أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - الصعوبات التي تواجه المثقف الفلسطيني















المزيد.....

الصعوبات التي تواجه المثقف الفلسطيني


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1046 - 2004 / 12 / 13 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


وتحد من دوره في تعزيز ثقافة المجتمع المدني
تمر الثقافة في الوطن العربي عموماً وفي فلسطين خصوصاً في مرحلة من أسوأ مراحلها، فقد عاش المثقف حالة من الحصار المفروض عليه مما دفع بعض المثقفين إلى الانطواء على الذات والانعزال عن المجتمع، بينما وجد البعض الآخر نفسه وضمن مصالحه الخاصة قد انضم إلى جوقة السلطان يبرر ممارساته ويسبح بحمده ليل نهار، وقد وجد هؤلاء حظوة خاصة عند أولي الأمر، والثقافة في أحد معانيها تعني الحذق والإجادة وسرعة التعلم، وقد اتسع مفهوم الثقافة ليشمل سعة الاطلاع والإلمام بمعارف مختلفة ارتبطت بحياة المجتمع الذي يعيش فيه المثقف والعالم من حوله، وقد أجاد بعض المثقفين فن التلون والنفاق والمداهنة حتى إن الكثيرين منهم أجادوا فن اللعب على الحبال المختلفة، فإذا ما انفرط عقد الجوقة التي يمارس التطبيل من خلالها انضم إلى جوقة أخرى يحقق من خلالها ذاته ومصالحه،أما المثقف الذي يفضل احترام ذاته فقد اختار أحد أمرين:فهو أولاً إما أن يختار الانزواء والوقوف موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنيه وأن يحاول إن حاول أن يشغل نفسه بأمور لا تلامس هموم مجتمعه من قريب أو من بعيد طلباً للسلامة وإيثاراً لها، وهو ثانياً قد يختار ملامسة قضايا شعبه والخوض فيها ، وفي هذه الحالة فإنه يواجه بالتأكيد حالة من الحصار في محاولة لعزله وإبعاده عن الناس حتى لا يكون له دور في بناء ثقافة وطنية سليمة ورأي عام مستنير .
ومما لا شك فيه أن الأبواب المغلقة تنفتح على اتساعها أمام مثقفي السلطان؛ فتقدم لهم الرشاوى على شكل وظائف ومنح ورحلات وبدلات سفر وغير ذلك كثير حتى يظلوا ضمن دائرة الولاء والدعاء للسلطان بطول العمر، ولعل الثقافة تتعرض لما هو أبشع من ذلك بكثير، فالثقافة العربية محاصرة عالمياً ومحلياً، فقد ارتفعت أسعار الورق بشكل جنوني، وبالتالي فإن أسعار الكتب ارتفعت بشكل لا يطاق مما جعل المواطن العادي يقف أمام فترينات المكتبات لا حول له ولا قوة لأنه يعيش حالة من الصراع بين حاجته إلى الكتاب وحاجته إلىرغيف الخبز وتوفير ضروريات الحياة له ولأسرته، وقد أدى هذا الوضع إلى ضعف الإقبال على القراءة ، وبدلاً من أن تقوم الحكومات العربية بدعم الكتاب وتخفيض أسعاره حتى يصبح في متناول الجميع، قامت هذه الحكومات بمحاولة التدليس والضحك على ذقون المواطنين من خلال ما يسمى معارض الكتب، وقد يتوهم الزائر لأحد هذه المعارض بأنه سيدخل جنة الثقافة الموعودة ولكنه يجد نفسه أمام أسعار لا تطاق بسبب ما يفرض على الناشرين من ضرائب وبسبب ما يواجهون به من قوائم للكتب الممنوعة، أو بسبب تأخير الإفراج عن هذه الكتب من الموانئ والمطارات حتى تنتهي مدة المعرض، إن أنظمة الحكم العربية تحاول تشجيع ظاهرة الإيمان بالغيبيات والاتكالية وبث روح اليأس والهزيمة بين أبناء هذه الأمة، ومن هنا انتشرت بعض الكتب التي تروج لأفكار لا ظل لها من الحقيقة ، وكأنها تريد أن تقول للناس: ما عليكم إلا أن تناموا وسيأتيكم الفرج والنصر من أوسع الأبواب،إن الاتكال على الله مطلوب، لكن التواكل والتقاعس مرفوض، إنهم يحاولون تخدير شباب هذه الأمة بأفكار غيبية تدغدغ المشاعر ولكنها لا تصنع نصراً .
ولا شك في أن المثقف العربي محاصر بأكثر من سور صيني ، ذلك أن سور الصين العظيم يتضاءل أمام الأسوار التي تحاصر الثقافة العربية والمثقف العربي ، ولعل من أهم الأسوار التي يحاصر بها المثقف العربي سور الثقافة السماعية ، فمنذ بداياتهم الأولى كان العرب يعتمدون على الثقافة السماعية من زمن الشاعر البدائي والحادي الذي كان يحدو الإبل بغنائه والفلاح الذي كان يحث نفسه على العمل بالغناء وكذلك البحار الذي كان يحاول التغلب على وحشة البحر وأهواله بالغناء الذي اشتهر به البحارة ، ولما كان العرب في بداية حياتهم أميين ؛ فإن الاعتماد على الثقافة السماعية يمكن أن يكون أمراً مقبولا ، وقد حاول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن يكسر طوق الأمية الذي كان يكبل عقول العرب بأن فرض على الأسرى أن يفتدوا أنفسهم بأن يعلم كل منهم عشرة من المسلمين ، كما إنه طلب من الصحابة تدوين آيات القرآن الكريم على أشياء مختلفة ، كما طلب أن يحفظ القرآن في صدور الرجال ، ومع ذلك ظلت الثقافة السماعية تفرض نفسها على أمتنا حتى الآن ، وذلك بسبب انتشار الأمية بشكل واسع بين المواطنين العرب ، وانتشار الوسائل السمعية التي تشجع على السماع ولا تحث على القراءة مثل الراديو ومن قبله الحكواتي وصندوق العجب وخيال الظل وغيرها ، كما إن ثقافة المسجد ثقافة سماعية تؤمن بتعبئة المواطنين من آذانهم دون أن تترك لهم فرصة البناء الثقافي الذاتي عن طريق القراءة ، ذلك أن المصلحة الحزبية الضيقة لا تريد للمواطن أن يفتح عينيه على ثقافة مغايرة للثقافة المبرمجة التي تقدمها له السلطة الحاكمة أو سلطة الحزب، ثم تطورت الثقافة السماعية إلى ثقافة سماعية مرئية فانتشرت بداية محطات التلفزة الأرضية، ثم انتشرت المحطات التلفزيونية الفضائية كالوباء الذي يفسد العقول وينهش الأذهان ، فأصبحت الثقافة أشبه بالوجبات السريعة، وأصبحت أمور الحياة الثقافية تساس على الطريقة "الأمريكية ، فأصبح المثقف المتحذلق يقرأ صفحات من هذا الكتاب ومقدمة كتاب آخر وخاتمة كتاب ثالث ليتفاخر بما قرأه أما من يخالطهم من البشر حتى يظنوا أنه مثقف طويل الباع في الثقافة .
أما المدارس فإنها تقوم بدور سلبي تجاه الثقافة، فالمدرسون لا يقرءون، وأنا أعتقد جازما أن أكثر من 90% من المدرسين لا يقرءون كتاباً واحداً في العام بل في عدة أعوام ، فهل يمكن لمعلم غير قارئ أن يشجع تلاميذه على القراءة، وقد بلغ الأمر ببعض المعلمين إلى حد محاربة النشاطات التي تحاول تشجيع الطلاب على القراءة ، لأنه ليس من السهل تسييس الطالب القارئ واحتوائه ، فقد حاربت فئات من المدرسين مشروع مؤسسة تامر لتشجيع القراءة واعتبرته مشروعاً لنشر الديانة المسيحية بين طلاب المدارس، هكذا وبكل بساطةوكأن الطالب مقطوع من شجرة لا أهل له يتابعون ما يقرأ،كما سبق وأن قامت بعض الفئات بمحاربة أول مشروع لمحو الأمية في مخيم خان يونس في الوقت الذي قامت فيه قوات الاحتلال باستدعاء المدرسين العاملين في البرنامج وتخويفهم، وعلى الرغم من ذلك فقد استمر الدارسون في الدراسة حتى تعلموا القراءة والكتابة وما زالوا يشعرون بالامتنان لمن علموهم .
كما إنه من المؤسف حقاً ألا تقوم البلديات بدورها في إنشاء مكتبات عامة وتعيين أناس لهم اهتمامات ثقافية ولديهم اهتمام بتشجيع القراءة ونشر المعرفة، ومن الغريب حقاً أنه لم يبدأ التفكير في إنشاء مكتبة عامة في خان يونس إلا في بداية القرن الحادي والعشرين ، وكأن القراءة ترف يمكننا الاستغناء عنه، أين نحن من الإسرائيليين الذين يصل نصيب الفرد منهم إلى معدل كتاب كل أسبوع، إن كل فرد في إسرائيل كبيراً كان أو صغيراً يحصل على اثنين وخمسين كاتباً في العام ، كل بما يتناسب مع مستواه العقلي والعلمي، فهل يمكن لأمة تهجر القراءة أن تقارع مجموعة تمارس القراءة بدأب ، لقد كان العراقيون والسودانيون أكثر شعوب الأمة العربية إقبالاً على القراءة ، لكن الضغوط التي مورست على هذين الشعبين من الخارج والداخل جعلتهما يبحثان عن ضروريات الحياة ويفكران بكيفية التغلب على مصاعب الحياة اليومية .
كانت المساجد في زمن سابق مدارس يتعلم فيها الناس القراءة والكتابة ويناقشون أمور حياتهم ومشاكلهم الاجتماعية ، وقد انحصر دور المساجد في أيامنا في الدعوة إلى السلطان وأتباع السلطان والترويج لما يخدم مصالح الحكام أو مصلحة هذا الحزب أو ذاك، أما الدواوين القبلية والعائلية فقد انحصر همها في مناقشة مشاكل العائلة وكأن العقلية القبلة ما زالت تعشش في عقولنا، وقد كان لهذه الدواوين أثر سلبي على وحدة الشعب والأمة، فبدلاً من الاحتكام إلى شريعة القانون المدني صار شرف العائلة والتشدد للعصبية العائلية هو النبراس والمنهاج .
إننا بحاجة إلى ثورة ثقافية يقوم بها المثقفون من أجل غرس بذور وعي ثقافي يكرس وحدة الشعب أولاً ووحدة الأمة ثانياً وألا يترك الميدان للحكام يسرحون فيه ويمرحون دون أدنى اهتمام بمصالح شعوبهم ودون احترام لمشيئة وكرامة هذه الشعوب ، ولعل ما يحدث في العراق وما تمارسه أمريكا ضد هذا القطر العربي الشقيق خير دليل على مدى الدرك الأسفل من المهانة الذي وصلنا إليه بسبب إصرار حكامنا على تجهيل شعوبهم وتهميش دور المثقفين في بلدانهم .



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة عمل حول الإصلاح الوطني والتغيير الديمقراطي
- الأزمات الداخلية في التنظيمات الفلسطينية
- ما وراء النص في ديوان - البدء ... ظل الخاتمة - للشاعر توفيق ...
- الزمن في بعض الروايات المحلية
- الانتخابات الفلسطينية
- لديمقراطية الأمريكية والحرب النظيفة
- حول قضية العملاء
- ما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية في المرحلة القادمة
- البنية الروائية عند بعض الروائيين في غزة
- جوم أريحا - دراسة نقدية
- إلى الجحيم أيها الليلك - دراسة نقدية


المزيد.....




- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - الصعوبات التي تواجه المثقف الفلسطيني