أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر بن صمادح - عن سلام المسيح















المزيد.....

عن سلام المسيح


عمر بن صمادح

الحوار المتمدن-العدد: 3540 - 2011 / 11 / 8 - 02:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتبت مقالات قصيرة عن آيات القتال و السبي في العهد القديم و موقف السيد المسيح منها. ماإذا أبدى إستنكارا أو إمتعاضا لآيات القتال و ممارسات من سبقوه من أنبياء و مقاتلي إسرائيل ( شخصيا لا أؤمن بوجودهم لعدم وجود آثار تاريخية تفصل الكنعانيين عن الإسرائيليين). و قارنتها بآيات القتال (الجهاد) في القرآن نظرا للفكرة المتداولة في أوساط المحافظين المسيحيين في الغرب و متبني فكرهم و لغتهم من "المتنورين" الناطقين بالعربية. لم يكن هدف ماكتبت تحجيم الأقلية المسيحية في المشرق بأي شكل من الأشكال, بل مجرد تعبير عن رأي مخالف لفكرة أن الإسلام بطبيعته أكثر ميلا للعنف من سواه من الأديان و تحديدا المسيحية و اليهودية و هي للأسف الفكرة المتبناة ممن يطلقون على أنفسهم ليبراليين و "متنورين" ممن يتحدثون لعربية, يعكسون جهلا بطبيعة الدين و تفاعله مع مجتمعه و بيئته السياسية و الثقافية و الإجتماعية كذلك. فالإسلام في تركيا و ماليزيا و إندونيسيا ليس هو الإسلام في السعودية و اليمن و مصر.كما أن المسيحية في النرويج ليست هي المسيحية في غواتيمالا و أوغندا. . غزوات المسلمين تذكر في مقالات و تعليقات البعض هنا كدليل على "وحشية" المسلمين و الإسلام و عدم جدواه كدين و نظام حياتي للأفراد. إما تجاهلا منهم لتاريخ المسيحية في هذا الجانب و النصوص الإنجيلية التي إستندوا إليها لشن حروبهم, أم أنها مجرد ثرثرة لا تقدم و لا تؤخر يعلمون تماما بنتائجها العكسية من قبل شعوب متدينة. الطرح الهجومي و البروباغندا اليمينية في الغرب وجدت طريقها عند أدعياء "التنوير" هنا. من أن الإسلام عنيف بشكل فردي يختلف تماما عن الأديان الآخرى. 66% من المسيحيين الإنجيليين يعتقدون ذلك في الولايات المتحدة (كلهم من الأغلبية "البيضاء" أو القوقازية) في مقابل نسب أقل بكثير بالنسبة للاتينيين و الزنوج. فهذه الفكرة تلقى رواجا في أوساط المحافظين من الأغلبية سواء كانوا في أميركا أو أوروبا و هو ليس بمستغرب نظرا لتاريخ الأوروبيين القديم في الحط من قدر كل من هو مختلف عنهم دينيا أو عرقيا. حطوا من قدر الهنود الحمر (السكان الأصليين) و نزعوا عنهم كل الصفات الإنسانية ليبرروا لأنفسهم عمليات التطهير العرقي التي طالت السكان الأصليين المسالمين. وصفوهم بالبربريين و الهمج الذين لا يمكنهم أن يتعايشوا مع الأوروبيين و تحضرهم. فعلوا نفس الشي مع الزنوج بل أن آبراهام لنكن ( و الذي يوصف بأنه محرر العبيد) قال:"أن من أعظم المصائب التي قد تمر على بلادنا, هي السماح للزنوج بالإندماج في مجتمعاتنا". فالحرب الأهلية لم تكن لتحرير العبيد بل لفرض لفيدرالية غصبا على الولايات الجنوبية (مضحك أن الأميركيين الآن هم أكثر من يزعجنا بحق تقرير المصير للإثنيات العرقية و الدينية في الشرق الأوسط). مع التذكير أن تمسك الجنوبيين بالعبودية و "حقهم" في تكوين كيانات مستقلة عن الحكومة الفدرالية كان يبرر بالرجوع للأناجيل. رغم تاريخ المسيحيين الدموي ( هو تاريخ الإنسانية بشكل عام يحدث و يتكرر في كل بقاع المعمورة), تجد منا, ممن يتحدث بلساننا ويتسمى بأسامينا, يمجد المسيحية و ينسب إنجازات عصر التنوير و النهضة لها, محطا من قدر الإسلام و دين أهله و أصدقائه و الغالبية في بلده. متبنيا نفس النهج الغربي البغيض و العنصري في تحقير قومه حتى يخيل إليك أن الكاتب أوروبي و يستطيع الكتابة بالعربية. لا أتحدث هنا عن منتقدي القرآن و "إعجازاته العلمية" و منتقدي الإسلام السياسي, بل أتحدث عمن غيروا جلودهم.

العديد من الغربيين المحافظين و المتنورين هنا يظن أن هناك خطا متصلا بين الإغريق القدماء لأوغستين لتوما الأكويني للقانون الدولي الحديث. بحيث تجد إنتقائية في إستعراضهم للتاريخ المسيحي و تلفيقا غريبا للتقاليد المسيحية ثم يتم مقارنتها بالإسلام و ليس فقط الإسلام بل أسوأ مافي التاريخ الإسلامي. المحافظين المسيحيين يظهرون غرورا و غطرسة في هذا الجانب فمرار و تكرارا تجدهم يريدوننا أن نقارن بين التعاليم المسيحية المسالمة مع تلك الإسلامية الوحشية. في أحيان قليلة تجدهم يعترفون بأن التاريخ المسيحي إرتبط بالعنف و الدماء كذلك. يخطر على بال كل منصف الحروب الصليبية, محاكم التفتيش, التطهير العرقي للهنود الحمر, إستعباد 12 مليون أفريقي للعمل في حقول الأميركتيين, و المشاريع الإستعمارية في بلادنا العربية و غيرها من بلدان و أقطار العالم. يتبع هذا الإعتراف الخجول تعقيبا فارغا أن هذه الممارسات لم تكن موقف الكنيسة الرسمي بل إنها متعارضة مع رسالة المسيح عكس الإسلام و الذي يكتسب المسلمون منه قيم العنف و الوحشية ضد الآخر. jus ad bellum "الحق في شن الحرب" . عقيدة الحرب العادلة أستخلصت من تعاليم الكتاب المقدس لحث المسيحيين و الأوروبيين تحديدا لشن الحروب على العالم و إخضاعه للمسيحية (كما فعل المسلمون "الأكثر وحشية" تماما). لم تكن حروب الأوروبيين مقصورة على بلد أو قطاع معين, بل كانت تبريرا لشن الحروب و إحتلال مجتمعات معزولة لم تشكل تهديدا للمسيحية و أوروبا. عند قرائتنا للتاريخ المسيحي من مصادر غربية (ردا على من يقول أن الأوروبيين أشبعوا المسيحية نقدا) نجد مقارنة مجحفة بين معاملة المسيحيين للمسيحيين و معاملة المسلمين لغير المسلم. تعاليم القديس أوغستين لم تكن منطقية و لاتبريرا للحرب وفق فهمنا المعاصر. ولكن إذا ماأراد "المتنورون" من العرب الأفاضل إستعراض التاريخ الإسلامي بعدسات القانون الدولي, فلا أجد ضيرا من فعل الشي نفسه بتعاليم الحرب المسيحية و التي تسمى بالـ"الحرب العادلة" أو jus in bello .

دائما مايتم تذكير "المتوحشين" المسلمين برسالة المسيح المسالمة. و أن تاريخ الحروب الدموية يتعارض مع موقف الكنيسة. " والحق أقول لكم" أن المسيح لم يكن صاحب سلطة بل كان تحت رحمة أعدائه ( لمن يقول أن محمد غير لهجته فور حصوله على دعم قبائل الأوس و الخزرج اليمانية). فكما ذكرت, المسيح لم يبدي إمتعاضا من ممارسات موسى و داوود و يشوع و صاموئيل و التي فاقت في وحشيتها و عنفها أي من حروب و غارات الأنصار و المهاجرين. فالمسيح قال أنه سيعود و يقتل أعدائه. لكنه لن يكون تحت رحمة أحد حال عودته الثانية, بل سيعود و هو "ملك الملوك" و يمحوا أعدائه الذين لا يعترفون بملكه. فاستعماله لمبدأ "اللا عنف" كان تكتيكيا و مؤقتا لا إستنادا على قناعات و مبادئ. فلا يمكن إعتبار الدلاي لاما مسالما و ممارسا للا عنف إن توعد الصينيين بحرب ضروس حال تمكنه من جمع الجيوش. فالدلاي لاما لا يمارس العنف استنادا على مبادئ راسخة لديه عكس السيد المسيح تماما و الذي عاش وسط قبائل يقال أنها كانت بدوية في يوم ما. و هذا مايفسر تاريخ الكاثوليك الأسود في أوروبا, أفريقيا, و أميركا اللاتينية.

محاكم التفتيش الإسبانية ((Inquisición española) أنشئت بأمر كنسي صادر عن البابا لوسيوس الثالث. السبب الرئيسي لإنشاء محاكم التفتيش كان القضاء على ماظنه المسيحيين المسالمين بطبعهم أن هناك يهودا يمارسون "التقية" إن صح التعبير. يهودا إعتنقوا المسيحية ظاهرا و أبقوا على ديانتهم الأصلية خوفا من الطرد أو التعذيب الممنهج. تطور الأمر لقتل و تعذيب "المهرطقين", ممارسي السحر, تعدد الزوجات (أو الخيانة الزوجية), ممارسة الجنس الشرجي, المثلية. تم قتل و تعذيب ممارسي الأفعال المذكورة أعلاه لمخالفتهم تعاليم الكنيسة ( التي هي تعاليم المسيح المفترض أنها اللبنة الأولى للديمقراطية و التعددية السياسية كما نسمع دائما!!!).
توسع الإسبان و أرادو نشر المسيحية و قيم السلام و المحبة في أرجاء المعمورة. فكانت المكسيك, مهد حضارة الأزيتيك الوثنية و التي كانت تضحي بالبشر تقربا للآلهة. وجد الإسبان في هكذا طقس فرصة مواتية لنشر المسيحية و إخراج هؤلاء الهمج البربريين من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد المصلوب. طرق النشر لم تكن سلمية, من 30,000 إلى 75,000 مكسيكي من السكان الأصليين تم قتله في مجزرة تشولولا. و الآن السواد الأعظم من المكسيكيين يدين بالكاثوليكية و يتحدث الإسبانية بعد أن دمرت المسيحية حضارتهم و نفت لغتهم عن الوجود. نفس السيناريو المسالم تكرر في كوبا و باقي مايعرف بأميركا اللاتينية. الشعوب لا تزال متدينة إلى حد كبير و تتحدث الإسبانية كلغة أولى. فاستنادا لمنطق الكثيرين هنا, سبب غياب الديمقراطية و انتشار الفساد و الفقر في أميركا اللاتينية يعود للإحتلال الإسباني المسيحي لهم. فالإسلام ــــ عفوا المسيحية تدمر كل شي تطاله من حضارة و لغة للسكان المفتوحين. طبعا طرح كهذا من شأنه أن يعتبر سطحيا و تافها للغاية ولكنني أقرأه بشكل يومي على المدونات اليمينية و للأسف بعض "المتنورين" العرب.
المسيحية و إنتشارها حول العالم تشبه طريقة إنتشار الإسلام تماما. فإذا لم يكن منطقيا تحميل جميع مسيحيي العالم مساؤي الإسبان ( و غيرهم كثير و سأتطرق لذلك لاحقا), فأي منطق هذا الذي يذم في مسلمي العالم اليوم و يصورهم كإرهابيين متوحشين و السواد الأعظم منهم لا يتحدث العربية؟ هل يصح أن نقرأ التاريخ وفق الميثاق العالمي لحقوق الإنسان و الذي تعد الولايات المتحدة و حليفتها إسرائيل أول منتهكيه؟ إن الهجومية و الصدام و السطحية في نقد الإسلام لها نتائج عكسية. فلا يرجون أحد هزيمة الإخوان المسلمين النشطين على الشارع ببضعة مقالات سطحية تمجد تاريخ "أعداء" و تحقر من ثقافة من أبتليوا بمشاريع هولاء "الأعداء" الإستعمارية لإنقاذنا من بربريتنا و همجيتنا و التي مازالت رواسب ممارستهم بحق شعوبنا باقية. النواح على الإنترنت لا يزيد الإخوان المسلمين إلا قوة و ثباتا على الشارع الأمي الفقير و الجاهل.



#عمر_بن_صمادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يصبح الإسلام سلعة مربحة
- آيات القتال في شقي الكتاب المقدس
- المسيحيون أقل عنفا من المسلمين لإنهم تخلوا عن كتبهم
- المسلمون أشرار لإن كتابهم المقدس يحرض على العبودية
- الملحدين الجدد من الناطقين بالعربية


المزيد.....




- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر بن صمادح - عن سلام المسيح