أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهجابي - في مناهضة الفساد والاستبداد بالمغرب















المزيد.....

في مناهضة الفساد والاستبداد بالمغرب


محمد الهجابي

الحوار المتمدن-العدد: 3512 - 2011 / 10 / 10 - 08:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أشعر بحالة قلق تتكور في دخيلتي ككرة ثلج، ولا تني تكبر مع ترادف الأيام. وأخال أن حالة القلق هذه مردها إلى عاملين أساسيين:
1 _ وجود وضع تذمر في البلاد جراء تراكم سنوات الفساد والاستبداد؛ وهو وضع تذمر له مشروعيته. فلقد استثمر الفاسدون من داخل الدولة، ومن خارجها، غياب دولة الحق والقانون التي تراقب المال العام وثروات البلاد ومصالحها، فاغتنوا بغير وجه شرع مستخدمين التحايل والرشاوى والإكراه والسطو، وصاروا يوجهون الوطن إلى الوجهة التي تبعده عن التمدن والتحضر الفعليين، وتنأى به عن العدالة الاجتماعية والديموقراطية. يوجد هؤلاء الفاسدون في كل مرافق الدولة من إدارة عمومية حكومية ومدنية وفي مرافق عدل وأحزاب سياسية ومؤسسات تمثيلية...إلخ. هؤلاء الفاسدون يمانعون كل خطوة صريحة صوب التغيير والإصلاح. هؤلاء الفاسدون يتبادلون الخبرات والمصالح، ويتساندون ويتعاضدون ويتشاركون ويتصاهرون ويتناكحون ويتناسلون..
2 _ وجود ثقافة سياسية لدى المعارضة الديموقراطية واليسارية تأثرت، في أوجه منها، بالطابع الذي نجم عن هذه السنوات الطويلة من الفساد وغياب مناخ ديموقراطي مدني ومواطني سليم؛ وهو التأثر الذي يتخذ منحيين رئيسيين اثنين:
_ أولهما يتوسل بالاحتجاج تاكتيكاً واستراتيجية لمناهضة الوضع القائم دون أن يجمع بين الاحتجاج في الشارع وبين المشاركة من داخل النظام السياسي الحاصل لأجل الدفع بعناصر الإيجاب نحو المزيد من المكاسب وفي اتجاه تغيير يحقق أحسن شروط التوازن والعدالة وحريات التعبير بناءاً على تعاقدات مجتمعية وسياسية متقدمة بين الأطراف الحقيقية ذات الصلة.
_ وثانيهما يتوسل بالمشاركة في اللعبة السياسية القائمة من غير استناد إلى إنشاء جبهة عريضة فعلية لمجابهة الفساد وكل أشكال الاستبداد، ومن غير اعتماد الشارع أيضاً سنداً للنضال، وإنما يراوح مكانه دونما تفاعل يذكر مع متطلبات آمال فئات واسعة من شباب المغرب وأبنائه نحو إصلاح المنظومة الحزبية وتحديثها ودمقرطتها، وبدون رغبة صريحة وملموسة في سبيل إعادة بناء مشهد سياسي بالمغرب يقطع مع الماضي الأبوي والباطرياركي والمشايخي، ويقطع مع المسخ والعهر السياسي والتجييش الإيديولوجي ودعاوى الطهرانية.
وبين هذا المنحى وذاك يجري ترك المجال لإشاعة ثقافة سياسية لا تقوم على التدبير العقلاني والواقعي للصراع، وإنما على تمكين التفكير الشعبوي والأصولي، القائم على ردود الفعل السلبية المنظمة منها والعفوية، من مساحات للتطور والانتعاش والتجدد، ومن غير استحضار لدروس التجربة.
إن وضعاً بهذه السمات يقلقني، لأن الخوف، كل الخوف، يكمن في إمكانية تكريس زمام المبادرة في أيدي الفاسدين ، ومن ثمة الالتفاف على المكاسب التي تحققت بفعل كفاح آلاف المناضلين عبر عقود من الزمن، وإفراغها، بالتالي، من إمكانية الترسيخ والتقدم.
الفاسدون لم يفرغوا الإدارة ولا الدولة ولا المجتمع. لم يرحلوا بعد. هم حاضرون، ولا زالوا يشتغلون في حقول النهب والإثراء الفاحش والاستغلال البشع. ولا زالوا يعملون من داخل أحزاب ودكاكين وزوايا سياية ودينية عبر لوبيات وجماعات ضغط وعلائق تواطؤ والتباس وشبهة مع جهات نافذة في السلطة المركزية والإقليمية والدينية. هؤلاء الفاسدون يجدون في فقر فئات رحيبة من الشعب، وفي تدني مستواها الثقافي والسياسي، مرتعاً للاستقواء وموطناً للاستئساد ومحلاً للاستمراية. هؤلاء الفاسدون حاضرون، وهم ظاهرون ومحتجبون، وباديون ومتسترون. يعتمرون، وقد لا يعتمرون، الطربوش والعمامة والقبعة. يلتحون أو يتعثننون أو يتملطون. هؤلاء الفاسدون يتحيننون ويتربصون ويكولسون. إنهم حاضرون. ينتظرون أخطاءنا في التقدير وأعطابنا في التفكير لأجل الاستفادة منها، ولأجل الالتفاف على مكاسبنا، حتى وإن كانت قيد الورق.
القول إن «للفاسدين المؤسسات ولنا نحن الشارع»، هذا قول مردود. النزال يكون في الشارع، ويكون في المؤسسات في الوقت عينه. يكون في الشارع، لأنه وسيلتنا للضغط وبلورة رأي عام دائم ومستقل وفاعل ومدني. ويكون في المؤسسات، لأنه من داخلها تؤخذ القرارت والتشريعات والمسوغات القانونية في الاقتصاد والمالية والسياسة والاجتماع. ماذا يفيد هذا الخروج إلى الشارع إن لم يترجم إلى حضور في مؤسسات القرار؛ وهي مؤسسات ستقرر في مصائرنا لسنوات؟
تبادل الأدوار بين الحدين وارد، لكنه لا أحد منهما يلغي دور الآخر. حاجتنا إلى الشارع كحاجتنا إلى المؤسسات. وما يهمنا هو تعديل معادلة "مجتمع الدولة" بمعادلة بديلة هي"دولة المجتمع"، أي وضع المؤسسات في خدمة الشعب أولاً وأخيراً.
وفي سبيل الوقوف في وجه الفاسدين أرى صعوبات ثقافية وسياسية ما انفكت تعترضنا، نحن الحالمون بالديموقراطية والمساواة والحداثة. ومن ذلك، فهمنا للسياسة بما «هي فن الممكن» في مرحلة تاريخية أوسياسية بعينها، وضمن وضوح عام، قدر المستطاع، وعلى أكبر قدر من الاجتهاد والإبداع، في منهجية التفكير، وفي رسم الخطط، وفي تحديد الأهداف.
لكن ما يحدث الآن أحسب أنه لا يرقى إلى ما هو مأمول. فالقلق حاصل من أن حصيلة حركة الشارع الجارية غير كافية إن لم تترجم إلى حركة لانتزاع مواقع في مؤسسات الدولة التنفيذية والتمثيلية. إذ الصيغة الكاريكاتورية لما قد يتولد عن هذه المفارقة هو إعادة "انتخاب" أفراد وأحزاب كرتونية ومصطنعة وانتهازية ووصولية وهامشية لا سند تاريخي لها لمقاعد في البرلمان والمجالس الإقليمية والمحلية، بعدما تكون الساحة قد خلت لها من بدائل حزبية مضادة، ومن وعي شعبي ناضج، خبر المراحل السابقة، وصار حريصاً على صون حرمة صوته الانتخابي ومؤتمناً على نزاهة التباري الانتخابي.
ستكون حركة الشارع المغربي ذات فائدة إن هي وضعت ضمن أولوية أولوياتها الوقوف ضد ترشيح الفاسدين في الانتخابات القادمة، وقطع السبل نحو التقرير في مصائرنا، وفضح رموزهم ومنعها من تمييع الحياة السياسية، والضغظ لأجل تقديم الفاسدين والمفسدين إلى المحاكم، ومن أجل إقرار أجواء سليمة للعملية الانتخابية عبر سن وإقرار إجراءات جزائية وعقابية وجنحية سياسية ومدنية ضد مستعملي المال ومتسلميه في الحملات الانتخابية..
وستكون حركة الشارع ذات مصداقية أكثر إذا ما توحدت حول الشعارات ذات الحمولة الاجتماعة من فضح لأشكال نهب المال العام وخيرات البلاد والاغتناء الفاحش واستيلاء على مرافق الدولة والسلطة عبر بوابات الزبونية والحزبية الضيقة..
وستكون حركة الشارع المغربي ذات أثر مهم لو توازت مع تكوين مؤسسات وتنظيمات من المجتمع المدني ذات أهداف تنهض على المراقبة والمحاسبة وتطبيق القوانين ودمقرطة مشمولات الدستور، وبالتالي تكوين سلطة مدنية ومجتمعية منظمة ومضادة..
هذه العناصر من العمل السياسي والاجتماعي لا شك أنها ستحشد فئات عريضة من المجتمع المغربي، ولا سيما منها تلك التي تتردد في الالتحاق بالشارع إما لاعتبارات تعود إلى فسيفساء الشارع السياسية والإيديولوجية كما هو حاله الساعة، وإما بسبب عطالة تقوم على العادة (والعادة آفة!) في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة.
إن فئات واسعة من المغاربة تترقب بحذر ما يجري دون أن تجد صيغة تدفع بها إلى خوض معركة بناء رأي عام وطني وازن وفاعل يخترق الشارع والأحزاب ومؤسسات الدولة. ومن هذا الترقب الحذر، الذي هو شكل من أشكال "الغياب"، تنشط قوى الظلام وسماسرة الانتخابات وعصابات نهب المال العمومي وتسخير مؤسسات الدولة لمصالح خاصة، ومن ثمة الإبقاء على الوضع كما هو عليه من السلبية والانتهازية واللامساواة.
في ترك مؤسسات الدولة التنفيذية والإعلامية والقضائية والتمثيلية لهؤلاء الفاسدين، ومن لف لفهم وجرى جريهم وسار سيرهم، وفي عدم ملاءمة شعارات الشارع المغربي مع استدعاءات المرحلة ما يقلق حقاً.



#محمد_الهجابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النشر في المواقع الإخبارية الإلكترونية/ بين الإمكان والمانع
- سياسيونا والكتابة
- في عملية -تفريخ الأحزاب- بمغرب اليوم


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهجابي - في مناهضة الفساد والاستبداد بالمغرب