكاد تمر ساعة من نهار دون أن تضج صيحات الحزب بالوعيد و التهديد بالويل و الثبور إذا لم تتنق الحياة السياسية من شوائب الماضي و إذا لم يتم التنزيل السليم لمبادئ الدستور الجديد و مقتضياته، و هي المبادئ التي ترشح من اولها إلى آخرها بقيم التجديد و التشبيب و تكافؤ الفرص و الديمقراطية الداخلية للاحزاب و تشجيع الكفاءات الصاعدة
و تشاء النومونكلاتيرا الحزبية أن ترسب في امتحان القيم حينما جرؤت على ذبح هذه القيم في حي عتيد هو: حي البرنوصي سيدي مومن الذي تأبى جماهيره على الأحزاب أن تجعله مقبرة لرفات الموات السياسي، و تأنف أن تتخذه هذه الأحزاب مدفنا للتلاشي السياسي.
فهل يعي رشداء حزب العدالة و التنمية بأن ما اقترفته النومونكلاتيرا الحزبية قد يحول هذه الدائرة البرنوصي سيدي مومن إلى ثقب أسود يبتلع مصير الحزب كل الحزب إلى المجهول بالشكل الذي قد يطلق موجات الزلزال فتمتد إلى ما لانهاية ؟



#عبدالله_لعماري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله لعماري - حزب العدالة والتنمية.النومنكلاتيرا ومدبحة القيم