أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - - أسيا الصغرى - الاسم البديل لتركيا















المزيد.....

- أسيا الصغرى - الاسم البديل لتركيا


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3534 - 2011 / 11 / 2 - 17:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أبسط الباحثين في الواقع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط يدرك بأن الحكومات التركية السابقة والحالية وأردوغانها ليسوا بالمثاليين، كما تدعي بعض القوى العربية، الإسلامية منها خاصة، أياديهم ملوثة بدماء آلاف الناس من شعوب المنطقة غير التركية، وهم وراء ظهور العديد من القضايا المستعصية على الحل في الداخل التركي وخارجه، بنوا دولة عنصرية المبادئ وليست عصرية المفاهيم والقيم، مليئة بالسلبيات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. والإختلافات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية والعمرانية بين الشرق الكردي والغرب التركي مثال صارخ، كما وأن أعتمادها الهائل على قواها العسكرية في حل معظم معضلاتها الداخلية ما هو سوى أثبات على غياب المنطق الإنساني في التعامل والتفاهم وإيجاد الحلول لمشاكلها الداخلية والخارجية.
والذين يرون في أردوغان قدوة هم الذين يتكالبون على ثورات الشرق الشبابية للوصول إلى غايات ذاتية أنانية، وهم نتاج التذبذب التركي مع ثورات الشرق عامة والسورية خاصة، ولايدركون بأن المترسب الثقافي مفكك ومفتت في المجتمع التركي مثله مثل التطور الاقتصادي الذي تزايد وأرتفع لا على البنية التحتية بقدر ما كان على دعم المنظمات الرأسمالية العالمية ومنها الصهيونية لغايات بعيدة المدى، كما وأنهم لا يدركون بأن النظام الإقتصادي السياسي الذي يحاول أنهاء العلمانية الطورانية على حواف الإسلام السياسي الليبرالي والمدعي باحتضان العلمانية أو الدامج معه، مبنية على تضخيم إعلامي يغيب فيه الدراسات الدقيقة للبنية الإقتصادية بالنسبة للعامة من الناس، ولا نستبعد إنهيار الإقتصاد التركي وبشكل أسرع من المتوقع للطفرات الإقتصادية العالمية، وعلى الأغلب سيحدث هذا خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة في أفضل أحواله، وقادة الحكومة التركية يدركون هذه الحقائق بتفاصيلها لذلك فهم يتعاملون مع ثورات الشرق من فكر تجاري بحت وليس للقيم والمبادئ الإنسانية الحضارية أي دور فيه.
وفي الواقع كان نبوغ هذه الطفرة الإقتصادية السياسية مبنية على الواقع المأساوي للعلمانية التركية، كواقع نهاية الإمبراطورية العثمانية الذي سمي بالرجل المريض، والتي وصلت إلى نهاية النفق المغلق من حيث الوضع الإقتصادي والسياسي والإجتماعي إضافة إلى زيادة تفاقم الوضع الإثني في تركيا، وبروز ضياع الهوية في الإنتماء إلى الوطن التركي، والذي لم يتشكل أصلاً منذ أن حاول أن يرسخها أتاتورك وخلفائه وعلى مدى قرن كامل، لهذا خرجت القوى الرأسمالية والصهيونية العالمية بمفهوم الإسلام الليبرالي ودعموه بكل ما أمكن للإبقاء على السيطرة في المنطقة وكان الفكر الإسلامي هذا، الحاضنة التي أستغلها القوميون العنصريون الأتراك في العديد من خططهم في الشرق العربي والإسلامي ومن ضمنها استخدامهم لها في مجابهة القومية الكردية المتزايدة ثوابتها بقوة ليست في الشرق الكردي وحده بل في تركيا عامة، بعد أن ثبت خسارة العلمانيون والأرغانكونيون هناك.
فُتحت الآفاق العالمية لحزب العدالة والتنمية بعد أن أنشقوا عن ملهمهم الرديكالي الراحل أربكان، وتبوأ السيد أردوغان المفهوم الليبرالي في الإسلام السياسي الملائم للرأسمالية العالمية، فلم يتوانى بالتعمق عملياً في المتحولات من الدين الإسلامي، حتى ولو بدون فقه أو تأويل، لكنه تناسى إحدى أكبر القضايا المستعصية في الدولة التركية بل وفي الشرق عامة والتي لايمكن أن ينتسى، بأن يدخلها ضمن جملة التحولات التي تحدث لتركيا في المجالين الروحي والمادي، الإقتصادي والسياسي، وهي القضية الكردية بإمتياز، ولم يبحث فيها إلا من حوافها وبشكل مرغم، لأنه يدرك بأنه إذا بحث فيها من منطق الروحانيات سيقع في بؤرة التناقضات، حيث ماهية الفهم الإلهي للبشرية والعلاقات بين الشعوب، لذلك لا يبدي السيد أردوغان المسلم أي تمسك بالثوابت القرآنية دون تؤيلات خاصة لما هو خلف الثوابت والنصوص، وكثيراً ما أستخدم لهذا الغرض فقهاء وشيوخ دين كبار أمثال القرضاوي، والبيانوني وغيرهم، ليخرجوا بتأويلات دينية كتغطية لغايات سياسية تتلائم وسياسة الدولة التركية، وعليه يتغاضى عن الثوابت الإلهية وحتى عن المتحولات الفقهية للنصوص الدينية لغاية قومية والتي هي في الواقع أعلى سيطرة فيه من الغاية الدينية. وإن بحثَ في القضية من طرفها المادي لأدرك حقيقة المفاهيم الديمقراطية الحضارية التي تبنى عليها أحترام الآخر كما يريده الآخر لا كما يلقنه المتسلط القوي، والمختلفة عن الديمقراطية التركية التي يفرض على الكرد أن يخطو طرق نضالهم كما يفهمه هو أو زعماء الأتاتوركية في أروقة الإدارات الخفية.
لذلك فأنهم يتجردون من كل المبادئ والمفاهيم التي من المتوقع أن تزعزع لديهم هذه الثوابت الأتاتوركية، وعليه فإن إطلاق كلمة أسم " تركيا " بمطلقه القومي العنصري على منطقة أسيا الصغرى المحتضنة لعدة شعوب مختلفة، والتي كانت من مخلفات الإمبراطورية العثمانية الإسلامية شكلاً والعائلية فعلاً، أفظع دليل على النزعة الفوقية الفاشية التي لم تمحيها لا العلمانية التي يتباها بها أحفاد أتاتورك ولا الديمقراطية التي زاودت عليها الحكومات المتعاقبة أمام العالم الأوروبي أولاً وأخيراً، ولا الروحانية الإسلامية والديمقراطية العلمانية التي يطبل لهما حزب العدالة والتنمية وبقوة في الفترة الأخيرة فترة ثورات الشرق.
البشرية أصبحت على أعتاب مرحلة ما بعد العلمانية، ولاتزال هناك مناطق شاسعة في تركيا، الدولة العنصرية قومياً والمتاجرة بالإسلام مفهوماً، لا تعرف البنى التحتية للحضارة الحالية، مناطق نائية في الشرق لم تخرج بعد من مرحلة الرعي، والحكومة التركية تتباحث مع الغرب الأوروبي على سوية المرحلة العلمانية، كما وإنها لا تزال تتمرغ في طور الإستعمار وأستغلال الشعوب وقهرها وكبت الحريات وتكتيم الإعلام المناهض للفكر الأتاتوركي، وتركيا تغطي نفسها باللباس الديمقراطي كما وتخفي بها بنية أقتصادية هشة من التطور المخادع.
تركيا هذه، تفتقر إلى الهوية بكل مفاهيمها وأشكالها وإنتماءاتها، لا تجمعها سوى سطوة النزعة الدكتاتورية الطورانية، والتي لا تختلف عن سطوة طغاة الشرق بدءاً من صدام حسين مروراً بالقذافي وأنتهاءاً بآل الأسد الفاسدين، بل إنها سطوة أشرس وأعمق أثراً، فهي سطوة سيطرة شعب على شعوب عدة في المنطقة وليس سلطة شريحة وطاغية.
مع ذلك لا يبحث السيد أردوغان في المسلمات الحضارية الإنسانية، وبقي محصوراً في إطار المفاهيم المطلقة لحزب العدالة والتنمية والتي يستمدها من نصوص جزئية قرآنية ويمزجها بالمفاهيم الطورانية، ومنها ما أصبحت منذ عهد أتاتورك من الثوابت الإلهية في الدستور التركي، والذي يتناسى بأنها فاقدة للحق وبعيدة عن المنطق الإنساني الحضاري بجموده المطلق الذي استمد من الصبغة الإلهية التي غطيت بها من قبل الأتاتوركيين، ولا يريدون مناقشة الحقيقة المغايرة وهي بأن أهم قيمها هي التأثر بالمتحولات والرضوغ للتغيرات التاريخية، بل حتى وأن النص الإلهي في ماهيته متحول بذاته، فعليه وعلى حزب العدالة والتنمية وعلى الأتاتوركييون أيضاً أن ينطلقوا بتحويل الفقرات الإلهية من الدستور إلى فقرات من وضع البشر، وعليهم أن يملكوا الجرأة بالنحت فيها بشكل أوسع، والتي يجب أن تتلائم والموجود في أسيا الصغرى من الشعوب إلى الإقتصاد إلى العلاقات الإجتماعية والسياسية، وقد لا يراق لهم أو لمعظم الطورانيين بأن أسم " تركيا " أصبح يرافق القهر والظلم والتمييز العرقي والديني، يجب أن يتغير مع تقديم أعتذار لتلك الشعوب الذين حاولوا أن يقضوا على ماهيتهم وكيانهم الجغرافي والتاريخي وعلى مدى أكثر من قرن كامل ..
نتحدث عن دستور إلهي أتاتوركي، يسمح لحماتها بحمل لواء القمع والتمييز وأخضاع الآخر للأنطواء تحت رغبات الآخرين، رغم بلوغ الشعوب الحضارية أعتاب مرحلة إنسانية ذات مفاهيم شمولية، تفرض الكثير من التغيير بل إزالة أطراف من الماضي العفن، إلا أن تركيا الماضية الحاضرة بأحزابها العنصرية يبزغون حقيقة لا محيض عنها ويجب أن تتحقق، إما إزالة اسم " تركيا " وخلق دولة المواطنة الواعية المتناسقة للجميع والمحتوية على شعوب متعددة، مع دستور للكل، أو أن القادم من الزمن سيؤدي إلى إعادة تكوين هذا الوطن تحت مفاهيم عصرية حضارية دولة تسمى ب " أسيا الصغرى " دولة ذات أتحاد فيدرالي بين شعوبها، أو إلى إعادة رسم خريطة الدولة التي جذورها ليست بذلك العمق الذي لايمكن خلعه وإعادة زرعه ثانية على مفاهيم نوعية علمانية أو ما بعد العلمانية في مجتمع لم تسمح له الفكر الطوراني أو الإسلام الليبرالي من أجتياز الجمود المطلق الإستبدادي الديني المتزمت حتى اللحظة رغم الإدعاءات المتكررة لها في المحافل الدولية.
ولهذا الجمود الإيماني المطلق الإستبدادي خلفية ذات أعماق بعيدة في التاريخ المليء بالقهر والطغيان والأستبداد بكل أنواعه، فقد سادت إمبراطورية على مدى أربعة قرون ونصف تحت أسم عائلة، تخفت تحت عباءة الدين وغيرت المذاهب لتستقر على الحنفية، وبطفرة سياسية فكرية منبعها جماعة من يهود الدونمة، طوروا تلك الإمبراطورية إلى دولة، ومن عصر سيادة العائلة وطغيانها إلى عصر الإستبداد القومي العنصري، ومن حملة لراية الدين الإسلامي إلى طغيان للقومية الطورانية وبشوفينية متغطية بإدعاءات العلمانية والديمقراطية، ورغم بزوغ بدائل حضارية إنسانية من تلك العلمانية المزيفة إلا أن القوى الدينية المدعية بالليبرالية في المفاهيم الإلهية وتأويلات النصوص القرآنية، لا تتجرأ على تخطي عصر طغيان القومية، لإحلال عصر التفاهم والتبادل الثقافي وتقبل الآخر والإعتراف به، لهذا لا استبعد أنجراف المد الثوري المتزايد في الشرق إلى داخل تركيا لنقلها من عصر القومية إلى عصر الأمة، يكون للترك فيه مكانة كما للكرد واللاظ فيها ركيزة ومكانة، حيث لا طغيان، بل الإشتراك في بناء الوطن، كوطن للكل. وطن ستسمى ب" أسيا الصغرى "، وإلا فالحل الآخر سيكون هو البديل الأوحد، فالأرض تكوين إلهي لكن جغرافيتها من صنع الإنسان.



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معارضون سوريون بلا ضمير
- صدى تساقط قطرات دم الشهيد
- القضية الكردية همشت في المجلس الوطني السوري - الأخير-
- المعارضة السورية، مفاهيم وأجندات ومراكز
- الإدارة التركية، تأرجح بين الإستراتيجية والتكتيك
- وتبقى الحركة الكردية النواة لأحزاب المعارضة السورية
- محاورة السيد بشار الأسد مع السراب في نقد النقد !!
- ضحالة التحليلات الكلاسيكية لثورات الشباب
- ضياع السلطة السورية بين الشعور واللاشعور
- الكرد وتركيا ومنظومة الحداثة الرأسمالية -2
- - التحامل - على الحركة السياسية الكردية في سوريا
- الكرد وتركيا ومنظومة الحداثة الرأسمالية - الجزء الأول
- من يوجه بوصلة الحركة الكردية السياسية في سوريا؟
- ثلاثية لقسم لا إله فيه على - جمهورية الكل السورية -
- المعارضة السورية تشترك مع الإدارة التركية لإقصاء الحركة الكر ...
- مازال الرئيس بشار يتحدث عن الشتاء العربي ..3|3
- مازال الرئيس بشار يتحدث عن الشتاء العربي
- لا زال الرئيس بشار يتحدث عن الشتاء العربي -1-
- ثلاثية السلطة السورية
- وما أدراك ما الدستور


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - - أسيا الصغرى - الاسم البديل لتركيا