أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسماعيل مهنانة - أسئلة أركون ونبوءاته...















المزيد.....

أسئلة أركون ونبوءاته...


إسماعيل مهنانة

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 22:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أسئلة أركون ونبوءاته...
تأملات أركونية في التغيير والحداثة والأمركة.


في نبوءة عجيبة تعود إلى سنة 1997، يقول المفكر الجزائري محمد أركون: "إنه يمكننا أن نسرح النظر بعيدا، وأن نتنبأ بحصول متغيرات جوهرية في العالم الإسلامي حوالي 2010، سوف نتخذ هذا العام كأفق لتفكيرنا، منذ الآن، وسوف نفترض أنه ستحصل عندئذ طفرة نوعية على كافة المستويات من الناحية العربية والإسلامية" ، الآن وبعد تحقق النبوءة في سنة رحيله هذه، لم يبقى لنا إلا مهماز أسئلته الجذرية، نسوق بعضها هنا:
لماذا تفشل مشاريع التحديث في "العالم العربي والإسلامي"؟، لماذا تقاوم الثقافة العربية موجات الحداثة المختلفة؟، هل ثمة تعارض بنيوي بين هذه الثقافة والمشروع الحداثي في صيغته الغربية؟ وهل ينجح تحديث الاقتصاد والمؤسسات السياسية دون تحديث بنيوي للثقافة والمجتمع كما يحدث في دول الخليج؟، وبالمقابل هل تستطيع الدولة تحديث المجتمع وعلمنته كما فعلت تركيا؟ وهل للتجربة التركية حدود تنتهي عندها؟ ألا يمثل "حزب العدالة والتنمية" حدودا للتجربة العلمانية في تركيا؟ ثمّ؛ أليس للبلدان العربية تجارب مختلفة في تلقّي الحداثة الغربية؟ ألا يجدر بالباحث متابعة السيرورة التاريخية لكل بلد على حدة بدل التعميم المغفل للتفاصيل؟ ألا يمثل كل بلد مخبرا مفتوحا لتجربة تحديثية ثرية فريدة من نوعها؟ وهل تؤدي الديمقراطية فعلا إلى صعود الإسلاميين إلى الحكم، وهم آخر من يؤمن بالديمقراطية؟
لقد فرضت العولمة حالة غريبة من التعايش المرَضي بين الذات والعالم، بين الخصوصيات الثقافية والدينية والإثنية وبين الكوني بوصفه الأفق القيمي المشترك للعالمية، وهي حالة سقوط العقائد واحدة تلو الأخرى وحتى الإيديولوجيات والعقائد الجديدة لم تعد تعمّر كثيرا، إنه كما يقول إدوارد سعيد: "مع الاستنفاد الفعلي للأنظمة الكبرى والنظريات الكلية (الحرب الباردة، اتفاق بريتون وودز، الاقتصاد السوفييتي والصيني الجماعيان، قومية العالم الثالث المناهضة للإمبريالية)؛ ندخل في مرحلة جديدة تمتاز باللايقينية الهائلة" .، تلقي هذه اللايقينية بكلكلها على كل المجتمعات في العالم، وهي ليست حالة من الشك الفلسفي الخلاق، بل من التقهقر بسبب تهاوي العقائد الكبرى، وفقدان الإيمان بالقيم الكونية التي تكذّبها يوميا ممارسات السياسة، في مقابل ذلك لا يبدو الفرد مهيّأ كفاية لتحمّل مشروع الفردنة الذي حملته الحداثة الرأسمالية للغرب، والنتيجة هي تقوقع الجماعات البشرية على هوياتها الضيقة، وادعاءات زائفة بامتلاك الحقيقة، تكون أولى نتائجها ما حدث في 11 سبتمبر 2001، في منهاتن، وكما يقول ف. هاليداي: ".. يمكن أن ينظر إلى صعود حركات الاحتجاج الإثني والقومي، والهويات الطائفية الضيقة كتمرد ضد العولمة وكمكون من مكوناتها على حد سواء" ، إن التشخيص الأولي لما حدث في 11/09 يكشف أن خللا بنيويا أصاب ثقافة العالم الإسلامي والنظام السياسي العالمي معا، فالنسبة لباحث أفنى حياته في متابعة الخلل الذي أصاب العقل الإسلامي مثل محمّد أركون: "يشير حدث 11 /9 إلى مسارات مظلمة لتمثّلات قديمة جدا لا تنفذ مطلقا إلى حقل الوعي المتفكّر، بل تترابط وتنتشر بمساعدة خطاب قصصي-إيديولوجي قوي على حد تعبير كلود ليفي ستروس... وموجود بين الأنقاض الحجرية لخطاب اجتماعي قديم، هذا "الخطاب الاجتماعي القديم" هو خطاب القرآن مصخّما، وتتجاوب أصداءه في الإيضاحات اللامتناهية للمفسّرين الشعبويين، الذين يقذفون بالمخيالات المعاصرة نحو المنزلقات الأشد خطورة" ، أما الخلل البنيوي الثاني والخاص بالنظام العالمي، فلا يمكن فصله عن خلل الثقافة العربية، لأنه يكرس احتكار القرارات المصيرية في مجلس الأمن منذ 1945، من خلال بروتن وودز وحق الفيتو.. والتحيّز في الصراعات مثل التحيّز لإسرائيل في الصراع العربي-الإسرائيلي، وكما يقول مطاع صفدي: "فإنها خوصنة الاستيلاء على/والانفراد بصناعة مستقبل الإنسانية مجددا، ولكن هذه المرّة، باستبعاد غالبية الإنسانية، بقية العالم، من أي دور فاعل، وحصرها وانحصارها في دائرة المنفعل والمتقبّل المقصي والمحروم من أية صيغة اعتراف"
في عالم معولم مثل عالمنا، يتغذى التطرف من بعضه البعض، وينفرط صوب كل الاتجاهات، فالتدين يعود في قلب أوروبا العلمانية، صعود الأحزاب اليمينية في أوروبا؛ ليس مفصولا عمّا يحدث في ثورات العرب والفرس، فالخوف يغزو أوروبا ويفقدها يوميا الثقة في "أساطير العلمانية" التي اختصرها ماكس فيبر في كلمة "نزع السحر" désenchantement، وقد لاحظ أركون بدقة عودة المكبوت الديني، فيما سمّاه التدين الوهمي، ووصفه بقوله: "..ليس التديّن التوهّمي بأقل انتشارا ووطأة في المجتمعات المسمّاة حديثة، حيث يزدهر الوعّاظ التليفزيونيون الإنجيليون والتوراتيون، دون الأداء الوظيفي لكبش المحرقة في الخصومات التي تتحرك في جو المحاكاة الميكانيكية هو ما يغذي في كل مكان، وكما في الأزمنة السحيقة، الأشكال الحالية لجنون العنف التضحوي الذي أصبح عنفا عالميا" .
لم يعد تحديث المجتمعات العربية مهمة الحكومات العربية لوحدها؛ بل أصبح همّ الدول الغربية كذلك، خاصة بعد تفجيرات نيويورك في 2001، فقد اكتشف العالم الغربي حينها، أن للعولمة الغربية "حدود دامية" هي نفسها كان قد سمّاها "صامويل هتينغتون" "الحدود الدامية للإسلام"، وأن العملية العسكرية والثورة الأمنية لوحدها لا تتجاوز هذه الحدود ولن تفتح أبواب العالم الإسلامي أمام العولمة الأميركية، بل يجب إجراء تحولا جذريا في مفهوم الحرب نفسها، إنها كما يقول أركون: "بعد 11/09 لم تعد وظيفة الحرب هي في تدمير العدو، إنها، وهنا المفارقة، ما يحكم إصلاح العدو، حتى بإعادة خلقه تقريبا، بما أنها تتجه، أولا وقبل شيء، نحو استباق معرفة ولادته الممكنة؛ وجعل هذه الولادة مستحيلة.... فالحرب قد أصبحت استباق نشط للنيات السيئة" .
قد تحولت القاعدة (الجبهة العالمية للجهاد ضد الصليبيين واليهود) من تنظيم عسكري مركزي الأوامر، وموحّد الوسائل، إلى خط إيديولوجي عالمي يجلب إليه المنتسبين من كل أقطار العالم ممن لهم سخط على أمريكا، يحلل أركون الوضع بقوله: "ثمة عملية تنظير مبتسرة تجمع ما كان حتى الآن متشظّيا على شكل أعداء كثر فوق المسارح المحلية للنضالات القومية في عالم واحد معولم، ويرتفع في الذهن غرب ليأخذ شكل قطبية متراصّة تصبح تحالفا للشرّ بين "صليبيين مسيحيين" و "يهود صهاينة" وهو ما يحدد جبهة عجيبة" ، والإدارة الأمريكية تدرك ذلك، وهي تقسم صراعها ضد الإرهاب إلى صراعين:
الصراع الأول يتضمن مجموعة صغيرة من الرجعيين العنيفين تقودهم القاعدة وطالبان، ومجموعات متحالفة معهم، وهم يحاولون من خلال الوحشية المرعبة جذب ما يزيد عن مليار مسلم إلى خط استبدادي شمولي، وهو خط لا يتفق مع تعاليم الإسلام، أما الصراع الثاني فهو صناعة الثقافة والرأي في العالم العربي بما يتماشى مع الرؤية الأمريكية للعالم والتاريخ والإنسان،إن معظم جهود الدبلوماسية العامة ركزت في الماضي على صورة أمريكا وحدها فقط، و كيف ينظر الآخرون إلى أمريكا و لكن حاليا، وفي حرب الأفكار، فإن مهمتها الأساسية لا تتمثل في كيفية إصلاح نظرة الآخرين للولايات المتحدة ولكنها تتمثل في كيفية عزل وتخفيض تهديد التطرف العنيف، أو بالأحرى فإن الموضوع يتعدّى مجرد الفعل الدبلوماسي، إلى مشروع تواصلي يرفع شعار الكونية، أي كونية النظرة الغربية للعالم والتاريخ والإنسان، إن حقيقة أن الديمقراطيات تزدهر في المجتمعات المسلمة – مثل تركيا و اندونيسيا- تعتبر بمثابة نفي قوي بأن الإسلام و الحرية السياسية لا يمكن أن يتعايشا، وهو ما يجب أن تأخذه أمريكا في الاعتبار من أجل التواصل مع العالم العربي.



#إسماعيل_مهنانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة: أثر اليقين


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسماعيل مهنانة - أسئلة أركون ونبوءاته...