أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي - هاني عياد - اعلان الدولة المستقلة لهذه القومية أو تلك يخضع للظروف القائمة















المزيد.....

اعلان الدولة المستقلة لهذه القومية أو تلك يخضع للظروف القائمة


هاني عياد

الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 14:24
المحور: ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي
    


1 – أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي وأثنية، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟
** الأساس القومى أو الدينى أو العرقى، هو فى حقيقته أساس عنصرى بامتياز، لا يصلح لإقامة دولة عصرية، حتى لو افترضنا –جدلا- أن كل مواطنيها ينتمون إلى ذات العرق أو الدين.
إن القول بوحدة العرق أو الدين فى هذا البلد أو ذاك هو محض افتراض نظرى تدحضه علوم الأنثروبولوجيا، التى تؤكد اختلاط البشر على مدى التاريخ، كما ترفضه الوقائع الحية على الأرض، حيث لا يوجد شعب على وجه الأرض يمكن أن يثبت نقاءه العرقى، تلك الأسطورة التى لم يرددها سوى النازى الألمانى أدولف هتلر. أما عن وحدة الدين، فربما كانت المملكة العربية السعودية هى الدولة الوحيدة فى العالم التى يمكن القول إن كل سكانها ينتمون إلى الإسلام، لكنهم –فى ذات الوقت- مختلفون فى انتماءاتهم المذهبية داخل الإسلام، فوفق أى مذهب يمكن إقامة الدولة الدينة؟
الدول التى قامت على أساس دينى يعانى مواطنوها من التمييز والتعصب، وينتشر فيها الإرهاب وكأنه أصبح جزءا من بنيتها الأساسية، وبعضها دخل بالفعل إلى طريق التشرذم والتفتت (السودان والصومال).
والدول التى استندت إلى أساس قومى، فشلت بامتياز فى حل المشكلة القومية للأقليات القومية التى تعيش فيها.
وفى ذات الوقت فإن تجارب التاريخ، دون استثناء، تؤكد أن الدولة العلمانية الديمقراطية هى الإطار الوحيد القادر على تحقيق المساواة بين جميع المواطنين على قاعدة المواطنة وتكافؤ الفرص، فهى الدولة التى تقف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها، بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية.
الدولة العلمانية الديمقراطية هى الحل... الوحيد.

2- كيف ترى سبل حل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام عادل يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفقا للمواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة؟
** بداية أنا لا أتفق مع مصطلح «الحقوق الأساسية» سواء كان ذلك للشعب الفلسطينى أو لأى شعب أخر، فالحقوق «الأساسية» تعنى، بمفهوم المخالفة، أن هناك حقوقا أخرى «فرعية» أو «ثانوية» يمكن التنازل عنها، وهذا ليس صحيحا، الحقوق الوطنية للشعوب كل لا يتجزأ.
ثم أننى واحد من الذين يختلفون مع القول الشائع إن القضية الفلسطينية معقدة وشائكة.
الذين يؤمنون بحل الدولتين، فهذا الحل يستند إلى قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، وهو القرار الذى منح الشرعية للدولة الإسرائيلية والدولة الفلسطينية أيضا، والحدود التى رسمها هذا القرار لكلا الدولتين هى الأساس الوحيد لإقامتهما، وأى مستجدات وقعت على الأرض بعد ذلك التاريخ، من تهويد وضم أراضى واستيطان وتهجير، هى جرائم تتحمل مسئوليتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ولا يجب أن تلقى بظلالها على القضية الفلسطينية، التى لا يمكن، وفق أى مقياس، أن تتحمل وزر ما ارتكبه الإسرائيليون من انتهاكات ومخالفات للشرعية الدولية، التى دعمت قيام (دولتهم).
والذين يعتقدون فى الحق الفلسطينى فى الأرض من «الماء إلى الماء»، ولا يجب أن ننكر حق أحد فيما يعتقد ويريد، فعليهم أن يناضلوا من أجل إقامة هذه الدولة الواحدة، بشرط أن تكون دولة علمانية ديمقراطية، تتسع لكل أبنائها بصرف النظر عن الدين والعرق واللون والجنس (الجندر). تدعمهم فى ذلك الشرعية الدولية التى أقرت بحق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة إلى أراضيهم، والشرعية الإنسانية التى لا يمكن أن تقبل تقديم «حق العودة» لمن تركوا «أراضيهم» قبل ألفى عام، على حق من هُجِروا أو هاجروا من أراضيهم قبل بضعة عقود.
وفى كل الأحوال، فإن النضال بكل الوسائل هو حق مشروع للشعوب من أجل نيل استقلالها وإقامة دولتها الوطنية المستقلة، و«كل الوسائل» لا تستثنى وسيلة، من التظاهر والعرائض، وصولا إلى الكفاح المسلح، لكن يتعين دائما اختيار الوسيلة المناسبة فى الوقت المناسب، دون التخلى عن الوسائل الأخرى.
والواقعية فى النضال لا تعنى الاستسلام للأمر الواقع، بل هى التعامل مع حقيقة أن تطور أساليب النضال الوطنى هو نتيجة لتطور الاجتماعى-الاقتصادى للشعوب التى تعانى من قهر الاحتلال، ونضج الظروف الموضوعية والذاتية. و«ما لا يدرك كله لا يترك كله» هو شعار صحيح، لكن باعتباره موقف تكتيكى وليس هدفا استراتيجيا.
وظنى أن الشعب الفلسطينى، مثل كل شعوب الأرض، قادر دائما على ابتكار وسائله النضالية الفعالة (انتفاضة الحجارة نموذجا).

3 - كيف تقيّم الموقف الأمريكي والدول الغربية، المناهض لإعلان دولة فلسطينية مستقلة بعد خطوة الزعيم الفلسطيني وتوجهه إلى الأمم المتحدة لتحقيق ذلك؟
** أنا واحد من الذين لم تخدعهم الأوهام التى روج لها الكثيرون عندما دخل أوباما (الأسمر ذو الأصول الإسلامية) إلى البيت الأبيض، فكل حكامنا، وهى ليست مصادفة، مسلمون وسمر البشرة، لكنهم قدموا للإستراتيجية الأمريكية الصهيونية من الخدمات ما لم تحلم أن تحصل عليه منهم، وبالتالى لم أجد جديدا فى الموقف الأمريكى-الأوربى المناهض لإعلان الدولة الفلسطينية وقبولها عضوا كامل العضوية فى المنظمة الدولية، المصالح هى التى تحكم السياسة وليس لون بشرة الرئيس أو أصوله الدينية.
إسرائيل كانت ولم تزل، رأس جسر العالم الرأسمالى فى المنطقة لحماية مصالحه، ولم يتغير شيء فى هذا الأمر عندما انتقلت عاصمة هذا العالم من بريطانيا العظمى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وستبقى هذه العلاقة قائمة ما لم تدخل شعوب ودول المنطقة طرفا أساسيا وفاعلا فى معادلة العلاقة بين دول وشعوب المنطقة من جانب، والمعسكر الرأسمالى من جانب آخر، وبما يؤدى إلى تجريد إسرائيل من دورها هذا، ويحيلها من علاقة بين ناهب ومنهوب، سارق ومسروق، إلى مصالح مشتركة ومنافع متبادلة، لا يمكن ولا يحق لطرف فيها أن يحقق مصالحه ويجنى مكاسبه على حساب طرف أخر.

4- ما هي برأيك الأسباب الرئيسية للموقف السلبي من قبل الدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، تجمع أطرافها الأربع في دول الشرق الأوسط، وهو مطلب شعبي كردي وحق من حقوقه، ولماذا يتم تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية من قبل بعض الأوساط الفكرية والقومية في العالم العربي؟
** سوف أبدأ بالقسم الثانى من السؤال، لا أتفق –جملة وتفصيلا- مع الزعم القائل بأن الحالة الكردية يمكن أن تكون إسرائيل ثانية فى الشرق الأوسط، وظنى أن هذا الزعم –إذا ما افترضنا حسن نوايا أصحابه- يعكس حالة من عدم الإلمام (ولا أريد أن أقول الجهل) بتاريخ وجغرافية المنطقة. الشعب الكردى، فى الدول الأربع التى يقيم فيها، ابن هذه الأرض تاريخيا، لا يختلف ارتباطه بالأرض وانتماؤه لها عن ارتباط باقى شعوب المنطقة بأرضهم وانتمائهم لها، على النقيض تماما من الحالة الإسرائيلية، حيث أن ما اصطلح على تسميته «الشعب الإسرائيلى» يتشكل من مجموعات يهودية مهاجرة من أوطانها وبلدانها الأصلية، لتقيم «دولتها» على أنقاض دولة قائمة بالفعل، بدعم ورعاية الرأسمال العالمى، من وعد بلفور إلى الحماية الأمريكية. أنا لا أرى أى وجه للشبه بين شعب له تاريخ وجذور فى المنطقة من حقه أن يقيم دولته، ومهاجرين مختلفى الانتماءات، يقيمون «دولة» بقوة السلاح وبدعم الرأسمال العالمى.
وفيما لو أحسنا الظن، فربما يكون هناك بعض التخوف من أن يحكم «دولة الأكراد» نظام تابع لواشنطن وتل أبيب، لكنه تخوف يتجاهل، من ناحية، أن كل الأنظمة العربية هى بهذا القدر أو ذاك، جزءا لا يتجزأ من الإستراتيجية الأمريكية، حتى أن بعضها كان «كنزا استراتيجيا» لإسرائيل، دون أن يعنى ذلك أن الدول العربية قد تحولت إلى «إسرائيلات» أخرى. كما أنه تخوف يعنى، من ناحية أخرى، أن الذين يطالبون بالفصل ما بين النظم والشعوب سرعان ما يسقطون هذا المبدأ، لأسباب تخصهم، عندما يتعلق الأمر بشعوب أخرى. ثم أنه تخوف يصدر، من ناحية ثالثة، حكما مسبقا على طبيعة النظام الذى قد يحكم الدولة الكردية، حال قيامها، ثم يتخذون من هذا الحكم، الذى لا يستند إلى أية دلائل موضوعية، ليصبح ذريعة فى مصادرة حق الشعب الكردى فى إقامة دولته.
أما عن القسم الأول من السؤال، بشأن الموقف السلبى للدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، فظنى أن هذا «الموقف السلبى» يرتبط بمجموعة من الأسباب الموضوعية المتعلقة بالواقع الدولى والإقليمى، وأسباب ذاتية متعلقة بحركة الشعب الكردى ذاته.
للوهلة الأولى قد يبدو موقف «الدول الكبرى» مناقضا للإستراتيجية التى سادت عالم القطب الواحد، بعد انهيار الاتحاد السوفييتى. لقد اعتمدت الإستراتيجية القطب الواحد، أو عصر العولمة، على مبدأ تفتيت ما يمكن تفتيه من دول العالم، والأمثلة أمامنا صارخة من يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا حتى الصومال والسودان. التفتيت يحيل هذه الدول إلى قطع موزاييك، تعيد العولمة تركيبها، لتتشكل لوحة العالم «الجديد»، كما يريد الرأسمال العالمى أن يراها. بيد أن الأمر يبدو لى مختلفا فى الحالة الكردية، حيث أن «الأقلية الكردية» موزعة على أربع دول متجاورة، وهو ما يعنى أن التقسيم هنا يجب أن يطال أربع دول، بأربع حالات مختلفة من المواجهات وردود الفعل. الولايات المتحدة، أو الدول الكبرى مثلما جاء فى صياغة السؤال، لا تريد، وربما لا تقوى على فتح جبهة صراع أخرى مع النظام الإيرانى، ولا تريد أن تخسر حليفا استراتيجيا، فى حلف الناتو على الأقل، فى أنقرة، ثم هى تعلم –ثالثا- أن النظام السورى لا يحتمل أية هزات على مستوى اقتطاع «جزء من الأرض السورية» لصالح دولة الأكراد، أما العراق، فرغم وجود مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين على أراضيه، إلا أن الحقيقة القاطعة هى أن واشنطن لم تزل عاجزة عن السيطرة عليه، ومن المؤكد أنها لا ترغب فى فتح باب أخر للاضطرابات.
أما المقابل الذى يمكن أن تحصل عليه الدول الكبرى من مقامرة (نعم مقامرة) تقسيم أربع دول فى وقت واحد فهى قيام دولة كبرى (على الأقل فى مساحتها) ليست هناك أية ضمانات للسيطرة عليها، حتى وإن نجحت تلك الدول الكبرى فى تنصيب نظام حكم كردى يدين لها بالولاء، فهى تدرك جيدا أن النظام شيء والشعب شيء أخر تماما، مثلما هو الحال فى كل دول المنطقة. التفتيت، وفق نظرية العولمة، يجب أن يسفر عن دول متشرذمة، دون أن يؤدى إلى قيام دولة «كبيرة». لذا يبدو لى أنه مسطرة المصالح الإمبريالية تقتضى، الآن وإلى أن يجد جديد نوعى، بقاء الأكراد موزعين على أربع دول، يمكن (فى بعض الأحوال) أن يشكلوا (صداعا) للأنظمة الحاكمة، يضطرهم إلى اللجوء للمُسكن الأمريكى.
أما عن الأسباب الذاتية، فهى ترتبط بحركة الشعب الكردى ذاته، فإذا كان صحيحا أن حق تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة هو حق مطلق للشعوب، فإن الصحيح أيضا أن الحقوق تنتزع ولا توهب، وفى معادلة حق تقرير المصير يبقى الشعب دائما هو الرقم الصعب الذى لا يمكن تجاوزه، لكننى أشعر، وربما أكون مخطئا، أن الشعب الكردى لم يصل بعد إلى أن يصبح رقما صعبا.
لست هنا لأعطى دروسا لأحد فى النضال، لكننى فقط أتصور –بإيجاز- أنه يتعين على الشعب الكردى أن يُصعد من نضاله المشروع لإقامة دولته المستقلة، فيما إذا كان يرغب فى ذلك حقا، بالرهان على قدراته وإمكاناته، ومستفيدا من التناقضات الدولية، حتى وإن بدت ثانوية، أقول مستفيدا منها وليس مراهنا عليها، والفارق كبير بين الاثنين.

5- هل يمكن للتغیّرات الراهنة في المنطقة -الانتفاضات والمظاهرات الأخيرة– من أن تؤدي إلى خلق آفاق جديدة أرحب للقومیّات السائدة کي تستوعب الحقوق القومیّة للأقليات غير العربية مثل الأكراد، إلي حدّ الانفصال وإنشاء دولهم المستقلة؟
** المؤكد أن ما اصطلح على تسميته «الربيع العربى» سوف يفضى بالمنطقة إلى وضع جديد، لكن السؤال يدور حول ماهية هذا «الجديد»، على الأقل فى المدى المنظور.
أظن أن ثورتى مصر وتونس (على الأقل) قد كشفتا حقيقة أن النظام (فى مصر وتونس) لم يكن وحيدا فى مواجهة الشعب، لكن وراءه تحالفا عريضا يمتد من العواصم العربية وحتى تل أبيب وواشنطن. وأنا هنا أتحدث عن «أنظمة» وليس أشخاص، حيث أن بعض الأنظمة العربية، وخاصة السعودية ودول الخليج، وإن كانت قد أبدت حرصها على شخوص الحكام أحيانا، فهى حريصة دائما على بقاء ذات التركيب الطبقى الحاكم، حتى بغياب هذا الرئيس أو ذاك، وهى هنا تلتقى مع واشنطن وتل أبيب، اللتين ما أن فقدتا الأمل فى الحفاظ على مبارك (فى الحالة المصرية) حتى سارعتا ببذل كل الجهود من أجل تحويل الثورة المصرية إلى مجرد تغيير شخص الرئيس. ولم يعد سرا حجم الأموال التى تنفقها السعودية وقطر والإمارات على وجه الخصوص مترافقة مع الضغوط الهائلة التى تمارسها واشنطن وتل أبيب بصورة خاصة، من أجل تفريغ الثورة المصرية من محتواها وتحويلها إلى مجرد انقلاب أطاح برئيس. وما يجرى فى مصر، يجرى بصورة أو أخرى فى تونس، وليبيا وسوريا وغيرهم من البلاد.
ما أريد أن أقوله إننا إزاء صراع قد يطول، وبما يجعل «الجديد» القادم فى المدى المنظور مازال غامضا، وبالتالى يصعب التكهن بإفرازاته ونتائجه.
لكننى واحد من الذين يراهنون على الشعوب وقدراتها، وأعتقد أنه من الصعوبة بمكان الحديث عن استقرار فى المنطقة إلا إذا سيطرت الشعوب على مقدراتها وأقامت دولها العلمانية الديمقراطية، فى مصر وتونس وغيرهما. قبل ذلك سوف نبقى نراوح فى حالة من السيولة، وبعده يمكن الحديث عن آفاق أرحب سوف تفتح الأبواب واسعة أمام حل كل المشكلات التى نعانى منها، ومن بينها بالضرورة مشكلة الأقليات القومية غير العربية، حيثما وجدت.
أما أن يصل الحل إلى حد إعلان الدولة المستقلة لهذه القومية أو تلك، فأظن أنها مسألة سوف تخضع للظروف القائمة آنئذ، دون الانتقاص من هذا الحق أو الإخلال به، إذ ربما ترى هذه القومية أو تلك أن المناخ الجديد، وقد انتزعت فيه حقوقها الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية كاملة غير منقوصة، لا يبرر فكرة الاستقلال، وربما يرى آخرون الاكتفاء بحكم ذاتى حقيقى، ليس على غرار اتفاق 11 آذار (مارس) فى «عراق صدام حسين».
ما أقوله إن الربيع العربى، على المدى الأبعد سوف يتمتع فيه الجميع بكامل حقوقهم، بما فى ذلك الأقليات القومية غير العربية، لكن أن تسعى هذه الأقلية أو تلك إلى حق تقرير المصير على وجه التحديد، فهى مسألة مرهونة بوقتها وظروفها.

6- هل تعتقدون بأنّ المرحلة القادمة، بعد الربيع العربي، ستصبح مرحلة التفاهم والتطبیع وحلّ النزاعات بین الشعوب السائدة والمضطهدة، أم سندخل مرحلة جدیدة من الخلافات وإشعال فتیل النعرات القومیة والتناحر الإثني؟
** الإجابة عن السؤال السابق هى –بمعنى ما- إجابة عن الشق الأول من هذا السؤال، أما الشق الثانى عن إشعال فتيل النعرات القومية، وأضيف إليه الدينية أيضا، فهو أحد الوسائل التى قد يلجأ إليها تحالف الرجعيات العربية مع واشنطن وتل أبيب من أجل إجهاض الربيع العربى, والعودة مرة أخرى إلى الخريف، وثمة شيء من هذا القبيل يجرى الآن فى مصر، وقد اقتضى منى إضافة النعرات الدينية. لكننى أعود وأؤكد أن الشعوب سوف تنتصر، حتى وإن طالت فترة الصراع، أو مرحلة السيولة

7 - ما موقفك من إجراء عملیة استفتاء بإشراف الأمم المتّحدة حول تقریر المصیر للأقليات القومية في العالم العربي مثل الصحراء الغربية وجنوب السودان ويشمل أقليات أخرى في المستقبل، مع العلم أنّ حق تقریر المصیر لکلّ شعب حقّ دیمقراطي وإنساني وشرعي ويضمنه بند من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام ١٩٤٨؟
** حق تقرير المصير للأقليات حق ثابت وغير قابل للمناقشة، يرتبط به حق إقامة الدولة المستقلة، فيما إذا تكاملت أركان ومقومات الشعب لهذه الأقلية أو تلك، والاستفتاء بإشراف الأمم المتحدة هو الوسيلة الوحيدة الناجعة لتحقيق هذا الحق.
لكن المشكلة فى ظنى ليست فى كيفية إجراء الاستفتاء، وإنما فى توقيت إجرائه.
ما أريد قوله إن الأقلية التى تعيش فى دولة علمانية ديمقراطية، تتمتع بكل حقوقها الثقافية والاجتماعية والسياسية، ربما لا تفكر فى الاستقلال وإقامة دولتها المستقلة، رغم أن هذا حق ثابت لها إن كانت تمتع بمقومات الشعب، وربما غاية ما تصل إليه هو حكم ذاتى, بينما الأقلية التى تعيش فى دولة قومية أو دينية، تعانى من التهميش والتمييز وربما الاضطهاد، سوف تناضل من أجل الاستقلال وإقامة دولتها المستقلة، حتى وإن لم تكتمل لديها مقومات وأركان الشعب. ويبقى مثال ما جرى فى السودان قائما أمامنا، حيث لم يسع الجنوبيون إلى الاستقلال وإقامة دولتهم المستقلة، إلى عندما ولج السودان إلى غياهب الدولة الدينية بكل ما تتضمنه من تمييز وتهميش واضطهاد. ورغم أن المثال ليس حجة ولا برهانا، إلا أنه يبقى قرينة قوية لا يوجد –حتى الآن على الأقل- ما يدحضها.

8- ما هي المعوقات التي تواجه قيام دولة كردية، وكيانات قومية خاصة بالأقليات الأخرى كالأمازيغ وأهالي الصحراء الغربية؟
** أظن أن الإجابات السابقة تتضمن بعض الإجابة عن هذا السؤال، وإن كان لى أن أضيف، فلعلى أقول إن الديكتاتورية التى تفرض نفسها على البلدان العربية، وغياب الدولة العلمانية الديمقراطية، أفضى إلى تحويل التمييز والحرمان والتهميش من كونه حالة استثنائية شاذة تفترض مساءلة مرتكبها وعقابه إلى وضع يكاد يكون قانونيا منظما، وظهرت أنواع مختلفة من التمييز، فهناك التمييز على أساس الدين، والتمييز على أساس الانتماء السياسى، والتمييز بسبب الجنس (رجل|امرأة) والتمييز الجهوى (شمال|جنوب|عاصمة)..الخ... وبالضرورة كان لابد أن يمتد التمييز والتهميش ليصل إلى الأساس القومى.



#هاني_عياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- حق تقرير المصير للإثنيات القومية، وللمجتمعات حق المساواة في ... / نايف حواتمة
- نشوء الوعي القومي وتطوره عند الكورد / زهدي الداوودي
- الدولة المدنية والقوميات بين الواقع والطموح / خالد أبو شرخ
- الدولة الوطنية من حلم إلى كابوس / سعيد مضيه
- الربيع العربي وقضايا الأقليات القومية / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف حول قيام الدولة الفلسطينية و القضية الكردية وحقوق الأقليات وحقها في تقرير المصير في العالم العربي - هاني عياد - اعلان الدولة المستقلة لهذه القومية أو تلك يخضع للظروف القائمة