لماذا استجداء الحظر الجوي

محمد فوزي راشد

الحوار المتمدن-العدد: 3529 - 2011 / 10 / 28 - 18:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لماذا جمعة الحظر الجوي
بعد أن اشتد القمع من قبل الجيش السوري و قوات الفروع الأمنية مدعومة بالمرتزقة الشبيحة و طال أمد الأزمة السورية و صار من الصعب أن ترجح كفة أحد الطرفين على الآخرى . وبدأت المعاناة تأخذ بعداً خطيراً أولاها هو ازدياد وتيرة الأعمال المسلحة ممن يسمى الجيش السوري الحر والذي هو عبارة عن منظومة غير مترابطة ولا تجمعها قيادة مركزية وتتألف من أعداد من العسكريين المنشقين من صغار الرتب و المجندين مدعومة من بعض افراد الشعب الذين أخذوا ينخرطون في صفوف هذا الجيش باطراد, هذا المنحى العنفي الذي كانت الثورة الشعبية تنأى بنفسها عنه و تردد دوماً أنها لن تتبنى هذا الخيار باعتباره كان أحد أهداف نظام القمع و هو جعل الشعب يلجأ للسلاح ليتوافر للنظام مبررات استخدام العنف . أما الحدث الهام و الكبير فهو "اضطرار الشعب السوري الثائر إلى الصراخ بأعلى صوته نريد حظراً جوياً " .
و على الضفة الأخرى نجد النظام لا يفتأ يردد نظرية المؤامرة . والتي سنأخذ منها الجزء الذي يهمنا و هو الجزء الواقعي .
ماذا يريد الغرب من سوريا ؟.
لنتفق إن نظرة الغرب إلى سوريا تمر دوماً من خلال اسرائيل أولاً ثم من خلال المصالح الإقليمية التي تستند بشكل كبيرعلى الحد من نفوذ أي دولة و خاصة ايران في منطقة منابع النفط , وعليه فإن الهدف الأسمى و الأمثل للغرب و الولايات المتحدة يتلخص في " الحصول على سوريا ضعيفة بوجود النظام الحالي مع فك الترابط السوري الايراني ".
و اليوم لننزع عننا ثوب الثوار قليلاً وننظر , هل وصل الغرب لغايته المنشودة ؟ الجواب نعم .. فقد أصبح النظام السوري معزولاً ضعيفاً لدرجة أن النظام بات يستجير بالسودان في الجامعة العربية هذا البلد الذي رمى ثلث أرضه عن كاهله ليتخفف من ضغط الغرب .
لقد أصبحت سوريا بلداً ضعيفاً , تستجير ببطرك الموارنة و بوئام وهاب وطلال أرسلان لكي يدافع عنها .وأن يخرج حسن نصر الله ليعلن أنه لن يسمح بسقوط النظام السوري .
وقد ابتعدت عن إبران , لدرجة أن قام الرئيس الإيراني بإدانة أعمال القتل .
ولكن لماذا قال السوريون نريد حظرا جوياً ؟؟ وهل سيتدخل الغرب فعلاً ؟؟
الغرب صرح ولمّح بأنه يستبعد التدخل العسكري في سوريا على غرار ليبيا , لماذا ؟
هل لأنه وصل إلى هدفه المتمثل قي اضعاف سوريا كنظام و كبلد ؟
أم لأنه يريد أن يكون تدخله مشفوعاً بشرعية شعبية سورية وبطلب منها ؟
وإذا كان يريد الحصول على شرعية شعبية سورية فلماذا لم تعترف دول الغرب بالمجلس الوطني السوري حتى الآن هذا المجلس الذي منحه الشعب التفويض ؟.
أسئلة كثيرة و متداخلة سببها طبعاً التشبيك الكبير لسوريا اقليمياً, تشبيك انشأته على مدى عقود من نسج العلاقات و المؤامرات و المقايضات .
فالغرب قد وصل لغايته ولكن ليس هذا المهم . "فالشعب السوري لم يصل لغايته ".
و عليه فالخوف من تصاعد العنف الداخلي في سوريا والذي ينذر بالوصول إلى حالة من الفوضى الداخلية تدفع باتجاه حرب أهلية ستنتقل بالعدوى إلى الدول المجاورة وتسعّر ملفات لم تنطفئ نيرانها بعد . ليس آخرها الملف الكردي وليس أولها اشتعال الصراع السني الشيعي . ولكن أهمها على الاطلاق حماية حدود اسرائيل .
لذلك . لن يستطيع الغرب الخروج من المعادلة وهنا يأتي الدور الذي نراه لجامعة الدول العربية هذا الدور الذي يريد أن يجعل النظام منصاعاَ لضرورة قيامه بتخفيف الضغط العسكري على الشعب ليضمن بالمقابل عدم تصاعد العنف الشعبي . كما يذهب هذا الدور لجهة حصول إصلاحات داخلية سورية تتمثل في خلق قوة معارضة داخلية تستطيع بطريقة أو بأخرى أن تبقي النظام السوري مشغولاً بأموره الداخلية التي تصرفه عن عمليات الإبتزاز التي مارسها طوال تاريخه وتفقد سوريا دورها المعهود.
و هنا كان الدور الشعبي الواعي , لقد استشعر الشعب الثائر ما يحاك له في دوائر العرب و الغرب فبدأ يصعد من لهجته في مخاطبة المجلس الوطني مهدداً إياه بسحب الشرعية منه
مما اضطر المجلس أن يخلع ثوب السياسي الذي يريد أن يكسب كل الأطراف وارتدى ثوب المتظاهر الذي يتمسك بمقولة الموت ولا المذلة اضطراراً وليس شعاراً و هنا كان الخيار الفطري للشعب في اللجوء للخيار الشمشوني ساحباً هذا الخيار من يد النظام , و مندفعاً بكل قوته نحو اشعال سوريا بالحرائق أملاً في "الخلاص" .

#محمد_فوزي_راشد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل