أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام اللباد - العلمانية - دراسة مراجعة















المزيد.....



العلمانية - دراسة مراجعة


عصام اللباد

الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 16:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلمانية والدين:
(قراءات مراجِعة)

عصام اللبّاد


I
أصل كلمة ومفهوم العلمانية:

يبدو أن بدايات دخول كلمة العلمانية إلى اللغة العربية كانت مع انتشار المسيحية فى بلاد الشام حين كانت الآرامية هى اللغة السائدة. فقد انتشرت المسيحية وقتئذ، وبنيت الكنائس . ومع إنشاء الكنائس نشأت طبقة جديدة، مرجعيتها دينية بحتة، غير دنيوية، ووظيفتها ممارسة الطقوس الكنسية ونشر التعليم الدينى. وأُطلِق على مجموع أفراد تلك الطبقة لفظ كهنة، وهو لفظ آرامي، مفرده كهنو. وأطلق على الطبقة نفسها التى ينتمى إليها هؤلاء الكهنة لفظ كهنوتو. أما المؤمنون فكان يُطلق عليهم لفظ عامو ومعناه في الآرامية عامي أو شعبي. وأما مَنْ هم غير هؤلاء وهؤلاء فقد أطلق عليهم لفظ علمو ، ومعناه فى الآرامية الذي يهتم بالعالم الأرضي وبالحياة الآنية أكثر من اهتمامه بالحياة الأخرى. ثم جاء الفتح الإسلامى وتغلبت العربية على الآرامية؛ وتم تعريب كلمة كهنوتو إلى صيغة كهنوت؛ وتعريب كلمة علمو إلى عالمي أو زمني أو دهري. إلا أن كلمة عالمي أو دهري هذه لم تخرج عن نطاقها السابق ذكره، ولم تشر في الحقيقة إلى مفهوم العلمانية الحديث بشكله الحالي والذي ظهر بعد ذلك بزمن طويل.
لكن، على ما يبدو، أن التقسيم اللغوي ما بين الكهنة "الهائمين بالعالم السماوي" والعلمو "الهائمين بالعالم الأرضي" هو ما قد ترك أثره في عقل لويس بقطر المصري القبطي الذي إستقرت أغلب الأبحاث على أنه صاحب أول تعرُّف لغوي عربي لكلمة "العَلمانية" بمفهومها الحالي، أو بما يقترب من ذلك. فقد جاءت كلمة العلمانية كترجمة مصرية لكلمة laïcité الفرنسية في المعجم الفرنسي-العربي الذي أصدره في عام 1828م. ويبدو واضحا أن لويس بقطر قد اشتق اللفظ العربي "العَلمانية" من كلمة العالم أو العَلْم (الدنيا) في مقابلة للعالم السماوي والغيب (ما وراء الدنيا) ، .

هناك أيضا جذر آخر وأحدث لكلمة العلمانية العربية جاء ترجمة للفظ الإنجليزى Secular أو اللفظ الفرنسى Seculier.
ولكن قبل الخوض في هذا الجذر الثاني والمفاهيم المتعلقة به أود العودة إلى الجذر الأول laïcité والخوض الأعمق فيه في محاولة لشرح المفاهيم وبيان إمكانية الربط بين مفهوم مدنية الدولة بالمفهوم الفرنسي المستمد من كلمة laïcité وبين مفهوم العلمانية الأحدث المستمدة من كلمة Secular؛ وبين كليهما ومفهوم العِلمانية (من العِلم). وأيضا لبيان ارتباطهما الوثيق، ثلاثتهم، إلى حد تكوينهم - مساهمة - مفهوما واحدا قد يكون أكثر شمولا ودقة وتعبيرا عن أجزائه.

ويرد الكثير من الفلاسفة والمفكرون جذور مفهوم اللائكية (أي فكرة الدولة العَلمانية المدنية الفرنسية) إلى القرن الثامن عشر، وتحديدا إلى الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي اعتبر أن الدولة هي إطار ينبغي أن يجسد ويعبّر عن "الإرادة الجمعية" لكل أفراد الوطن، على اختلافهم وخلافاتهم؛ وأنها إلى جانب ذلك ينبغي أن تكون القوة الناظمة، وأن يعلو مكانها وتعلو مكانتها فوق كل المصالح الفردية والفئوية والطبقية والجزئية والدينية المختلفة.
لكن رد جذور الفكرة اللائكية إلى روسو لا يعني أن قيام الدولة الفرنسية اللائكية كان منتجا من منتجات الفكر أو الفلسفة المجردة، لأنه كان، في حقيقة الأمر، منتجا من منتجات تجربة وثورة اجتماعية فرنسية ضد حكم الملوك والإقطاعيين وضد مؤسسة الكنيسة التي قامت بالتحالف مع هؤلاء الملوك وتتويجهم وحماية استمرارهم. فقد كان الشعب الفرنسي في القرنين السابع عشر والثامن عشر يرزح تحت وطأة حكم دولة مركزية قوية متسلطة غير عادلة، مدعمة بسلطة كنسيَّة بالغة القهر والاستبداد. كان الملوك الفرنسيين قد قاموا بالسيطرة على العرش والحكم لصالح أسرهم؛ ولم يكن مسموحا لأحد خارج تلك العائلات "النبيلة" بالمشاركة في هذا الحكم الذي كانوا يتوارثونه أبا عن جد. وكانوا يستندون في ذلك إلى فكرة أنهم "مفوّضون من الله" في الحكم تفويضا إلهيا. وكانت الكنيسة آنذاك تعتبر أيضا "المفوّضة" من الله بتتويجهم، وبتشريع هذا التفويض "الإلهي" لهم. إلى جانب ذلك، كانت مؤسسة الكنيسة هي الجهة "المفوّضة" بتفسير الإنجيل والشرع وكل أمور الدين، وبمنح "صكوك الغفران " أو منعها، و"باللعن" وحرمان الأرواح من الوصول إلى جنة ما بعد الدنيا. كانت مؤسسة الكنيسة تعتبر "الجهة الوحيدة" القائمة على حماية حقوق الله وقوانينه وعلى تحقيقها في "الأرض الدنيا".
هكذا تحالفت مؤسسة الكنيسة مع الملوك في اقتسام الرعية والثروة مهدرة بذلك الدين نفسه والعدالة والحقوق الاجتماعية وحريات الأفراد؛ وبالأكثر والأهم، مهدرة اقتصادهم ونواتج أعمالهم وكدّهم لمصلحة الملوك والإقطاعيين ولمصلحة رجالها أنفسهم. ويبدو أن رجال مؤسسة الكنيسة وقتئذ قد تمتعوا بمميزات العالم الدنيا؛ وصوَّروا لأنفسهم أنهم سيتمتعون أيضا بمميزات جنات الله ونعيمها فيما بعد الدنيا.
لكن الحياة، وطبيعتها التطورية التراكمية الغائية، يكون دائما لها رأي أخر أكثر حسما وأكثر انحيازا إلى مجموع أصحابها. ففي منتصف القرن الثامن عشر تبلورت طبقة جديدة من المجتمع عرفت ب"البورجوازية"، امتلكت رأس مال تجاري وصناعي، صغيرا ومتوسطا وكبيرا؛ وتطلعت إلى حماية مكتسباتها وممتلكاتها ومصالحها عن طريق الاشتراك في الحكم. عندئذ، كان حتميا أن تصتدم تلك الطبقة بعروش الملوك، وبمؤسسة الكنيسة الحامية الدينية لتلك العروش. وهكذا، تحالفت الطبقة البرجوازية مع الطبقات الاجتماعية الأفقر والأكثر حرمانا من المشاركة في الحكم، ومن كل ما هو ضروري لدنياهم. فكانت الثورة البورجوازية في فرنسا 1789م، والتي أطاحت بالملكية وبسلطة الكنيسة.
وتحول المجتمع الفرنسي، بعد سنوات من الاضطراب والفوضى، إلى نموذج جديد من نماذج التنظيم الاجتماعي والسياسي، وأنتج دولة يمتلك أعضاؤها زمامها؛ دولة تهتم بمصالح مواطنيها الآن، على الأرض، لا في السماء.
وتراجع دور الكنيسة بعد كل الصدمات التي تلقتها، وتولَّت الدولة/الجمهورية اللائكية كل الخصائص الهيكلية والبنيوية للمؤسسة الكنسية الكاثوليكية، وعنت أكثر ما عنت بمهمة "فرض" الوحدة الاجتماعية والسياسية على مجتمع كان منقسما على نفسه طائفيا وعرقيا ودينيا واقتصاديا.
الدولة إذا عند اللائكيين الفرنسيين هي "روح" الشعب ومحققة العدل الاجتماعي (بمفهوم تساوي الفرص) بناء على قيم متفق عليها وعقد اجتماعي متفق عليه. وهذا ما أعطاها مشروعية التدخل لفرض القيم التي تم التوافق عليها والتصورات الجمعية للحياة في وطن واحد.

وكما يتضح مما سبق، إن التحول الفكري والاجتماعي اللائكي لم يحدث فقط من خلال أفكار مجردة ضد الدين كما يدعي البعض ، بل حدث بسبب تطور اجتماعي واقتصادي ومفهومي؛ وبسبب عجز رجال الدين والحكم عن فهم واستيعاب هذا التطور لاستغراقهم في "اللادنيوي" بعيدا عن الجموع ودنياهم، وبسبب وقوف السلطة الدينية موقفا معاديا للتحول والتطور الاجتماعي بأكمله .

أما الجذر الآخر للفظ العلمانية فهو، كما أشرت لاحقا، ترجمة للكلمة الإنجليزية Secular أو الفرنسية Seculier؛ وكلتا الكلمتين مشتقتان من اللفظ اللاتينى Saeculum أي العالم . وقد استخدم مصطلح Seculare لأول مرة مع نهاية حرب الثلاثين عاما (1648م) عند توقيع صلح وستفاليا وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة. ولم يكن المصطلح يعني ما يعنيه الآن من شمول، بل كان يشير فقط إلى نقل ممتلكات الكنيسة إلى سلطات غير دينية. لكن أول من صك المصطلح Secularism بمعناه الحديث هو جون هوليوك (John Holyoke - 1817-1906)، والذي عرّف العلمانية بأنها "الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية، دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض" .
هنا تجب الإشارة إلى أن المعنى الشائع للعلمانية في العالم العربي والإسلامي هو فصل الدين عن الدولة و"الاستغناء" عن الأديان و"ضرورة" هدمها؛ وهو معنى مضطرب ومغاير للمعنى الأصل. وقد ساهمت أغلب القواميس والمعاجم الأجنبية ودوائر المعارف الأوروبية، والعربية التي نقلت عنها، في استقرارهذا الخلل، ربما بسبب أسلوب دوائر المعارف الأجنبية في عرض كل جوانب واستعمالات الكلمة، مفهومية أو غير مفهومية. فعلى سبيل المثال يقوم قاموس أكسفورد بدورة كاملة قبل أن نقرأ في المفهوم الصحيح. فهو في البداية يقوم بتعريف العلمانية بأسلوب السلب أو نفي الصفات: "فالمباني العلمانية"، على سبيل المثال، هي المباني "غير" المكرسة للأغراض الدينية، و"المدرسة العلمانية" هي المدرسة التي تعطي تعليما "غير" ديني، .. إلخ؛ وبهذا لا يقوم بتقديم التعريف سلبيا فحسب وإنما يقوم أيضا بوضع العلماني في مقابل الديني؛ ويترك انطباعا بعداء قيَمي ومفهومي بين الاثنين. هذا رغم أن كلمة غير ديني أو غير كهنوتي لا تعني بالضرورة عداء الديني أو المقدس. لكن المعجم يورد بعد دورات طويلة تعريفات أكثر اتساعا وأكثر شمولية، فالعلماني هو ما "ينتمي إلى هذا العالم، الآني والمرئي"، "وهو ما يهتم بهذا العالم" و"ينتمي للحياة الدنيا وأمورها"، وبذا يكتسب تعريف العلمانية مضمونا أكثر تحديدا، فالعلمانية ليست معادية للدين أو المقدس، وإنما تنتمي وترتكز على هنا/الآن، هذا المكان/في هذا الزمان، وزمنية العلمانية هي صفة لصيقة بها منذ البداية، فكلمة "Secularism" الإنجليزية التي تعني "العالم" أو "الدنيا" تعني أيضا "العصر" أو "الجيل" أو "القرن".
ويقوم معجم وبستر بتعريف كلمة علماني بدنيوي أو لا ديني، ويقول أن من معانيها: "الشيء الذي يحدث مرة واحدة في عصره، أو جيل أو شئ مرتبط بعصره. وأشهر معانيه الآن: الأمور الدنيوية المتمايزة عن الأشياء الروحية، غير العقدية، وغير التي لها صفة الخلود" .
أما دائرة المعارف البريطانية فهي تتحدث عن العلمانية تحت مادة Secularism فتقول – من ضمن تعريفات عديدة - "أنها حركة اجتماعية تهدف إلى ابعاد الناس عن الاهتمام بالحياة الدنيا ... ذلك بعد أن انصرف الناس الانصراف الكلي للتأمل بالآخرة خلال القرون الوسطى. فجاءت هذه النزعة نتيجة لأسباب عدة، لتنمو فيما بعد وتصبح اتجاها مضادا للدين" . وهي بذلك تقوم بتسجيل تعريف متطرف للعلمانية يستخدمه كثير من أعداء العلمانية على أنه التعريف الأوحد والصحيح ودليلا على عدائها للدين. وأول معجم عربي ليس ثنائي اللغة يعتمد الكلمة كان المعجم الوسيط، وقد قال في طبعته الثانية: "والعلماني، نسبة إلى العَلْم بمعنى العالم، وهو خلاف الديني، أو الكهنوتي" . وفي طبعته الثالثة ينسب الكلمة أيضا إلى العِلم ويثير خلافا لغويا؛ إذ يقول: العْلم: العالم؛ العِلم: إدراك الشيء على حقيقته؛ العِلماني: خلاف الديني أو الكهنوتي. وهي مأخوذة من كلمة secularism وتعني الدنيا .
وأيضا نلاحظ نفس الاختلاط والخلل في واحد من أهم المعاجم المتخصصة، وهو معجم علم الاجتماع المعاصر Dictionary of Modern Sociology لمؤلفه توماس فورد هُلت Thomas Ford Hoult الذي أورد ثلاث مواد لها صلة بمصطلح "العلمانية"، هي "علماني Secular" و "علمنة Secularization" و"مجتمع علماني Secular Society". ويوضح المعجم أن كلمة علماني لها عدة معان من بينها: الدنيوي، غير الروحي، غير الديني. هكذا يقف العلماني مرة أخرى على طرف النقيض من المقدس؛ وهو موقف مغاير لموقف العلمانية التي لا تقف موقف القطيعة مع الدين ولا موقف الخصومة مع المتدينين17، لكنها تقف موقفا حاميا للمجتمع من جمود "السلطة" الدينية ودوجماطيقيتها، ومن "المؤسسات" الدينية التي تتطلع إلى إقامة حكم ديني تسلطي؛ تماما كما تقف نفس الموقف من أي تسلط وجمود آخر. وهذا هو ما تشير إليه أيضا موسوعة الموارد العربية عندما تقوم بتحديد مجال عمل العلمانية والعلمنة ومحاولتها تقليص "سلطان" رجال الدين، وليس الدين"، عندما تقول في تعريفها بأنها "النزوع إلى الاهتمام بشؤون الحياة الدنيا، وقد يقصد به أحيانا (العلمنة) أي نزع الصفة الدينية أو سلطان رجال الدين عن نشاط مؤسسة من المؤسسات" .
ويستقيم الرأي السابق - أن العلمانية ليست عدوا للدين - مع رأي ج. م. يِنْجَر G. M. Yinger في الموضوع، والذي يورده نفس المعجم السابق في موضع أخر، والذي يقول فيه أن: "من الأكثر حكمة في تقديري أن نستخدم كلمة علمانية لنشير إلى الاعتقاد والممارسات التي لا علاقة لها بالجوانب غير النهائية non-ultimate للحياة الإنسانية؛ ومن ثم فالعلمانية ليست معادية للدين، ولا هي بديل عنه، وإنما هي مجرد قطاع واحد من قطاعات الحياة" .
وهذا يستقيم أيضا مع تعريف حسين أمين للعلمانية بأنها: "محاولة في سبيل الاستقلال ببعض مجالات المعرفة عن عالم ما وراء الطبيعة، وعن المسلمات الغيبية"، (وهو ما يعني قبول بالمسلمات الغيبية في بعض المجالات الأخرى).
ويرى الدكتور محمد أحمد خلف الله أن العلمانية "حركة فصل السلطة السياسية والتنفيذية عن السلطة الدينية، وليست فصل الدين عن الدولة؛ ولا تمنع حركة الفصل هذه من أن تعمل السلطتان جنبا إلى جنب في الحياة. إن الواحدة منهما لن تحل محل الأخرى أو تلغيها، وإنما تعمل حرة مستقلة من غير أن تتأثر بالأخرى أو تؤثر فيها".
ويرى فاضل رسول أن العلمانية ليست موقفا عدائيا من الدين، إنما هي موقف من النظام السياسي في المجتمع، ليس له علاقة بالإيمان أو عدم الإيمان .

هذا، ويرد الكثير من المفكرين والفلاسفة فكرة العلمانية في أوروبا (إختلافا عن نشأة العلمانية الفرنسية) إلى الصدام المباشر بين العلم والفكر والفلسفة والمعرفة الحديثة مع رجال الدين؛ أو الصدام بين دوجماطيقية المؤسسات الدينية وبين حركية العِلم والفكر النهضوي. وهذا هو نفسه ما تستنتجه قراءات تاريخ الصدام ما بين المؤسسات الدينية التي امتلكت السلطة وبين السعي إلى امتلاك معرفة أخرى. إنه الصدام ما بين أهل الدين وأهل العلم، بين الدوجماطيقية والعلمية. وفيما يلي بعض أمثلة "قليلة" من تاريخ البشرية، لكنها واضحة، من هذا الصراع:

في سنة 450 ق.م. نشر بروتاغوراس كتابه "الحقيقة" الذي قال فيه أن "الإنسان مقياس الأشياء جميعا"، أي أن الحقيقة نسبية بنسبية الإنسان؛ وقال: "لا أستطيع أن أعلم إن كان الآلهة موجودين أم لا، فإن هناك أمور كثيرة تحول بيني وبين هذا العلم، أخصها غموض المسألة وقصر الحياة"، فاتهم بالإلحاد وحكم بإعدامه؛ ولكنه فر، وأحرقت كتبه.
وفي سنة 423 ق.م.، أنكر أنكا غوراس أن الأجرام السماوية لها طبيعة إلهية روحانية وقال أنها لم تصنع من أجل الإنسان الذي هو محور الكون ومركزه (كما كانت تقضي المسائل الدينية وقتئذ). وقال أن القمر فيه جبال ووديان، وأن الشمس والكواكب أجسام ملتهبة لا تختلف عن الأجسام الأرضية، فاتهم بالإلحاد والكفر واضطر إلى مغادرة أثينا هربا من الموت.
وفي 339 ق.م.، في العصر اليوناني القديم، حوكم سقراط بتهمة الزندقة والهرطقة بسبب تعليم الشباب كيف يناقشون وكيف يرفضون الأفكار والمعتقدات الجامدة؛ وبسبب تعليمه لهم أن من واجبهم عدم التسليم وعدم الإذعان للأفكار غير المنطقية التي لا تقبلها عقولهم أنفسهم. وحكم على سقراط بالإعدام بتهمة ازدراء الآلهة وإفساد الشباب، وقَبِل هو الحكم وتم إعدامه.
وفي القرن الثاني عشر، قال إبن رشد أن من حق الفيلسوف تأويل النص الديني؛ والتأويل عند ابن رشد هو إخراج دلالة اللفظ من الحقيقية إلى المجازية. وكان يقول ما معناه: إن جاء البرهان بمسألة سكت عنها الشرع فإن ذلك يعني قبوله (الشرع) بها؛ وإن جاء بمسألة نطق بها الشرع فهناك أمران: لو وافق البرهان الشرع فلا بأس؛ وإن تعارض معه فيجب إعادة تأويل "نطق" الشرع. كانت المسألة عند ابن رشد ليست مسألة نزع القدسية عن النص، وإنما نزع القدسية عن الناطقين به أو المفسرين له. لكن السلطات الدينية المفسِّرة المتسلطة التي اعتبرت نفسها المتحدثة باسم الله أو الله نفسه، اعتبرت أن نزع القداسة عن شروحها وتفسيراتها هو محاولة لنزع القداسة عن المقدس نفسه؛ وأدى بهم ذلك إلى تكفير ابن رشد، الذي أحرقت مؤلفاته ونفي إلى قرية أليسانه.
إن ابن رشد، في هذا المقام، يكون الفيلسوف العربي العلماني الأول في محاولته تقييد "السلطة" الدينية وفتح أبواب معرفة جديدة تتخطي الدوجماطيقية الدينية وتحاول ترسيخ مبدأ التفكير المدني العلمي الإنساني المستقل عن السلطات الدينية. وليس مستغربا أن تقاوم أفكاره السلطات الدينية الإسلامية (راجع موقف الغزالي من ابن رشد واتهاماته له)، بل قد قاومتها أيضا السلطات الكنسية واللاهوتية في أوروبا واعتبرتها خطرا عليها نفسها؛ فقام ألبرت الأكبر وتوما الأكويني بإيعاز من البابا بمحاولة تفنيد أفكار ابن رشد، حيث حرر الأول رسالة "في وحدة العقل ردا على ابن رشد"، وألف الثاني رسالة "في وحدة العقل ردا على الرشديين".
وفي 1543م صدر كتاب نيقولا كوبرنيكوس "في دورات الأفلاك السماوية" وهو على فراش الموت بعد أن أخفاه ستة وثلاثين عاما، والذي قال فيه أن بقاء أكبر الأجرام (الشمس) ثابتا ودوران الأجرام الأصغر حوله أفضل علميا وأكثر منطقية من دوران الأجسام جميعها حول الأرض (أي أن الإنسان لم يعد مركز الكون كما كانت الكنيسة تعتقد وتروِّج). وفي سنة 1616م قررت محكمة التفتيش تحريم الكتاب.
وفي 1609م صنع جاليليو التليسكوب، ورأى بالفعل تضاريس القمر وجباله وأقمار المشترى الأربعة ورصد حركتها، ونشر في نفس العام كتابه "رسول من النجوم"؛ ثم في 1613م كتابه "رسائل عن كَلَف الشمس" الذي حرمته السلطات الدينية؛ ثم في عام 1632م نشر كتابه "حوار حول نظامين أساسيين للعالم" والذي انحاز فيه صراحة إلى جانب نظرية كوبرنيكوس وفند نظرية بطليموس التي دعمتها الكنيسة، فاستدعته محاكم التفتيش وطلبت منه أن ينكر ويقسم ويوقع بإمضائه، ففعل مضطرا. ويقال أنه بعد أن أقسم ضرب الأرض بقدمه وقال كلمته الشهيرة: "ومع ذلك فهي تدور". ويقول أينشتين في تقديمه لكتاب جاليليو "إن الفكرة المحورية في أعمال جاليليو هي النضال الحيوي ضد أي دوجما تستند إلى السلطة ..".

هذا وقد قامت سلطات الكنيسة على مر أزمان طويلة بقمع الحريات، خاصة حرية التفكير وقامت بتقييد طباعة الكتب وتحريم تداول أي كتابات تخالف وجهة نظر كنيسة روما، ذلك بمقتضى ما يسمونه بالفهرس المحرم Index Librarium Prohibtorum الذي تعود فكرته وقراره الأول إلى مجمع نقيه سنة 325م عندما حُرِّم كتاب الأسقف أريوس المعنون Thalia . ويعود تاريخ ظهوره الفعلي إلى مجمع ترينتي سنة 1564م. وكان هذا الجدول يصدره البابا، ويعاد طبعه كل سنة، ويتضمن أسماء الكتب التي تحرم الكنيسة طباعتها وتداولها. وقد دخل فيها - بالإضافة إلى نصوص التوراة والأناجيل غير المعتمدة لديها - كتب كثيرة منها كتب جاليليو وهوبز وديكارت وجان روسو وفولتير ومونتسكيو وكانط وجوته وسبينوزا وجون ستيوارت مل وفيكتور هوجو وبرجسون... إلخ .

وما سبق ليس إلا أمثلة قليلة للجمود والتسلط والقمع الديني للفكر الآخر وللصدام بين الدين وبين المعرفة التي قد تأتي بما يهدد النسق الدين-معرفي وشروحه وسلطاته ومكاسبه. هذا التعارض المعرفي - مضافا إليه ما سبق ذكره من تحالف الكنيسة مع العروش في القمع الاجتماعي والاقتصادي وتغييب العدالة والمساواة في الفرص وما أسفرت عنه الثورة البرجوازية الفرنسية والثورات الاجتماعية في أوروبا - أفقد المؤسسات الدينية قوة القمع؛ ولاحت أضواء التنوير الفكري الإنساني؛ وبدأت حلقات التحرر العلماني. ففي القرن السابع عشر، كتب جون لوك تحت اسم مستعار كتابه "رسالة في التسامح" يقول فيه أن العقل الإنساني محدود وأن المعتقدات الدينية ليست قابلة للبرهنة ولا لغير البرهنة؛ فهي أما أن يعتقد بها الإنسان أو لا يعتقد؛ ولهذا ليس في إمكان أحد أن يفرضها على أحد؛ ويطالب بالتسامح وعدم الاضطهاد باسم الدين؛ ورتب على ذلك تمييزه بين أمور الحكومة المدنية وأمور الدين. وقاد مارتن لوثر حركة الإصلاح الديني مطالبا بنزع حق شرح وتفسير الأناجيل من الكنيسة وإعطائه للإنسان، ونزع سلطة الكنيسة في تحديد النافع والضار والخير والشر وإعطائه للجماعة والمجتمع. وقد نجح في دعوته تلك.
وفي القرن الثامن عشر ذاعت فلسفة التنوير التي تبلورت في فلسفة كانط، حيث العقل عنده عاجز عن اقتناص المطلق. يقول كانط في افتتاحية "نقد العقل الخالص": أن العقل له خاصية تحكمه، وهي البحث عن المطلق وهو شيء محمود؛ وأن محاولة اقتناص المطلق واعتقاله بطريقة مطلقة هي آلية عقلية لابد وأن تقدَّر وتحترم. ولكنه أيضا أوضح أن اقتناص المطلق (أو بالأحرى الاعتقاد بالتمكن من اقتناصه، رغم استحالة ذلك) يقوم بتحويل المطلق إلى نسبي، ويقوم بتحويل العقل إلى ثبات دوجماطيقي.
وفي عام 1875م أصدر ماكس موللر أول كتاب في سلسلة "الكتب المقدسة في الشرق" والتي استعرض فيها أديان آسيا بإيجابية. ويعد هذا الكتاب فاتح أعين للإنسان العادي في أوروبا ودعوة مختلفة لرؤية الأديان الأخرى رؤية غير مرتابة وغير عدائية.
وفي 1890م نشر جيمس فريزر كتابه "الغصن الذهبي" الذي قوبل بدهشة وتقدير بسبب محتواه العلمي وتأسيسه لعلم جديد ؛ وأيضا، وهو ما يهمنا هنا، هو عرضه لعدد ضخم من المعتقدات والأديان البدائية لشعوب لم تعرف المدنية والحضارة ولم تتعرض من قبل للديانات التوحديدية أو أي ديانات أخرى، مما اعتُبِرَ تدليلا على أن المسيحية ليست الديانة الوحيدة، بل أيضا تدليلا على أنها ليست دين الفطرة كما كانت الكنيسة تدعي؛ وعلى أن الفطرة الدينية تبدع نفسها في أشكال وأنماط من معتقدات أخرى متعددة.
وفي أواخر الخمسينات من القرن العشرين انعكس التأثير العلماني على الكنيسة نفسها وأفرز حركة لاهوتية جديدة سميت باللاهوت العلماني ومن روادها توماس التيزر ووليم هاملتون. ويقول هاملتون ما معناه أن فكرة الله الثابت المفارق لعباده لابد وأن تتطور؛ وأن الله بنفسه متطور ومتناسق مع تطور الإنسان بشكل ما.

***

II

في نقد نقاد العلمانية

يقرأ وينتقد كثيرون من ممثلي التيارات الدينية وبعض من العامة "بالتبعية" مفهوم العلمانية بمناهج تكاد تؤكد أنهم لم يبذلوا جهودا وافية في البحث والتقصي؛ وتكاد تؤكد معيب :السلفية المعرفية"؛ وتؤكد أن معظمهم قد استقى معارفه ومفاهيمه من خطاب ثقافي ومن جدل ثقافي-ديني معيب بدأ في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر؛ أو من خطاب حديث لا تلبث وأن تكتشف أنه إعادة إنتاج للخطاب القديم ذاته. وتكتشف أيضا وسريعا أن كلا الخطابين لا يقدمان لمفهوم العلمانية التي ينتقدانها تعريفا قائما على الدراسة والبحث المحايدين؛ وإنما يتحدثان عما فهمه أقدمون عن المسألة، مدعمين بمعلومات لم تكن متوافرة للأقدمين تؤيد رأي هؤلاء الأقدمين، ومتناسين ومتجاهلين معلومات أخرى تفند آراء هؤلاء الأقدمين.
وقد كانت الرؤية القديمة لمسألة العلمانية في مجملها خاطئة ومعيبة لأنها ببساطة كانت مبنية على نقص واضح في المعلومات والمعارف؛ لهذا وقعت في خطأ الخلط بين مفهوم العلمانية ومفهوم الإلحاد، أو بين مفهوم العلمانية ومفهوم الشيوعية القديمة التي نادت بالإلحاد ونبذ الأديان؛ وانتشر هذا الخلط الخطأ في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في مصر والشرق العربي الإسلامي؛ ويبدو أنه مازال مستمرا.
والمتأمل لنقد جمال الدين الأفغاني لمن أسماهم الدهريين، ونقد كل من تبعوه لمن أسموهم العلمانيين بعد الأفغاني بمئات الأعوام، يستطيع أن يجد بسهولة أن الأفغاني كان يتحدث عن الإلحاد والإلحاديين وليس عن العلمانية والعلمانيين بمفهومها الحالي وأن من تبعوه يقعون في نفس الخطأ. إن الدهرية كانت هي توصيف الأفغاني لأفكار كوَّنها بالخطأ عما يطلق عليه الآن العلمانية. لكن الغريب في الأمر أن النسخة الحديثة من الإسلاميين "ضد-العلمانية"، من مثل الدكتور عبد الصبور شاهين والأستاذ فهمي هويدي وآخرين، ينقلون عن الأفغاني ومعاصريه نفس كلماتهم ويستشهدون بآرائهم حول الدهريين؛ وكأن الأفغاني ومعاصروه قد قدموا إلينا تعريفا وافيا عن الدهرية؛ فيواصلون نفس الخلط الخطأ بين دهريين الأفغاني دعاة الإلحاد وبين علمانيي دعوة فصل السلطة الدينية عن سلطة الدولة .
وعندما ينقل الأستاذ عبد الصبور شاهين عن الأفغاني ويزيد عليه، لا يكلف نفسه عناء البحث في تعريف الموضوع الذي كتب عنه الأفغاني، ولا يجهد نفسه في وصف أفكار الأفغاني عن الدهرية، ولا بما ساد في تلك الحقبة التاريخية الثقافية الدينية من معلومات ومعانٍ بشأن العلمانية/الدهرية، وما قد يكون شابها من خلط. وهذا خطأ لا ينتظر أن يقع فيه أستاذ جامعي في مثل مركزه العلمي والبحثي. أو ربما أن الأستاذ عبد الصبور شاهين يعتبر الأفغاني نبيا منزَّها عن مثل هذا الخطأ المفهومي المعرفي.
وهو أيضا، عبد الصبور شاهين، يعلم بالضرورة الشحنة العاطفية الإيجابية التي يحملها المصريون لجمال الدين الأفغاني كمفكر إسلامي وكداعٍ للتحرر من الاستعمار والتبعية، ولا يرى بأسا في استخدامها لصالح أفكاره السلبية عن موضوع يراه سلبيا. تماما كما يستخدم الأصوليون الشحنة الدينية لدي العامة وحبهم لسيرة نبيهم الكريم محمد لتمرير أفكارهم عن السنة النبوية ولتشويه واتهام وتخويف معارضيهم .
الخلاصة، أنه كما خلط الأفغاني ما بين العلمانية والإلحاد يقوم عبد الصبور شاهين بنفس الخطأ، بالرغم من توفر المعلومات وتنوعها في هذا الزمن قياسا على زمن الأفغاني، وبالرغم من تحرك مفهوم العلمانية من نقاط الالتباس مع الإلحاد إلى نقاط أكثر وضوحا وأكثر تبلورا. لهذا لم يكن غريبا أن يسوي عبد الصبور شاهين بين العلمانية والماركسية، ويطلق على الأولى – تخفيفا أو استخفافا - العلمانية المعتدلة والثانية العلمانية المتطرفة .

وقد يمكن إرجاع الخلط بين المفاهيم في زمن الأفغاني وحوله إلى نقص المعلومات والمعارف المتاحة كما أشرت سابقا، وأيضا (وهذا هام) قد يرجع إلى تزامن وسياق وصول مفاهيم العلمانية والشيوعية القديمة (الشيوعية الملحدة) إلى مصر مع بدايات انهيار الخلافة الإسلامية العثمانية. فقد دخلت تلك المفاهيم إلى مجال النقاش السياسي والثقافي الحاد والمعلن أيام الحملة الفرنسية على مصر 1798م، ثم أثناء فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر 1882م.
كانت تلك هي الفترة التي تلت صعود أوروبا بنظريات التحرر من تحالف السلطة الدينية مع العروش الملكية كما سبق بيانه، وبإرهاصات نظريات العلمانية والليبرالية والماركسية والتحرر الاقتصادي من سيطرة رأس المال. كما تزامن هذا كله مع تباشير انتصار المفاهيم الغربية الناهضة ومع انتصار الغرب في الحرب العالمية الأولى، ومع سقوط الدولة العثمانية وانهيارها، وسقوط الخلافة الإسلامية ثم إلغائها سنة 1924م. هذا السقوط الذي أثار شجون وآلام عربية وإسلامية، خاصة وأنه كان على يد الغرب الأوروبي الذي كان، ومازال إلى حد بعيد، يرتبط في الذهن العربي الإسلامي بالمسيحية الصليبية الغربية.
وبالرغم من المساوئ الواضحة للخلافة العثمانية وابتعادها عن صحيح الإسلام بُعدا واضحا، فإن العقل العربي الإسلامي على ما يبدو كان وقتئذ في موقف دفاعي نفسي وثقافي صعب ومعقد. إذ أنه بدلا عن قيامه بالبديهي الصحيح وهو فصل الدين عن مؤسساته الدينية الفاسدة الفاشلة المهزومة، قام بالعكس تماما، بالربط بينهما، واعتبر هزيمة مؤسسة الخلافة الإسلامية هزيمة للإسلام نفسه. وقام العقل العربي الإسلامي أيضا وقتئذ بعملية مزج وتعميم للأفكار وللحركات التحررية الأوروبية النهضوية كلها من ليبرالية وعلمانية واشتراكية وماركسية دون استثناءات أو إدراك للفروق، ووضعها جميعها في سلة واحدة، ورفضها واشاح عنها دون تحليل ودون تمحيص فيما هو صالح منها وما هو طالح. وهذا خطأ ثقافي-معرفي-تاريخي بالغ لم يتم تصحيحه حتى الآن.
وأيضا قام العقل العربي الإسلامي بالإضافة إلى عمليات الربط والمزج والتعميم السابقة الذكر بعملية اختصار تبريرية معيبة، دعا ومهد لها عدد من أئمة نظم الحكم والخلافة المهزومة. إذ اختصر كل ما جرى من فشل وهزيمة في سبب واحد: مؤامرة مسيحية يهودية ماسونية. وهذا خطأ معرفي ثقافي آخر لم يتم تصحيحه أيضا حتى الآن.
وقد قام بعض من أئمة المسلمين بقيادة هذا الأخطاء كلها. ربما مدفوعين بوهم أن هذا دفاع عن الوعي الإسلامي والهوية الإسلامية من مثل الأفغاني وسلسلة تلاميذه من بعده مثل رشيد رضا وسيد قطب وحسن البنا، الذين قاموا بتبني مقولات قديمة من مثل أن الإسلام دين ودولة والحاكمية وتحريم الخروج على الحاكم، غالبا عن حسن نية؛ أو من مثل آخرون قاموا بتزييف الوعي وبالتواطؤ لصالح السلطات الإسلامية الحاكمة بغرض أبعاد مسؤولية الفشل عنها ؛ .
لكن يجب القول أنه كان هناك عدد من الأئمة والمفكرين في هذا الزمن أيضا، والزمن الذي تلاه، ممن تحدثوا وقوفا في صف العلمانية وضد الحكم الديني وتسلط المؤسسات الخلافة الدينية من مثل الشيوخ رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وعلى عبد الرازق، وأيضا من المفكرين والأدباء والساسة ورواد الصحافة مثل أحمد لطفي السيد وسعد زغلول ومحمد حسين هيكل وطه حسين وعباس العقاد وشبلي شميل ويعقوب صروف وفرح آنطوان ونقولا حداد وسلامة موسى وولي الدين يكن وآخرون. وليس بغريب أن يهاجمهم الأسلاميون والسلفيون كما يهاجمون ويكفرون كل من خالفهم الرأي الذين يودون اعتماده، بل وتكفيره. ومن الأمثلة على ذلك تشويههم للشيوخ رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وعلى عبد الرازق وأحمد لطفي السيد، وتشويه سعد زغلول ومحمد حسين هيكل وطه حسين وقاسم أمين واسماعيل أدهم واسماعيل مظهر ممن تحدثوا وقوفا في صف العلمانية ضد الحكم الديني وضد تسلط مؤسسات الخلافة الإسلامية.
وشأن هؤلاء أيضا إبعاد العامة عن الحقيقة بتدعيم نظرية المؤامرة وتأليبهم على غير المسلمين وإشعال نيران الطائفيات والعداوات. فالعلمانية مثلا هي مؤامرة مسيحية ، ويهودية ، وماسونية، .. إلخ. وحتى الثورة الفرنسية كانت في نظر بعضهم مجرد مؤامرة يهودية .

إن المشاعر العربية والاسلامية قد استقرت على العداء للغرب وعلى التشكك في نواياه تجاه الإسلام وتجاه المنطقة العربية، هذا أمر حقيقي. ويمكن فهم تلك المشاعر وتبريرها وربطها بأسباب كثيرة، منها التاريخي الديني والاقتصادي والسياسي من مثل محاولات الغرب (منذ قِدَم) السيطرة على المنطقة العربية والإسلامية في أثناء الصراع الديني بين الشرق والغرب، بين الإسلام والمسيحية، وأثناء الصراع الاقتصادي حين كانت المنطقة هي طريق التجارة البرية والبحرية إلى آسيا والشرق الأقصى قديما. أما حديثا، فكل الأسباب السابق ذكرها لا تمتنع تماما، بل يضاف إليها الأطماع الغربية في السيطرة على ثروات المنطقة البترولية والمعدنية، وحماية الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين.
لكن ما يصعب فهمه وتبريره منطقيا هو محاولات البعض من الإسلاميين المتطرفين إستثمار هذه المشاعر السلبية حية على الدوام، و الإبقاء عليها حية على الدوام، ومحاصرة أي محاولة لرؤية إيجابية لأي جانب من الغرب؛ وذلك بضم مساوئ الغرب إلى حسناته؛ وضم التاريخ السلبي للاستعمار الغربي إلى التاريخ الإيجابي للعلوم الغربية ومناهج المعرفة الحديثة التي أفرزتها، والتي تعتبر من أهم منجزات إنسان العصر الحديث.
وهم إذ يفعلون ذلك يجهلون أو يتجاهلون ما قد يؤدي إليه مثل هذا الاستقطاب الفكري من ظلمات والتواءات فكرية لا تنتج إلا شعوبا قاصرة عن تحسين دنياها وعاجزة عن فهم دينها. وأنا لن أدعي أن وجود قصدية وعمد مؤسسي وسلطوي لإنتاج ذلك القصور وذلك العجز، وإن كانت الشكوك تظل ثائرة.
...
وهنا يجب تذكير هؤلاء الرافضين والمحاربين للعلمانية استنادا إلى تاريخ الغرب السلبي تجاه المنطقة، بأن العلمانية الغربية قامت في الأساس من أجل مقاومة معرفيات المؤسسات الدينية والسياسة الغربية نفسها، تلك المؤسسات التي قادت حملات الاحتلال والاستعمار واستغلال منطقتنا وثرواتها؛ وأن العلمانيين "الحقيقيين" في الغرب ما يزالون هم أنفسهم المناضلين ضد تلك المؤسسات والسلطات؛ ومايزالون يحاولون تحجيمها وتقليص ومصادرة دورها وسلطاتها لصالح المجتمع والإنسانية بالتبعية وبوجه عام. وإن العلمانية هي المؤيد القوي، والحامي الأهم، لمصالح الإنسان الفردية والجمعية بالسلطات؛ ولا أبالغ لو قلت أنها أمل في تعديل علاقات الشعوب والأمم والأديان وبناء على عقد توافق واتفاق لو تم تطويرها أكثر.

وأظن أنه قد لا يخفى على القارئ الفطن أن العلمانية بمفهومها المعرفي والإنساني الأشمل من استعمالها السياسي المعيب، مع الدين ضد الإلحاد أو مع الإلحاد ضد الدين، إن استقرت في منطقتنا وفي أذهاننا العربية والإسلامية ستكون أشد الأسلحة التي تهدد مصالح رجعية وفساد المؤسسات السياسية والدينية المتسلطة وتحالفهما مع السياسة الفاسدة الحاكمة في هذه المنطقة من العالم.
أيضا يدَّعي "مَنْ يطلقون على أنفسهم الإسلاميين – بألف ولام التعريف" أن الظروف الاجتماعية والدينية والسياسية التي سادت أوروبا في العصور الوسطى، والتي سبق الإشارة إليها في الجزء الأول من هذه الدراسة، هي التي أفرزت مفهوم العلمانية؛ وأن تلك الظروف لا تنطبق على مجتمعاتنا العربية ولا على تاريخنا الإسلامي. وهم بهذا يتجاهلون حقيقتين أساسيتين: الأولي هي أن سلسلة التطور الانساني الاجتماعي هي حلقات تتصل؛ وليس من المفترض أن يمر كل مجتمع بكل الأزمات حتى يسنتنج الطريق الأفضل؛ وأنما ما يشع من ضوء في مجتمع ما في لحظة تاريخية معينة لا يلبث وأن يعم على بقية المجتمعات التي تعمل من أجل تحسين حياتها. وقد تفاعلت كل الحضارات عبر التاريخ بهذا النمط. حتى العرب نفسه أخذ منا الكثير في طريقه إلى التقدم. وإذا افترضنا جدلا أن مجتمعاتنا لم تمر بما مر به الغرب من تسلط المؤسسات الدينية وفشلها (وهذا غير حقيقي لأننا في الحقيقة مررنا بما هو مثله أو أسوأ) في طريقه إلى العلمانية ومدنية الحكم، فسوف يحدث هذا عاجلا أو آجلا. فهل علينا أن ننتظر ما مرت به أوروبا من ظلام في عصورها الوسطى حتى نقتنع؟! أم علينا أن نختصر الطريق الشاق ونقوم بالتصحيح اللازم الآن؟!.
وحقيقي أيضا أن في تاريخ الحكم والخلافة الإسلامية تسلطا دينيا ومظالم اجتماعية فاقت حتى ما حدث في أوروبا؟!. ألم يتحالف رجال الدين الإسلامي وفقهاؤه في الماضي البعيد والقريب، وحتى الآن، مع خلفاء وولاة وملوك ضد مصالح الشعوب والأمم، وضد تطور الوعي والمعرفة؟!. ألم يُقتل الحجاج وتُحرق كتب ابن رشد؟!. ألم يُقتل الحسين بن علي رضي الله عنه ونفرا كثيرا من أبنائه وأحفاده؟!. وحديثاُ، .. ألم يُقتل فرج فودة ويُطعن نجيب محفوظ ويُكفَّر نصر حامد أبو زيد؟!. ألا ندري بما يحدث في الممالك والدول العربية والإسلامية المعاصرة من قتل واعتقال وتنكيل بالقوى المعارضة وأصحاب الرأي الآخر؟!. ألا نرى ونسمع، ما نرى ونسمع، الآن في الخطابات السلفية والدينية المتطرفة وغيرها من تكفير وتحريض وأحكام نهائية على الأفكار والنوايا؟!!.

ويقولون أيضا أن "ليس في الإسلام كهنوت ولا سلطات دينية". وهذه مقولة صحيحة عن الإسلام؛ كما هي صحيحة عن المسيحية أيضا، وعن اليهودية؛ بل وعن البوذية أيضا. ولا يوجد كتاب سماوي واحد يؤسس أو يقر التسلط الديني. هذا صحيح وبديهي. لكن التاريخ يقول لنا أن هذا قد حدث بالفعل، كثيرا، وغالبا، رغم كل الأحاديث عن سماحة الأديان؛ وأنه مازال يحدث، وسيحدث حتما في المستقبل لو أعطيت الفرص. وحدوث هذا، بل وتكرار حدوثه، لا يدين أبدا الأديان، لا من قريب ولا من بعيد، ولا يعد نقصاُ فيها؛ وإنما هو يدين المؤسسات الدينية التي تقوم على هذه الأديان ويبرهن على عدم قدرة هذه المؤسسات على إدراك وتجاوز بشريتها.
ويلخص عالم النفس الشهير إريك فروم في كتابه "علم النفس والدين" Psychology and Religion هذه النزعة السلطوية لرجال الدين التي ظهرت مرارا وتكرارا عبر تاريخ البشرية عندما يقول أن كل الحركات أو النزعات الدينية التي قامت لتحرير الإنسان وفكره وروحه انقلبت، بمجرد حصولها على القوة اللازمة، إلى سلطات قامت بقمع الإنسان وفكره وروحه، فنصبت نفسها متحدثا باسمه، وادعت شرعيات مستمدة من الله نفسه. بل وأنها في كثير من الأحيان نصَّبت نفسها متحدثا باسم الله، وحاولت القيام بهذا الدور "الإلهي" في خلق إنسان جديد وعالم جديد؛ وقامت بطرد كل آدم وكل حواء سوَّلت له أو لها، نفسه أو نفسها، اشتهاء الثمرة المحرمة من الشجرة المحرمة، شجرة المعرفة الأخرى. لكن الحرية، وبالأخص حرية الفكر، لا بد لها وأن تنتصر في نهاية الأمر.
قد يكون من أسباب هذا النموذج المتكرر من التسلط هو استمرار بدائية المشاعر الدينية واستمرار انفصالها عن المنطق وعن العقل، وما ينتج عن ذلك من سهولة التلاعب بها وسهولة امتلاك قيادها وتوجيهها، وسهولة إلهابها والتهابها ضد الخصوم والمعارضين. وفي تاريخنا الإسلامي أمثلة كثيرة على مثل هذا. ولنتذكر، على سبيل المثال، كيف حوَّل معاوية الخلافة من قريشية إلى دولة (وهذا ما قد يُحمد عليه)، ثم كيف حولها إلى ملكية مستترة تداولها أبناؤه وأحفاده وأفسدوا فيها. وأيضا، رأينا الملكيات الدينية في أوروبا والتي سبق الإشارة إليها؛ ورأينا دولة صهيونية دينية بمعنى الكلمة فوق أرضنا، لا نعاني منها نحن فحسب، بل حتى اليهودية والعالم بأسره. بل قد رأينا في الديانة البوذية، التي لا تحتوي حتى على مفهوم الألوهية، الامبراطوريات المقدسة والامبراطورات الآلهة واستعباد الإنسان.
إن أي سلطة روحية أو دينية – كما قال إريك فروم، وكما أشهدنا التاريخ – لا تلبث وأن تتحول إلى الاستبداد والتسلط بمجرد أن تمتلك قوة وزماما.

ويدعي منتقدو العلمانية أيضا أن "المسلمون وحدة، يطلبون حكم الدين وشرعه". وبهذا، مرة أخرى، ينصب هؤلاء "مَنْ يطلقون على أنفسهم الإسلاميين – بألف ولام التعريف" أنفسهم متحدثين باسم المسلمين جميعا؛ بل ويدَّعون بأن المسلمين وحدة؛ وأنهم يطالبون بحكم "ما يظنون هم، ويطلقون هم، عليه اسم الشرع الإسلامي – بألف ولام التعريف أيضا".
وهم هنا يتجاهلون أن الشرع الإسلامي هو أولا منهج في قراءة وفهم وتتبع وتفسير كتاب الله والسنة وتاريخ الإسلام الفكري والعملي؛ وأنه ليس من حق أحد أن يفرض منهجه وقراءاته و"نطقه" للشرع إلا على مَنْ هو بشاكلته وعلى منهجه، أو على مَنْ يعطيه هذا الحق من المسلمين طواعية واختيارا.
أيضا يتجاهل "مَنْ يطلقون على أنفسهم الإسلاميين – بألف ولام التعريف" حقيقة أن المسلمين ليسوا وحدة واحدة، وأن هناك شقاقا كبيرا وعداء عظيما وتاريخيا بين أكبر قطبين من أقطاب الأمة الإسلامية، السنة والشيعة. وأن هناك خلاف أكبر بين كليهما وبين فرق دينية أخري مثل الزيدية والاسماعيلية والدرزية والبهائية، ... إلخ. بل هم يتجاهلون الخلاف بين فرق القطب الواحد، مثل الخلاف بين السنية الوهابية الأصولية وبين الوسطيين؛ ناهيك عن الخلاف بين فرق الأصولية والوسطية المختلفة؛ وبين المذاهب الشيعية المتعددة.
أين الوحدة التي يتكلمون عنها إذن؟
ومَنْ يتكلم باسم مَنْ؟
وكم من خلافات وتناحرات وقتل وحروب قد حدثت في تاريخ أمتنا بين فرقها الدينية المختلفة؟!؛ وكم من المرات التي امتطت فيها أحد الفرق جمال وخيل السلطة فعملت قتلا وتنكيلا بالفرق الأخرى؟!؛ وكم من التناحرات والحروب قد يأتي لو قام فريق بتطبيق "نطق" الشرع الذي يراه على فريق آخر لا ينطق بمثله ولا يراه صحيحا.
إن هذا التجاهل – في اعتقادي – تجاهل غير برئ؛ وأنه تجاهل مرحلي "تكتيكي"، لن يستمر أو ينقطع إلا بقدر اقترابهم أو ابتعادهم من السلطة.

***

III

نقد نقد "مَنْ يتحدثون باسم العلمانية" للدين:

وكما يوجد مَنْ يطلقون على أنفسهم - حصريا – لقب الإسلاميين، بألف ولام التعريف، متناسين أن الدين علاقة بين الإنسان وربه، وأن الأديان جميعها حمَّالة أوجه، وأن الأديان جميعها رسائل إلى جميع الخلق يقرأها كلٌ بما يمتلك من إيمان وعقل ومنطق ورؤية، وأن الدين لله؛ يوجد أيضا مَنْ يطلقون على أنفسهم – حصريا أيضا – لقب العلمانيين، بألف ولام التعريف، والذين يقفون موقفا عدائيا من الدين، ويروجون لهذا العداء، متناسين أن العلمانية مذهب معرفي وأنه شروط علاقة بين الإنسان والسلطة، لا علاقة له بالأديان ولا يخوض فيها.
إن هؤلاء، بعدائهم للدين، يخرجون أنفسهم من دائرة العَلمانية، ومن دائرة العِلمانية أيضا (إن كان هناك ثمة فصل حقيقي ما بين الإثنين)، ويدخلون أنفسهم في دائرة الثبات الدوجماطيقي.
العلمانية لا تصادر المذاهب والأيديولوجيات، ولا تحكم عليها أو تقاضيها، بل ولا تناقشها، وإنما هي تنظم العلاقة بين الإنسان والسلطة، على اختلاف الأيديولوجيات والمواقف، إنطلاقا من عقد وفاق يضمن مصالح كل أفراد المجتمع على الأرض، الآن، انطلاقا من رؤى "غير غيبية"، تعتمد العالم والعلم والمنطق والمعرفة الدنيوية والتجربة الأرضية أساسات لها.

ونعيد هنا الإشارة إلى رأي ج. م. يِنْجر G. M. Yinger، الذي يقول أن: "من الأكثر حكمة في تقديري أن نستخدم كلمة علمانية لنشير إلى الاعتقاد والممارسات التي لا علاقة لها بالجوانب غير النهائية non-ultimate للحياة الإنسانية؛ ومن ثم فالعلمانية ليست معادية للدين، ولا هي بديل عنه، وإنما هي مجرد قطاع واحد من قطاعات الحياة" . ورأي حسين أمين أن العلمانية هي "محاولة في سبيل الاستقلال ببعض مجالات المعرفة عن عالم ما وراء الطبيعة، وعن المسلمات الغيبية ؛ ورأي الدكتور محمد أحمد خلف الله أن العلمانية "حركة فصل السلطة السياسية والتنفيذية عن السلطة الدينية، وليست فصل الدين عن الدولة؛ ولا تمنع حركة الفصل هذه من أن تعمل السلطتان جنبا إلى جنب في الحياة. إن الواحدة منهما لن تحل محل الأخرى أو تلغيها، وإنما تعمل حرة مستقلة من غير أن تتأثر بالأخرى أو تؤثر فيها".
ونضيف إلى تلك الآراء الثلاثة رأي محمود أمين العالم الذي يقول إن العلمانية ليست مجرد فصل الدين عن الدولة، وإنما هي "رؤية وسلوك ومنهج". وهو حينما يعرف هذه الرؤية يعطيها مضمونا خاصا للغاية، إذ يقول: "إن هذه الرؤية تحمل الملامح الجوهرية لإنسانية الإنسان، وتعبر عن طموحه (الثنائي) الروحي والمادي للسيطرة على جميع المعوقات التي تقف في طريق تقدمه وسعادته وازدهاره"، فالإنسان هنا كائن له جوهر مستقل عن حركة المادة ولم يتم تفكيكه أو رده إلى عناصر المادية الأولية. كل هذا يعني أن علمانية محمود العالم ليست مادية، ولا ترفض فكرة الكل والجوهر والروح والمطلق والغاية. وفي هذا الإطار يرى محمود أمين العالم أن العلمانية لا تعارض الدين "بل لعل العلمانية تكون منطلقا صالحا للتجديد الديني نفسه بما يتلاءم ومستجدات الحياة والواقع". إن العلمانية كما يراها الأستاذ العالم تترك حيزا كبيرا للإنسان ومطلقاته ومنظوماته.

***




مصادر البحث:
الكتب:
1- السيد أحمد فرج، جذور العلمانية فى مصر، مصر، المنصورة: دار الوفاء للطباعة والنشر، 1985.
2- السيد ياسين، قضايا المعاصرة والخلافة: حوار علمانى إسلامى، القاهرة: دار ميريت للنشر والمعلومات، 1999.
3- إنعام أحمد قدوح، العلمانية فى الإسلام، بيروت: دار السيرة، 1995.
4- أنور وجدى، سقوط العلمانية، بيروت: دار الكتاب اللبنانى، 2002.
5- جمال البنا، الإسلام والحرية والعلمانية، القاهرة: دار الفكر الإسلامى، 1990.
6- جورج طرابيشى، هرطقات عن الديمقراطية والعلمانية والحداثة والممانعة العربية، بيروت: دار الساقى، 2006.
7- ___________ وآخرون، العلمانية فى المشرق العربى، سوريا، دار بترا، 2007.
8- عبد الوهاب المسيرى وعزيز العظمة، العلمانية تحت المجهر، بيروت: دار الفكر المعاصر، 2000.
9- عدنان زرزور، القومية والعلمانية، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1992.
10- _________، "العلمانية"، عقائد وتيارات فكرية معاصرة، بيروت: مؤسسة الرسالة، بدون تاريخ.
11- فرج فودة، قبل السقوط، مصر، الإسكندرية: دار ومطابع المستقبل، الطبعة الثانية، 2004.
12- فهمى هويدى، خطاب التطرف العلمانى، القاهرة: دار الشروق، 1996.
13- محمد أركون، العلمانية والدين، بيروت: دار الساقى، 1996.
14- محمد عمارة، الإسلام والعلمانية الغربية، القاهرة: دار الشروق، 2002.
15- محمد مهدى شمس الدين، تحليل ونقد العلمانية، بيروت: المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، الطبعة الثالثة، 1996.
16- مراد وهبة، "الأصولية والعلمانية"، سلسلة قضايا العصر القاهرة: دار الثقافة، 1995.
17- _______، محاورات فلسفية فى موسكو، القاهرة: دار الثقافة الجديدة، 2004.
18- _______، "ملاك الحقيقة المطلقة"، مشروع مكتبة الأسرة، القاهرة: دار قباء، 1999.
19- يوسف القرضاوى، الإسلام والعلمانية وجها لوجه، القاهرة: مكتبة وهبة، 1997.

دوريات وصحف يومية:
1- برهان غليون، "من العلمانية إلى العلمنة"، مجلة الآداب، بيروت: العدد ، مايو، 2007.
2- جورج طرابيشى، "العلمانية كإشكالية إسلامية إسلامية"، مجلة الآداب، بيروت: الأعداد (7- 8- 9) يوليو - سبتمبر،2007.
3- جورج قرم، "ملاحظات منهجية للتعامل مع مفهوم العلمانية فى الإطار العربى"، مجلة الآداب، بيروت: العددان (10 - 11) نوفمبر - ديسمبر،2007.
4- سامى سويدان، "خطاب النهضة والعلمانى: فى التلاؤم والتماسك والمال"، مجلة الآداب، بيروت: العدد (12) ديسمبر، 2007.
5- طارق الكحلاوى، "السرديات الشمولية لعلاقة الدين بالدولة وتاريخانيتها"، مجلة الآداب، بيروت: الأعداد (7 – 8 - 9) يوليو - سبتمبر،2007.
6- عاصم الدسوقى، "العلمانية...ولماذا يكون فيها حل لمشكلات المصريين؟!"، مجلة الآداب، بيروت: العدد (12) ديسمبر،2007.
7- عزيز العظمة، "العلمانية"، مجلة الآداب، بيروت: الأعداد (7 – 8 - 9) يوليو – سبتمبر، 2007.
8- نصرى الصايغ، "بؤس العلمانية من بؤس العلمانيين"، مجلة الآداب، بيروت: الأعداد (10 - 11) أكتوبر ونوفمبر، 2007.
9- ياسين الحاج صالح، "وضعية علمانية: أفكار فى شأن العلمانية والإسلامية والدولة"، مجلة الآداب، بيروت: العدد (12) ديسمبر، 2007.
10- علاء الأسوانى، "هل تسمح الدولة المدنية بتطبيق الشريعة"، جريدة المصرى اليوم، القاهرة: 14 يونيو، 2011.
11- عمار على حسن، "الإسلام والعلمانية"، جريدة المصرى اليوم، القاهرة: 28 يونيو، 2011.




#عصام_اللباد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام اللباد - العلمانية - دراسة مراجعة