أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ساسي سفيان - تاريخ العلمـانية العالمي















المزيد.....

تاريخ العلمـانية العالمي


ساسي سفيان

الحوار المتمدن-العدد: 1045 - 2004 / 12 / 12 - 10:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعني العلمانية ذلك النظام السياسي والاجتماعي الذي لا تمارس فيه الدولة أية سلطة دينية، والعلمانية باللغة الفرنسية Laicite كلمة مستنسخة من المفردة الإغريقية Laicos ومعناها "الشعب ككل ماعدا رجال الدين"، وهي نتاج الحضارة الغربية(عصر الأنوار). وقد ارتبطت العلمانية تاريخيا بنضال المجتمعات البشرية ضد سيطرة القوى غير الطبيعية على حياة الإنسان وإعمال العقل المستقل والفكر البشري النسبي في أمور تدبير شؤونه الدنيوية على الأرض.
فليست هناك علمانية واحدة، بل علمانيات متعددة وفق الخصوصيات السوسيوثقافية للمجتمعات.
وقد ميزت الكتابات التي تطرقت إلى مفهوم العلمانية إلى نوعين منها وهما: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة. تعد الأولى بمثابة رؤية جزئية للواقع، تتمثل في عملية فصل الدين عن الدولة، لكنها تلزم الصمت حيال المجالات الأخرى ولا تنكر وجود مطلقات أو ميتافيزيقيا.. وهذا النوع من العلمانية يسمى بـ" العلمانية الأخلاقية" أو " العلمانية الإنسانية". أما الثانية فهي رؤية شاملة للواقع، تحاول تحييد علاقة الدين والقيم المطلقة.. بكل مجالات الحياة، ويرتكز هذا النوع من العلمانية على البعد المادي للكون، ذلك أن سلوك الفرد يتحرر من كل القيود المطلقة أو الغيبية مستحضرا العلم والتجربة المادية، ويطلق عليها "العلمانية الطبيعية المادية".
وقد ظهرت العلمانية تاريخيا بعد الصراع المرير الذي خاضته البورجوازية في أوربا ضد سلطات الكنيسة المتحالفة مع الإقطاع والتي استطاع رجالاتها في محطات تاريخية معينة بسط هيمنتهم على المجتمعات الأوربية، حيث تفاعلت معها منذ الثورتين الإنجليزية والفرنسية، ذلك أن الكنيسة و الإقطاع عملا على عرقلة تطور وسائل الإنتاج والوقوف ضد التطور العلمي والتكنولوجي..لكن "نضال" البورجوازية للدفاع عن مصالحها توج بتدمير سلطات الإقطاع وبالتالي تقييد دور الكنيسة وتحرير المجتمع من القيود التي استطاع رجالاتها فرضها على المجتمع. ولم تعرف فرنسا اللائيكية بشكل مؤسساتي إلا بعد صدور قانون 1905 م الذي رسخ مسألة فصل الدين عن الدولة وأعطى الحرية الدينية لكل الأديان ومنع الدولة من احتكار السلطة الدينية وبالتالي عدم فرض دين معين على باقي أفراد المجتمع.

وقد تميزت الدساتير التي أعقبت هذا القانون في فرنسا بالحرص على ترسيخ هذا الفصل بعد التعديلات الدستورية التي عرفتها هذه المسألة على اعتبار أن العلمانية في فرنسا تعرف تجددا مستمرا، مما جعل هذه الأخيرة بمثابة نموذج للعديد من الأنظمة. فالعلمانية هي فلسفة فكرية وثقافية تتميز بتغليب السلطة العقلية المستقلة على السلطة الغيبية والدينية، بينما اللائيكية هي نظام سياسي مؤسساتي يسعى إلى تنظيم المجتمع وفق مبادئ يصدرها العقل البشري نفسه.

أما بالنسبة إلى الرقعة الممتدة من المحيط إلى الخليج فإن ظهور العلمانية كان حديث العهد، وقد تبنت في البداية من طرف الشرائح غير المسلمة وبعدها الفئات اليسارية والشيوعية، مما اعتبرها البعض بمثابة نمط معاد الدين الإسلامي، الشيء الذي جعلها رديفا للكفر والإلحاد.. وأدخلت بالتالي إلى مجال المحرمات الثقافية والسياسية.
وجميل أن نسلط بعض الأضواء على العلمانية التي يروجون لها ويسعون إلى تحكيمها في العراق :
العلمانية هي ترجمة للكلمة الإنكليزية Secularism والتي تعني لغويا " الدنيوية" ، وقد يكون من الإنصاف اللغوي أن تترجم " باللا دينية " وهي تلك الأفكار التي ظهرت كنتيجة لأعمال الكنيسة التي بلغت حدا جعل الناس يمقتون القساوسة لتحالفهم مع الحكام الظالمين ومحاولة جعل أعمال الحكام شرعية ، الأمر الذي جعل ظهور العلمانية كمهرب للكنيسة وبداية أبعاد الكنيسة والدين عن الدنيا ، أي السياسة والاقتصاد والعلوم والاجتماع وكل شيء .
ونحن لسنا بحاجة إلى السرد التاريخي لتطور العلمانية في أوروبا ، ولكننا بحاجة إلى سرد تاريخي لمنشأ العلمانية في الوطن العربي ، فقد بدأت بوادر التبشير بها على أيدي مفكرين من المسلمين والمسيحيين ممن هاجروا إلى أوروبا لطلب العلم في القرن التاسع عشر وعادوا إلى بلدانهم مقلدين للغرب ذائبين في حضارته داعين إلى قيمه ، وقد ساعدهم على ذلك أن العالم العربي كان يعج بالتخلف والابتعاد عن الدين الإسلامي العظيم ، حيث أن كثيرا من العادات القبلية والقيم الجاهلية أُلبِست لباس الإسلام وجُعِلت جزءا من الإسلام وصارت تعكس وجها مشوها لهذا الدين الذي من جملة أهدافه اقتلاعها وتبديلها بقيم وعادات أخرى ، ولا يخفى أن هؤلاء قد تم احتضانهم من قبل الدوائر الاستكبارية و إمتداداتها في بلدان العالم العربي والإسلامي حيث تطوعت لخدمتهم مؤسسات الطباعة ووسائل الإعلام المقروء والمسموع ، ووُفِّرت لهم كل مقدمات ريادتهم لتيار تغريبي جديد للعالم العربي والإسلامي كانت من ثماره صحف ومجلات و أحزاب وجمعيات علنية وسرية ، والخطير في هذا الأمر أن هذا التيار التغريبي واتباعا لتخطيط مدروس وتوجيه ذكي قد تصدى لطرح قضايا الأمة المشروعة وحمل شعارات براقة أوهمت الكثير من البسطاء وجعلتهم جنودا مجندة لهذا التيار ، و إفرزت شخصيات مرموقة كان لها دور كبير في حياتنا حيث أصبحت الرمز والقدوة .
لقد مارست هذه الشخصيات و بأساليب ذكية الدعوة إلى الابتعاد عن الإسلام وقيمه و أحكامه و أخلاقه وكثيرا ما كان ذلك باسم الإسلام . إن ابرز ما طرحوه في أوساط المسلمين فكرة فصل الدين عن السياسة اتباعا للغرب الذي مارس ذلك تخلصا من سلطة الكنيسة التي لا يمكن أن تقارن بينها كمؤسسة دينية وبين الحوزة العلمية ورجال الدين الإسلامي ، بل ولا يمكن أن نقارن بين هرطقات الكنيسة واختلاقاتها الفاضحة والدين الإسلامي الذي تكفَّل الله بحفظ كتابه من التحريف وتكفل أئمة المسلمين بحفظ سنَّةَ نبيه (ص) من التزوير وان التحريف والتزوير قد حصل في غير دين الإسلام محالا يناقش فيه مطلع . ولكي نضع فكرة فصل الدين عن السياسة التي أشرنا إليها في موضعها المناسب إلى العمل على تمكين الدين من الدنيا و إخضاع الدنيا إلى الدين .
جاء في سورة المائدة " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ "، وفي آل عمران " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ " ، وفي سورة النساء " فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا " ، فهناك وضوح في أن من يحكم بغير ما يحكم به الله فهو ليس من المؤمنين ، والعلمانية لمن يتشدق بها ليست اللجوء للعلم بديلا عن الدين بل هي أبعاد الدين عن الحياة مع الموافقة على جعله مجرد صورة لا تزيد عن أداء الفرائض و يا حبذا لو اكتفى بأدائها في البيت فقط . و لا بأس بمجاراة العالم بكل أشكال التطور ، غناء ورقص وملاهي وعلاقات عامة لا استثناء بين رجال ورجال أو رجال ونساء أو حتى نساء ونساء .
فهل يمكن أن تكون العلمانية في ضل الظروف الراهنة من حرب على ما يسمونه بالإرهاب و عالمية الفكر و أمركة العالم ، دين الرابع للعالم العربي .



#ساسي_سفيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسات عربية في علم الاجتماع الأسري حول المرأة
- المرأة العربية بين تحديات المشاركة السياسية و الاقتصادية
- المشاكل الأسرية و موقع المرأة العربية منها
- رؤية ثقافية لما يحمله لنا مؤتمر الأسرة العربية
- المشاركة السياسية للمرأة العربية
- مكانة المرأة في الأنظمة العربية الحالية
- المرأة و العولمة
- مفهوم المعرفة العلمية
- مفهوم العالمية
- البرامج و النشاطات الثقافية
- الـبـحـث الـعـلـمـي و امـتـلاك الـمـعـرفـة الـتـقـنـيـة
- مفهوم المعرفة العلمية في ضل الثورة العلمية
- انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في المجتمع الجزائري وخاصة في أوس ...
- مفهوم العقل الإنساني في الموروث الفلسفي القديم
- ســـلـوك الـعــنـف في العلاقة بين الدولة والمجتمع
- الدولـةفي ظل الــقــرن الحـــادي و الـعــشــريــن
- العـولــمـــة
- عملية نشر المعرفة العلمية
- الشـبـــاب العربي وتكنولوجيا المعلوماتية
- العمل الثقافي بالجزائر


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ساسي سفيان - تاريخ العلمـانية العالمي